السلام عليكم ورحمة الله
تختلف طرق تعليم الكبار عن الصغار نظرا لطبيعة المرحلة العمرية ومتطلباتها الحياتية ودورها ومسئولياتها التي تقوم بها، وعلى ذلك يكون من المهم معرفة حاجات الكبار التعليمية وأدوارهم في المجتمع من أجل إعداد مناهج موجهة وهادفة تكون مؤثرة وقابلة للتطبيق على مستوى حياتهم الواقعي.
يلاحظ أن تعليم الكبار لا يعني محو الأمية، لأن تعليم القراءة والكتابة للكبار تعتبر جزء من تعليم الكبار.
المصدر: كتاب منهج تعليم الكبار: النظرية و التطبيق – د. علي أحمد مدكور – الطبعة الأولى 1416هـ، 1996م – دار الفكر العربي.
إن بناء منهج لتعليم الكبار لابد أن يقوم على أساس من الفهم الكامل للتصور الإعتقادي للألوهية، والكون، والإنسان، والحياة. حيث إنه بناء على فهم المتعلم لذلك التفسير الشامل و على فهمه لحقيقة مركزه في الوجود الكوني ولغاية وجوده الإنساني يتحدد منهج حياته ونوع النظام الذي يحقق هذا المنهج والفرق بينه وبين المناهج الأخرى.
من التصور الإعتقادي السابق للألوهية والكون والإنسان والحياة يمكن تحديد الأهداف الرئيسية لبرامج تعليم الكبار. ومنه ومن الأهداف المنبثقة عنه يمكن تحديد الأصول الموجهة لمحتويات منهج تعليم الكبار ولطرائق وأساليب التدريس و طرائق و أساليب التقويم والتطوير. وذلك من حيث العودة إلى منهج الأرض و تطبيقه في واقع الأرض سياسة و اقتصادا و اجتماعا و تربية و ثقافة .... إلخ – بحيث يحس الدارسون أنهم يقومون بعمل أمر الله به وفرضه وأن انشغالهم به طاعة لله و أداءهم له عبادة لأنه يساعدهم على تغيير اتجاهاتهم ومفهوماتهم.
فالكبير صانع التاريخ وظيفته في الأرض البحث فيها والتنقيب والتحليل و التفسير والإنشاء والتعمير وفق منهج الله. إن النظر إلى الكبير بهذا الشمول يجعل من أمر جسمه و عقله و وجدانه و صحته وتعليمه وعمله وترفيهه وقدراته ومهاراته وكافة الجوانب المكونة لوجوده ينبغي أن ينظر إليها في اتساق عند تصميم المنهج.
نشأة تعليم الكبار:
تعليم الكبار بدأ بآدم عليه الصلاة و السلام و تجهيزه لحمل أمانة التكليف و تنفيذ منهج الله سبحانه وتعالى وختمت بالرسالة الخاتمة لمحمد صلى الله عليه وسلم فصار الإنسان يعلم فيتعلم.
وعلم الله سبحانه وتعالى الأنبياء كيف يعلمون الناس وكيف يبلغون رسالة ربهم بالفكرة النظرية وبالخبرة المباشرة العملية معا :"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة ...............".
وعلم ابن ادم عندما قتل أخاه بالخبرة المباشرة وعلم نوح صنع السفينة و كيف يختار الناجين معه وعلم إبراهيم سر الصنعة الإلهية وعلم موسى "عليه السلام" بالخبرة المباشرة أنه لا يمكنه رؤية الله سبحانه وتعالى فهو جل وعلا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ".
و تبرز عدة حقائق هي:
- أن مصدر التعلم هو الله سبحانه وتعالى فهو العليم، منه يستمد الإنسان كل ما علم وكل ما لم بعلم وكل ما يفتح الله له من أسرار الوجود ومن أسرار الحياة ومن أسرار نفسه.
- أن الحق سبحانه و تعالى قد اختص آدم عليه الصلاة و السلام دون الملائكة بعلم معين يعينه في أداء وظيفة معينة وهي الخلافة في الأرض بإعمارها وترقية الحياة على ظهرها وفق منهج الله – فنحن هنا أمام علم معين لمخلوقات معينة للقيام بمهمة حضارية ووظيفة معينة على الأرض التي هي مكان الاستخلاف.
