علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

 

 

 

 

المربي الناجح لديه فهم واسع للحياة مقارنة بابنه على الأقل

وهو يحاول أن يجد أي قرصة ليوسع فهم ابنه للحياة وعدم تضييقها في مجال واحد

وانتظار نتيجة الامتحانات فرصة لتوسيع مدارك الابن كما أنها فرصة لترسيخ عقائد ومفاهيم أخرى

بالطبع فترة الانتظار فترة قلق يزيد عند البعض حتى يصل الى حالة مرضية تمنع النوم والأكل والفرح والتصرف الطبيعي ويتعدى هذا القلق الى من حوله فيقلق كل من معه

القلق دائما فرصة عظيمة للتعلق بالله تعالى قال تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)المعارج ) (وَإِذا مَسَّ الإِنسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنبِهِ أَو قاعِدًا أَو قائِمًا ) يونس

فالانسان المصاب بالقلق يبحث عن الاطمئنان والاطمئنان موجود في التعلق بالله تعالى والتوجه اليه وتمكين الروح من الصلة الوثيقة به قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد

لكن حاجة هذا الانسان تكون الى من يأخذ بيده حتى ينهل من مورد الاطمئنان هذا

وهذا هو الجهد المطلوب من المربي ويحتاج الى حكمة منه وتوفيق من الله تعالى

وأحيانا يحتاج الانسان القلق الى من يشاركه في أعمال جماعية يندمج معها حتى يمكنه أن يخرج من حالته الصعبة

وبالتالي يفضل  هنا للأسرة أن لاتكتفي بالمواعظ والنصائح المتكررة التي قد يتضجر منها الابن مثل "توكل على الله" و"اتركها على الله"

 بل يفضل أن تشارك ابنها اهتمامه بالنتيجة :

فتصوم يوما مثلا ثم تجتمع على الدعاء قبل الافطار

أو تجلس في حلقة جماعية لتلاوة القرآن ثم التوسل بالتلاوة والدعاء بعدها

أو صلاة ركعتين بالليل للتوسل الى الله بهما والدعاء وقت السحر أو الصدقة الخاصة حتى يوفق الله الابن

أو غير ذلك مما تراه الأسرة من الوسائل الجماعية التي تشارك الابن اهتمامه فتربط بين أفراد الأسرة برباط الحب والاهتمام والروح الجماعية التي تساعدنا في التربية كوقاية من  الأنانية والانفراد

ومن الوسائل التي تطمئن بها القلوب أذكار الصباح والمساء فنوصي بها الابن ونحببه فيها وندله عليها ونوفرها لها مطبوعة أو مسموعة ونشاركه فيها أحيانا ونذكر الأسرة بها في وقتها كل ذلك يساعد الابن على الارتباط بهذه الأذكار التي تعتبر نبعاً عظيما لكل العقائد التي تسكب في القلب الطمأنينة والرضا والتوكل على الله ويكفيه أنه سيردد(حسبي الله لاإله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) و (ماشاء الله كان وما لم يشا لم يكن، أعلمُ أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) وغير ذلك من الأدعية والأذكار العظيمة

ومن خلال القرآن والأذكار يمكنني كمربٍ أن أدخل ببعض التوجيهات والمواعظ مثل أن اسأل ابني عن أحب الأذكار اليه ومن هنا ندخل على الكلام في معاني الأذكار والأحاسيس القلبية التي نجدها عند ترديد هذه الأذكار ونتأملها

ومما يساعد على التغلب على القلق الفهم الصحيح للحياة وأن جوانب الحياة كثيرة ومتنوعة وأن كل انسان له قدراته واستعدادته ومواهبه ولم يحرم الله تعالى انسانا من موهبة أو مواهب كنعمة من الله تعالى فاذا لم يجد لديه الموهبةالفلانية فلديه بالتأكيد مواهب أخرى

وان النجاح في الدراسة مهم جدا لكنه في نفس الوقت  هو جزء من النجاح في الحياة وليس كله فاذا لم نوفق في الدراسة فهذا لايعني الفشل في الحياة فالحياة واسعة وليس هذا هو نهاية المطاف بل أمامك فرص وبدائل أخرى تعيد فيها ترتيب مستقبلك

