مجلة فجر الحرية

(يصدرها ثوار دار الكتب)



ردًا على سيادة الوزير

أراد الشعب فكانت إرادته من إرادة الله، أراد شعب مصر العظيم أن يقضي على الظلم والاستبداد فكان له ما أراد، وبلغ الظالمون المدى في ظلمهم وجبروتهم فكان ذلك إيذانا بقرب نهايتهم.
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
وقد نختلف في تقييم مواقف وسياسات الحكام والمسئولين لكن تبقى الشعوب دائما على حق.
دائما ما كان يصرح وزير الثقافة الحالي الدكتور صابر عرب بعد ثورة 25 يناير بأن التكنوقراط الإداريين هم الذين أنقذوا الدولة المصرية من الانهيار (راجع حواره في الأخبار بتاريخ 29 / 4 / 2011 ، لكن يسمح لي سيادته بأن أختلف معه فيما ذهب إليه جملة وتفصيلا. 
لاشك أن ما أصاب مؤسسة الحكم في مصر من فساد أصاب أيضا معظم مؤسسات الدولة المختلفة، وكان ذلك من أهم أسباب بقاء ذلك النظام الاستبدادي لمدة 30 عاما، وفي الوقت نفسه كان واحدا من أهم أسباب قيام الثورة المصرية ( ثورة 25 يناير ).
عندما نجح نظام مبارك البائد في تكوين طبقة عريضة من التكنوقراط خاصة الإداريين منهم الذين يفضلون مصلحتهم ونفعيتهم الذاتية، والقيام بتحقيق أية أهداف أو أعمال تسند إليهم، حتى لو كانت هذه الأعمال وتلك الأهداف تتعلق بالدعاية والتسويق للنظام الفاسد والمساعدة في ترسيخ وجوده، كان ذلك من أهم عوامل استمرار النظام كل هذه المدة، إلا أنه كان من أهم عوامل ازدياد شعلة الغضب وتنامي الثورة في نفوس قطاعات عريضة من الشعب المصري لأن ولاء وانتماء هذه الطبقة من التكنوقراط الإداريين كان في المقام الأول لمصلحتهم الذاتية ولمن هم على سدة الحكم بتحقيق سياستهم وليس للعمل والعمال والموظفين، فكان التردي والإهمال والفساد هو السمة الظاهرة في معظم مؤسسات الدولة .
فإذا نظرنا إلى الجامعات المصرية وجدنا مثالا حيا وواضحا بدءا من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات فجميعهم كانوا يعينون بتوصيات من جهاز أمن الدولة بناء على قدر مهاراتهم في تنفيذ سياسة النظام البائد ومراقبتهم وقمعهم لكل أنشطة المعارضين للنظام، وإذا ولينا وجوهنا إلى وزارة الثقافة وجدنا هذا المثال صارخا ويقف شاهدا على سياسة النظام في هذا الاتجاه، فمعظم قطاعات الوزارة كان يتولى فيها المناصب في عهد فاروق حسني المتملقون والساعون إلى الكراسي زحفا وولاءً، مسبحون بحمد السيدة الفاضلة قبل وزيرهم، آخذين الثقافة المصرية نحو الهاوية ونحو ترسيخ ثقافة الاستقرار التي كانت لا تعني سوى الجمود واستقرار مبارك في الحكم ومن بعده نجله، كان لدينا وزارة تسمى وزارة الثقافة لكن لم يكن هناك ثقافة حقيقية، ولاشك أن ذلك ما كان يهدف إليه النظام البائد، مجتمع بلا ثقافة حقيقية وبلا وعي يمكن السيطرة عليه وتوجيهه يمينا ويسارا، بالإضافة إلى المحافظين والمجالس المحلية والوزارات المختلفة.
فإذا أردنا تحقيق أهداف تلك الثورة وعدم وأدها فيجب اقتلاع هذه الطبقة من التكنوقراطيين والإداريين في الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة قبل أن يستطيع هؤلاء إعادة إنتاج أنفسهم مرة أخرى، خاصة المتحولون منهم فهم أخطر على الثورة من أعدائها الظاهرين.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 345 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2012 بواسطة darbook

فجر الحرية (يصدرها ثوار دار الكتب)

darbook
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,361