- إن علينا أن نعلم الكبار أن الله سبحانه و تعالى قد أودع فيهم قوى الإدراك الظاهرة و الباطنة التي تعينهم على التعلم و الترقي و أن تربية هذه القوى و تدريبها وفق منهج الله الذي هو أساس رقي الإنسانية وتقدمها وسعادتها في الدنيا والآخرة.
- أن محو الأمية الهجائي والوظيفي و الحضاري جزء من تعليم الكبار والله سبحانه وتعالى يشير إلى قيمة العلم وقيمة الكتابة إلى الحد إلى القسم به.
- توجه الرسول عليه الصلاة و السلام بالدعوة إلى الكبار أولا لأنهم هم المكلفون وهم القادرون على الفهم و التطبيق الفوري وهم – في النهاية – القادرون على إرشاد أهلهم وذويهم من الرجال والنساء والأطفال.
- طلب العلم في الإسلام فريضة وتعليم العلم النافع للغير فريضة أيضا وأن من كتم علما نافعا عن الغير ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة، وأن المرء لا يزال عالما ما كان متعلما، فإذا تكاسل عن طلب العلم صار جاهلا.
والعلم النافع المقصود – في التصور الإسلامي – ليس هو علم الدين فقط، بل والعلوم الكونية المتجددة التي تصلح أصول الدنيا وأحوال المعاش أيضا.
فعلوم الدين هي آيات الله في الكون، على هذا الأساس لم يكن التعليم مرتبطا بمرحلة عمرية معينة فالاستمرار فيه واجب حتى تتسق حركة الحياة المتجددة المتغيرة في مرقاها الصاعد إلى الذروة السامقة التي أمر الله بها.
- تعليم الكبار يقصد بناء "الحرية المفكرة".
- تعليم الكبار يغطي أهداف كثيرة و متجددة ابتداء من محو الأمية، إلى الإرشاد الزراعي، والإرشاد الغذائي، والإرشاد التنموي والتربية السياسية والثقافة الأسرية والإرشاد الصحي والتوعية بقوانين العمل النقابي والدفاع عن حقوق الإنسان .... وصولا إلى النضال من أجل تحقيق العدالة والحرية والتنمية.
- بدأ الإسلام وكان الهدف مزدوجا أن يتعلم الكبار "التصور الإعتقادي" الإسلامي ويستقر في قلوبهم وعقولهم أولا ثم يتعلموا بعد ذلك "التصور الإجتماعي" المنبثق عن التصور الإعتقادي وعلى هذا وذاك يبنون المجتمع المتحضر الإسلامي الذي يؤدي حق الله تعالى في العبادة الخالصة.
أهمية فهم الكبار للتصور الإسلامي:
- لابد للكبير تفسير شامل للوجود يتعامل على أساسه مع هذا الوجود فلابد أن يفهم حقيقة الألوهية وحقيقة الكون وحقيقة الإنسان وحقيقة الحياة وما بينهما جميعا من ارتباطات.
- لابد للكبير أن يعرف حقيقة مركز الإنسان في هذا الوجود الكوني وغاية وجوده الإنساني وحدود اختصاصاته وعلاقته بخالقه وخالق الكون جميعا.
- أنه بناء على فهم الكبير لذلك التفسير الشامل للوجود وعلى فهمه لحقيقة مركزه فيه ولغاية وجوده الإنساني يتحدد منهج حياته ونوع النظام الإجتماعي الذي يحقق هذا المنهج والفرق بينه وبين المناهج الأرضية والبشرية الموضوعة.
- لابد للكبير من أن يعرف أن الإسلام إنما جاء لينشيء أمة ذات طابع خاص منفرد وهي في الوقت ذاته أمة جاءت لقيادة البشرية وتحقيق منهج الله في الأرض. و إدراك الكبير المسلم لكل هذا هو الذي يكفل له أن يكون عاملا إيجابيا صالحا في بناء الأمة وقائدا وموجها في عملية البناء و الترقية.
