علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

الرضا عن مسيرة العمر (خطبة جمعة)
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأمات وأحيا وهو الذي أضحك وأبكى وله الآخرة والأولى
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
 هو الأول قبل كل شيء فلاشيء قبله
 والآخر بعد كل شيء فلا شيء بعده
  والظاهرفوق كل شيء فلا شيء فوقه
 والباطن القريب دون كل شيء فلا شيء أقرب منه ولا شيء دونه وهو على كل شيء قدير
سبحانه 
لم يشرك أحدا من خلقه في تقدير أمر عباده ولا تدبيره فهو وحده الذي يحيي ويميت ( وهو الذي خلقكم ثم يميتكم ثم يحييكم )
وبعد 
فإن من نعمة الله على عبده أن يلقاه وهو راض عنه 
ومن النعيم العاجل أن يرضى الانسان رضا حقيقيا عن مسيرة حياته
عندما يراجع الانسان حياته فهو إما يرضى عن مسيرة حياتها في مجملها كلها فيرى نعمة الله عليه في التوفيق الى طاعته والى ادخار ما ينفعه فيما هو مسافر له
وإما أن لا يكون راضيا لأنه ضيع حقوقا وارتكب مظالم خصوصا إذا فات وقت رد المظالم إلى أهلها بموتهم أو افتقادهم
ومن العذاب أن يأتي على الانسان ذلك الزمان الذي يرقد فيه ضعيفا مريضا طريح الفراش ثم يتذكر ظلمت فلانا وخذلت فلانا ولفلان حقوق وآه لو كانت هناك قدرة على رد هذه المظالم لكن من أين وقد حيل بينه وبين ذلك ( وحيل بينهم وبين مايشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب)  
ومن العذاب أيضا أن يبلغ الانسان الى هذا السن وهو لايزال قصير النظر لايقيس الأمور الا بمقياس الدنيا فإذا وجد دنياه ناقصة وقد حرم من شهوات من شهواتها كان يتمناها سخط على أقدار الله فيموت ساخطا والعياذ بالله
لذا أيها الاخوة أيها الشباب علينا من الآن من قبل أن نصل إلى هذه المرحلة إن قدر الله إمهالنا حتى نصل اليها أن نظل دائما على استعداد للقاء الله حتى نلقاه ونحن راضين وهو راض عنا 
إن المؤمن يسأل بين الحين والحين نفسه هل أنت راض عن ربك؟
إذا وجدت هذا الرضا ستكون سعيدا في حياتك مهما كانت صعبة
إذا لم تكن راضيا فستكون تعيسا مهما كانت حياتك رغدة
قال العلماء ـ الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العارفين وحياة المحبين ونعيم العابدين وقرة عين المشتاقين
 ثمرة الرضا الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى ويثمر الشكر وهو من أعلى مقامات الإيمان ويملأ القلب بالغنى والأمن والقناعة ويفرغ القلب لمحبة الله والإنابة اليه والتوكل عليه 
الرضا يوجب طمأنينة وبرد القلب وسكونه ومتى نلت السكينة استقام القلب وصلحت أحواله وصلح باله وقراره
يتحقق الرضا بأمور:
 أولها العمل بما يرضي الله أي أن يكون تحقيق رضا الله تعالى عنك هو غايتك التي من أجلها تعمل وتسعى وهي منتهى أملك  قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه ) فرضاك عن الله نتيجة لرضا الله عنك
قال تعالى: ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهارخالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) المائدة
وقال: (لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله )
وقال : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه)
قال ابن القيم: فتضمنت هذه الآيات جزاءهم على صدق إيمانهم وأعمالهم الصالحة ومجاهدة أعدائه وعدم ولايتهم بأن رضي الله عنهم فأرضاهم فرضوا عنه وإنما حصل لهم هذا بعد الرضا به ربا وبمحمد نبيا وبالاسلام دينا
إن جزاء ابتغائك مرضاة الله في حياتك هو أن يرضى الله عنك وأن يرضي قلبك به وعنه وبقضائه وقدره
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة ناداهم ربهم: يا أهل الجنة 
فيقولون: لبيك ربنا وسعديك فيقول :هل رضيتم؟
فيقولون: ومالنا لانرضى ياربنا ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة؟
فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟
فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ 
فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا)
قال تعالى ( فلا وربك لايؤمنون حنى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)
وأعلى الأعمال الصالحة تعظيم الصلاة وإقامتها وما يها من تسبيح لله تعالى
إن الله تعالى أوصى نبيه صلى الله عليه وسلم عدة وصايا تحقق الرضى رضا الله عن العبد ورضا العبد عن الله
