مجلة فجر الحرية

(يصدرها ثوار دار الكتب)

authentication required

 

    المسئول السياسي في العالم كله يقدم على استقالته لسببين، السبب الأول عندما يخطيء خطأ مؤثرا ومشينا، والثاني عندما يشعر أنه ليس لديه ما يعطيه وقليل من يستجيب للسبب الثاني، لكن وزير الثقافة عندنا الدكتور صابر عرب أضاف سببا ثالثا وهو عندما يكون المسئول مرشحا – مجرد ترشيح – لإحدى جوائز الدولة( وهو ما يشكك بالفعل في قواعد وآليات الحصول على تلك الجوائز). ولا أعلم حسب ذاكرتي أن هناك مسئولا سياسيا وزيرا أو غيره في تاريخ مصر الحديث والمعاصر قدم استقالته لترشحه لإحدى جوائز الدولة.

       لكن على أية حال يسمح لي القاريء العزيز أن أضيف بعدا وسببا رابعا يتطلب نوعا من الصراحة، يجعلني أدعو وزير الثقافة بكل وضوح أن يقدم استقالته احتراما لدماء الشهداء والمصابين في الثورة المصرية، وهو أنه ليس رجل المرحلة، فلم يكن الوزير في يوم من الأيام مؤمنا بشعارات الثورة الرئيسة –الحرية، والعدالة الإجتماعية، والكرامة الإنسانية- طوال مدة رئاسته لدار الكتب والوثائق القومية والتي امتدت لما يقرب ست سنوات عمل خلالها تحت منظومة ثقافة دولة الاستبداد والفساد.

      وهذه أخي القاريء العزيز بعض الأمثلة والشواهد الحية التي تؤكد أن الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الحالي كان بعيدا عن شعارات الثورة وكان موقفه منها سلبيا للغاية:

أولا: لم يعرف عن وزير الثقافة الحالي أنه كان معارضا للنظام البائد أو مشاركا في أي أنشطة مناهضة له. ثانيا: كان الوزير الحالي عندما كان رئيسا لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق يضطهد المنتقبات من الموظفات اللاتي يتعاملن مع الجمهور اتباعا وتنفيذا لسياسة وزيره في حينها وإرضاء له، وكان يقوم بنقلهن من إدارتهن، بالإضافة إلى غلق الأبواب على العاملين أثناء الزيارات الرسمية. ثالثا: تعيينه لمجموعة كبيرة من العسكريين في دار الكتب والوثائق في مناصب قيادية مثل العميد سامي الزيات رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية، والعميد علاء عيسوي للإشراف على الإدارة الهندسية والمطابع، واللواء عاطف فوزي بمكتبة باب الخلق، واللواء عبد الرءوف كمستشار أمني، غير المستشارين القانونيين والصحفيين، وتعيين أهل الثقة من المنتدبين من الجامعات وتنحية وإهمال الكفاءات الموجودة بدار الكتب والوثائق، وتوزيع المكافآت بصورة غير عادلة.  رابعا: أثناء أحداث الثورة لم نر ولم نسمع كلمة واحدة منه تجاه الثورة سواء بالسلب أوالإيجاب- وهذا بالنسبة للمثقف موقف سلبي - في الوقت الذي كنا ننتظر أي كلمة من كل مثقف حر، وأتحدى أن يأتي شخص بكلمة واحدة له مؤيدة للثورة أثناء اندلاعها. خامسا: وعندما لم يجدد له بعد خروجه على المعاش منذ ثلاث سنوات في ديسمبر 2011 قام المجلس العسكري بضمه إلى عضوية المجلس القومي للمرأة، في الوقت الذي كان الثوار ندائهم يدوي في ميدان التحرير (يسقط يسقط حكم العسكر) أثناء أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، هذا في الوقت الذي قدم فيه الدكتور عماد أبو غازي استقالته كوزير للثقافة اعتراضا على تلك الأحداث، ثم المدهش في الأمر أن الدكتور صابر عرب تولى وزارة الثقافة في حكومة الجنزوري المرفوضة من الثوار في اليوم التالي لأحداث العباسية 4 مايو 2012 بعد أن سالت دماء المصريين، وفي أعقاب أزمة مجلس الشعب مع حكومة الجنزوري (ترضية للأزمة كما جاء على لسان الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة السابق). سادسا: قام فور توليه وزارة الثقافة في المرة الأولى بعدم التجديد للدكتور زين عبد الهادي رئيس مجلس الإدارة وقمنا حينها بمظاهرات واعتصامات لكنه أصر على موقفه دون إبداء الأسباب ومستهينا برغباتنا مستغلا الظرف السياسي المرتبك في حينه، لكن الأسباب بالنسبة لنا كانت معلومة وهي أن الدكتور زين عبد الهادي كان قد بدأ يفتح ملفات الفساد بالدار. سابعا: كان مؤيدا لمرشح الثورة المضادة أحمد شفيق، حيث كانت صوره منشورة داخل قطاعات وزارة الثقافة، حتى أن رئيس دار الوثائق الدكتور عبد الواحد النبوي –تلميذ الدكتور محمد صابر عرب وهو الذي قام بتعيينه كرئيس لدار الوثائق – قام بالاتصال بالمدعو توفيق عكاشة في برنامجه التلفزيوني- في حلقة الجمعة بتاريخ 23 يونيو 2012 - مشككا في نتيجة انتخابات الرئاسة وفي محاضر الفرز والأرقام التي أعلنها حزب الحرية والعدالة.

ثامنا : قام بتقديم استقالته من حكومة هي في الأساس قدمت استقالتها بعد أن أصبحت حكومة تسيير أعمال بعد نجاح الدكتور محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية، مفضلا مجرد ترشحه لجائزة الدولة التقديرية على الاستمرار في أداء واجبه الوطني. وبالتالي بعد مجيئه مرة أخرى كوزير للثقافة أصبح يحمل لقب لم يحمله أحد في تاريخ الوزارات المصرية على ما أتذكر، وهو لقب الوزير الحالي السابق المستقيل!!

      لذلك أنا أدعو وزير الثقافة انطلاقا من البعد الرابع الذي ذكرت شواهده أن يقدم استقالته، لأن من آمن بالثورة وأهدافها وشارك في صنعها ولو بكلمة، وأيدها في وقت كان المرجفون يرتعشون وينتظرون إلى أين ترسي سفينة الوطن هم الأحق بالقيام بتحقيق أهدافها.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 218 مشاهدة
نشرت فى 20 سبتمبر 2012 بواسطة darbook

فجر الحرية (يصدرها ثوار دار الكتب)

darbook
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,346