قراءة فى تقرير الهيئة العربية للطاقة النووية عن النشاط النووى الإسرائيلي
لواء أ.ح متقاعد/ حسام سويلم
مقدمة
أصدرت الهيئة العربية للطاقة النووية فى ديسمبر الماضى تقريرا حول النشاط النووى الإسرائيلى ومخاطره الإشعاعية على دول الجوار والأراضى العربية المحتلة. وقد تناول التقرير موجزا عن تاريخ البرنامج النووى الإسرائيلي، والمنشآت التى تكون العناصر الرئيسية لهذا البرنامج، ومخاطر النفايات النووية الإسرائيلية على دول الجوار، خصوصا على مصر والأردن المجاورتين لصحراء النقب، إلى جانب واقع الرصد الإشعاعى البيئى فى الدول العربية المجاورة، فضلا عن تجاهل إسرائيل للقوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأنشطة النووية. ورغم أن التقرير لم يتطرق إلى حجم النشاط النووى العسكرى لإسرائيل، إلا أنه أشار إلى أن إسرائيل لم توقع على اتفاقية منع الانتشار النووي، كما لم توقع على البروتوكولات المتعلقة بمنع انتشار الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
وقد كشف التقرير عن أن إسرائيل تخطط لتجديد مفاعلاتها النووية القديمة فى ديمونة بعيدا عن الرقابة الدولية والاستنفار الإقليمى فى ظل أزمة البرنامج النووى الإيرانى وتداعياتها، والجهود التى تبذل لإجبار إسرائيل على التوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي.
* تاريخ النشاط النووى الإسرائيلي:
بدأت إسرائيل التخطيط للحصول على التكنولوجية النووية وتدريب خبراء متخصصين فى هذا المجال فور إنشائها مباشرة فى مايو 1948، وبعد ثلاثة سنوات من إلقاء أول قنبلة نووية فى التاريخ بواسطة الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية والتى حسمت الحرب العالمية الثانية وأنهتها لصالح الولايات المتحدة وحلفائها. وقد شجع أول رئيس لها وهو عالم الكيمياء حاييم وايزمان - علماء الذرة الصهاينة، واستحدث لهم دائرة لأبحاث النظائر فى معهد وايزمان، والذى يعتبر أحد المؤسسات العلمية الرئيسية فى مستعمرة راحوت بإسرائيل.
أصدر أول رئيس وزراء لإسرائيل - دافيد بن جوريون - قررا بتشكيل مجلس أعلى للطاقة النووية، ما لبث أن أصبح هيئة الطاقة النووية الإسرائيلية وتتبعه مباشرة وتحت الإشراف المباشر لوزارة الدفاع، وتشكلت من 17 عضوا برئاسة ارنست بيرجمان، وكان من بين أعضائها إسرائيل دستروفيسكي الذى ابتكر عملية استخدام الماء الثقيل فى تهدئة التفاعلات النووية. كما أمر بن جوريون فى نفس العام 1948، بتجنيد الخبراء الجيولوجيين للبحث عن اليورانيوم فى صحراء النقب، خصوصا فى جنوبى سيدون وبئر سبع.
وقد تم اكتشاف ترسيبات غير كبيرة لليورانيوم فى هذه المناطق. ولكنها تغلبت على هذه المشكلة فى بداية برنامجها النووى باستيراد 10 طن من جنوب أفريقيا، و10 طن من فرنسا، كما عملت على استخراج اليورانيوم من الفوسفات المنتشر فى صحراء النقب وحوض البحر الميت والمتواجد بكميات ضخمة قدرت بـ220 مليون طن، وذلك على أساس أن نسبة اليورانيوم فى الفوسفات تبلغ 0.01 - 0.02% وبذلك استطاعت توفير 24 طن يورانيوم فى ذلك الحين، أما حجم اليورانيوم الممكن استخراجه من كل احتياطى الفوسفات المقدر لـ 220 مليون طن فيبلغ 250 ألف طن، ولكن ليس جميعها صالحة للاستخدام، ولذلك تستخلص إسرائيل سنويا حوالى 15 طن يورانيوم من الفوسفات. ومنذ ذلك الحين أقامت إسرائيل ثلاث مصانع لإنتاج حامض الفوسفوريك اللازم لاستخراج اليورانيوم.
وقد شهدت سنوات ما بعد 1948 حركة الهجرة الجماعية لليهود إلى إسرائيل، والتى ضمت نسبة كبيرة من العلماء والخبراء والمهندسين والفنيين فى مجال التكنولوجيا النووية بتخصصاتها المختلفة. كما شهد عام 1949 إرسال عدد كبير من المبعوثين لدراسة العلوم النووية فى عدة بلدان من العالم أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وفى نفس العام سمحت فرنسا لبعض العلماء الإسرائيليين بدخول مركز ساكلاى Saclay للأبحاث النووية، والمشاركة فى إنشاء مفاعل صغير للتجارب خاص بالمركز، وكان بن جوريون قد فاتح حكومة فرنسا فى موضوع التعاون مع إسرائيل فى المجال النووى وهو ما رحبت به فرنسا.
وبحلول عام 1950 أنشأت وزارة الدفاع قسما للبحوث النووية وتطويرها فى معهد وايزمان تابعا لها، وتفرغ للعمل فيه مجموعة من علماء الفيزياء والكيمياء والمهندسين وأصبح هذا المركز التقنى مهد العلوم النووية فى إسرائيل.