هذه الوصايا جاءت في سورة طه وهي السورة التي بدأت بقول الله تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) 
إذن نتوقع أن يكون في السورة حديث عن الشقاء وعن السعادة والرضا فنقلب السورة فنجد فيها فعلا قول الله تعالى( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) وفيها ( وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى
) وفي ختام هذه السورة:( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ولاتمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)
ولو وقفنا مع هذه الآيات وتأملناها لوجدناها تصف لنا ما يحقق رضا العبد عن الله
أولها الصبرفهو أوسع عطاء من الله للعبد( قال النبي صلى الله عليه وسلم(وما أعطي عبد عطاء خيرا ولا أوسع من الصبر)
ثانيا (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس )قال العلماء أي صلاة الفجر والذين يواظبون على صلاة الفجر هم الذين يحدثونك عن بركة صلاة الفجر البركة الإيمانية بما تزيده من إيمان وذوق طعم الإيمان
( وقبل غروبها) صلاة العصر (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار) هذه بقية الصلوت 
إنها تعبر عن تسبيح الله تعالى وذكره بالصلاة وغيرها تسبيحا موصولا في كل الأحيان كما قال تعالى (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات)
وجزاء هذا الصبر وهذا التسبيح ( لعلك تَرضى) بفتح التاء وفي قراءة بضمها (لعلك تُرضىَ)كما قال تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى)
أو كي ترضى أي كنموصولا بالله تعالى على مدار اليوم فإن التسبيح لله اتصال والنفس التي تتصل بالله تطمئن وترضى فإن الرضى ثمرة التسبيح 
( ولاتمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه) وهذه وصية غالية من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم يصل بها أي مؤمن الى الرضا وخصوصا في نهاية حياته 
أي لاتنظر إلى هؤلاء المترفين من أهل الدنيا وما هم من نعيم فإنما هي زهرة سماها الله زهرة فهي سريعة الذبول
لكن قوة الشباب واندفاع الشباب لايجعل الانسان يرى الدنيا بعين الحقيقة وإنما يعرفها بعد ميل شمس حياته للغروب فعندئذ تزول زينة الحياة وزخرفها 
أما المال فلا يستطيع به أن يمد في عمره ولو لحظة ولا أن يعيد إليه ماذهب من قوته وشبابه وأن يوقف قطار العمر الذي يمضي 
وأما البنون فقد تفرقوا من حوله
فلاى يبقى إلا الباقيات الصالحات فهي الباقية كما قال الله تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا)
إن الانسان مادام ينظر الى ما في يد غيره يظل تعيسا شقيا منكسرا بالشعور بالحرمان وقد يكون عنده ما يتمناه غيره ويحسده عليه
والله تعالى يبين حكمته من رزق زهرة الحياة الدنيا (لنفتنهم فيه) 
في الصحيح أن عمر رضي الله عنه لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهينام على حصير قد أثر في جنيه فبكى عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :مايبكيك؟
فقال: يارسول الله إن كسرى وقيصر فيما هم فيه وأنت صفوة الله من خلقه ؟
فقال أو في شك أنت يابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ) رواه البخاري 
فكان النبي صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا رغم قدرته عليها وإذا حصلت ينفقها هكذا وهكذا في عبادة الله ولم يدخرلنفسه شيئا لغد
( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسألك رزقا نحن نرزقك)
فمتابعة الأسرة على إقامة الصلاة تملأ البيت رضا وقناعة واصطبر عليهافإقامة الصلاة تحتاج إلى صبر وإقامة الأسرة للصلاة تحتاج الى قدوة من الأب والقدوة تحتاج الى صبر
(لا نسألك نحن رزقا نحن نرزقك) يعني إذا أقمت الصلاة أتاك ارزق من حيث لاتحتسب كما قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب)
روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غني وأسد فقرك وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك) صححه الألباني
وفي الحديث أيضا ( من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك) قال الألباني حسن 
وفي الحديث أيضا: ( من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) صححه الألباني     
 
