- قال عنهُ عزّت العزاوي :" في الزمان يولد غسان كنفاني كلما جاء صيف.غسان كنفاني يأتي في هجير الصيف، ينفجر في بيروت، يتشظى مثل إوزيرس ويوزع الأشلاء على كل مكان في الذاكرة والضمير. ربما يأتي في هذا الوقت بالذات ليستعيد الخزان الصغير الذي مات فيه الرفاق وهم في الطريق الصحراوي على حدود الخليج. لكن ماذا تعني الاستعادة للخزان؟.ولماذا لم يبق في أذهاننا ما هو أكثر حدّة من هذا الخوف الأسطوري من الموت اختناقاً؟.
يبدو أن غسان كنفاني كان يبحث في الموت والمنفى، وجعل هذا البحث شغله الشاغل. لم يستطع الفكاك عن هذا البحث في "ما تبقى لكم " أو في "أرض البرتقال الحزين" أو "أم سعد" وغيرها. لقد فتح لنا طريق البحث في الطريق الطويل ما بين ذاكرة منكوبة بطفولة الانتزاع من المكان إلى شيخوخة لم تكشف بعد الأجوبة على مرارة الخبز حين يختلط بالرمل. والذين خرجوا إلى كتابات غسان كنفاني بقوا في منتصف الطريق. لقد خرج هو عليهم بنصف عمره وقال اسمعوا : هنا نافذة على كون عجيب تختلط فيها الألوان والحكايات والخيام وكل شيء، وصدقا لم أشاهد سوى قضية مظلومة من البدء حتى المنتهى."

-و عنه قال مهند عبدالحميد : " كان غسان مقاتلاً والقتال يحتمل الموت، وكان لاجئاً والعودة تحتمل الموت، وكان ملتزماً والالتزام يفترض لقاء الموت، في "مسرحية الباب" يقول عماد " لا أريد الطاعة ولا أريد الماء" أي أن الموت عطشاً افضل من التوسل الى مستبد. والموت دفاعاً عن الكرامة الإنسانية افضل من الحياة بذل، فلا معنى لحياة بلا كرامة. تنطوي فلسفة الموت عند غسان على مبدأ المفاضلة: أنت لا تستطيع اختيار الحياة، لأنها معطاة لك أصلا والمعطى لا اختيار فيه. اختيار الموت هو الاختيار الحقيقي، وخاصة إذا تم اختياره في الوقت المناسب، وقبل أن يفرض عليك في الوقت غير المناسب، والوقت المناسب الذي عناه غسان هو تحدي الإنسان للظلم والاستبداد ورفضهما الى المستوى الذي يجعل الموت محتملاً، كثمن لتلك المفاضلة."

- بلال حسن كتب في جريدة السفير : " عرف غسان كحزبي، وكمثقف، وكصحافي، وكقصاص، وكروائي، ويميل النقاد الى الاشادة بكل هذه الجوانب في شخصيته، بنوع من التبجيل للشهيد، هذا التبجيل الذي يمنع حتى الآن من دراسة غسان بموضوعية، ومن إعطائه التقدير الفني الذي يستحقه. أميل شخصيا الى الاعتقاد بأن ابرز ما في غسان هو عالمه الانساني الداخلي الغني، وقدراته الفنية، أما ما عدا ذلك فهو بالنسبة اليه لزوم ما لا يلزم .
كان غسان فنانا، كان قصاصا وروائيا. يعمل كثير الى حد الارهاق، ثم يتحرق لكي ينتهي من العمل الصحافي، لا ليذهب الى النوم، بل ليجلس وراء مكتبه عند ساعات الفجر، ويكتب قصة قصيرة تختمر فكرتها في ذهنه، ويكون اول ما يفعله في اليوم التالي، ان يمر على غرفة التحرير ليقرأ علينا تلك القصة. كان يملك طاقة على الكتابة بعد ان يقضي عشر ساعات في العمل الصحافي المتواصل "

