الحمد لله رب العالين والصلاة والسلام علي سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي اله وأصحابه الذين كانوا القدوة والمثل الطيب لكل الأجيال التي سوف تأتي من بعد إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ...
هؤلاء الصحب الكرام كانوا ومازالوا وسيظلون مصابيح للهدي والنور لكل الناس في كل زمان وكل مكان ليعلم الناس .. كل الناس أنهم بحق الذين قال الله تعالي فيهم :":"كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله... الآية"(الآية/110 جزء من الآية) –" آل عمران ..."
ولكي نقف علي عظمة هؤلاء الرجال لابد لنا من الوقوف علي سيرتهم العطرة التي كانوا بها في هذه الدرجة العظيمة من حب الله جل وعلا لهم ورسوله صلي الله عليه وسلم ووصلوا إلي هذه الخيرية التي لم يصل إليها غيرهم إلا من أحبهم الله جل وعلا كما أحب هؤلاء الصحب الكرام لأنهم كانوا أهلا لهذا الحب العظيم ولعل مااستوقفني وشد انتباهي بشدة صحابيان جليلان: احدهما :الصحابي الشهيد خبيب بن عدي والصحابي الجليل التقي النقي "سعيد بن عامر بن سلامان بن ربيعة الجمحي ""صفة الصفوة لابن الجوزي/280" ويعرف أيضا ب"سعيد بن عامر بن حذيم " رضي الله عنه .. وغيرهما كثير... ولكني أحببت أن أبدا بهما هذه السلسلة العطرة لهؤلاء الصحب الكرام لسيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه ... ومن هنا أبدا تلك السيرة العطرة لهذين الصحابيين فإنهما كانا وبصدق ...0 من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه !!!! وقصة هذين الصحابيين العطرة الغالية بما فيها من عظات وعبر ودروس
اهديها بصدق وأمانة وحب لكل مسلم موحد بالله ...كتوحيد خبيب وسعيد .. راض بالحبيب محمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا- بدرجة حبهما له صلي الله عليه وسلم - اهديها إليهم جميعا ليتعلموا كل ماهوجميل ورائع من هذا الشهيد الصابر المحتسب "خبيب" "وسعيد بن عامر" ذلك الرجل البسيط في ملبسه البسيط في مأكله البسيط في تعامله مع الدنيا الفانية ليجعل له في الآخرة زادا طيبا يفد به علي الله .. يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتري الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد - كما ..فعل خبيب من قبل - الرجل الذي لم تفتنه الدنيا التي كانت تحت قدميه ... أقدم قصة الرجلين لتكون للناس ..كل الناس قدوة ومثلا لما تجب أن تكون عليه الحياة لمن أرادها لله وللدين وللحب الطاهر النقي للرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم .. لمن أراد الآخرة رغم أن الدنيا كانت في يده اوتكاد ...-فلنبدأ علي بركة الله بقصة الشهيد الصابر "خبيب بن عدي" الذي قال له النبي صلي الله عليه وسلم يوم قتل0لا بل يوم استشهد بصبر الرجال .. وأي رجال؟؟ قال له صلي الله عليه وسلم يوم استشهاده-كما لو انه يخاطبه وجها لوجه - كما روي ابن حجر رحمه الله في شرحه علي صحيح البخاري رحمه الله كما في فتح الباري:"7/443" وهي من رواية موسي بن عقبة:فزعموا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ذلك اليوم وهو جالس:" وعليك السلام يا خبيب قتلته قريش" ... فهنيئا لك يا خبيب بالتحام السماء بالأرض في وحي ينزل من السماء ينزل به أمين رسالات السماء جبريل عليه السلام ليخبر أمين الرسالة في الأرض سيدنا محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم كما في رواية أبي الأسود عن عروة "فجاء جبريل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فاخبره –أي بقتل قريش لخبيب رضي الله عنه- فاخبر أصحابه بذلك"
ونعود إلي القصة من بدايتها عندما أرسل النبي صلي الله عليه وسلم سرية عينا لتخبره بخبر قريش وأمر عليهم" عاصم بن ثابت" فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة ذكروا لحي من" هذيل" يقال لهم" بنو لحيان" فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصوا آثارهم فلحقوهم فلجا عاصم وأصحابه إلي مكان مرتفع وأحاط بهم القوم وأعطوهم الأمان إذا نزلوا إليهم من غير قتال فلم ينزل عاصما وعدد آخرمعه... فقتلوا عاصما وسبعة ممن معه وبقي خبيب وزيد بن الدثنة ورجلا آخر فقاتلهم هذ الأخير عندما أحس بغدرهم فقتلوه .. وانطلقوا بخبيب وزيد فباعوهما في مكة واشتري بنو الحارث بن عمرو بن نوفل خبيبا لأنه كان قد قتل " الحارث" يوم بدر وظل الأسير الصابر عند هؤلاء حتى انتهت الأشهر الحرم وخرجوا به إلي" التنعيم "-وهي خارج حدود الحرم- لقتله ...0وذكرا بن كثير رحمه الله:"قال ابن هشام: أقام خبيب في أيديهم حتى انسلخت الأشهر الحرم ثم قتلوه"(البداية والنهاية:4/55) .. وفي مغازي موسي بن عقبة:أن خبيبا وزيد بن الدثنة قتلا في يوم واحد ... وان رسول الله صلي الله عليه وسلم سمع يوم قتلا وهو يقول: وعليكما أو عليك السلام : خبيب قتلته قريش!!!! وذكر أنهم لما صلبوا زيد بن الد ثنة رموه بالنبل ليفتنوه عن دينه فما زاده إلا إيمانا وتسليما"(المرجع السابق/نفس الصفحة ) ...0 ودعت قريش الرجال والنساء والصبيان لحضور هذا المشهد الذي غير كثيرا من الأمور التي كانت تجري بمكة هذه الأيام ومن بينها التحول الكبير الذي حدث لسعيد بن عامر رضي الله عنه الصاحب الثاني للشهيد الصابر خبيب بن عدي رضي الله عنه .....