ـ ويرضي القلب كثرة ترديد ذكر(رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا)
قال رسول الله صلى اله عليه وسلم:(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا)
وقال صلى الله عليه وسلم : من قال حين يسمع النداء(رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا غُفِرَتْ له ذنوبه)
وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال كل يوم: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة)
يكثر من ذكر : (اللهم إني عبدك ابن عبدك ماضٍ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ....)الخ


ـ ومما يرضي قلبك عن الله أن تعلم أن كل ماقدره الله عليك هو خير لك (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا لهوليس ذلك لأحج إلا للمؤمن)
وتؤمن بكمال حكمة الله وحسن تدبيره واختياره لك ومن أيقن بحسن تدبير الله له وأنه أفضل من تدبيره لنفسه أحب اختيار الله له
(وعسى أن  تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم)
قال لقمان لابنه : يابني لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت في الضمير أن ذلك خير لك
قيل ليحي بن معاذ متى يبلغ العبد الى مقام الرضا قال: إذا أقام نفسه على على أربعة أصول فيما يعامل به ربه فيقول : إذا أعطيتني قبلت، وإذا منعتني رضيت، وإذا تركتني عبدت، وإذا دعوتني أجبت.
قيل للحسن إن أبا ذر يقول: الفقر  أحب إليَّ من الغنى والسقم أحب إليَّ من الصحة.
فقال : رحم الله أبا ذر
 أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يَتَمَنَّ غير ما اختاره له
ـ اجتمع وهيب بن الورد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط 
فقال الثوري قد كنت أكره موت الفجاءة قبل اليوم؛ وأما اليوم فوددت أني ميت.
فقال يوسف بن أسباط : وَلِمَ؟
قال: لما أتخوف من الفتنة.
فقال يوسف: ولكني لا أكره طول البقاء.
فقال الثوري : ولِمَ تكره الموت؟
قال: لعلي أصادف يوما أتوب فيه وأعمل صالحا.
فقيل لوهيب:  أي شيء تقول أنت .
فقال: أنا لا أختار شيئا.. أَحَبُّ ذلك إليَّ أَحَبُّهُ إلى الله
 فقبَّل الثوري بين عينيه وقال: روحانية ورب الكعبة.
قال عمر بن عبد العزيز : لقد تركتني هؤلاء الكلمات ومالي في شيء من الأمور كلها أرب إلا في مواقع قدر الله
 وكان كثيرا ما يدعو: اللهم رضِّني بقاضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته
عن بعض السلف قال: قلت لعابد: أوصني
 فقال: ألقِ نفسك مع القدر حيث ألقاك فهو أحرى أن يفرغ قلبك ويقلل همك؛ وإياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت عنه في غفلة لاتشعر به فيلقيك مع الذين سخط الله عليهم.
ومما يرضي القلب أن يوقن الانسان بضعفه وبرحمة الله به 
أن قال ابن القيم: طريق الرضا طريق مختصرة قريبة جدا موصلة إلى أجَلِّ غاية ولكن فيها مشقة  ويسهل ذلك على العبد علمه بضعفه وعجزه ورحمة ربه به وشفقته عليه وبره به
قال الشاعر:
 وكم لله من لطفٍ خفيٍ ... يَدِقُّ خَفَاهُ عن فهم الذكي
وكم أمر تساء به صباحا ... فتأتيك المَسَرَّةُ في العشي
وكم يسر أتي من بعد عسرٍ... ففرَّج كُربَة القلب الشجي
علم العبد أن الله يحبه يجعله يرضى بكل ما منه سبحانه 
فالله تعالى (يحب المؤمنين) (يحب المتقين) (يحب المحسنين) (يحب الصادقين) ( يحب الصابرين)( يحب التوابين ويحب المتطهرين)
ـ محبة العبد لربه تجعله يرضى بكل ما منه سبحانه 
وكيف لايحبه وهو الذي خلقه من العدم ونفخ فيه من روحه وأسجد لآدم ملائكته ووفقه وأعانه وستره وأكرمه ورزقه وهداه وأذن له أن يدخل بيته وأن يقف بين يديه وأن يعتذر اليه ويتوب اليه 
كيف لايحبه وهو يدعوه فيستجيب له ويستغيثه فييغيثه 
ـ معرفة العبد بربه تجعله يرضى بكل ما منه سبحانه فمسيرة حياته هذه من الذي قدرها ؟ الله إذن فهي خير مسيرة  
الحذر من السخط فالسخط يفتح باب الشك في الله وقضائه وقدره وحكمته وع وعلمه السخط يثمر ضد الشكر وهو كفر النعمة 
السخط باب الهم والغم والحزن وشتات القلب وكسف البال وسوء الحال والظن بالله خلاف ما هو أهله
فإن الرضا واليقين قرينان    
والسخط يوجب اضطراب القلب  

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1 مشاهدة
نشرت فى 9 ديسمبر 2025 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

433,148