- وكتب صايغ أنيسنفس الجريدة : " .عاش غسان ثورة دائمة في العلاقات الخاصة كما في الشؤون العامة. فنانا كان او ادبيا او كاتبا او مفكرا، صديقا كان او رفيقا او زميلا او قريبا او زوجا او أبا او أخا، كان غسان ثورة تلتهب مثلما تحرق اعصابه. لذلك كان النضال الفعلي في الثورة الفلسطينية /العربية/ الانسانية، بالكتابة والتوجيه والدعوة والانتماء العقائدي وتحمّل المسؤولية، بؤرة يحقق غسان فيها ذاته ويقترب من مُثُله العليا السامية. ولعله كان ايضا يريح فيها أعصابه".

-ويقول سلمان طلال :" أحفظ لغسان كنفاني انه ادخلني الى قلب فلسطين، وقد كنت وجيلي نقف على بابها، ونحبها بلسان الشعراء من دون ان نعرفها.كذلك احفظ لغسان كنفاني انه فتح امامي، وجيلي، الباب لمعرفة إسرائيل معرفة تفصيلية، بأحزابها وقواها السياسية وتركيبتها الاجتماعية والتيارات الدينية ومؤسساتها العسكرية والأمنية. كانت فلسطين بلا خريطة. شحنة عاطفية عالية التوتر مبهمة الملامح، فانتزعها غسان من الخطاب الحماسي المفرغ من المضمون، على طريقة »يا فلسطين جينالك، جينا وجينا جينالك« واعادها ارضا تنبت البرتقال والياسمين ولكنها تنبت قبل ذلك الرجال والنساء والاطفال. اعاد فلسطين الى ارضها، واعاد الأرض الى تاريخها، وأعاد التاريخ الى أهله وأعاد الأهل الى هويتهم الاصلية، فإذا فلسطين عربية باللحم والدم والهواء والشمس والقمر والمهد والقيامة والجلجلة والأقصى والحرم الابراهيمي والانبياء والمعراج والشوك والحصى ومياه العمادة والاغوار التي تضم في حناياها عشرات الصحابة الذين استشهدوا من أجلها وفي الطريق الى تحريرها من الاحتلال الاجنبي . "

-كما كتب شاكر فريد حسن يقول : " كان غسان كنفاني شخصية متعددة المواهب فكان صحافيا وقصاصا وروائيا ورساما وداعية سياسة وكاتبا للاطفال .وحياته لم تعرف الفصل بين القول والفعل .فكان كاتبا ملتزما بقضايا شعبه الوطنية والقومية والطبقية ،ومناضلا سياسيا ،ومدافعا عن حق شعبه الفلسطيني في الحرية والاستقلال .كذلك كان غسان مسكونا بالهاجس الفلسطيني ،وقد عاش الماساة الفلسطينية وحمل جراح شعبه واّلامه وهمومه اليومية في اعماق قلبه وسكبها في قوالب فنية جميلة واصيلة جاءت تجسيدا صادقا لواقع البؤس والشقاء والحرمان والظلم والقهر الاجتماعي الذي يعيشه الفلسطيني المشرد والمطارد في المخيمات الفلسطينية وفي جميع اصقاع العالم .
لقد احب غسان الحياة حتى العبادة وعشق الارض والوطن الفلسطيني ،بسهوله وهضابه ووديانه وبرتقاله وزيتونه ورمانه ومدنه الثابتة .
وكان غسان كاتبا ثوريا بارزا مسلحا بالفكر العلمي الاشتراكي ،ماقتا الشعارات الجوفاء الخالية من المضامين الثورية الحقيقية ،مهاجما الانتهازية والانتهازيين ،مقاوما الوصوليين والنفعيين ومتصديا للمرتزقة والمرتدين عن الخط الثوري اليساري ،ولذلك احبته الجماهير الشعبية الفلسطينية وحظي بتقدير رفاقه وشعبه وتياراته السياسية واتجاهاته الفكرية."

  • Currently 97/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
32 تصويتات / 1855 مشاهدة
نشرت فى 19 سبتمبر 2010 بواسطة bios

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

483,442