وفى عام 1952 وضعت هيئة الطاقة النووية فى تبعية وزارة الدفاع، وبدأ التعاون النووى مع فرنسا والذى توج فى عام 1953 بتوقيع اتفاقية للتعاون النووى للبلدين تحت إشراف شمعون بيريس الذى يعتبر (عرَّاب) التعاون النووى والصاروخى بين إسرائيل وفرنسا. وبموجبه سمحت فرنسا للعلماء الإسرائيليين بالمشاركة فى اختباراتها النووية. وقد واكب ذلك إطلاق الولايات المتحدة برنامج الرئيس ايزنهاور الذرة من أجل السلام وبموجبه ساعدت إسرائيل فى بناء مفاعل ناحال سوريك، والحصول على مكتبة ضخمة فى العلوم النووية، وتدريب 56 عالم وخبير نووى إسرائيلى فى المنشآت النووية الأمريكية (لوس آلاموس) تحت إشراف د. أوبنهايمر أبو القنبلة النووية. وبموجب هذا البرنامج الأمريكى حصلت إسرائيل على 50 كجم يورانيوم مخصب بنسبة 90% لتشغيل مفاعل ناحال سوريك وذلك فى الفترة ما بين 1960، 1966. وفى عام 1954 تم إنشاء أول مصنع لإنتاج الماء الثقيل فى راحبوت، وبدأ العمل فيه فى نفس العام وأعلن عن ذلك وزير خارجية إسرائيل (ابا إبيان) أمام لجنة نزع السلام التابعة للأمم المتحدة فى 15 نوفمبر 1954. واكب ذلك ومنذ عام 1953 عودة المبعوثين الإسرائيليين من الخارج واستقطاب أعداد ضخمة من العلماء والخبراء والمهندسين والفنيين اليهود العاملين فى المجالات النووية من مختلف بلدان العالم للالتحاق بالبرنامج النووى الإسرائيلي، وغيرهم من غير اليهود ليحاضروا فى الجامعات والمعاهد العلمية ذات العلاقة بهذا البرنامج وبحلول عام 1956 كان يوجد بإسرائيل أكثر من 150 عالم نووى على مستوى عال فى جميع التخصصات النووية، كما قدمت أمريكا فى هذا العام مساعدات نووية إضافية لإسرائيل لإغرائها على الانسحاب من سيناء عقب العدوان الثلاثى مع فرنسا وبريطانيا على مصر فى أكتوبر 1956.
وفى أوائل عام 1957 وقعت إسرائيل اتفاق مع فرنسا لبناء مفاعل ديمونة مع الحفاظ على سرية الاتفاق، كما أنشأت إسرائيل فى نفس العام شركة أمريكية تابعة لها فى مدينة أبوللو بولاية بنسلفانيا باسم numec باعتبارها متخصصة فى تصنيع المعدات والمواد النووية، تبين بعد ذلك عام 1964 قيام هذه الشركة بتهريب 200 رطل يورانيوم مخصب إلى إسرائيل. وفى نفس عام 1957 استقال معظم أعضاء هيئة الطاقة النووية فى إسرائيل باستثناء رئيسها أرنست بيرجمان بسبب معارضتهم الاستخدام العسكرى النووى فى إسرائيل. وفى خلال عامى 1958، 1959 حصلت إسرائيل من الولايات المتحدة وألمانيا الغربية على مساعدات تقنية تمثلت فى معدات ومواد نووية.
وفى عام 1960 بدأ مفاعل ناحال سوريك عمله كما شارك علماء إسرائيليون نظرائهم الفرنسيين فى التجارب النووية التى أجريت فى الصحراء الجزائرية، وفى نفس العام بدأت تساور المخابرات الأمريكية شكوك حول طبيعة المنشاة التى تقيمها إسرائيل فى ديمونة والتى ادعت إسرائيل أنها مصنع نسيج، ولكن تأكد للإدارة الأمريكية فى منتصف عام 1960 أنها مفاعل نووى ينتج مواد انشطارية قادر على تصنيع 1.2 قنبلة نووية سنويا، وفى ديسمبر 1960 اعترف بن جوريون بذلك، وبنهاية 1961 تم اكتمال إقامة مفاعل ديمونة والذى بدأ تشغيله فعلا فى عام 1963 بطاقة 26 ميجاوات وفى عام 1964 كشف عالم الطبيعة النووى الإسرائيلى (دى شاليت) أن إسرائيل لديها الخبرات اللازمة لإنتاج سلاح نووي.
وفى عام 1966 منعت الرقابة الإسرائيلية نشر كتاب لمؤلفيه (عامى دور أوف، ووايلى تايمز) جاء فيه أن إسرائيل أتمت إنتاج أول قنبلة نووية فى عام 1966، وأن جنوب أفريقيا عرضت تنفيذ التجربة على أراضيها إلا أن إسرائيل رفضت ذلك. وفى عام 1967 رصد مفاعل فصل للبلوتونيوم تحت الإنشاء فى ديمونة. وبدأ فى هذا العام تتويج التعاون النووى بين إسرائيل وجنوب أفريقيا بمساعدة الأخيرة على إنشاء مفاعيل نووي.
وفى عام 1968 قام عملاء إسرائيل بشن هجمات بالغازات المسيلة للدموع على شاحنات كانت تنقل كمية من اليورانيوم فى بريطانيا وفرنسا، وتم تهريبها إلى إسرائيل. وفى نفس العام اختفت سفينة تابعة لألمانيا الغربية (شيربورج) كانت تحمل 200 طن من خام اليورانيوم فى أعالى البحار، ثم ظهرت بعد عدة أسابيع وهى تحمل اسما جديدا وعلما جديدا وطاقما جديدا فى ميناء حيفا، وأعربت المخابرات الأمريكية أن المخابرات الإسرائيلية قامت بعملية قرصنة استولت بموجبها على السفينة وشحنتها النووية وفى 11/7/1985 اكتشف مفتشو الوكالة الأوروبية للطاقة النووية مع نظرائهم فى الوكالة الدولية للطاقة اختفاء 40 طن يورانيوم كانت مباعة إلى لوكسمبورج أعيد شحنها إلى إسرائيل.