ولعل الأحداث التي عاشتها"منطقة التنعيم" وهي تشهد صورة من أعظم صور الصبر لشهيد بطل كخبيب ... لعل هذه الأحداث قد تركت بصماتها علي كثير ممن شاهدوا هذا المشهد الدموي وكبار كفار مكة يقطعون أوصال خبيب ويقولون له لو انك امن في اهلك ومحمد يفعل به ما يفعل بك ؟؟.. ولكن حلاوة الإيمان ورسوخه في قلبه وحبه لرسول الله صلي الله عليه وسلم أنسته آلام جراحه ونزيف دمائه واقسم لهم –وهو الصادق- انه لا يحب أن يشاك رسول الله صلي الله عليه وسلم بشوكة وهو امن في بيته بين أهله.. وذكرا بن كثير رحمه الله في" البداية والنهاية" نص قول خبيب رضي الله عنه:"لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة -أي رسول الله صلي الله عليه وسلم- يشاكها في قدمه" وكذلك ذكرا بن إسحاق مثل هذا القول عن زيد بن الدثنة رضي الله عنه"(البداية والنهاية4/55) .. ووسط هذا الضجيج تخرج الكلمات الطاهرات من في خبيب - الذي اخذ غدرا وقتل ظلما - بالدعاء علي هؤلاء الظالمين من قتلته ممن تحجرت قلوبهم حتى أصبحت كالحجارة أو هي اشد .. وكانت كلمات تخرج من فم إنسان لا بل من فم بطل.. وبطل شجاع أيضا - رغم تعثرها في خروجها من فمه الطاهر من شدة الإعياء - إلا أنها كانت قوية كالصواعق المهلكة علي هؤلاء ... فقال رضي الله عنه" اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا" وفي رواية بريدة بن سفيان قال خبيب:" اللهم إني لا أجد من يبلغ رسولك مني السلام فبلغه".. يا الله ياخبيب يا بطل يامن لم تنس حبيبك في اشد حالات محنتك وابتلائك !!!! وأي سلام ذاك يا خبيب؟ اهو سلام الوداع لحبيب أحببته بكل حواسك وجوارحك ؟؟؟ أم سلام إلي الناس .. كل الناس لتقول لهم: أحبوا محمدا كما أحببته .. وافدوه كما فديته.. وكونوا حماة لدعوة الإسلام والتوحيد كما كنت؟؟؟؟ فرضي الله عنك ورسوله ياخبيب ..فكنت القدوة وكنت المثل.. واني لنا من ثرياك التي بلغتها بصبرك يوم التنعيم؟؟؟ فيا له من حب ووفاء ضربه لنا خبيب ليكون مثلا وقدوة لمن سيأتي بعدك يا خبيب! واني لنا ذلك؟؟؟؟؟
وهو السلام الذي رده النبي الهادي محمد صلي الله عليه وسلم كما ذكرنا آنفا كما في فتح الباري... وخبيب بن عدي رضي الله عنه وأرضاه هو احد المعذبين في الله ..غير الضجر ولا الخائف أو الغاضب علي ما أصابه لكنه الرضي بقضاء الله وقدره ... بل مطلق الرضي الثابت ثبوت الجبال الراسيات .. كل ذلك ترك انعكاساته المضيئة علي أفعال سعيد بن عامر رضي الله عنه ... وكان القدر جاء بخبيب وليري سعيد بعينيه كل تلك المشاهد ليشرح الله صدره للإيمان الصادق المشوب بالألم والندم والأسف ا لذي كان يعتصر قلبه بين الحين والحين لأنه لم ينصر خبيبا يوم التنعيم - يوم العرس الملائكي ا لسماوي ... والملائكة تحمل روحه الذكية الطاهرة في أكفان من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة كما في جزء من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه كما في صحيح الجامع : "1/345 " ح:1676 ... والملائكة من حوله تتسابق لحمل تلك الروح الطاهرة وعبير الجنة يفوح منها وكأنه عرس ملائكي لتلك الروح الغالية.. والحور العين فرحات مستبشرات بمقدمه ليعيش هذا الجسد- الممزق بالأيدي الآثمة- بين زوجاته من الحور العين ..!!!!! فلا يقوي سعيد علي تحمل هذا الموقف الذي لايغادر خياله .. فتصيبه غشية طالما لازمته عمره كله ولم يكن ذلك عيبا في سعيد رضي الله عنه بل كان منقبة له لم تتوفر لغيره من الكثير من الرجال حيث ذلك الإحساس المرهف والضمير الحي اليقظ دون الكثير من غيره ممن شهد هذ ا الموقف المؤلم المبكي لأصحاب الضمائر والعقول ... وخرج سعيد مع من خرج إلي التنعيم ليشهد استشهاد خبيب رضي الله عنه - ولا نقول مقتله -وقد اخذ خبيب غدرا من" بني لحيان" من اجل دنيا أصابوها .. فلم يكن لهم في هؤلاء الصحب حاجة... ولم يكن لهم عندهم ثار ولا أسير يفتدي ولم يكن خبيب رضي الله عنه أسفا اووجلا أو خائفا كما لم يكن في قتله –بل استشهاده- بهذه الصورة الوحشية إلا عظيم الفخر والشرف كما قال القائل:
