"الليلة الكبيرة يا عم والعالم كتيرة
مالين الشوادر يابا م الريف والبنادر"
مخرج أوبريت "الليلة الكبيرة" هو الأشهر على الأطلاق، في مجال الإخراج لمسرح العرائس بمصر والوطن العربي. رغم وجود الأسماء اللامعة، التي تعد من الرواد في هذا المضمار. إنه الفنان المخرج صلاح السقا، المولود في مركز أجا، محافظة الدقهلية، في مارس 1932.
بدأ الأستاذ صلاح رحلته الفنية مبكرا؛ حيث حصل على ليسانس الحقوق جامعة عين شمس، وعمل بالمحاماة، لكنه لم يستمر فيها طويلا، فبعد تخرجه بعام عمل فنان عرائس، وانصرف عن المحاماة في 1959، والتحق بدورة تدريبية لتعليم فن العرائس على يد الخبير سيرجي أورازوف، الأب الروحي لفناني العرائس في العالم.
كون الاختلاف مغريا، والتميز مرمى ليس سهلا الوصول إليه، وإنما يحتاج إلى بذل الجهد، فسافر الأستاذ السقا إلى رومانيا وحصل من هناك على دبلوم الإخراج المسرحي، تخصص فن العرائس، ثم عاد إلى مصر، ليحصل على ماجستير من معهد السينما قسم إخراج عام 1969. فطريق الفن بجانب احتياجه إلى الموهبة يحتاج أيضا إلى الدراسة العلمية المحكمة، وإلا باتت موهبة الفنان وهما يسكن فيه، ودافع للسقوط، لا الإنجاز والتفرد.
الحقيقة أن البحث عن المنهج، وتنمية المهارات بطرق سليمة لم تكن خصيصة للأستاذ صلاح السقا وحده؛ بل كانت اتجاها لجيل رواد فن العرائس في مصر؛ حيث سافر الفنان إبراهيم سالم، كاريمان فهمي، ومصطفى كامل إلى تشيكوسلوفاكيا، كل في تخصصه، كما سافر الفنان أحمد المتيني إلى رومانيا، وغيرهم هناك الكثير.
خلال رحلة إبداعية شاقة، هي الأطول بالنسبة لأبناء جيله، قدم الأستاذ صلاح السقا عشرات الأعمال الفنية، نذكر منها حلم الوزير سعدون، حسن الصياد، الأطفال يدخلون البرلمان، خرج ولم يعد، ورائعة المؤلف نور الدين ياسين "صحصح المصحصح موسم 87/88. كما أخرج في السبعينيات عروضا منها: مقالب صحصح وتابعه دندش، من أشعار الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، "أبو علي" تأليف الشاعر سيد حجاب. وفي موسم 77/78 قدم عرض "عودة الشاطر حسن". بينما شهد العقد الستيني من القرن الماضي ميلاد عروضه الأولى "عقلة الصباع"، "الديك العجيب"، تأليف إيهاب شاكر، وحوار صلاح جاهين، "حكاية سقا" تأليف سمير عبد الباقي، وغيرها كـ"صحصح لما ينجح"، "السما الثامنة"، و"صحصح وجميلة"، و"حمار شهاب الدين" فكرة بكر الشرقاوي وحوار عمنا صلاح جاهين، وشارك في إخراجه الفنان ناجي شاكر، والمبدع إبراهيم سالم، ولاق العرض نجاحا جماهيريا وفنيا؛ كتجربة أولى من نوعها، ولقد وضعت عرائس هذا العرض في واجهة مسرح العرائس بعد ذلك. بينما يعتبر موسم 61/62 موسم الخلود بالنسبة لإستاذنا؛ حيث ألتقى بكلمات الشاعر الكبير صلاح جاهين، عود الشيخ سيد مكاوي، وعرائس الفنان ناجي شاكر؛ ليقضوا الليلة الكبيرة سويا، وتظل "ليلة" بارزة في التاريخ الفني.
لم يكن الإخراج المسرحي كل دوره، وإنما راح –بحكم ريادته- يساهم في إنشاء مسارح العرائس ببعض الدول كقطر، سوريا، الكويت، فرقة العرائس السودانية بأم درمان 1978، فرقة العرائس التونسية 1980، كذلك العراق، وقد أسهم بمشاركة الفنان "ألفريد ميخائيل"، في تدريب فناني العراق "أنور حيران، وطارق الربيعي"، من خلال دورة تدريبية لتحريك وصناعة العرائس. كما أنجز عشرات البحوث، أهمها "محاضرات عن تاريخ فن العرائس" بشكل عام، "وخيال الظل والأراجوز" بشكل خاص، وقررت هذه البحوث على طلبة الأقسام الخاصة بالمعاهد، كلية التربية، ووزعت على مشاركي الدورات التدريبة التي ساهم بها مع وزارة التربية والتعليم. هذا بجانب تأسيس مسرح شكوكو للعرائس وفرقته، فرق العرائس بالأقاليم، ومن قبلهم مسرح القاهرة للعرائس وفرقته.
ولبناء مسرح العرائس بالأزبكية قصة طريفة؛ حيث أثناء إحدى العروض عام 1960، وبالتحديد في 3 مارس، لاحظ الأستاذ السقا والعاملون معه حالة من القلق وأصوات وحركات غير عادية بالصالة. وبعد الانتهاء من العرض، الذي ظل مستمرا غير مبالين أفراده بضجيج الصالة، اكتشف العاملون بالمسرحية وجود الرئيس جمال عبد الناصر ود.ثروت عكاشة، وأبديا إعجابهما بالعرض، فتقرر من بعدها بإنشاء مسرح العرائس، والذي أصبح مديرا له عام 1969 ثم مديرا عاما 1976. وتولى رئاسة البيت الفني للمسرح من الفترة حتى 1988 حتى 1990، كما تولى رئاسة المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، بجانب إشرافه على مسرح العرائس حتى عام 1992؛ فضلا عن كونه عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو الهيئة العالمية لفنون ومسارح العرائس unima.
تكريما لإسهاماته الفنية، حصل على العديد من الجوائز، ونال العديد من الدروع من مصر وبعض الأقطار العربية والأجنبية؛ حيث حصل –في بداية طريق- على الجائزة العالمية الثانية من بوخارست، وهو ما يؤكد قدرة الأستاذ السقا الكبيرة، وملكاته الفنية التي أهلته أن يكون الأشهر في مجاله. وفي 1973 يحصل على الجائزة الأولى ببرلين، كما نال شهادة تقدير في 1980 من الولايات المتحدة الأمريكية "هيئة السبموسوينان"، ثم يعرض تاريخ شخصية الأراجوز بحديقة البيت الأبيض بواشنطن. كما منحه عمدة بلدة مستل باخ بالنمسا بمناسبة عرض الليلة الكبيرة عام 1989، وكانت النمسا كرمته من قبل عام 1980، ونال الدرع المميز من مهرجان جرش، الأردن 1985، والدرع الذهبي لدولة الشارقة 1986. وتقلد بالميدالية الذهبية لمهرجان دول البحر المتوسط بإيطاليا 1986. وكرمته بلاده في عيد الطفولة 1997، كما كرمه المهرجان القومي للمسرح هذا العام، مع ثلة من مبدعي مصر، هم الراحل بهجت قمر، والفنان القدير عادل إمام، والناقدة الكبيرة د.هدى وصفي.

المصدر: مدحت صفوت http://www.gn0o0n.com/vb/showthread.php?p=66698
  • Currently 131/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
43 تصويتات / 1083 مشاهدة
نشرت فى 29 سبتمبر 2010 بواسطة bios

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

484,845