وفى عام 1969 بدأ مفاعل فصل البلوتونيوم فى العمل، وفى يوليو 1970 ظهر مقالان فى النيويورك تايمز يؤكدان نقلا عن مصادر المخابرات الأمريكية بأن إسرائيل تمتلك فعلا أسلحة نووية، وفى أكتوبر 1973 أثناء الحرب قررت رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير نشر 13 سلاح نووى محملين على صواريخ (أريحا) للضغط على أمريكا للبدء فى إنشاء جسر جوى لنقل مساعدات عسكرية عاجلة لإسرائيل لاستعواض خسائرها فى الحرب. وفى عام 1977 تمكن عالمان إسرائيليان من إحراز تقدم فى عملية تخصيب اليورانيوم بالليزر.
وفى 22 سبتمبر 1979 رصد قمر صناعى أمريكى (تيلا) انفجارا نوويا فوق المحيط (الهندى بالقرب من سواحل جنوب أفريقيا، ناتج عن تجربة نووية مشتركة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل بقوة 2 - 4 كيلو طن. وفى 15 ديسمبر 1980 سجل القمر الصناعى تجربة نووية أخرى فى نفس المنطقة وبنفس القوة وأشارت مصادر المعلومات أنه تم بواسطة قذيفة من مدفع عيار 155مم.
وفى فبراير 1981 ذكرت نشرة التقرير الخارجى التابعة لصحفية الايكو نوميست أن إسرائيل تمتلك حوالى 200 سلاح نووى وأنها تطور صواريخ كروز بالتعاون مع جنوب أفريقيا. وهو ما أكده بعد ذلك تقرير لصحيفة صنداى تايمز فى أكتوبر 1986 نقلا عن خبير نووى إسرائيلى هارب (موردخاى فانونو) عمل فى مفاعل ديمونة لمدة عشر سنوات أوضح فيه أن إسرائيل تملك ما بين 150 - 200 سلاح نووى انشطارى واندماجى ونيوترونى وأنها رفعت قدرة مفاعل ديمونة إلى 150 ميجاوات.
تبنت إسرائيل منذ اكتشاف برنامجها النووى العسكرى استراتيجية الردع بالشك، وأنها لن تكون الدولة الأولى فى امتلاك سلاح نووى ولكنها لن تكون أيضا الدولة الثانية، ولذلك قامت بقصف مفاعل أوزيراك النووى العراقى وتدميره فى عام 1981، إلا أن معظم قادة إسرائيل وأخرهم إيهود اولمرت اعترفوا بصور مختلفة أن إسرائيل دولة نووية ولديها سلاح نووي.
* المفاعلات والمنشآت النووية التكميلية:
تملك إسرائيل تجهيزات نووية مهمة ربما تفتقر لها عدة دول أوروبية، وتحتوى هذه التجهيزات على 4 مفاعل نووى Atomic reactors، 4 مسرعات نووية Nuclear accelerators ، وعدد من أجهزة فصل النظائر Isotope separators، والتحليل والتكسير النظائرى كالمطايف الكتلية الكبيرة Mass - spectrometers، والميكروسكوبات الالكترونية، وأجهزة رصد وقياس وكشف الإشعاعات، ومولدات النيترونات Neutron - generators، وغيرها وتملك مؤسسة الطاقة الذرية الإسرائيلية المفاعلات النووية فى حين تتوزع باقى الأجهزة وكذلك ملكيتها على الجامعات والمعاهد التقنية، ولكن تعمل تحت إشراف المؤسسة النووية.
أولا: المفاعلات النووية
1- مفاعل ريشون ليتسيون: يعتبر أول مفاعل نووى يقام فى إسرائيل بدأ العمل فى إنشائه فى 20/11/1954 وبدأ تشغيله فى 12/2/1957 بالتعاون مع شركة AMF - Atomics، الأمريكية، وهو من النوع الحرارى غير المتجانس Thermal Heterogeneous بطاقة 8 ميجاوات حرارى لأغراض البحث العلمى وإنتاج النظائر المشعة، والاستفادة بتطبيقاتها فى ميادين الطب والزراعة والصناعة وأبحاث المياه والجيولوجيا، كما يقوم بتنفيذ برامج خاصة مع المؤسسات العلمية والكليات والمعاهد التكنولوجية والصناعية لتخريج طلاب ماجستير ودكتوراه فى مختلف أفرع العلوم والهندسة النووية، والوقود المستخدم ف تشغيله فهو اليورانيوم الطبيعى بنسبة 80% ويورانيوم 235 بنسبة 20% بكمية 12.5 طن سنويا، ويستخدم الماء الثقيل كمعدل ومهدئ Moderator والغازات للتبريد وبلغت تكاليفه حوالى 42 مليون دولار. وأهم منتجاته من النظائر المشعة الارجون، الانتيمون، الزرنيخ، البروم، الكلور، اليود، النيكل، الفوسفور، والصوديوم، ويقع على طريق ثانوى بين مستعمرة ناحال يهودا ومدينة ريشون لتسيون (أى شمال المدينة بحوالى 800 متر).