ولا غرو بالإشراف إن ظفرت بهم... كلاب الأعادي من فصيح وأعجم فحربة وحشي سقت حمزة الردي... وموت علي من حسام بن ملجم وفي المقابل كان سعيد بن عامر رضي الله عنه ثمرة من ثمرات الثبات علي الحق الذي قال والثقة تملا جوانحه: " لقد كان لي أصحاب سبقوني إلي الله وما أحب أن انحرف عن طريقهم.. ولو كانت لي الدنيا بما فيها" وكانت المسافة غير بعيدة بين هذين الرجلين في فكرهما وحبهما لله جل وعلا ورسوله صلي الله عليه وسلم فنسمع الشهيد الصابر المحتسب يسمع الكون كله أنشودة عذبة وكلمات يفوح منها ريح المسك وهو يقول:
ولست أبالي حين اقتل مسلما ... علي أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك علي أوصال شلو ممزع
" البداية والنهاية للحافظ بن كثير : " /4/52 "
ولنعش مع ذلك الصحابي الجليل الذ ي اشتري الآخرة بالدنيا
وقد مكنه شبابه الموفور وفتوته المتد فقة من أن يزاحم الناس بالمناكب حتى
لقد حاذي شيوخ قريش من أمثال أبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وغيرهما ممن يتصدرون الموكب الذي تجري إحداثه تحت عين الله وسمعه
ثبات الإيمان في ساعات الشدة والوقوف بين يدي الله للصلاة
ووقف الفتي سعيد بن عامر الجمحي بقامته الممدودة يطل علي خبيب وهو يقدم إلي" خشبة الصلب" وسمع صوته الثابت الهادي من خلال صياح النسوة والصبيان وهو يقول:إن شئتم أن تتركوني اركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا ... ثم نظر إليه وهو يستقبل الكعبة وصلي ركعتين وذكرا بن كثير" قال السهيلي وإنما صارت الركعتان سنة-يعني عند القتل- لأنها فعلت في زمن النبي صلي الله عليه وسلم فاقر عليها واستحسنت من صنعه"(البداية والنهاية:4/55) ثم رآه يقبل علي زعماء القوم ويقول: والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعا من الموت.. 0 لاستكثرت من الصلاة0 ثم شهد سعيد قومه بعين رأسه وهم يمثلون بخبيب حيا فيقطعون من جسده القطعة تلو القطعة .. والدماء تنزف منه و تفوح منه رائحة مسك الجنة.. ثم أبصره وهو يرفع بصره إلي السماء من فوق خشبة الصلب ويقول:" اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا" ... وكان أبواب السماء كانت مفتحة ليصعد إليها هذا الدعاء الصادق من تلك الشفاه الطاهرة بذكر الله عز وجل وهي دعوات مظلوم المعلوم من الدين بالضرورة أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم من حديث خزيمة بن ثابت : "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل علي الغمام يقول الله : وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين "صحيح الجامع/1/84/ح:"117 0وقد روي انه لم يبق احد ممن سمع ذلك الدعاء ولم ينبطح أرضا إلا اخذ بقدرة الله تعالي فيما أتي من أيام وصدق ربي العظيم إذ يقول"وكذلك اخذ ربك إذا اخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه اليم شديد" هود /102
ورغم تلك الجريمة التي اقترفتها قريش في حق ذلك الأسير الأعزل الذي لا يستطيع أن يدفع عن نفسه حتى الكلمات .. ناهيك عن طعنات السيوف والرماح ... رغم ذلك فقد كان ينتاب قريش الخوف والفزع من دعاء ذلك الرجل الماثل أمامهم كالجبل الأشم ..!!! وفي رواية بريدة بن سفيان المشار إليها سابقا والتي ذكرها ا بن حجرفي شرحه لحديث" سرية عاصم بن ثابت" المشار إليه آنفا قال:"فلبد رجل بالأرض خوفا من دعائه ...0 !!!