- وعليه فإنه للكبير كي يستقر على قرار في أمر هذا الكون وفي أمر نفسه و في غاية وجوده و في منهج حياته من فهم حقيقتين أساسيتين متلازمتين للحياة البشرية وللنفس الإنسانية في كل حال و زمان و هما:
1- أن الإنسان بفطرته لا يملك أن يستقر في هذا الكون الهائل ذرة تافهة ضائعة فلابد له من رباط معين بهذا الكون يحدد له مكانه ويضمن له الإستقرار فيه فلابد له إذن من تصور إعتقادي يفسر له ما حوله فهو ضرورة فطرية و شعورية.
2- التلازم الوثيق بين التصور الإعتقادي الإسلامي وبين طبيعة النظام الإجتماعي الإسلامي لأنه ضرورة تنظيمية كما أنه ضرورة شعورية.
- معرفة هذا التصور الكلي للإسلام تيسر للكبير فهم أصوله وقواعده وتسهل له أن يرد الجزئيات إلى الكليات وأن يتتبع في وضوح ويسر عمومياته و اتجاهاته و يلحظ أنها متشابكة متكاملة.
و طريقة الباحث في الإسلام أن يتبين أولا تصوره الشامل عن الألوهية والكون والحياة والإنسان قبل أن يبحث عن رأيه في الحكم أو في الإقتصاد أو في العلاقة بين الأمم والأفراد أو في التربية أو في الثقافة والحضارة والعلم والفن والأدب ...... إلخ فإنما هذه فروع وجزئيات تصدر عن ذلك التصور الكلي ولا تفهم فهما صحيحا عميقا بدونه.
تناول الإسلام طبيعة العلاقة بين الخالق والخلق وطبيعة العلاقة بين الإنسان ونفسه وبين الفرد والجماعة وبين الفرد والدولة وبين الجماعات الإنسانية كافة وبين الجيل و الأجيال.
طبيعة المعرفة و أسس المنهج:
-ما مصادر المعرفة؟
-كيف يعرف الإنسان؟
-ما مهمة المعرفة للحياة و المجتمع؟
الرؤية التي تؤمن بالله الواحد تجعل الوحي هو المدر الأول للمعرفة و تجعل الكون مصدرا ثانيا للمعرفة التي لا تتم إلا بإرادة الله في تصريف ملكوت الأرض. (النظرة العلمانية تجعل الكون هو المصدر الرئيسي للمعرفة) و المطلوب تحديد: حقيقة الألوهية – حقيقة الكون.
ولكي يعرف الإنسان الكبير يقتضي ذلك تحديد حقيقة الإنسان من حيث مصدره ومركزه في الكون ووظيفته في الحياة وغايته (بمعنى معرفة حقيقة فطرته و طبيعته الإنسانية).
ومهمة العلم والمعرفة للإنسان والمجتمع والحياة يقتضي بيان طبيعة المجتمع في التصور الإسلامي وأهم المعايير التي تحكم سلوكيات الأفراد فيه وتحكم نوعيات الروابط والصلات والنظم الإجتماعية والمؤسسات وتوجهها جميعا إلى غاياتها.
وبيان العلاقة بين العلم و المعرفة وأهميتها في بناء المجتمع والعلاقة بين الثبات والتغير. أي حقيقة الحياة والمجتمع من حيث العقيدة والموجهات والروابط والصلات والنظم والمؤسسات والعلم والمعرفة ودورهما في كل ذلك.
1-التصور الإعتقادي لحقيقة الألوهية
2-التصور الإعتقادي لحقيقة الكون (غيبه و شهوده)
3-التصور الإعتقادي لحقيقة الإنسان (مصدره و وظيفته و مركزه)
4-التصور الإعتقادي لحقيقة الحياة (الدنيا و الآخرة)
و من هذه التصورات يمكن أن ينبثق كل من:
-أهداف برامج تعليم الكبار
-محتوى البرامج
-طرائق و أساليب التدريس
-طرائق و أساليب التقويم و التطوير
السلام عليكم ورحمة الله
تختلف طرق تعليم الكبار عن الصغار نظرا لطبيعة المرحلة العمرية ومتطلباتها الحياتية ودورها ومسئولياتها التي تقوم بها، وعلى ذلك يكون من المهم معرفة حاجات الكبار التعليمية وأدوارهم في المجتمع من أجل إعداد مناهج موجهة وهادفة تكون مؤثرة وقابلة للتطبيق على مستوى حياتهم الواقعي.
