(1564 – 1616)
ولد الشاعر والكاتب المسرحي وليم شكسبير في إنكلترا، وكان والده تاجرا ناجحاً اسمه جون شكسبير. وقد تلقى تعليما جيدا في المدرسة المحلية حيث تعلم اللاتينية واليونانية، وحصل شكسبير قدرا كبيرا من المعلومات التاريخية، سواء في المدرسة او في منزله. وفي عام ،1582 تزوج شكسبير آن هاثاوي، وهي احدى فتيات ستراتفورد، وكانت تكبره بثماني سنوات. وقـد انجبا ثلاثة اطفال، بنتاً سمياها سوزانا، وتوأمين هما هانيت وجوديت.  

وفي تلك الفترة، كشف بعض الغموض الذي يكتنف حياته عن طريق قصة مشهورة، وإن لم تكن مؤكدة، مفادها انه نزح الى لندن هربا، بعدما سرق غزالا من الغابة المتاخمة للقرية.

ومهما يكن الدافع وراء انتقال شكسبير الى لندن، فانه وصلها في عام ،1587 ولم تكد تمضي سنتان على وصوله (1589) حتى اصبح مالكا لمسرح BLACKFRIARS. اما عن مهنته السابقة، فهي غير معروفة على وجه التأكيد، شأنها في ذلك شأن كل ما يتعلق به. لكن من المحتمل انه كان يعمل في التدريس.

ولم يمض عليه وقت طويل، حتى كان قد كرّس نفسه للمسرح. ولعل اول وظيفة شغلها كانت وظيفة ممثل، ومما لا شك فيه ان التأليف المسرحي في بداية امره كان خاضعا لمهنة التمثيل الشاقة. ولكن شهرة شكسبير كمؤلف مسرحي في عام ،1592 كانت كافية بعدما ظهرت الطبعة الاولى من احد مؤلفاته (قصيدة فينوس وادونيس).

وفي عام ،1594 اخذت مسرحياته تنشر بانتظام، وكان ذلك هو العام الذي اصبح فيه

عضوا بارزا في احدى الفرق التمثيلية المعروفة باسم فرقة رجال اللورد تشامبرلين. وهي الفرقة التي كتب لها معظم مسرحياته.

وفي عام 1597 بلغ من النجاح حدا مكّنه من شراء منزل ضخم في ستراتفورد يعرف بـ"المنزل الجديد". وفي العام التالي اصبح شريكا في ملكية مسرح GLOBE THEATRE لعرض مسرحياته. وفي عام ،1612 استقر في ستراتفورد، وامضى السنوات الاخيرة من حياته في محاولات متقطعة للتأليف، الى ان توفى في عام ،1616 وهو بعد في الثانية والخمسين من عمره... ولم يكن له ذرية أحياء.

لا يمكن وصف الوضع المالي لشكسبير بالثراء الفاحش، او البؤس. اما كيف امكن مثل هذا الرجل الذي يبدو طبيعيا للغاية، ان يستكشف عبر مسرحياته كل تلك الجوانب من العواطف الانسانية، من انفعالات المآسي العميقة، الى الفكاهة الشعبية في مسرحياته الهزلية، فهو امر ليس بأقل بعثا للحيرة مما يحيط بشخصيته.

وبقدر ما كانت حياته العامة عادية، كان يدرك كل ما يمكن ان تنطوي عليه اخلاق البشر من سمات. لقد كتب شكسبير ما لا يقل عن 154 قصيدة غنائية. وبعض هذه القصائد الغزلية كتبها الى "الجمال الاسود"، وهي شخصية قد تكون احدى غراميات شكسبير من جانبه فحسب. وفي عصر كانت اللغة الانكليزية في اوج ازدهارها، اكتشف فيها شكسبير آفاقا جديدة من الجمال الشعري.

