سنة 1902 دخل طه الأزهر للدراسة الدينية, الاستزادة من علوم العربية, فحصل فيه ما تيسر من الثقافة , ونال شهادته. التي تخوله التخصص في الجامعة, لكنه ضاق ذرعا فيه, فكانت العوام الأربعة التي قضاها فيه, و هذا ما ذكره هو نفسه,و كأنها أربعون عاما و ذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة, و عقم المنهج, و عدم تطور الأساتذة و المشايخ و طرق و أساليب التدريس.
ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها,فدرس العلوم العصرية, و الحضارة الأسلامية, و التار على هذا يخ و الجغرافيا, و عددا من اللغات الشرقية كالحبشية و العبرية و السريانية, و إن ظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر و المشاركة في ندواته اللغوية و الدينية و الإسلامية.دأب على هذا العمل حتى سنة 1914, وهي السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراة وم موضوع الأطروحة هو:"ذكرى أبي العلاء" ما أثار ضجة في الأوساط الدينية المتزمتة, وفي ندوة البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق و الزندقة و الخروج على مبادئ الدين الحنيف.
وفي العام نفسه, اي في عام 1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلية بفرنسا , لمتابعة التخصص و الاستزادة من فروع المعرفة و العلوم العصرية,فدرس في جامعتها الفرنسية و آدابها, وعلم النفس و التاريخ الحديث.بقي هناك حتى سنة 1915, سنة عودته إلى مصر, فأقام فيها حوالي ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك و خصومات متعددة, محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج, لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد, لمتابعة التحصيل العلمي,ولكن في العاصمة باريس, فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع و التاريخ اليوناني و الروماني و التاريخ الحديث و أعد خلالها أطروحة الدكتوراة الثانية وعنوانها: ((الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون)).
كان ذلك سنة 1918 إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني, و النجاح فيه بدرجة اللإمتياز , وفي غضون تلك الأعوام كان تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية التي ساعدته على الاضطلاع أكثر فأكثر بالفرنسية و اللاتينية, فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.
كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة بريل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه "منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم"، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما أمينة و مؤنس.
ساحة النقاش