يلاحظ أن تعليم الكبار لا يعني محو الأمية، لأن تعليم القراءة والكتابة للكبار تعتبر جزء من تعليم الكبار.
المصدر: كتاب منهج تعليم الكبار: النظرية و التطبيق – د. علي أحمد مدكور – الطبعة الأولى 1416هـ، 1996م – دار الفكر العربي.
إن بناء منهج لتعليم الكبار لابد أن يقوم على أساس من الفهم الكامل للتصور الإعتقادي للألوهية، والكون، والإنسان، والحياة. حيث إنه بناء على فهم المتعلم لذلك التفسير الشامل و على فهمه لحقيقة مركزه في الوجود الكوني ولغاية وجوده الإنساني يتحدد منهج حياته ونوع النظام الذي يحقق هذا المنهج والفرق بينه وبين المناهج الأخرى.
من التصور الإعتقادي السابق للألوهية والكون والإنسان والحياة يمكن تحديد الأهداف الرئيسية لبرامج تعليم الكبار. ومنه ومن الأهداف المنبثقة عنه يمكن تحديد الأصول الموجهة لمحتويات منهج تعليم الكبار ولطرائق وأساليب التدريس و طرائق و أساليب التقويم والتطوير. وذلك من حيث العودة إلى منهج الأرض و تطبيقه في واقع الأرض سياسة و اقتصادا و اجتماعا و تربية و ثقافة .... إلخ – بحيث يحس الدارسون أنهم يقومون بعمل أمر الله به وفرضه وأن انشغالهم به طاعة لله و أداءهم له عبادة لأنه يساعدهم على تغيير اتجاهاتهم ومفهوماتهم.
فالكبير صانع التاريخ وظيفته في الأرض البحث فيها والتنقيب والتحليل و التفسير والإنشاء والتعمير وفق منهج الله. إن النظر إلى الكبير بهذا الشمول يجعل من أمر جسمه و عقله و وجدانه و صحته وتعليمه وعمله وترفيهه وقدراته ومهاراته وكافة الجوانب المكونة لوجوده ينبغي أن ينظر إليها في اتساق عند تصميم المنهج.
نشأة تعليم الكبار:
تعليم الكبار بدأ بآدم عليه الصلاة و السلام و تجهيزه لحمل أمانة التكليف و تنفيذ منهج الله سبحانه وتعالى وختمت بالرسالة الخاتمة لمحمد صلى الله عليه وسلم فصار الإنسان يعلم فيتعلم.
وعلم الله سبحانه وتعالى الأنبياء كيف يعلمون الناس وكيف يبلغون رسالة ربهم بالفكرة النظرية وبالخبرة المباشرة العملية معا :"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة ...............".
وعلم ابن ادم عندما قتل أخاه بالخبرة المباشرة وعلم نوح صنع السفينة و كيف يختار الناجين معه وعلم إبراهيم سر الصنعة الإلهية وعلم موسى "عليه السلام" بالخبرة المباشرة أنه لا يمكنه رؤية الله سبحانه وتعالى فهو جل وعلا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ".
و تبرز عدة حقائق هي:
- أن مصدر التعلم هو الله سبحانه وتعالى فهو العليم، منه يستمد الإنسان كل ما علم وكل ما لم بعلم وكل ما يفتح الله له من أسرار الوجود ومن أسرار الحياة ومن أسرار نفسه.
- أن الحق سبحانه و تعالى قد اختص آدم عليه الصلاة و السلام دون الملائكة بعلم معين يعينه في أداء وظيفة معينة وهي الخلافة في الأرض بإعمارها وترقية الحياة على ظهرها وفق منهج الله – فنحن هنا أمام علم معين لمخلوقات معينة للقيام بمهمة حضارية ووظيفة معينة على الأرض التي هي مكان الاستخلاف.