وحكي ابن إسحاق عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال" كنت مع أبي فجعل يلقيني إلي الأرض حين سمع دعوة خبيب.. "
" فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر"7/443"
وعادت قريش إلي مكة ونسيت في زحمة الإحداث الجسام خبيبا وصرعه لكن الفتي اليافع سعيد بن عامر الجمحي لم يغب خبيب عن خاطره لحظة كان يراه في حلمه إذا نام ويراه بخياله وهو مستيقظ ويمثل أمامه وهو يصلي ركعتيه الهادئتين المطمئنتين أمام خشبة الصلب ويسمع رنين صوته في أذنيه وهو يدعو علي قريش فيخشي أن تصعقه صاعقة أو تخر عليه صخرة من السماء .. وتعلم سعيد بن عامر من ملحمة خبيب أن الحياة الحقة عقيدة وجهاد في سبيل الله حتى الموت ... وعلمه أن الرجل الذي يحبه "خبيب " كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء .. عند ذلك شرح الله صدر سعيد بن عامر للإسلام ... فقام في ملا من الناس وأعلن براءته من آثام قريش وأوزارها وخلعه لأصنامها وأوثانها ودخوله في دين الله ..الاسلام العظيم وكان عليه أن يترك دنياه هذه وراء ظهره ليبدأ دنيا جديدة خالية من الجهالات والخرافات التي تعيش فيها قريش بظلام عباداتها الباطلة من أصنام وسدنة وسحرة ... كان عليه أن يهجر عالمه الذي يعج ظلما في مكة ويتوجه إلي عالم جديد طاهر نقي ... من اجل ذلك هاجر سعيد بن عامر إلي المدينة حيث رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابته والعدل والنور والأمن والأمان الذي يعيش فيه خير الناس وخيرا لصحب مع النبي محمد صلي الله عليه وسلم وصحابته وكل الذين يعيشون تحت عدل الإسلام وظلاله الوارفة...0
سعيد بن عامر في المدينة "
لزم سعيد بن عامر النبي صلي الله عليه وسلم وشهد معه خيبر وما بعدها من الغزوات حتى لقي رسول الله صلي الله عليه وسلم ربه .. وهو راض عن سعيد .. ولم تنتهي حياة سعيد بموت النبي صلي الله عليه وسلم بل ظل سيفا مسلولا في أيدي خليفتيه:أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكانا يعرفان لسعيد صدقه وتقواه ويستمعان إلي نصحه...0
سعيد بن عامر رضي الله عنه
الناصح المخلص لعمر رضي الله عنه " "
تحمل لنا النصوص والآثار الصحيحة موقفا عظيما من مواقف النصح الخالص لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم من سعيد بن عامر للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
فقد دخل سعيد عليه ذات يوم وقال له :
يا عمر أوصيك أن تخشي الله في الناس ولا تخشي الناس في الله وألا يخالف قولك فعلك .. فان خير القول ما صدقه الفعل .. يا عمر:أقم وجهك لمن ولاك أمره من بعيد المسلمين وقريبهم وأحب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك .. واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك وخض الغمرات ا لي الحق..ولا تخف في الله لومة لائم ..
فقال عمر: ومن يستطيع ذلك ياسعيد؟ فقال: يستطيعه رجل مثلك ممن ولاهم الله أمر امة محمد وليس بينه وبين الله احد.. عند ذلك دعا عمربن الخطاب سعيدا بن عامر إلي مؤازرته وقال له عمر: يا سعيد: إنا مولوك علة أهل" حمص" فقال ياعمر: ناشدتك الله ألا تفتنني .. فغضب عمر وقال:ويحكم !! وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني؟ والله لاادعك !!! ثم ولاه حمص" .. وقال له: ألا نفرض لك رزقا؟ قال: وما افعل به ياامير المؤمنين؟ فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ... !!
نعم يا سعيد بن عامر يا من قال عنك عمر !! وأي عمر؟ إنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يوما"من سره أن ينظر إلي رجل نسيج وحده فلينظر إلي سعيد بن عامر"( البداية والنهاية لابن كثير/4/55)
وعن عبد الرحمن بن سابط قال: وكان إذا خرج عطاؤه-أي سعيد بن عامر- ابتاع لأهله قوتهم وتصدق ببقيته .. فتقول له امرأته: أين فضل عطائك؟؟ فيقول لها: قد أقرضته .. فاتاه ناس فقالوا: إن لأهلك عليك حقا وإن لأصهارك عليك حقا فقال:"ما أنا بمستاثرعليهم ولا بملتمس رضا احد من الناس لطلب الحور العين .. ولو اطلعت خيرة من خيرات الجنة لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس وما أنا بمتخلف عن العنق الأول- أي الرعيل ا لاول- بعد إن سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:" يجمع الله عز وجل النا س ليوم معلوم فيجيء فقراء المؤمنين فيزفون كما يزف الحمام .. فيقال لهم قفوا عند الحساب فيقولون:ماعندنا حساب ولا آتيتمونا شيئ.. فيقول ربهم عزوجل: صدق عبادي فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاما " صفة الصفوة لابن ا لجوزي/281" وعن حسان بن عطية قال : لما عز ل عمربن الخطاب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين عن الشام بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي علي ولاية" حمص " التي كانت توصف بأنها" الكوفة الثانية" لكثرة تمرد أهلها واختلافهم علي ولاتها كما كانت كوفة العراق..وعلي الرغم من ولع الحمصيين بالتمرد إلا أن الله جل وعلا هدي قلوبهم لعبده الصالح سعيد بن عامر فأحبوه وأطاعوه ...0 وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه أسلوب يجمع أقصي غايات الحذر والدقة والاناة.. ذلك انه كان يؤمن أن أي خطا يرتكبه وال في أقصي الأرض سيسال عنه اثنان: عمر أولا .. وصاحب الخطأ ثاني..!!
والشام يومئذ حاضرة كبيرة وهي مركز هام للتجارة ومرتع رحيب للنعمة وهي بهذا ولهذا درء إغراء .. ولا يصلح لها في رأي عمر إلا قد يس تفر كل شياطين الإغراء أمام عزوف..وإلا زاهد .. عابد ..قانت .. اواب.
