يُعد صوت أم كلثوم هو الصوت الوحيد القادر على جمع الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج في وقت واحد، وفى ليلة واحدة هي الخميس الأول من كل شهر (كما قالت عنها صحيفة التايم الأمريكية)، والكلثوم في العربية كما فسرها عباس العقاد تعنى الحرير الذي وضع على رأس العلم أي راية متوجة بالحرير.

ولدت أم كلثوم بقرية طماى الزهايرة مركز السنبلاوين محافظ الدقهلية في 30 ديسمبر 1898، تعلمت القراءة والكتابة وحفظت أجزاء من القرآن الكريم مع أخيها، ثم انتقلت أم كلثوم إلى مدرسة الشيخ جمعه بالسنبلاوين.

كانت أول مره سمع أبوها صوتها كان عمرها عشر سنين أعجب بصوتها وشعر أن لها مستقبل، فضمها لفرقته المتواضعة وبدءوا يتوسعون ويتنقلون من قرية إلى قرية، وكانت أولى حفلاتها العامة في بلدة "أبوالشقوق" ثم انتقل غناؤها من القرى إلى عواصم المديريات وكان قاصراً على القصائد والموشحات الدينية.

بدأت شهرة المطربة الجديدة "أم كلثوم" حين التقت لأول مرة بالشيخ "أبو العلا محمد" أستاذها فيما بعد بمدينة المحلة الكبرى عام 1916، ثم غنت بالقاهرة لأول مرة عام 1920 حيث أقامت حفلاً غنائياً، ثم عادت لقريتها وكلها أمل في العودة مرة أخرى إلى أضواء القاهرة، وفى عام 1921 عادت أم كلثوم للقاهرة لتغنى ويسمعها في تلك الليلة الشيخ على محمود والشيخ على القصبجى، ومن هنا بدأ نجمها يسطع فأحيت حفلاتها لحساب الشيخ أبوزيد وأحمد صديق بحي السيدة زينب، وأصبحت تنافس جميع معاصريها من المطربات الشهيرات في هذا الوقت أمثال "منيرة المهدية ـ نعيمة المصرية ـ فتحية أحمد ـ فاطمة سرى".

وكان لظهور أحمد رامي وبيرم التونسي ورياض السنباطي ومحمد القصبجي وزكريا أحمد في حياة أم كلثوم منذ 1924، أثر كبير في تطور الأغنية من حيث الكلمات والتلحين ما جعلها تقدم معهم أروع الألحان التي تعيش حتى الآن والتي تثرى الغناء العربي حتى الآن.

وفى عام 1925 بدأت أم كلثوم تسجل أغانيها على اسطوانات. وفى عام 1934 غزت الستار الفضي بفيلمها الأول "وداد" في عام 1936، ثم ظهرت لها أفلام أخرى مثل نشيد الأمل 1940 دنانير 1942 عايدة 1945 سلامة 1947 فاطمة، كما أنها غنت في نفس العام بالإذاعة المصرية في أول يوم لافتتاحها. وفى عام 1937 بدأت مرحلة جديدة في حياتها الفنية حيث بدأت حفلاتها الخارجية التي كانت تنقلها الإذاعة يوم الخميس الأول من كل شهر. وبقى أن نسجل للسيدة أم كلثوم فضلها على الغناء العربي بما تتميز عن غيرها من أهل الفن، حيث خلقت للغناء موضوعات جديدة يغلب عليها الطابع القصصي، إذا إن أغلب أغانيها تتناول مواقف عاطفية فيها سمو بالروح وارتقاء بالنفس. كما يجب أن نسجل لها إسهاماتها العظيمة في جميع التبرعات لصالح المجهود الحربي بعد يونيو 1967، ونالت عليه تقدير الدولة فضلاً عن تقدير كل طوائف الشعب المصري.

في حفلتها بالنادي الأهلي عام 1944 حضر الملك فاروق وقدم لها وسام الكمال وأعطاها لقب "صاحبة العصمة"، كما حصلت على قلادة النيل عام 1946 من الملك، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى الذي تسلمته من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى مارس 1960، كما كرمت من قادة وحكام الدول العربية بجوائز ونياشين عديدة حيث منحتها لبنان وسام الأرز ومنحتها سوريا وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى. توفيت أم كلثوم في 3/2/1975 وبقى صوتها خالداً خلود الدهر.