بعد أربعة وتسعين عامًا .. لماذا قسوة إبريل؟؟!!
.April is the cruelest month of the year
الترجمة: إبريل أشد شهور السنة قسوة.
هذا هو البيت الأول من القصيدة المعروفة (The Waste Land)
أو "الأرض الخراب" .. تلك التي كتبها الشاعر الإنجليزي الشهير"توماس ستيرنز إليوت" (T.S.Eliot) عام 1922م، والتي أكسبته الشهرة العالمية؛ حيث اعتبرها أغلب النقاد أشهر قصيدة في القرن العشرين، وبها فاز "إليوت" بجائزة نوبل للأدب عام 1948م.وقد درستُ مقاطع من هذه القصيدة خلال آخر سنتين بالجامعة ..
وكم سألت نفسي على مدى أكثر من عشرين عامًا بعدها:
لمَ بدأ الشاعر قصيدته باتهام شهر إبريل هذا الاتهام القاسي؟؟!! إنه بالفعل اتهام غريب لشهر إبريل واعتباره أقسى الشهور دون إعطاء المبررات الكافية التي جعلت ذلك الشاعر الكبير يسيء إلى هذا الشهر الجميل الذي تخضر فيه الطبيعة، ويعتدل الجو، وتخرج فيه الحشرات من تحت الصخور، وتنشط الحيوانات، ويبدأ فيه الناس في التخفف من ثيابهم الثقيلة والتي كانت تُعَد ـ مثل فصل الشتاء ككل ـ عبئًا ثقيلًا عليهم؛ فهذا الشهر يمثل عندهم بداية التجدد والانبعاث.
لو رجعنا إلى العام الذي كُتبت فيه تلك القصيدة لوجدنا أنها جاءت في أعقاب الحرب العالمية الأولى التي وضعت أوزارها عام 1918م، فقد اعتبر الشاعر "إليوت" هذا الشهر هو الذي يأتي للبشرية حاملًا الوعود الكاذبة وسط تفاؤل البشر بقدوم الأجواء الصحوة بكل حب ..
وذلك بين هؤلاء الذين يعيشون وسط شظايا الأحداث هنا وهناك!!
الأدهى أن شتم إبريل لم يتوقف عند هذا الحد، وليس "ت. س. إليوت" وأرضه اليباب أو الخراب أو القفر، حسب اختلافات المترجمين العرب، هم من شوه صورته، بل إن هناك جهات غير معروفة وعميقة قرنته بالكذب وبالتلفيق، وصار مقدسًا عند الكذابين، فينتظرون اليوم الأول منه كل سنة، ليزرعوا الكذب في مختلف أنحاء العالم، وليحتفلوا به على طريقتهم الخاصة .. إلا أن إبريل المسكين لا يستطيع دفع هذه التهم عن نفسه، ولا يقدرعلى رفع دعاوى قضائية يسترد بها كرامته
ويدافع بها عن سمعته بين أقرانه من الشهور، ولا يصدقه أحد أبدًا إذا صرخ من جرّاء تعرضه لذلك كله .. فهو الشهر الذي قيل عنه:
"إنه يكذب كثيرًا دون أن تحمر وجنتاه من الخجل، ويقول للناس:
إن الجو سيكون صحوًا غدًا ليفاجَؤوا بالأمطار الغزيرة تبللهم وتصيبهم بالزكام، كما هو الحال هذا اليوم، مرسِلًا إليهم سمكته التي تسبح في الماء دون أن تمرض."
والله مسكين يا إبريل!!!
لو لم يكن لك إلا مولد خير البشرية في العشرين منك لكفى!!
وأخيرًا .. سؤالي للبشرية كلها في شخص الشاعر "إليوت":
أما كفى المخلوق إيذاءً للخالق بسب الدهر وشتم الزمن؟؟!!
أشرف فوزي دياب