وصاح عمر: قد وجدته!!! إلي بسعيد بن عامر... !!!! ويأتي سعيد بن عامر إلي أمير المؤمنين عمر ويعرض عليه الخليفة ولاية حمص.. ولكن سعيدا يعتذر ويقول له:لا تقتلني ياامير المؤمنين !!! فيصيح عمر به.. والله لا ادعك.. أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي وتتركوني؟؟؟؟
واقتنع سعيد بن عامر بالأمر حينما وجد إصرار عمر ذلك.. وإذ عزف عن مسئولية الحكم أمثال سعيد بن عامر فاني لعمر من يعينه علي تبعات الحكم الثقال؟
قال:فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه قال: فما لبث إلا يسيرا حتى أصابته حاجة شديدة قال : فبلغ عمر ذلك فبعث إليه بألف دينار قال: فدخل بها علي امرأته فقال:إن عمر بعث إلينا بما ترين.. فقالت:لو انك اشتريت أدما وطعاما وادخرت سائرها فقال لها: أولا أدلك علي أفضل من ذلك؟؟ نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه.. قالت: فنعم إذن.. فاشتري أدما وطعاما واشتري غلامين وبعيرين يمتا ران عليهما حوائجهم وفرقها علي المساكين وأهل الحاجة "صفة الصفوة لابن الجوزي/281"
وما هو إلا قليل حتى وفد علي أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل "حمص".. فقال لهم: اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم فرفعوا إليه كتابا فإذا فيه: فلان وفلان وسعيد بن عامر .. فقال عمر: ومن سعيد بن عامر؟ فقالوا : أميرنا !! قال أميركم فقير؟ فقالوا : نعم .. ووالله إنه لتمر الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار .. فبكي عمر حتى تبللت لحيته من دموعه .. ثم عمد إلي ألف دينار فجعلها في صرة وقال لهم: اقرؤوا عليه السلام مني وقولوا له: بعث إليك أمير المؤمنين بهذ ا المال لتستعين به علي قضاء حاجاتك ...
وجاء الوفد إلي سعيد بن عامر فنظر إليها فإذا هي دنانير فجعل يبعدها عنه ويقول:
إنا لله وإنا إليه راجعون.. كأنما نزلت به نازلة أو حل بساحته خطب .. فهبت زوجته مذعورة وقالت : ما شانك ياسعيد؟ أمات أمير المؤمنين؟ قال: بل أعظم من ذلك0قالت: ااصيب المسلمون في وقعة؟؟ قال: دخلت علي الدنيا لتفسد آخرتي وحلت الفتن في بيتي .. قالت:
تخلص منه.. وهي لاتدري من أمر هذه الدنانير شيئا .. قال اوتعينيني علي ذلك؟؟ قالت: نعم !!! فاخذ الدنانير فجعلها في صرر ثم وزعها علي فقراء المسلمين..
ولم يمض وقت طويل حتى آتي عمرين الخطاب رضي الله عنه بلاد الشام يتفقد أحوالها فلما نزل "بحمص" وكانت تدعي " الكويفة" وهي تصغير للكوفة بالعراق وتشبيه حمص بها لكثرة شكاوي أهلها من عمالهم وولاتهم.. كما كان يفعل آهل الكوفة ..
فلما نزل بها لقيه أهلها بالسلام عليه فقال لهم: كيف وجدتم أميركم؟ فشكوا إليه وذكروا أربعا من أفعاله كل واحدة منها أعظم من الاخري .. قال عمر رضي الله عنه: فجمعت بينه وبينهم ودعوت الله أن لا يخيب ظني فيه- أي في سعيد بن عامر رضي الله عنه.. فقد كنت عظيم الثقة به .. فلما أصبحوا عندي هم وأميرهم .. قلت:
ماتشكون من أميركم؟؟ قالوا:
لايخرج إلينا حتى يتعالي النهار.. فقلت: وما تقول في ذلك ياسعيد؟؟ فسكت قليلا ثم قال: والله إني كنت اكره أن أقول ذلك ..اما وإنه لابد منه.. فإنه ليس لأهلي خادم فأقوم كل صباح فاعجن لهم عجينهم ثم أتريث قليلا حتى يختمر ثم اخبزه لهم ثم اتوضا واخرج للناس .. قال عمر: فقلت لهم: وما تشكون منه أيضا؟؟ .. قالوا:إنه لايجيب احد بليل .. قلت: وما تقول في ذلك يا سعيد؟؟ .. قال: والله إني كنت اكره أن أعلن عن ذلك أيضا فإني قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل .. قلت:وما تشكون منه أيضا؟؟
قالوا:إنه لايخرج إلينا يوما في الشهر .. قلت: وما هذا ياسعيد؟؟
قال:ليس لي خادم ياامير المؤمنين وليس عندي ثياب غير التي علي!!! فانا اغسلها في الشهر مرة وانتظرها حتى تجف ثم اخرج إليهم آخر النهار.. ثم قلت: وما تشكون منه أيضا؟؟
قالوا:تصيبه من حين إلي حين غشية.. فيغيب عمن في مجلسه .. فقلت:
وما هذا ياسعيد؟؟؟
المحنة التي تحتها منحة
,وكانت هذه المحنة التي عاينها سعيد بن عامر رضي الله عنه قد ملكت عليه كل جوارحه ومشاعره وأحاسيسه .. وكانت آلامها تعتصر نفسه عصرا للوم نفسه علي ما فرط فيه من نصرة ذلك الشهيد الصابر البطل خبيب بن عدي رضي الله عنه.. فكان هذ ا الأمر يؤرقه بالليل والنهار ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلي أن أصبح شيئا معتادا كلما جال بخاطره هذا الحد ث وأصبح ملازما له حتى انه كان يتكرر كثيرا حتى أثناء مجلس الحكم الذي يغشاه الكثير من الناس وقد كانت هذه الحالة مؤرقة لسعيد بن عامر حتى اشتكي منها المترددون علي مجلسه للفاروق عمر رضي الله عنه ..
