إن المفهوم العام للبيئة لا يمكن حصره واختصاره بكلمات بسيطة لان البيئة لها أشكال كثيرة وشامله ولها أنماط مختلفة مترابطة ولا يمكن للمفكرين والباحثين والمختصين إلا أن يجتمعوا على تعريف واحد وبسيط وهو أن البيئة هي المحيط الذي نعيش فيه ونستمد حياتنا منه فهو الهواء والأرض والمياه. وجميع أشكال الحياة على كوكب الأرض بجميع أدواتها التي تشمل الغابات والصحاري والبحار والغازات .والملاحظ الذي يراقب ما يدور حوله يرى أن العالم لم يهتم بالبيئة في الماضي مثل ما يراه اليوم من اهتمام عالمي ومحلي بقضايا البيئة ونسمع كثيرا هذه الأيام في القنوات والصحف عن التغيرات المناخية وأثارها المدمرة على كوكب الأرض وزادت المؤسسات والهيئات والجمعيات البيئية مع بداية القرن الحالي بشكل ملحوظ وملفت للنظر . وكانت دولتنا من الدول السباقة في الاهتمام بالبيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص . وكل ذلك الأشكال والدمار الواقع على البيئة هو ناتج من فعل الإنسان الذي تطاول وأسرف في العبث بالأدوات البيئية ونتج عن ذلك كله كوارث بيئيه خطيرة أخذت أشكال متعددة.
وحيث أن الإنسان يعتبر أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء.
وإذا أردنا الحديث عن البيئة البحرية بشكل خاص فيمكننا القول بأنها المحيط المائي الضخم وما تحتويه من أدوات تشمل الكائنات الحية التي تعيش فيه من ألأسماك والثدييات وألا شجار والكائنات الحية الدقيقة والجزر والخلجان والأنهار... والنظام الفريد الذي يحكم البيئة البحرية هو نظام رباني وضعه الله للتوازن البيئي بين جميع هذه الأدوات.والأضرار بأداة واحد ينتج عنه خلل بهذا النظام .......
و أما عن تلوث البيئة البحرية فيمكننا القول بأن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل، كما أن ثرواتها المعدنية ذات أهمية بالغة.
أما بيئتنا البحرية فهي كانت ولا تزال منبع الخير والإلهام فهي بيئة الآباء والأجداد منها عاشوا وكافحوا وهي قبلة الصيادين والمتنزهين والأدباء والشعراء والرياضيين والمتنزهين ولا يزال خيرها مستمرا إلى وقتنا الحاضر فهي مصدر شرابنا وغذائنا وفخرنا.
فان تناقص المخزون السمكي بشكل خطير والناتج عن الصيد العشوائي والعبثي وتزايد ظاهرة انتشار النفايات على طول السواحل والجزر إنما هي مؤشرات على الخطر القادم وعند وقوع هذا الخطر لا سمح الله فانه من الصعب إزالة أضراره ومعالجته وعندها لن تسامحنا الأجيال القادمة على الجرائم التي ارتكبت بحق البيئة البحرية وعلى تفريطنا للأمانة التي ورثناها عن أبائنا وأجدادنا.
وحتى ديننا الإسلامي الحنيف حث على المحافظة على البيئة بكافة أشكالها و أنماطها وحرم الإفساد والتخريب والتلويث والتدمير بقوله ((ولا تفسدوا في الأرض بعد أصلاحها)) والواضح في الصورة الأولى يعتبر نوع من التدمير والتخريب المنهي عنه في الدين سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر ....
وقوله تعالى ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لايحب المسرفين)) حيث أن الإسراف هو بحد ذاته استنزاف للثروات البيئية وينتج عنه إخلال في التوازن البيئي .. ومن المبادئ الأساسية في الإيمان هي النظافة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (النظافة من الإيمان) والنظافة هنا تشمل جميع نواحي الحياة بداية من الإنسان نفسه ومرورا بمحيطه الذي يعيش فيه وهو البيئة....
ومن هذا المنطلق وهذه المبادئ يتوجب علينا المحافظة على بيئتنا البحرية من عبث العابثين وانه لمن العار أن نترك هذا الموروث الأصيل للإهمال والتخريب والتدمير وتركه تحت تصرف العمالة الأسيوية و بعض الفئات المواطنة التي لا تعي الأنماط والسلوكيات المؤذية للبيئة البحرية . ونحن اليوم بحاجه إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأخلاق إلا بعد توعية حيوية توضح للإنسان مدى ارتباطه بالبيئة و تعلمه بأن حقوقه في البيئة يقابلها دائماً واجبات نحو البيئة، فليست هناك حقوق دون واجبات.
وأن القوانين المعمول بها في الوقت الحاضر لا تكفي للحد من الإشكاليات والانتهاكات التي تتعرض لها البيئة البحرية وإذا استمر الوضع مثل ماهو عليه سوف نأتي في يوم من الأيام ونبحث عن السمك ولن نجده والمراقب والملاحظ للصيد البحري يدرك جيدا بأن نتائج الصيد قبل عشر أو خمسة عشر عاما ليست مثل اليوم وعليه فانه يتوجب علينا نحن عشاق ومرتادي البحر ومسؤولين إداريين على تقديم كل ما هو أفضل للوصول الى الهدف الرئيسي وهو جعل البيئة البحرية نظيفة ومستدامة والخروج معا بنتيجة ترضينا نحن أولا وترضي أجيالنا في المستقبل.