يؤكد ( روسو ) في كتابه الشهير ( العقد الاجتماعي )على أن العقد الذي أبرم بين الشعب والحكومة هو بمثابة اتفاق وثيق على أن تبر الحكومة بواجباتها أمام شعبها الذي رشحها لاستلام السلطة ، فاذا أخلت الحكومة بواجباتها يكون الشعب ملزما بتغييرها حتى بالقوة .
ان قول ( روسو ) هذا نابع من حقيقة مطلقة وهي أن الحكومة جاءت بتفويض من الشعب لتلبية حقوقه وأن تلتزم بالعقد دون أن تجد مسوغا للانقلاب عليه ثم لتكون بالتالي مصدر رعب وخنق للحريات .
أليست الحكومة أفرادا من الشعب جاءوا الى السلطة بوسيلة ما مهما كانت هذه الوسيلة انتخابا أو انقلابا ، فلماذا يبطشون باخوانهم ويقيدونهم بأغلال ثقيلة حالما يصلون الى سدة الحكم ؟ هل يسحرهم الكرسي ليكونوا نقمة على أبناء جلدتهم ليذيقوهم الخوف والقهر والعذاب ؟
أتكون السلطة مثار حقد واثرة وكسب غنيمة وأذى للبؤساء والجائعين والمتعبين من أبناء الوطن؟
أي تبرير تضعه السلطة أمام عينيها وهي ترفل بالجاه والنفوذ بينما تعاني الأكثرية الحرمان من أبسط حقوقها ؟
أية سياسة ينتهجها الحاكم الجالس على كرسي السلطة وهو لا يفعل بما يقول ولا يفي بما يعد ؟
يكذب ويكذب دون أن تهزه قطرة حياء ومن غير أن يخدشه ثمة احساس بأنه من غير اللائق على ولي الأمر أن يكون مراوغا مخادعا منافقا أمام شعبه .
لقد قالها روسو منذ أكثر من قرنين بأن أبسط حقوق الانسان أن يمارس حريته على أرض وطنه وألا توضع القيود
في قبضة السلطة – حول عنقه والا فان الثورة مشروعة على حكومته الفاسدة والتي كان يظن أنها ستحقق له طموحاته .
ان المجتمعات التي نالت نصيبها من التقدم فتحت أبواب الحرية على مصراعيها على يد حكوماتها التي رأت أنه من الحكمة أن تكون بارة مشفقة على شعوبها ، لذا فقد نهضت تلك المجتمعات في تحقيق الديمقراطية وتوفير الرفاهية .
غير أن المجتمعات التي لا تزال تحبو على قدميها أنما أضرها وأقعدها عن الحركة حكوماتها الظالمة التي لا تريد الخير لشعوبها ولا تعرف غير منطق الاستبداد ، وليس لها الا لغة الكبرياء والتسلط ناظرة الى شعوبها نظرة الاستعلاء ، تنهب الثروة وتسكن القصور الفاخرة مستهزئة بضحاياها من جموع الشعب المغلوبين على أمرهم .
يا لها من مفارقة ونحن ننتظر الاصلاحات الموعودة في عصر ضاعت فيه الآمال وتبددت الأحلام لكي نرى وطنا مزدهرا كانت حضارته يوما متألقة كالشمس في رابعة النهار .
ناجح صالح
ساحة النقاش