فأسلوب جولييت السلس، والبرود المتعالي في اسلوب الملك لير، يسموان كثيرا فوق مستوى اسلوب الحديث العادي. ومسرحية "العاصفة" تتضمن الكثير من الفقرات الرائعة، بخلاف حديث بروسبير القائل: "ان القباب التي تعلوها السحب، والقصور الفاخرة... والمعابد المهيبة، والكرة الارضية العظيمة نفسها... اجل وكل ما خلقته، سوف يتلاشى، وهي مثل هذا البهاء الزائف سوف تذبل ولا تترك وراءها اثرا. هكذا خلقنا، كأننا اطياف احلام، وحياتنا القصيرة يكتنفها الكرى...".

اما شكسبير المؤلف المسرحي، فيكاد يكون كاملا. التلاحم بين شخصياته محدد وواضح، واحساسه بالزمن والنتائج رائع. واننا لنجد مشاهد المسرحية تنتقل انتقالا سريعا من قارة الى اخرى (كما في مسرحية انطونيو وكليوباترا)، دون ان يفقد المشاهدون الاحساس بتتابع الاحداث، او يبتعدون عن ملاحقتها.

ان عبقرية شكسبير تتجلى في اروع مظاهرها في شخصياته. والادوار الثانوية، مثل بولينيوس Polinius ومركوشيو Mercutio واينوباربوس Enobarbus وجاك Jacques تبرز شخصيات ظلت تجذب اليها المشاهدين طيلة قرون. اما المهرجون والمغفلون ومنهم بوطوم Bottom، وفالستاف Falstaff اللذان كان في استطاعتهما ان يتكلما بأكثر مما حدد لهما، فقد كانا قادرين على استدرار ضحكات مشاهديهما، بنكاتهما ذات الطابع المختلف.

ولا مغالاة في ان جميع المشاهدين يشعرون بالتأثر العميق لمواقف هاملت، وماكبث وعطيل ولير، وهم ينغمسون في الكوارث، في ظروف لا يمكن وصفها الا بأنها "مآس شكسبيرية". ولكن الناحية الاقرب الى المأساة تكمن في ان ترديهم هذا، كان ناتجا من انحرافات في اخلاقهم نفسها.

ان في شخصيات شكسبير من التعقيد وفي الوقت نفسه من الاقناع، لدرجة ان النقاد لا يترددون في مناقشة دوافعها الحقيقية، كلما كان هناك مجال للنقد الادبي الجاد.

و نظرا لعبقرية شكسبير ومنجزاته وذيوع صيته فيبدو من الغريب أن أسمه لم يصنف مع المائة الأوائل وهذا ليس استهانة بمنجزاته ولكن نظرا لان الشخصيات الأدبية والفنية على العموم لا تملك تأثيراً كبيراً على التاريخ البشري.

فنشاط الزعماء الدينيين والعلماء السياسيين والمكتشفين والفلاسفة أو المخترعين غالبا ما تؤثر في تطورات الحياة البشرية في مختلف المجالات.

فالتقدم العلمي مثلا كان له تأثيره الواضح على المشاكل السياسية والاقتصادية وقد أثر أيضا على المعتقدات الدينية والمواقف الفلسفية وتطور الفنون.

ولكن يبدو أن شكسبير هو المبرز بين الشخصيات الأدبية دون منازع فقليل من الناس في هذه الأيام يقرؤون شوسر وفرجيل وحتى هوميروس ولكن في أي حفلة مسرحية لإحدى روايات شكسبير يحضرها الكثيرون وغالبا ما يقتبس من أقوال شكسبير من قبل أشخاص لم يقرؤوا أو يروا مسرحياته.

فمسرحياته قد سببت السرور والمتعة لكثير من القراء والمشاهدين خلال أربعة قرون تقريباً ومن المنتظر أن تظل أعماله مألوفة من قبل الناس لعدة قرون نائية.

ومع أن شكسبير قد كتب باللغة الإنكليزية إلا أنه كان شخصية معروفة عالمياً وقد ترجمت معظم أعماله بشكل واسع وقرئت مسرحياته ومثلت في عدد كبير من الأقطار.

  • Currently 116/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
39 تصويتات / 5038 مشاهدة
نشرت فى 29 سبتمبر 2010 بواسطة bios

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

484,867