قال ا بن إسحاق كما ذكر بن كثير رحمهما الله:وحدثني بعض أصحابنا قال: كان عمر بن الخطاب استعمل سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي علي بعض الشام فكانت تصيبه غشية وهوبين ظهري القوم .. فذكر ذلك لعمر وقيل إن الرجل مصاب فسأله عمر في قدمة قدمها عليه .. فقال يا سعيد: ما هذا الذي يصيبك؟ فقال:
والله يا أمير المؤمنين مابي من باس .. ولكني كنت فيمن حضر خبيب بن عدي حين قتل وسمعت دعوته .. فوا لله ما خطرت علي قلبي وأنا في مجلس قط إلا غشيي علي.. فزادته عند عمر خيرا"(البداية والنهاية لابن كثير/4/55)
فكانت هذه الغشية التي كانت تأتيه من اثر ماراي وسمع من خبيب بن عدي رضي الله عنهما كانت تربطه بالآخرة التي كتبها الله جل وعلا لخبيب ولم يؤثر سعيد بن عامر يوما الدنيا علي الآخرة من شدة ما كان يعاني منها حتى ذكر ابن الجوزي حالته هذه .. وهي واحدة من بين شكاوي أهل حمص:"...0 قال عمر:وماذا؟ قالوا:يغنظ الغنظة بين الأيام أي تأخذه موتة"".. والغنظة:الأمر الصعب.. والغنظ:الكرب"( القاموس المحيط للفيروز أبادي/964)
وهكذا كانت المحنة التي عاشها سعيد بن عامر خلال تلك الساعات التي تمت فيها عملية الثار الظالمة من خبيب بن عدي رضي الله عنه قد سمت بروحه إلي نور الإسلام وعدله ونقائه وبعد ه عن الانتقام والظلم بين بني الإنسان وأصبحت هذه المحنة طريقا لهدايته إلي الإسلام العظيم فكانت منحة منحها الله إياه ليخرجه من الظلمات إلي النور بإذن ربه جل وعلا ويجعل الله جل وعلا منه ذلك النسيج المتفرد في نقائه وطهره وعفته وعفافه .. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ..
وكما قلنا لقد اختار سعيد عامر الآخرة ولم يتعلق بدنيا فانية ولم يكن ليسمع كلام امرأته عندما أرادت منه توفير بعض المال لحاجات البيت .. ولنستمع لذلك الحوار الذي دار بينه وبين امرأته يوم..
فقالت له امرأته:رحمك الله لو كنت حبست شيئا نستعين به ..فقال لها:
إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
لوا طلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلي أهل الأرض لملأت ريح مسك وإني والله ما كنت اختارك عليهن... فسكتت !!!!!!
نعود مرة أخري لإجابة الصحابي سعيد بن عامر لعمر رضي الله عنهما قال:شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ورأيت قريشا تقطع جسده وهي تقول:أتحب أن يكون محمدا مكانك ؟؟ فيقول:
والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي وان محمدا تشوكه شوكة!!!!!!
وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لي وأصابتني تلك الغشية ...
عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني به
ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها علي حاجته فلما رأتها زوجته قالت له:
الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك ...إشتري لنامؤونة واستأجر لنا خادما
فقال لها:وهل لك فيما هو خير من ذلك؟؟؟
قالت: وما ذاك؟ قال:ندفعها إلي من يأتينا بها ونحن أحوج ما نكون إليها!!
قالت:وما ذاك؟ قال : نقرضها الله قرضا حسن.. قالت:نعم ..وجزيت خير.. فما غادر مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صرر وقال لواحد من أهله .. انطلق بها إلي أرملة فلان .. وإلي أيتام فلان .. وإلي مساكين آل فلان.. وإلي معوذي آل فلان..!!!!
رضي الله عن سعيد بن عامر يوم ولد ويوم اسلم لله رب العالين ويوم لقي ربه نقيا طاهرا له عند الله الكثير مما قدمت يداه وليس عليه شيء يدينه يوم يبعث الله الناس لميقات يوم معلوم فقد كان من الذين يؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ..
كلمات مضيئات" كان سعيد بن عامر كثيرا ما يردد هذه الكلمات المضيئات:
" ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول بعد أن سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
يجمع الله عز وجل الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمائم .. فيقال لهم:
قفوا للحساب.. فيقولون: ما كان لنا شيء نحاسب عليه.. فيقول الله تعالي:صدق عبادي .. فيدخلون الجنة قبل الناس""
أي حظ من الهداية ناله هذا الطراز من الخلق؟؟؟
وأي معلم كان رسول الله صلي الله عليه وسلم؟؟
وأي نور نافذ كان كتاب الله؟؟؟
واي مدرسة ملهمة ومعلمة كان الإسلام؟
ولكن هل تستطيع الأرض أن تحمل فوق ظهرها عددا كبيرا من هذا الطراز؟
إنه لو حدث هذا .. لما بقيت ارض.. إنها تصير فردوسا!!!!!
اجل .. تصير كالفردوس الموعود !!!!
ولما كان الفردوس لم يأت زمانه بعد.. فإن الذين يمرون بالحياة ويعبرون الأرض من هذا الطراز المجيد الجليل قليلون دائما .. ونادرون..
وسعيد بن عامر واحد منهم ..!!!
الزاهد التقي .. يلقي ربه
وفي العام العشرين من الهجرة لقي سعيد بن عامر ربه كانقي ما يكون النقاء.. وانقي ما يكون صفحة .. وانقي ما يكون قلبا .. وانقي ما يكون سيرة وسريرة .. لقد طال شوقه إلي الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعهده وتتبع خطاه .. اجل لقد طال شوقه إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم معلمه ..إلي رفاقه الأوابين المتطهرين.. واليوم يلقاهم قرير العين مطمئن النفس .. خفيف الظهر ليس معه ولا وراءه ..من أحمال ومتاعها مايثقل ظهره وكاهله .. ليس معه إلا ورعه وزهده وتقواه وعظمة نفسه وسلوكه.. وفضائل تثقل الميزان ولكنها لا تثقل الظهر ومزايا هز بها صاحبها الدنيا ولم يهزها غرورا ..اجل إنه ثمرة من ثمار الثبات علي الحق .. وكيف لا وقد اختاره الخليفة عن قناعة ورضي يوم ولاه حمص .. حمص المتمردة فقادها سعيد قيادة سلسة وكبح جماح عنفها فاستسلمت له وهي طائعة وراضية ..