- إن علينا أن نعلم الكبار أن الله سبحانه و تعالى قد أودع فيهم قوى الإدراك الظاهرة و الباطنة التي تعينهم على التعلم و الترقي و أن تربية هذه القوى و تدريبها وفق منهج الله الذي هو أساس رقي الإنسانية وتقدمها وسعادتها في الدنيا والآخرة.
- أن محو الأمية الهجائي والوظيفي و الحضاري جزء من تعليم الكبار والله سبحانه وتعالى يشير إلى قيمة العلم وقيمة الكتابة إلى الحد إلى القسم به.
- توجه الرسول عليه الصلاة و السلام بالدعوة إلى الكبار أولا لأنهم هم المكلفون وهم القادرون على الفهم و التطبيق الفوري وهم – في النهاية – القادرون على إرشاد أهلهم وذويهم من الرجال والنساء والأطفال.
- طلب العلم في الإسلام فريضة وتعليم العلم النافع للغير فريضة أيضا وأن من كتم علما نافعا عن الغير ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة، وأن المرء لا يزال عالما ما كان متعلما، فإذا تكاسل عن طلب العلم صار جاهلا.
والعلم النافع المقصود – في التصور الإسلامي – ليس هو علم الدين فقط، بل والعلوم الكونية المتجددة التي تصلح أصول الدنيا وأحوال المعاش أيضا.
فعلوم الدين هي آيات الله في الكون، على هذا الأساس لم يكن التعليم مرتبطا بمرحلة عمرية معينة فالاستمرار فيه واجب حتى تتسق حركة الحياة المتجددة المتغيرة في مرقاها الصاعد إلى الذروة السامقة التي أمر الله بها.
- تعليم الكبار يقصد بناء "الحرية المفكرة".
- تعليم الكبار يغطي أهداف كثيرة و متجددة ابتداء من محو الأمية، إلى الإرشاد الزراعي، والإرشاد الغذائي، والإرشاد التنموي والتربية السياسية والثقافة الأسرية والإرشاد الصحي والتوعية بقوانين العمل النقابي والدفاع عن حقوق الإنسان .... وصولا إلى النضال من أجل تحقيق العدالة والحرية والتنمية.
- بدأ الإسلام وكان الهدف مزدوجا أن يتعلم الكبار "التصور الإعتقادي" الإسلامي ويستقر في قلوبهم وعقولهم أولا ثم يتعلموا بعد ذلك "التصور الإجتماعي" المنبثق عن التصور الإعتقادي وعلى هذا وذاك يبنون المجتمع المتحضر الإسلامي الذي يؤدي حق الله تعالى في العبادة الخالصة.
أهمية فهم الكبار للتصور الإسلامي:
- لابد للكبير تفسير شامل للوجود يتعامل على أساسه مع هذا الوجود فلابد أن يفهم حقيقة الألوهية وحقيقة الكون وحقيقة الإنسان وحقيقة الحياة وما بينهما جميعا من ارتباطات.
- لابد للكبير أن يعرف حقيقة مركز الإنسان في هذا الوجود الكوني وغاية وجوده الإنساني وحدود اختصاصاته وعلاقته بخالقه وخالق الكون جميعا.
- أنه بناء على فهم الكبير لذلك التفسير الشامل للوجود وعلى فهمه لحقيقة مركزه فيه ولغاية وجوده الإنساني يتحدد منهج حياته ونوع النظام الإجتماعي الذي يحقق هذا المنهج والفرق بينه وبين المناهج الأرضية والبشرية الموضوعة.
- لابد للكبير من أن يعرف أن الإسلام إنما جاء لينشيء أمة ذات طابع خاص منفرد وهي في الوقت ذاته أمة جاءت لقيادة البشرية وتحقيق منهج الله في الأرض. و إدراك الكبير المسلم لكل هذا هو الذي يكفل له أن يكون عاملا إيجابيا صالحا في بناء الأمة وقائدا وموجها في عملية البناء و الترقية.