لكن هذا المعنى يحتاج الى أن نقدمه أولا للابن المهتم المجتهد ولكن قدراته محدودة

وللابن الذي يقارن بينه وبين غيره ويحاول ان يصل اليهم ولكننا نعلم التفاوت بينهما

ونحتاجه لنعالج الخطأ الذي يقع فيه كثير من الوالدين  بالمقارنة بين الابن وزميله أو شقيقه ومعايرته بمستواه وهذا خطأ فادح

 فهذا المعنى ( تنوع الناس في قدراتهم ) يحتاج الى الشخص المناسب والوقت المناسب وبتوازن كبير حتى لايكون هو نفسه مدعاة لتكاسل الابن فيما بعد

ـ كما أن الامتحانات والقلق فرصة ليقترب مني الابن لأن بعض الأبناء لايرغبون هم في الاقتراب والكلام الا عندما يكون هناك أمر يهمهم هم ويملون من كلام الكبار اذا كان مجرد نصائح لذلك نصوغ الكلام   بصياغة تجذبهم وننزل الى مستواهم فنحدثهم حديث الأصدقاء ونتذكر أحوالنا ونحن في سنهم حتى نستطيع النزول اليهم

ـ وضروري التنبيه هنا الى أن الانسان الذي يشكو من المعاناة يحب أن تقدر معاناته أولا حتى لو لم تكن حقيقية

 فاذا شكا انسان من قلقه من النتيجة نشعره أولا بان لديه حق، وان انتظار الشيء أمر مقلق،

 وهنا سيبدأ التوافق المطلوب حتى يسمع ويتقبل ما بعد ذلك أما اذا بدانا حديثنا بالاستهانة بمعاناته وقلنا ان الأمر بسيط ولايستحق هذا القلق فقد بدأنا بوضع حاجز بينه وبين تقبل بقية كلامنا

فنقدر معاناته أولا بالقدر الكافي واذا كنا لانعلم تفاصيل أسباب المعاناة نساله عنها حتى يطمئن ألى اننا معه فنسأله: ومالذي يقلقك وماسبب القلق؟ ونترك له المجال ليتكلم ويشرح ويطمئن الى أن وجهة نظره قد وصلت ونحن نوافقه في ان الأمر يستحق القلق ثم نبدأ نخفف من قلقه بالحوار معه لنصل سوي الى وسائل لتخفيف القلق

من فوائد القرب من ابني والحوار معه التعرف على ما ينتشر بين الشباب من معاني ومفاهيم لأن الزملاء دائما يتداولون فيما بينهم مفاهيم معينة تحتاج مني كمرب أن أتدخل لأقرها أو أعدلها أو أنفيها فتجد مثلا أنهم يتداولون ادعية مخصوصة يسمونها أدعية الامتحانات فهنا أشرح له أنه لايوجد دعاء مخصوص لكن توجد أدعية للكروب والشدائد عموما وأن الدعاء يستجاب بقدر استحضار آداب الدعاء وهكذا

هناك أمور أخرى حين يفهمها الابن تخفف من قلقه مثل:

ـ  أن يعرف كيف يتم التصحيح ؟ وأن التصحيح قد تتدخل فيه عوامل أخرى غير اجابته وأن المصحح غالبا في صالح الطالب واذا كتب اجابة وشطبها وكانت هي الصحيحة سيحسبها له

ـ وأن يشغل الابن بالترفيه وبما يفيده وعدم تركه للفراغ فالفراغ مدمر لشخصية الانسان

ـ ترسيخ مبدأ  أن للعمل وقت اذا انتهى فلا يبقى الا التوكل على الله ( وشاورهم في الأمر ) هذه مرحلة للتوصل الى القرار الصحيح فاذا انتهت (فاذا عزمت فتوكل على الله)

ـ وننصحه بأن لايشغل نفسه بمراجعة الامتحانات والاجابات وحساب النتيجة لأن هذا يزيد قلقه

يفيد جدا في علاج القلق زيادة القرب والحب والحضن من الوالدين

وأخيرا اذا وجدنا الابن ليس قلقا فلا نتعب أنفسنا بنصحه لأن ذلك يضايقه

وهكذا نكون استفدنا من فرصة القلق في ترسيخ مباديء تنفعنا في الأحوال المشابهة في المستقبل

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 611 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

347,215