وقالوا عن سعيد بن عامر:
الصحابي العابد التقي سعيد بن عامر ليس رجلا عاديا لكنه كان نسيجا وحده وكان متفردا بمزايا لم تتوفر في الكثير من إقرانه لذلك كان اختيار عمر رضي الله عنه اختيارا صحيحا يتفق مع فراسة عمر رضي الله عنه في معرفة ا لرجال ولم يخدع عمر طوال عهد خلافته بأحد ممن ولاهم علي مصر من الأمصار .. وكان سعيد بن عامر واحد من هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. ولذلك قالوا عنه:
الحمد لله الذي لم يخيب فراستي فيك-أي في سعيد-"عمر بن الخطاب رضي الله عنه"
قال محمد بن الوليد ألبسري:سمعت يحيي بن القطان يقول:سعيد بن عامر شيخ العصر منذ أربعين سنة..
وقل ابوداود السجستاني:إني لأغبط جيران سعيد بن عامر..
وقال يحيي بن معين:حدثنا سعيد بن عامر الثقة المامون..
وقال احمد بن حنبل: ما رأيت أفضل منه ومن حسين الجعفي..
وقال ابو حاتم الرازي:كان سعيد بن عامر رجلا صالحا صدوق..
وفاته رضي الله عنه:
في العام العشرين من الهجرة لقي سعيد بن عامر ربه.. نقيا طاهر..
سلام علي سعيد بن عامر.. سلام عليه في محياه واخراه.. وسلام ثم سلام علي سيرته وذكراه .. وسلام علي الكرام البررة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. وصلي اللهم وبارك علي عبدك ورسولك محمد صلي الله عليه وسلمv
قصة من سيرة صحابي جليل رضي الله عنه و اسكنه فسيح جناته
((((( عروة بن الزبير )))))
عروة الذي كان يختم القرآن الكريم كل أربعة أيام
عروة الذي كان يقوم ثلث الليل
عروة الذي كان يصوم يوما و يفطر يوما
سافر يوما سفرا طويلا من المدينة للشام
كان سفرا شاقا بمجرد وصوله قال ( لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا )
أصابته الآكله في قدمه ... أرادوا بتر القدم ... فصبر
فوصلت الي الساق ... فأرادوا بتر الساق ... فصبر
فوصلت الي الفخد ... فأرادوا بتر الفخد ...
قدموا له كأس من خمر لكي يذهب عقله و لا يجد ألما في البتر ...
فأجاب بصوت الحق ... و الله ما أشربها ...!!
كيف أذهب عقلا منحني اياه ربي ..!!؟
كيف أرتكب محرما ...!!؟
و لكن اذا دخلت في الصلاة فسوف أنسي ألمي فأقطعوا رجلي ...
و كبر و استرسل في صلاته ...
و بتروا رجله ... و اغمي عليه ... ثم استفاق
و كانت أول كلمة ينطقها لسانه ...
اللهم لك الحمد
ان كنت أخذت فقد أعطيت
و ان كنت ابتليت فقد عافيت
فقال له الناس .............
أحسن الله عزائك في رجلك
و أحسن الله عزائك في ولدك محمد
فانه كان بينما تقطع رجلك ... ذهب الي اسطبل الخيل ... فرفسته فرس فمات ...
فعاد هذا العابد الصالح ليبث رسالة الي الحي القيوم لنتعلم منه ....
"" اللهم لك الحمد حتي ترضي... و لك الحمد ان رضيت ... و لك الحمد بعد الرضي
أعطيتني أربعة أعضاء و أخذت عضوا
و أعطيتني أربعة أبناء و أخذت ابنا
فأنت المتفضل صاحب الجميل ""
رضي الله عنه و أرضاه و أسكنه فسيح جناته
و غفر الله للمسلمين و المسلمات
الأحياء منهم و الأموات
انه سميع مجيب الدعوات
أحبتي في الله
في نهاية قصتنا لنا وقفة مع النفس
محاولة اعادة تقويم السلوك و الاسترشاد بالمثل الاسلامية
أمثال هذا الصحابي الجليل
راجيا أن يوفق الله الجمع للهداية و الخير دائما مع وعد مني
ان شاء الله تعالي
بمواصلة المسيرة مع مقتطفات من حياة
((( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه )))
<!-- / icon and title --><!-- message -->
رجال صدقوا الله فصدقهم الله
اخواتى هيا نعود بأذهاننا الى غزوة أحد ويوم الرجيع ? بعد انتهاء المعركة بانكسار جيش المسلمين ? سقوط 70 شهيدا ? طمع المشركين فى النيل من المسلمين ? المكر بهم .
