ومن ذكريات موط أيام حصاد القمح ودرسه
كنا نذهب مع زملائنا الى الغيطان (الحقول) لنساعد في حصاد القمح فنجده عملا شاقا لكنه ممتع مع الناس الطيبين
في هذا اليوم يجتمع عدد كبير من الرجال الذين تم طلب حضورهم للمساعدة من قبل
في الواحات لم يكونوا يعرفون نظام الأجرة ان تؤجر رجالا ليعملوا في الغيط وانما العرف عندهم هو ترتيب لمبدأ التعاون فيما بينهم فاليوم عندك وغدا عندي والناس لبعضها ولايمكن لانسان أن يزرع وحده وبالتالي فقد نشأ العرف على ان من يحدد يوما للحصاد أو أي عمل يحتاج الى رجال يطلب من هؤلاء الذين سبق له أن ساعدهم
أي إن من ساعد غيره بعمل يوم ففقد اصبح دائنا له بعمل يوم يرده له عندما يطلبه
وهكذا تدور المساعدة
ومن العرف ان من ذهب للعمل فمن حقه ان يأخذ معه حمل برسيم لبهائمه
وفي هذا اليوم تذهب النساء الى الغيط بالتصبيرة عند الضحى واذا تأخروا ذهبن اليهم بالغداء أما العشاء
ف في المساء وتحديدا بعد صلاة المغرب يذهب جميع الرجال للعشاء عند صاحب الحصاد يتعشون ويتسامرون ويشبرون فناجين الشاي
وأهل الواحات تجدهم قد تعارفوا على أحوال حتى تصير موحدة فهي نسخة واحدة في كل البيوت فمعروف ان العشاء مكون من الحمام والفتة(الثريد) والخضار وهو البامبة أو الملوخية لاثالث لهما
وكانوا يربون الحمام بكثرة ففي كل غرفة تجد في كل ركن منها وضعوا (كِرسة) وهي قرص يشبه الصينية المستديرة يوضع كوتر ثالث للجدارين فيصنع بذلك عشا للحمام المنتشر في كل مكان فينشر معه السكينة والوداعة والطيبة والسلام
في يوم الحصاد يذهب ايضا للغيط كل اصحاب الحقوق كالجزار والحلاق هؤلاء ياخذون حقوقهم قمحا قبل درسه ويذهبون به كل منهم الى الجُرن الخاص به والجُرن بضم الجيم وتسكين الراء هو المكان الذي يضع فيه الفلاح الزرع المحصود لدرسه
يتناغم العمل في هذا اليوم بعد توزيع الأدوار فيما بينهم فهم يفهمون جيدا دور كل واحد منهم فلو كنت معهم ستجد نفسك قد اندمجت في هذا المجموع وان كنت لاتسطيع بالطبع مجاراتهم في المجهود
ساحة النقاش