2 - مفاعيل ناحال سوريك: أقيم هذا المفاعل فى منطقة ناحل سوريك على مسافة 25 كم جنوب تل أبيب، وقامت بإنشائه شركة Atomics International الأمريكية طراز 1 -ERR مثل مفاعل ريشون لتسيون وبدأ العمل فى إقامته فى 17/1/1957 وتم تشغيله فى 18/1/1959 بطاقة 5 ميجاوات ارتفعت إلى 8 ميجاوات وهو من النوع (البركى الصهريجي) الذى يستخدم الماء العادى للتبريد، ويستخدم المفاعل فى تشغيله اليورانيوم المخصب بنسبة 90%، حيث أن كتلته الحرجة تساوى 16.4 كجم من اليورانيوم 235. وكانت الولايات المتحدة قد زودت إسرائيل بـ50 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% وذلك كوقود للمفاعل وقد تكلف إنشاء هذا المفاعل 30 مليون دولار. ويستخدم هذا المفاعل بالإضافة لإنتاج النظائر المشعة فى إجراء البحوث النووية، وساعد على كشف الكثير من الأسرار العلمية، ومكن العلماء والفنين النوويين الإسرائيليين من الحصول على الخبرات اللازمة للتعامل بعد ذلك مع التجهيزات والمواد النووية، وأهلهم لخوض غمار مشاريع أكثر طموحا فى ديمونة حيث حقق الخبرات العملية فى مجال فصل البلوتونيوم ولكن لا يمكن أن يتم فصل البلوتونيوم 239 فى هذا المفاعل نظرا لقلة النظير من اليورانيوم 238 فى الوقود النووي. إلا أن البيانات التى تنشر عن معدل إنتاج مختلف النظائر المشعة التى يتطلبها برنامج الطاقة النووية والمعاهد العلمية بإسرائيل وهو حوالى 9 كوري فى السنة، يجعلنا نتأكد أن هذا المفاعل وما زود به من إمكانات وتجهيزات لا يمكن أن يكون قد أنشئ لغرض تطوير البحوث فى مجال النظائر المشعة فقط، بل لإتمام عملية فصل البلوتونيوم الذى أنتجه مفاعل ديمونة بعد ذلك، وذلك فى فترة ما قبل الانتهاء من بناء المختبرات الساخنة أو المعمل الكيماوى فى مفاعل ديمونة، ويستخدم مفاعل ناحال سوريك فى إنتاج النظائر وأهما: الفضة، الكالسيوم، الكروم، النحاس، الكبريت، والزنك، أما الخلايا الحارة فى مفاعل ناحال سوريك فهي: خلية لاستقبال النواتج الأولي، خلية لغسيل وتعقيم العبوات، خلية لمعالجة النفايات، خلايا لتجهيز الناتج وتحضيره، خلية لتغليف الناتج النهائي، وتستهدف النظائر التى ينتجها المفاعل فى مجالات الزراعة، والطب، والصناعة، والبحوث الجيولوجية، ويتواجد هذا المفاعل ضمن مركز للأبحاث النووية بمنطقة ناحال سوريك، وتنبع أهميته من كونه القناة الشرعية التى تحصل إسرائيل من خلالها على جميع أسرار التقنية النووية واحتياجاتها من الأجهزة والمعدات والمواد من الولايات المتحدة، كما تتم فيه عملية تخصيب اليورانيوم بالليزر، وقد خضع هذا المفاعل للتفتيش من قبل الولايات المتحدة خلال السنوات العشر الأولى من إنشائه، تم تولت الوكالة الدولية الإشراف عليه بعد ذلك.
3- مفاعل ديمونة: يعتبر المنشأة النووية الرئيسية فى البرنامج النووى الإسرائيلي، وبواسطته أمكن لإسرائيل تصنيع ترسانتها النووية الضخمة، ويقع مبنى المفاعل شمال غرب مدينة ديمونة على طريق بئر سبع - ديمونة فى أسفل جبل ديمونة، وتحيط بالمفاعل غابة من الأشجار تم غرسها أطلق عليها غابة بن جوريون وتحتوى منشاة ديمونة على تسع منشآت متخصصة هي: جسم المفاعل النووى وهو عبارة عن بناية لها قبة يبلغ طولها حوالى 18 مترا، ومعمل إعادة التصنيع وفيه يتم فصل البلوتونيوم من وقود المفاعل المستهلك وهو ما يعرف بالمعمل الكيماوي، ومعمل إنتاج مادة الوقود النووي، ومعمل معالجة النفايات النووية السامة، ومعمل تصنيع الوقود النووى وتغليفه، ومنشاة تأمين الخدمات والطاقة والمواد اللازمة للمنشآت الأخرى، ومدرسة فنية ومكتبة وقاعة محاضرات وعرض ومعمل تخصيب اليورانيوم بعملية الطرد المركزي، ومعمل آخر لتخصيب اليورانيوم بالليزر، وقد تم بناء هذا المفاعل طبقا لتصميم المفاعل النووى الفرنسى (G-3) الذى بنى فى ميركول بفرنسا (والحرف G هو اختصار لكلمة جرافيت Graphite التى تستعمل فى المفاعل كمعدل وبه 14902 قطعة جرافيت تزن 1207 طن). ويستخدم مفاعل ديمونة الماء الثقيل (D 20) كمهدئ والغاز كمبرد، واليورانيوم الطبيعى كوقود والذى تصل نسبة تخصيبه إلى 1.5% وقد احتاج فى بداية تشغيله إلى 20 - 45 طن يورانيوم وهو يشبه المحطة النووية الفرنسية