فقد قضيت أيام الصبا في واحة موط بالداخلة في الستينات والسبعينات
أهل الواحات قمة الحب والصفاء والطيبة
أستاذي في الابتدائية رحمه الله شجعنا على حفظ القرآن في المسجد وكنا نراه يصلي العصر معنا وفي اليوم التالي يمدحنا أمام الفصل
أحببت أستاذي وأحببت محفظ القرآن وأحببت زملائي وتعلقت بالمسجد وأهله
إحساس رائع أن تكون صبيا ويحبك الكبار وخصوصا الشيخ إمام المسجد وينادونك باسمك ...  وأحيانا يطلبون منك..  نور النور ياعلي ...  هات القلة اسقنا ... أذن ياعلي
أذاني في المسجد الكبير علقني بالمسجد وبمقيم الشعائروزادني حبا له  أنه وثق في وأعطاني مفتاحا وكلفني بأعمل رغم صغري
قبل رمضان نكنس المسجد ... يطلب مني الفراشون : هات زمايلك ياعلي وتعالوا ساعدونا ..كانوا يخرجون كل الحصر (طبقة كاملة ) والكليم (طبقة) وينفضونها ويكنسون المسجد كله بالمكانس الليف (فلم تكن المكانس الكهربائية قد وصلت)  ثم يفرشون ..
منظومة عمل متآلفة شاركنا فيها طواعية وحبا تنتهي بدعوات صادقة من الفراشين وبرؤيتنا للمسجد وقد تجددت نظافته وأناقته وترتيبه ... كان هذا كل جمعة وقبل رمضان والعيد
في رمضان ننتظر أذان المغرب ..يأتي الحاج ابراهيم النشواني بكمية من البلح والحاج حسن تميم بالعنب والمأذون كذلك والحاج محمد يوسف متعهد التوريدات وغيرهم وغيرهم فنلتف حول مائدة كبيرة من الفواكه وقلل المياه التي ملأناها نحن الصغار منذ العصر
منظومة عمل بين الكبار والصغار وأنا منهم توزع فيها الأعمال بتلقائية وحب تنتهي بالافطار في بيت الله ثم صلاة المغرب ..هل هناك أروع من ذلك في صناعة الحب؟
نفطر في البيوت ثم نهرع الى المسجد لنحجز مكانا قبل أن يمتليء المسجد وهناك نجد كبار البلد ومعلمينا نصلي بجوارهم .. من الممكن أن يكون وقوفي بجوار العمدة او ناظر المدرسة ..بعد الصلاة نستمع لقراءة القرآن والدرس ..كان كبار القراء مثل الشعشاعي والفشني يعبرون عن حبهم لقضاء رمضان معنا في الواحات في الهدوء بعيدا عن الزحام  ولما يرونه من إقبال على المساجد وامتلائها ..بعد الصلاة يسلم عليهم العمدة ورئيس مجلس المدينة الأستاذ فوزي حامد ومعه أبناؤه يوجههم للسلام على الشيوخ ومن بعده الأستاذ محمد الشربيني ومعه أبناؤه
بعد الصلاة يتوجه بهم العمدة الى داره لضيافتهم
 وأمام المسجد يقف معلمونا مع بعضهم ..  نسلم عليهم ..تمنعنا الهبية من الوقوف معهم
أما رمضان بعد الثانوية فقد فرقت بيننا الجامعات كل منا التحق بجامعة في محافظة مختلفة  ولكن ظهرت عندنا "السنية" فجمعتنا على تعلم  تلاوة القرآن كانوا يقولون:  اذا أردت أن تحبب الناس في بعض اجمعهم على القرآن
التقينا من جديد في الاعتكاف   تطور لقاؤنا وطال فبتنا في المسجد صلينا التهجد وقرأنا في تفسير القرآن والفقه ونظمنا صلاة العيد معا في منظومة عمل أكثر روعة وحبا وصدقا حول هدف واحد  ومضينا في مسيرة عمل لأيام تقابلنا عقبات فيضحي بعضنا أو تظهر لنا عبقرية أحد في الحل نخفق ونتشارك هم الاخفاق ونتضرع الى الله معا  ..ثم ننجح   ثم يمن الله علينا بالنجاح فنتقاسم ثمرته وهي  تمام صلاة العيد في الخلاء واقرار سنة كانت مهجورة ورؤية البهجة في وجوه الأطفال بعد توزيع هدايا العيد
أما الآن فكثيرا ما أجد في الطريق هذا المشهد الرائع الجميل شباب وصبيان يوزعون على المارة التمر والعصائر رسائل حب
لاتجد شيئا يعقد بين القلوب والأرواح عقود حب صادق مخلص مثل الاجتماع على طاعة الله والتعاون على البر والتقوى
 رمضان شهر الحب فعلا  اللهم اجعله حجة لنا لاعلينا وتقبله منا
 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 188 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

293,133