فى الحلقات السابقة رسمنا يعض الملامح الرئيسية التى تهمنا فى الدعوة لهذه المرحلة التى نمر بها ، ثم اختصرنا الأهداف والسياسات والاسترتيجيات التى حددتها الجماعة فى بدايةهذه المرحلة لجديدة وهى محددات هامة نضعها فى الاعتبار أثناء مخاطبتنا لجمهورنا ، ثم وقفنا قليلا مع دور الداعية فى المجتمع ولاشك أن استحضار الداعية لدوره أمر هام وهو يخاطب جمهوره حتى لايختلط عليه دوره مع أدوار أخرى مشابهة فى هذه الفترة التى انشغلنا فيها جميعا بالسياسة والعمل الحزبى الضيق مقارنة بالدعوة
بناء على كل ماسبق يمكننا أن نحدد بعض الملامح والعلامات المرشدةلخطابنا الدعوى كالآتى :
ـ خطاب يحرك كوامن الخير والجمال والحق فى المجتمع ويثير ذلك كله بلحن الإسلام الجميل
ولم تعد الصورة المثالية التى ننشدها هى فقط المذكورة فى الكتب عن الماضى بل كذلك الحاضر الجميل الذى كان أيام الثورة .
ـ خطاب يتفهم طبيعة التباين والتنوع والخلاف فى المجتمع ولا تأسره فكرة المؤامرة وفى الوقت نفسه خطاب منتبه مدرك لما يحاك للمجتمع من مؤامرات محبط لهاغير متورط فيها .
ـ خطاب يحقق الأهداف العليا للإسلام فى هذه المرحلة أوعلى الأقل لا يتعارض معها ويراعى السياسات العامة ويضعها فى اعتباره كما يراعى استراتيجياتها .
ـ خطاب يحافظ على لحمة المجتمع ونسيجه ويحذر من التسبب فى الفتن بل يساعد على تجنبها .
ـ يتجنب التصعيد والشحن المعنوي تجاه شخص ويجب أن يكون بيان مفاسد إنسان أو تعرية حقيقته بقدر محدد تجنبا لأي ردود فعل غير محسوبة من آخرين اعتمادا على هذا الشحن فى هذه المرحلة الحرجة .
ـ يخدم قضايا الشباب النفسية والفكرية والاجتماعية
ـ خطاب ينظر للمستقبل ويهيىء المجتمع لاستقباله ولا يقف عند الحاضر وحده .
ـ خطاب يساهم فى وضع الحلول ويبادر ولايكتفى بتوصيف المشكلات .
ـ خطاب يوثق الجمهور فى نصر الله ورحمته ويفتح الأمل والرجاء فى مستقبل أفضل .
ـ خطاب يبدد ظلمات اليأس ويهزم محاولات المستفيدين من استمرار الفساد ببث الإحباط ويقاوم الحرب النفسية التى يشنها الخبثاء بطرق ظاهرة وخفية .
ـ خطاب يُعلم ويربى ويصحح المفاهيم الخاطئة ويؤسس للقيم والمبادىء ولمفاهيم الإسلام ولايكتفى بالإثارة والسطحية فالتربية هى الضمان القوى لإصلاح المجتمع وهى الأثر الباقى فلايتبخر بمجرد الخروج من المسجد
خطاب يهتم بالمرأة اهتمامه بالرجل وذلك لعظيم تأثيرها فى المجتمع .
ـ خطاب يكسب للإسلام أتباعا جدداولقضاياه أنصاراولا يضيف أعداء .
ـ خطاب يجمع الناس ويخاطب فطرتهم ونوازع الخير فيهم ويبنى عليها .
ـ خطاب يعذر الجهال بجهلهم فيرفق بهم ويعلمهم ويرشدهم ويحببهم لايجبههم ولايستعديهم .
ـ خطاب يشبع نهم الناس فى القضايا المطروحة ويجيب على أسئلتهم ويطمئن مخاوفهم ويلتمس لهم العذر فى هذه المخاوف ويفندها باحترام .
ـ خطاب يعتمد على الحوار والمناقشة والاتصال المباشر .
ـ خطاب يحترم الشعب وإرادته وثورته وصبره وتضحياته ومحاسنه التى ظهرت فى الثورة ولايقلل من شأن هذه التضحيات ولايستخف بالثورة وبالشباب المخلص وإن اختلف معه .
ـ خطاب يفرق ( ليسوا سواء )( وإن منهم لفريقا )ولايعمم الأحكام والمساوىء .
ـ خطاب مسؤل يقدر حجم المسؤلية الحالية ويرتفع إليها فالداعية اليوم لايعبر عن شخصه أو جماعته بل عن التيار الإسلامى عند من يفهم معنى التيارات وعن الإسلام عند جمهور كبير .