التى تم تشغيلها فى عام 1986 بقدرة 70 ميجاوت وتعرف برمز (4 - EL) وقد بدأ تشغيل مفاعل ديمونة بطاقة 26 ميجاوات، وتم رفعها فى عام 1982 إلى 70 ميجاوات، ثم ارتفعت طاقته مرة ثانية فى عام 1987 إلى 150 ميجاوات، ولا يزال يعمل بهذه الطاقة حتى اليوم وقد قدمت فرنسا هذا المفاعل إلى إسرائيل فى مقابل حصولها على سر إنتاج الماء الثقيل الذى توصل إليه الإسرائيليون، وهى مادة باهظة التكاليف وليست سهلة الاستيراد، ولذلك ترتفع تكاليف هذا النوع من المفاعلات نتيجة ارتفاع ثمن الماء الثقيل، حيث تزيد التكاليف بحوالى 50% عن تكاليف المفاعلات التى تستخدم الماء العادى كمهدئ وتبلغ تكلفة إنشاء مفاعل ديمونة حوالى 130 مليون دولار، ويعتبر مفاعل ديمونة مفاعل أبحاث إنتاجي، يعمل بنظرية فصل البلوتونيوم 239، ويتميز باستهلاكه كمية أقل من الوقود الذى يستخدم فى مفاعلات تخصيب اليورانيوم، الا أن فى هذه المفاعلات توجد خطورة من ارتفاع نسبة الترتيوم فى مكان وجو المفاعل، وتكمن هذه الخطورة فى أن هذا البخار قد يتسرب إلى أجسام العاملين عن طريق الجلد والتنفس، الأمر الذى يفرض ارتدائهم ملابس وأغطية رأس واقية من خطر تسرب التريتيوم، ولا يخضع مفاعل ديمونة لأى نوع من الرقابة سواء من جانب فرنسا التى أقامته، أو الولايات المتحدة، ولا حتى الوكالة الدولية للطاقة النووية.
4 - مفاعل النبى روبين: قدم هذا المفاعل هدية لإسرائيل من الرئيس الأمريكى ليندون جولسنوت فى عام 1965، بدأ العمل فيه أوائل عام 1966 فى منطقة النبى روبين الواقعة على نهر روبين (سوريك سابقا) بطاقة قدرها 250 كيلووات حراري، وبهدف معلن توليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر. ويستخدم اليورانيوم الطبيعى كوقود والجرافيت كمعدل وثانى أوكسيد الكربون والهواء المضغوط كمبرد، ويستهلك من 25 - 30 طن يورانيوم سنويا. وقد شارك فى تصميمه شركة أتوميكس إنترناشيونال الأمريكية مع مجلس الأبحاث العلمية الإسرائيلية، وقدرت تكاليف إقامته بحوالى 200 مليون دولار.
وهو قادر على إنتاج 417 مليون لتر مياه عذبة، ويمكن زيادتها إلى 675 مليون لتر يوميا، كما ينتج العديد من النظائر المشعة لاستعمالات الطب والزراعة والصناعة كذلك بإمكانه إنتاج البلوتونيوم.
ثانياً: مراكز البحوث النووية
تتفرع إلى أربعة مؤسسات رئيسية:
1- مؤسسة الطاقة النووية الإسرائيلية: صدر قرار بتأسيسها عام 1952، وكانت تابعة لوزارة الدفاع، ثم ألحقت فى عام 1966 بمكتب رئيس الوزراء، وتعتبر مسئولة عن رسم وتوجيه سياسة الحكومة فى كل ما يتعلق بالبرنامج النووي، سواء فيما يتعلق باستخداماته السلمية أو العسكرية، والتنسيق بين المؤسسات ذات العلاقة بهذا البرنامج داخل وخارج إسرائيل، ولذلك يوجد لهذه المؤسسة أنشطة ملموسة فى جميع الجامعات والمعاهد العليا والتكنولوجية الإسرائيلية، كما لها علاقات وطيدة مع المؤسسات النووية فى كثير من دول العالم، ومن أهم أنشطتها وضع خطط الأبحاث النووية فى المؤسسات العلمية والبحثية بإسرائيل والإشراف على إدارة جميع المنشآت النووية وتحديثها وأبرز وأهم لجانها لجنة الأبحاث النووية، ولجنة الطاقة للقوى الكهربائية والمياه، ولجنة تطبيقات النظائر المشعة، ولجنة الأمن لتقدير الأخطار النووية، ولجنة التشريعات النووية.
2- معهد وايزمان للعلوم: يقع فى مدينة راحبوت قرب الرملة تأسس فى عام 1934 (قبل قيام إسرائيل) وقد تولى الإشراف عليه د. حاييم وايزمان أول رئيس لإسرائيل لفترة طويلة، وتخصص فى البداية فى دراسة الكيمياء العضوية والأحياء الميكروبية، ويعتبر أهم وأكبر المعاهد والمراكز العلمية والتقنية فى إسرائيل، إذ يحتوى على عدد كبير من الأقسام العلمية الهامة منها: قسم الأبحاث النووية والالكترونية والرياضيات التطبيقية، وقسم الأشعة تحت الحمراء والكيمياء التصويرية، وقسم أبحاث النظائر المشعة، وقسم الكيمياء العضوية وقسم التجارب البيولوجية، ولذلك فهو مجهز بأحدث الأجهزة والمعدات العلمية والعقول الإلكترونية، كما أنه مسرع نووى وتنشر أبحاثه فى أهم المجالات العلمية على مستوى العالم، ويمنح شهادات الماجستير والدكتوراه، ويحاضر فيه علماء من مختلف أنحاء العالم.