- وعليه فإنه للكبير كي يستقر على قرار في أمر هذا الكون وفي أمر نفسه و في غاية وجوده و في منهج حياته من فهم حقيقتين أساسيتين متلازمتين للحياة البشرية وللنفس الإنسانية في كل حال و زمان و هما:
1- أن الإنسان بفطرته لا يملك أن يستقر في هذا الكون الهائل ذرة تافهة ضائعة فلابد له من رباط معين بهذا الكون يحدد له مكانه ويضمن له الإستقرار فيه فلابد له إذن من تصور إعتقادي يفسر له ما حوله فهو ضرورة فطرية و شعورية.
2- التلازم الوثيق بين التصور الإعتقادي الإسلامي وبين طبيعة النظام الإجتماعي الإسلامي لأنه ضرورة تنظيمية كما أنه ضرورة شعورية.
- معرفة هذا التصور الكلي للإسلام تيسر للكبير فهم أصوله وقواعده وتسهل له أن يرد الجزئيات إلى الكليات وأن يتتبع في وضوح ويسر عمومياته و اتجاهاته و يلحظ أنها متشابكة متكاملة.
و طريقة الباحث في الإسلام أن يتبين أولا تصوره الشامل عن الألوهية والكون والحياة والإنسان قبل أن يبحث عن رأيه في الحكم أو في الإقتصاد أو في العلاقة بين الأمم والأفراد أو في التربية أو في الثقافة والحضارة والعلم والفن والأدب ...... إلخ فإنما هذه فروع وجزئيات تصدر عن ذلك التصور الكلي ولا تفهم فهما صحيحا عميقا بدونه.
تناول الإسلام طبيعة العلاقة بين الخالق والخلق وطبيعة العلاقة بين الإنسان ونفسه وبين الفرد والجماعة وبين الفرد والدولة وبين الجماعات الإنسانية كافة وبين الجيل و الأجيال.
طبيعة المعرفة و أسس المنهج:
-ما مصادر المعرفة؟
-كيف يعرف الإنسان؟
-ما مهمة المعرفة للحياة و المجتمع؟
الرؤية التي تؤمن بالله الواحد تجعل الوحي هو المدر الأول للمعرفة و تجعل الكون مصدرا ثانيا للمعرفة التي لا تتم إلا بإرادة الله في تصريف ملكوت الأرض. (النظرة العلمانية تجعل الكون هو المصدر الرئيسي للمعرفة) و المطلوب تحديد: حقيقة الألوهية – حقيقة الكون.
ولكي يعرف الإنسان الكبير يقتضي ذلك تحديد حقيقة الإنسان من حيث مصدره ومركزه في الكون ووظيفته في الحياة وغايته (بمعنى معرفة حقيقة فطرته و طبيعته الإنسانية).
ومهمة العلم والمعرفة للإنسان والمجتمع والحياة يقتضي بيان طبيعة المجتمع في التصور الإسلامي وأهم المعايير التي تحكم سلوكيات الأفراد فيه وتحكم نوعيات الروابط والصلات والنظم الإجتماعية والمؤسسات وتوجهها جميعا إلى غاياتها.
وبيان العلاقة بين العلم و المعرفة وأهميتها في بناء المجتمع والعلاقة بين الثبات والتغير. أي حقيقة الحياة والمجتمع من حيث العقيدة والموجهات والروابط والصلات والنظم والمؤسسات والعلم والمعرفة ودورهما في كل ذلك.
1-التصور الإعتقادي لحقيقة الألوهية
2-التصور الإعتقادي لحقيقة الكون (غيبه و شهوده)
3-التصور الإعتقادي لحقيقة الإنسان (مصدره و وظيفته و مركزه)
4-التصور الإعتقادي لحقيقة الحياة (الدنيا و الآخرة)
و من هذه التصورات يمكن أن ينبثق كل من:
-أهداف برامج تعليم الكبار
-محتوى البرامج
-طرائق و أساليب التدريس
-طرائق و أساليب التقويم و التطوير
ساحة النقاش