وأختصر بعض الملامح من كتاب "من ملامح الخطاب الدعوى " للدكتور أحمد زايدجزاه الله خيرا.
ـ خطاب يمتاز بالوعى فلابد من الدراية بمن حولنا محليا بالأحزاب ورموزها ومناهجها وعملها وتحركاتها ـ حركة الاقتصاد وما يتعلق بها ـ الجمعيات والتيارات الاجتماعية والفكرية داخال المجتمع المصرى ـ حركات الشباب وتوجهاتها .
ومما يشكل الوعى المتابعة للأحداث وفهم العلاقة بين هذه الاحداث ومَن وراءها ؟ والمستفيد والخاسر وكذلك الأرقام والوثائق .
الوعى ليس الوعى بالماضى والتاريخ إنما بالحاضر بكل مشتملاته.
الخطاب الدعوى مسؤل عن مخاطبة عصره وزمانه بما يليق بتطور الإنسان ووعيه
ـ خطاب منفتح على الآخرين .. توافقى لايعتمد منهج الإقصاء .
ظهرت فى الثورة تيارات واتجاهات جديدة لم نكن نعرفها من حقها أن تتعرف علينا عن قرب وتنظر فى رسالتنا وأفكارنا ومن واجبنا الدعوى أن نصل إليها ونتصل بها .
لابد من الانفتاح على الآخرين لأسباب منها :
ـ حق الدعوة ووجوب تبليغها
ـ أننا لسنا مختلفين فى كل شىء بل هناك قاسم مشترك بين جميع العقلاء يمكن الاجتماع عليه والتعاون فيه دون المساس بالأصول العقدية .
ـ لسنا وحدنا فى الساحة فالجميع له حقوق وله أفكار وتوجهات فإهمال هؤلاء معناه إهمال كم كبير من المجتمع
ـ وثيقة المدينة
ـ مراسلة الملوك
ـ كلام جعفر للنجاشى
ـ حلف الفضول
ـ خطاب يفجر طاقات الناس ويستثمرها بعد أن ولد الانتماء للوطن من جديد ، وعلى الدعاة تفعيل أصحاب المواهب والقدرات والإمكانيات فى عمل الخير .
من خلال المعايشة والاتصال بالجمهور يقيس الداعية مدى تأثيره فى جمهوره ، ومدى تفاعل جمهوره معه ،ومدى أثر أقواله عمليا
ـ خطاب يركز على الأولويات
ومن فقه الأولويات معرفة طبيعة كل مرحلة وما يلوح فيها ومن أولويات المرحلة الحالية :
ـ التربية على ضوء ماذكرنا
ـ رد الشبهات حول العمل الإسلامى والإسلاميين
تفهيم الناس فلسفة الحكم الإسلامى وموقف الإسلام من القضايا الشائكة التى طرحت من قبل النظام كقضية الأقباط وتطبيق الشريعة والتعددية وغير ذلك مما يعتبر الفهم الخاطىء لها عقبة فى الطريق نحو الإسلام
التركيز على ثقافة حقوق الإنسان وضرورة السعى لتحصيلها
العمل العام بكل أشكاله
ـ خطاب يتبنى هموم الأمة
وعندنا مساران
المسار النظرى الذى يرفع من معنويات الناس ويصبرهم ويقترح عليهم حلولا إسلامية
الطريق العملى وهو تقديم خدمات لهم
تفعيل أهل الخير ليسهموا فى مشروعات خدمة هؤلاء الناس ) أ .هـ
إقتراحات عملية
لتطوير خطابنا الدعوى باستمرار والوصول إلى خطاب أفضل أقترح :
تكوين تجمعات للدعاة فى كل مكان وعلى كل مستوى ويدعى إليها جميع الدعاة
أهداف هذه التجمعات :
ـ تطوير الخطاب الدعوى بتقييمه باستمرار وتحديثه
ـ تطوير أداء الدعاة الجدد بدمجهم فى هذه التجمعات وطرح قضايا للحوار تتبادل فيهاالخبرات مثل: كيف يطور الخطيب أداءه ـ مشكلات الخطباء وحلولها ـ
ـ الاتفاق على حملات دعوية بتوجيه الخطب نحو موضوعات أو سياسات عامة
أخيرا
لقد زال والحمد لله ذلك القيد الذى كان ملازما للدعوة والدعاة فعلينا أن نشكر هذه النعمة بمزيد من الجهد لتطوير خطابنا ليوافق مراد ربنا منه فيحظى بتوفيقه وتسديده ويثقل فى ميزاننا يوم ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )
"ربناتقبل منا إنك أنت السميع العليم"
ساحة النقاش