3- معهد إسرائيل التقنى (التخنيون): يقع هذا المعهد فى جبل الكرامل فى حيفا وتم تأسيسه فى عام 1924، وتحول لاحقا لجامعة وإن بقى معروفا باسمه، ويعد من أكبر وأهم مؤسسات التدريس والأبحاث فى العلوم التكنولوجية، وبه ما يزيد عن 4000 طالب وعدد مشاريع البحثية تصل إلى 1200 مشروع، ويمنح درجات الماجستير والدكتوراه فى العلوم والتكنولوجيا ويعمل به مجموعة من كبار العلماء فى شتى الفروع والتخصصات يبلغ عددهم حوالى 500 أستاذ ومحاضر يعملون كل الوقت. وأهم أقسامه: مؤسسة الأبحاث والتطوير، وقسم الهندسة النووية، ومعامل كيماوية وميكانيكية، وبه مدرسة فنية عالية لتدريب الفنيين والمتخصصين فى الهندسة والبناء وصناعة الأجهزة والإلكترونيات والطيران ومركز جوليدج الالكتروني، ومعمل لدراسة الميكروبيولوجى العامة والصناعة، ويخدم خريجو قسم الهندسة النووية فى المنشآت النووية فور تخرجهم، وكان يتم تدريبهم فيها من قبل ذلك، وهو يماثل إلى حد كبير معهد ماساشوستس التكنولوجى فى الولايات المتحدة. ومن أهم فروع التخنيون معهد اينشتاين لفيزياء، وهو خاص لأعداد علماء الطبيعة النووية وأجراء أبحاث فى مواضيع الأشعة الكونية وفيزياء الحالة الصلبة وطبقات الجو العليا.
4- جمعية الأشعة الإسرائيلية: يتركز نشاطها فى ميدان السلامة النووية والحماية من الإشاعات وتضم جميع العلماء والخبراء العاملين فى مجال قياس الأشعة فى المفاعلات والمعامل النووية ومناطق دفن النفايات النووية، وتقوم بقياسات دورية لنسبة الإشعاع فى الجو وفى المياه، كما تشرف على سياسة الرصد الإشعاعى فى إسرائيل والمناطق المحتلة للإنذار عنها. وتشارك هذه الجمعية فى عدة منظمات دولية مهتمة بهذا المجال، وتشارك فى مؤتمراتها وأبحاثها.
* النفايات النووية والإشعاعية
تعمل فى هذه المجال عدة منشآت أبرزها الآتي:
معمل معالجة النفايات النووية والإشعاعية: أنشئ هذا المعمل فى عام 1975 بجوار مفاعل ديمونة لمعالجة النفايات المشعة التى ينتج عن جميع المنشآت النووية فى إسرائيل، والتى يتم نقلها إلى هذا المعمل، حيث يتم تسخين النفايات فى فرن خاص، وتخلط مع السكر بتركيز يبلغ كيلوجرام من السكر لكل 150 لتر من السائل، وهذه الطريقة تحلل الحامض وتزيد تركيز إشعاعية النفايات إلى 2000 (كوري) فى اللتر الواحد. ثم يعبأ السائل فى خزان سعته 6500 لتر لمدة سنتين تقريبا، وتسمى هذه العملية بالتخزين المؤقت ولها عدة فوائد أهمها أنها تمنع تلوث أو تعرض الأفراد لهذه النفايات، كما تسمح بمعرفة خواص النفايات ودراسة تحولها تمهيدا لتخزينها بصفة دائمة. ويمكن استخدام مخازن مؤقتة لتخزين الوقود النووى المستهلك قبل معالجته للحصول على مكوناته النووية، وهذه المخازن تتوافر فيها شروط وقائية عالية، مع استخدام دروع وقائية من الرصاص حول المخازن، وبعد سنتين تتم معالجة هذه المواد عن طريق الترسيب الكيميائي، ثم عن طريق الترشيح والامتصاص وتحول إلى أجهزة التقطير لفصل مكوناتها، ثم بعد ذلك تحول إلى أحواض التجفيف والكلسنة. وللتخلص نهائيا من هذه النفايات توضع فى أوعية رابطة من الأسمنت سعة الواحدة 20 لتر وتغلف بمادة البيتومين، ثم تغلف مرة ثانية بمادة بوليميرية، ثم تغلف مرة ثالثة بمواد زجاجية أو سيراميكية، ثم تدفن بعد ذلك فى أعماق الأرض. وتراعى عدة شروط فى أماكن تخزين النفايات أهمها ضرورة استقرار الطبقات الجيولوجية مع عدم احتمال حدوث هزات أرضية فى أماكن دفنها، ومع وجود مصدر دائم لتبريد النفايات نظرا للحرارة العالية المنبعثة منها وأن يعمل الموقع الذى تدفن فيها كدرع حاجز لإشعاع الناتج عن النفايات مثل مصائد الملح وان يكون مكان التخزين خاليا من الرطوبة وفى مأمن من الحرائق والأخطار وقريبا من المنشآت النووية وبعيدا عن مصادر المياه الجوفية، وجميع هذا المواصفات تجعل من نفس منطقة المفاعل على بعد كيلومتر منه هو المكان الملائم لدن النفايات. لذلك فإن منطقة ديمونة تقع فوق القرية الفلسطينية (كرنوب) وهى مبنية على صخور جيرية من العصر الطباشيرى المتوسط وتوجد تحت هذه الصخور مباشرة صخور ما قبل الكمبرى Precambrian وتحيط صخور مارلية Marl) وهى صخور جيرية وطينية 50% - 50% من العصر الطباشيرى المتأخر، واحتمال وجود مياه جوفية فى هذه الصخور بأنواعها الثلاثة قليل نظرا لأن مساحاتها صغيرة، ونفاذيتها منخفضة ومعدل سريان المياه الجوفية فيها بطئ جدا، ولذلك فإن هذه الصخور غير صالحة طبيعيا لأن تكون خزانات مياه جوفية.