بعد غزوة أحد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم سرية من 10 أفراد ليستطلعوا الأمر ويأتوا بألأخبار وكان قائد هذه السرية عاصم بن ثابت ? وكان معه خبيب بن عدى وعبد الله بن طارق ? زيد بن الدفنة ? مرثد بن أبى مرثد ? آخرين ? فعلمت احدى القبائل بخروجهم فارسلوا 100 فى طلبهم حتى وجدوهم واحاطوا بهم ?فأحتمى المسلمون بتبة ?فقال لهم الكفار ( انزلوا الينا ولكم العهد والميثاق ? لنؤمننكم ? لا نغدر بكم ولا نقتلكم ) فقال عاصم بن ثابت ( اما انا فلا أجعل نفسى فى جوار كافر ? ابدا ) وكان قد أقسم الا يمس كافر ولا يمسه كافر ( ثم انى لا أثق بعهودكم ) وظل يقاوم وأبلى بلاء حسنا وبدأ يسقط العشرة تباعا حتى سقط عاصم وبقى ثلاثة : خبيب ? زيد ? عبد الله وقالوا للكفار ان نزلنا اليكم فلنا عندكم العهد والميثاق فتأمننونا فنزلوا وغدر بهم الكفار . قتل عبد الله وبقى زيد وخبيب
لالبى جهل وكان الرسول يدعوه لللأسالم فيأبى الى ان سافر ابو جهل فى مهمة له فعرض عليه الرسول أيسلم فلان قلبه ولكنه قال للنبى أنظرنى للغد ورآه ابو جهل فقال له ( أرى الوجه قد تغير ) فقال عقبة (سمعت لمحمد فأعجبنى كلامه ) فقال أبو جهل ( اقسمت عليك بما بينى وبينك من صداقة أن تذهب الآن الى محمد فتبصق فى وجهه وان لم تفعل فما عدت صديقا لى )
فأختار صديقه وذهب وبصق على النبى ? تحول الى اكثر من أجترأ على الرسول صلى الله عليه وسلم ? كان يأتى بقماشة له فيلفها حول عنق الرسول الكريم ويخنقه ويسقط الرسول الكريم أرضا على ركبتيه الشريفتين ولم يكتفى بهذا وانما تمادى فى اجترائه ? اتى بسلا جذور والقاها على ظهر النبى الكريم وهو ساجد حتى جائت السيدة زينب رضى الله عنها ابنة النبى وهى تبكى وازالت هذا الوسخ من على ظهره الشريف ونظر اليها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وقال ( لا تبكى يا بنية ان الله ناصر أباك ) بأبى أنت وأمى يا رسول الله . كم تحملت من أذى ليصل الينا هذا الدين العظيم .
هذا الكافر عقبة بن أبى معيط كان قد أسر ببدر فقال النبى لأصحابه ( أتنظرون الى هذا اتعرفون ما كان يفعل بى كان يفعل بى كذا وكذا ) فقام عاصم الى عقبة فقتله بخنجره فقال له النبى ( لما فعلت هذا انه أسير )فقال عاصم ما استطعت . وانتفخ عقبة انتفاخا شديدا فلم يستطيعوا دفنه فردموا عليه ? وعلمت سلافة امه فقالت ( لأن مكنت من رأس عاصم لأشربن فيه الخمر ) لذلك عندما قتل عاصم قال قاتلوه لأن بعناه الى سلافة لأخذنا مالا كثيرا ? ذهبوا الى مكان الجثة حتى اذا اقتربوا منها اذا بسحابة عظيمة من النحل والدبابير تقترب من عاصم . سبحانك يا الله انهم جند من جنود الله الهى ما أعظمك . فعاصم قبل ان يموت قال : اللهم انى أموت وأنا احمى دينك فأحمى لى لحمى ) يا الله . انه موصول بخالقه ( ان من عباد الله لأن أقسم على الله أبره ) صدق الله وهو حى فصدقه الله وهو ميت .
ظله من جنود الله يحاولون ابعادها ولا يستطيعون وانتظروا الى الليل آملين ان تبتعد الدبابير والنح ويتموا مهمتهم ويقطعوا الرأس ? وجاء الليل واذا بجندى من جنود الله مرة أخرى ولكن هذه المرة اذا بالمطر الغزير ينزل ويحمل السيل جسد عاصم ويأخذها الى واد بعيد ? تغيب الجثة . يا سبحان الله لقد صدق الله فصدقه الله . ( اللهم احمى لحمى كما حميت دينك ) لا يعلم حتى الآن مكان الجثة الطاهرة لقد تكفل به الله.
وأخذ خبيب بن عدى وزيد بن الدفنة أسرى ليباعوا فى مكة ? مات زيد بالطريق وأخذ خبيب مقيدا بالسلاسل الى مكة ? حبسوه فى بيت الى ان تنتهى الأشهر الحرم فيقتلوه ? فى يوم خرج صاحب البيت لبعض شانه فقال خبيب للمرأة هل تأذنى لى بموسا وكان يريده ليطبق سنن الفطرة يا الله انه على وشك الموت ويريد ان يطبق سنن الفطرة وأحضرت المرأة ما طلب وكان لها طفل صغير فتحرك الى أن جلس على فخذ خبيب لم يخ منه وتأتى الأم وترى هذا المنظر فقال لها اتخافين على الغلام قالت نعم قال فوالله ما كان لى أن أقتله لا تخافى فما كان لى أن أغدر ابدا ما هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ما اروع الأسلام انه صاحب رسالة وما كان هدفه ان يعيش ولكن يريد ان يهتدى الناس ولا ينجو هو
تقول المراة ( ما رأيت أسيرا قط خير من خبيب بن عدى وتقول كنت أدخل عليه أرى فى يديه قطفا من العنب كرأس الرجل وليس بمكة تمرة واحدة
(ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) انها معجزة حقا ولها معنى فلماذا لم يفك القيد وجائه العنب ?
انه صدق الله فصدقه الله . ان هذا الدين لم يأتنا على طبق من ذهب ولكن بكفاح رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر )
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ساحة النقاش