* المخاطر الإشعاعية على دول الجوار:
بدأ أول المفاعلات النووية العمل فى إسرائيل عام 1957 والثانى والثالث بعد سنتين وأخرهم فى سنة 1966، علما بأنه لم يتم بناء معمل معالجة النفايات فى ديمونة إلا سنة 1975 مما يؤدى إلى استنتاج أن هناك إنتاج نفايات نووية مشعة ظلت غير معالجة لمدة خمسين سنة، والسؤال المطروح هو أين تم دفن هذه النفايات؟ وفى ظل أى شروط للأمان أثناء تجميعها ونقلها ودفنها خاصة فى ضوء التسريبات الإعلامية والنقاشات التى دارت داخل الكنيست حول أضرار هذه النفايات، وإصرار المسئولين الإسرائيليين على التعتيم بحجة الحفاظ على الأمن القومي..؟!.
والخطر الواضح حاليا خاصة بعد إنشاء معمل معالجة النفايات - الصادر عن مفاعل ديمونة، هو ما يطلقه المعمل الكيماوى فى الجو من غازات ملوثة ومشعة، حيث تحمل الرياح السائرة هذه الغازات عبر الحدود الأردنية التى على مسافة لا تزيد عن 40 كم من ديمونة، كذلك الحدود المصرية التى تبعد 70 كم، وتطلق هذه الغازات رغم علم مؤسسة الأرصاد الإسرائيلية جيدا أن اتجاه الرياح السائدة فى هذه المنطقة شرقية - جنوبية غربية.
* الحوادث الإشعاعية:
من المعروف أن المفاعلات العاملة فى إسرائيل تعتبر من الجيل القديم التى تم بناؤها فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتعرضت لتعديلات عديدة لرفع قدراتها وقوتها، ومثل هذا التطوير والتحديث فى هذه المفاعلات من المفروض إلا يتم إلا بتغيرها كاملة بداية من المبنى إلى الخزانات لذلك فإن تحديث المفاعلات الإسرائيلية دون أحداث هذا التغيير يتسبب فى وقوع حوادث نووية مختلفة.
فقد تم رفع طاقة مفاعل ديمونة من 26 ميجاوات إلى 150 ميجاوات دون تغير غرفة حرق اليورانيوم حيث زادت أعداد قضبان اليورانيوم وتم حشرها فى المساحات الفراغية التى كانت موجودة بالغرفة عند بداية لتشغيل عام 1963، الأمر الذى نتج عنه مشاكل فى إدخال وإخراج الأنابيب التى تحوى هذه القضبان مما أدى إلى اعوجاجها، إلى جانب أن قبة المفاعل ومبنى التبريد لم يطرأ عليهما أى تغيير منذ بدأ تشغيل المفاعل، مما قد يترتب عليه تسرب للمياه الثقيلة المشعة نتيجة للشروخ التى تصيب أنابيب اليورانيوم، وبالتالى تلوث إشعاعى فى المنطقة المحيطة بالمفاعل، وقد تأكدت هذه المعلومات من مصادر كثيرة وصور أقمار صناعية.
* الرصد الإشعاعى فى الدول العربية:
فى إطار مشروعها للرصد الإشعاعى البيئى فى الدول العربية عقدت الهيئة العربية للطاقة النووية عددا من الاحتمالات التى ضمت خبراء الرصد الإشعاعى فى الدول العربية لدراسة واقع وآفاق التعاون العربى فى هذا المجال، وقد تم استعراض قدرات القياس الإشعاعى البيئى فى الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وجاءت على النحو التالي:
1- لبنان: يتكون مشروع الرصد الإشعاعى البيئى فى لبنان من محطة واحدة عاملة بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية.
2- الأردن: تتكون شبكة الرصد الإشعاعى من 19 محطة عاملة لقياس المستوى الإشعاعى الحامي، ومحطة واحدة لقياس المستويات الإشعاعية فى الهواء.
3- مصر: تتكون الشبكة من 84 محطة عاملة منها 15 رصد مائية و15 لقياس الهواء.
4- سوريا: تتكون الشبكة من 9 محطات مراقبة ثابتة وجهازين لمسح الملوثات والعوائق الهوائية.
5- السعودية: تتكون الشبكة من 15 محطة، 5 منها للعوالق الهوائية.
وقد صدرت توصيات عن هذه الاجتماعات تشكل أساسا للتعاون بين الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وأبرز هذه التوصيات: التعاون والتكامل فى تطوير البرمجيات والتجهيزات الالكترونية المتعلقة بالرصد الإشعاعى البيئى وذلك بهدف الوصول إلى بناء القدرة الذاتية لبناء وتشغيل شبكات الرصد الإشعاعى ودراسة تحديد أسلوب وكيفية إتاحة معلومات الرصد الإشعاعى البيئى للدول العربية فيما بينها، مع إصدار وثيقة تبنى أسلوب جمع العينات الغذائية والبيئية والعمليات الإجرائية وقياسها وتفسير النتائج، هذا بالإضافة لضرورة الاهتمام بخطة الطوارئ النووية على المستوين القطرى والقومى التى أعدتها الهيئة العربية للطاقة النووية، والاستفادة من خبرات الدول العربية فى هذا المجال.
* إسرائيل والاتفاقيات الدولية:
دأبت إسرائيل على تحدى قرارات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، كما أن إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى لم توقع بعد على اتفاقية حظر الانتشار النووي، وبالتالى لم تخضع منشآتها النووية للرقابة الدولية، وهذا ما يجعل المنطقة غير آمنة ومهددة دائما بمخاطر الأسلحة النووية والحوادث الإشعاعية التى قد تنجم عن النشاط النووى وقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
ولكن هذه الدولة القائمة على اغتصاب الحقوق ظلت تتحدى بصلف الإدارة الدولية ولقد طالبت وفود الدول العربية فى المحافل الدولية دائما بضرورة انضمام إسرائيل لمعاهدة خطر الانتشار النووي، ووضع جميع منشآتها النووية تحت نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة النووية، والانصياع لقرار مجلس الأمن رقم 487 لعام 1981، والذى طالب إسرائيل صراحة وعلى وجه السرعة بوضع منشآتها النووية تحت إشراف نظام الوكالة الدولية للطاقة النووية، كما تشدد الوفود العربية على ضرورة التزام دول الشرق الأوسط فى اتخاذ ما يلزم من خطوات عملية عاجلة لتنفيذ الاقتراح الداعى إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، وأن تعلن إسرائيل رسميا أنها ستمتنع عن إنتاج الأسلحة النووية والأجهزة المتفجرة النووية، أو الحصول عليها أو حيازتها على أى نحو. خاصة وأن إسرائيل عضو فى الوكالة الدولية لطاقة النووية منذ عام 1957 ولكنها غير منضمة لاتفاقية منع الانتشار النووى NPT، كما أنها غير موقعة على البروتوكولات الإضافية الخاصة بها وأيضا المتعلقة بحظر إنتاج وتصنيع وتطوير الأسلحة البيولوجية لعام 1972، وأيضا غير موقعة على القانون الدولى للتعاون ضد انتشار الأسلحة الباليستية لعام 2002، وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل وقعت عام 2006 على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع أعمال لإرهاب النووي، وهى أيضا عضو فى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية OPCW ولكنها لم تصدق على الاتفاقية.
* رؤية تحليلية:
مما لا شك فيه أن تقرير الهيئة العربية للطاقة النووية يلقى الضوء بتركيز على خطورة البرنامج النووى الإسرائيلي، سواء من حيث ما ينتجه من مواد انشطارية تستخدم فى تصنيع الأسلحة النووية بأنواعها المختلفة، أو من حيث المخاطر البيئية الناتجة عن تشغيل المنشآت النووية التابعة لهذا البرنامج، وفى غيبة رقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية.
ولتوضيح النقطة الأولى الخاصة بالحجم الضخم من البلوتونيوم 239 الذى ينتجه مفاعل ديمونة، فأنه يمكن معرفة هذا الحجم من المعادلة التى تقول بأن من كل طن مترى من اليورانيوم الذى يتم حرقه فى المفاعل يتم استخراج 1000 جرام من البلوتونيوم فى السنة طبقا لقدرة المفاعل بالميجاوات فى عدد أيام تشغيل المفاعل فى السنة (قوة المفاعل x 300يوم/ 1000 = عدد كيلوجرامات البلوتنيوم فى السنة) وطبقا لهذه المعادلة فإن مفاعل ديمونة قد أنتج فى فترة عمله بطاقة 26 ميجاوات 148 كيلوجرام، وفى الفترة الثانية بطاقة 70 ميجاوات 105 كيلوجرام، وفى الفترة الثالثة عندما عمل بطاقة 150 ميجاوات وحتى اليوم 45 كجم بإجمالى 1153 كيلوجرام بلوتونيوم وذلك خلال 44 سنة، فإذا علمنا أن قنبلة البلوتونيوم 20 كيلو /طن (مثل قنبلة هيروشيما) تحتاج إلى 6 - 8 كجم بلوتونيوم، فإنه يكون بحيازة إسرائيل حاليا 164 قنبلة 20 كيلو/طن ولكن الفنى النووى الإسرائيلى موردخاى فانونو اعترف بان إسرائيل تملك أكثر من 200 سلاح نووي، فإن ذلك يعنى أن ليس كل الأسلحة النووية الإسرائيلية (قنابل ورؤوس صواريخ ومقذوفات) استراتيجية قدرتها 20 كيلو/طن بل يوجد أعداد منها تكتيكية ذات قدرات تتراوح ما بين 1 - 10 كيلو/طن. بحيث يمكن استخدامها فى ميادين المعركة وضد أهداف عسكرية منتقاة، وقد أشار كتاب (خيار شمشون) إلى أن إسرائيل رصدت حوالى 500 هدف استراتيجى مدنى وعسكرى على كل الساحة العربية لقصفها نوويا فى حالة نشوب حرب شاملة، شملت هذه الأهداف مدنا ومحطات وسدود ومياه وحقول نفط ومطارات وموانئ وأهداف بنية أساسية، إلى جانب فرق عسكرية ومقارات دفاعية يتحتم ضربهم نوويا طبقا لسيناريو (الملاذ الأخير) الوارد فى هذا الكتاب. وهو ما يؤكد حجم المخاطر التى تشكلها الترسانة النووية الإسرائيلية على البلدان العربية حاليا ومست
ساحة النقاش