شهادة خبير عراقي عمل 15 سنة في مدارس تأهيل المعوقين في ألمانيا

التأهيل المدرسي للأطفال المعوقين ـ الطفل التوحدي نموذجا


<!--<!--

كولون: ماجد الخطيب
لا شك ان مرضا مثل التوحد «الأوتزم» يقلق بال آلاف العوائل العربية بين المغرب والرياض بسب العبء الاجتماعي الثقيل لهذا المرض. وأشارت احصائية سعودية في نهاية التسعينات إلى 20 ألف طفل توحدي في المملكة العربية السعودية فقط، وهو رقم يستحق كل الجهد المبذول في المملكة ودول الامارات ومصر من أجل تطوير مدارس تأهيل الأطفال المعوقين، خصوصا التوحديين.

والتوحد، كما هو معروف، عبء ثقيل على الطفل وعلى عائلته، وتكاد لا تخلو عائلة طفل توحدي من المشاكل النفسية التي تمتد بين الشعور بالذنب، والشعور بالاهمال (الأطفال الآخرين) والارهاق والتوتر النفسي. ولا يزال الجدل محتدما بين محبذي ارسال الأطفال التوحديين إلى مدارس التأهيل الخاصة بهم بهدف انتشالهم من قوقعتهم وبين تأهيلهم في المدارس والجامعة لمختلف المعوقين. هذا ناهيكم عن محبذي تأهيل الطفل من خلال برنامج منزلي عائلي ينفذه الوالدان. وواضح أن على من يفضل تأهيل طفله في بيته أن يمتلك الخبرة والدراية والأعصاب الكافية لفعل ذلك.

وكتاب «التأهيل المدرسي للأطفال المعوقين ـ الطفل التوحدي نموذجا» جهد إضافي يبذله لطيف ماجد الحبيب لعرض طرق تأهيل المعوقين، والمدارس المتعددة المعتمدة، مع التركيز على النموذج الألماني، مع ملاحظة أن الكاتب اكتسب خبرة عملية واسعة في مدارس التأهيل الألمانية، منذ عام 1987، «أهلته» للكتابة بشكل تفصيلي عن الموضوع. ومن الملاحظ، انه لا توجد مدارس خاصة بتأهيل التوحديين في ألمانيا، وتعتمد طرق التأهيل الألمانية موضوعة تطوير مدارك التوحدي وتحسين سلوكه الاجتماعي من خلال تربيته مع بقية الأطفال المعوقين في مدرسة واحدة.

وعدا عن المقدمة التي يشرح فيها المؤلف مرض التوحد وتعريفه وأعراضه والمظاهر التي يتبدى فيها، يقع الكتاب في ستة فصول تتناول ـ التأهيل المدرسي للطفل التوحدي وشروطه، طريقة التواصل الميسّر ومتطلباتها، المساندة والدعم، طرق التأهيل الأخرى خصوصا برنامج تيتشيTEACHI، غرف الاستراحة. كما خصص الفصل السادس لاستعراض النجاحات التي حققتها طريقة التواصل الميسّر وما كتبه بعض التوحديين من مقالات وأفكار تعبر عن مشاعرهم بعد أن أفلحت الطريقة في تحويل أفكارهم بشكل مباشر إلى حروف يكتبها الكومبيوتر.

ويشرح الكتاب موضوع المدارس المختلفة والنماذج المتعددة لطرق التأهيل ويعزوها إلى اختلاف المناهج والظروف الاجتماعية والعوامل البيئية والجغرافية. فهناك اختلاف في طرق التأهيل بين الولايات المتحدة وألمانيا وبين المملكة المتحدة والنرويج، كما أن هناك فوارق بين نماذج التأهيل بين المدينة والريف في الدولة الواحدة أيضا.

وربما أن أحد أهم شروط التأهيل، والذي قد يقرر النتائج مستقبلا، هو التأهيل المبكر، الذي يفترض بدوره التشخيص والرعاية المبكرة أيضا. والتأهيل المبكر، كما يعرفة لطيف الحبيب، هو محاولة توسيع مدارك الطفل التوحدي وتخفيف حدة الاضطرابات التي تنجم عن إعاقة التوحد قبل دخول الطفل للمدرسة. وفي استعراضه لطرق التأهيل المختلفة، يركز الكاتب على طريقة التواصل الميسر كمنهج للتواصل مع الطفل التوحدي لغويا تحريريا. بمعنى الاستعاضة عن اللغة، لدى الأطفال غير القادرين على النطق، بالكتابة الميسرة بواسطة الكومبيوتر. ويعرف الطريقة بالقول: انها ربط الحسي والمادي باللغة المكتوبة مباشرة، وتأهيل للطفل للتعبير عن ذاته بواسطة اللغة المكتوبة. وثبت من خلال الطريقة، كمثل، أن العديد من التوحديين غير القادرين على النطق يعرفون القراءة بشكل جيد من دون أن يعرف ذلك أحد. ويلي استخدام الكومبيوتر، في طريقة التواصل الميسر، استخدام بطاقات «نعم ولا» للتفاهم مع الطفل.

ويستعرض الكتاب كافة الطرق بالصور والتخطيطات التوضيحية، خصوصا في شرح متطلبات طريقة التواصل الميسر، وطريقة «تيتشي» التي تعين الطفل في التعبير عن نفسه. وإضافة إلى طريقة اسناد اليد، التي لا غنى عنها في تعليم الطفل الضغط على أزرار الكومبيوتر، يتطرق المؤلف إلى التواصل بين الطفل والمربي وأهميته في تطوير مدارك الطفل وإمكانياته. كما يتطرق الكتاب إلى مرحلة ما بعد التأهيل الحسي ليتناول تأهيل الطفل المهني وإعداده لإعالة نفسه بنفسه في مرحل النضوج. بكلمات أخرى: تعليم التوحديين على الاستقلالية والاعتماد على الذات وتطوير سلوكهم الاجتماعي من خلال الاختلاط مع بقية الأطفال، وهي كما أسلفنا، أساس المدرسة التأهيلية الألمانية، إذا صح وجود مثل هذه المدرسة.

وطبيعي فإن هذا التطور يفترض الخوض في تفاصيل حياة الطفل واهتماماته وصولا إلى «مركز الاهتمام» الذي قد يفجر طاقات التوحدي. فلكل طفل توحدي كما يقال «عبقرية» ما في أحد المجالات، خصوصا في الرياضيات والكتابة والموسيقى. ويعتبر العلاج بالموسيقى من الأساليب المهمة لأنه يرتكز إلى حقيقة أن الطفل التوحدي يتجاوب مع اللغة الملحنة أفضل مما يتجاوب مع اللغة المحكية. وهي طريقة طورها الموسيقار الاميركي باول نورد دورف والتربوي الانجليزي المختص كلف روبنز.

وترتكز طريقة «تيتشي» على تأهيل إمكانيات التواصل اللغوي غير اللفظي من خلال عمل انفرادي يتم لتحفيز العمل الكأمن للتواصل اللغوي، ومن خلال توظيف كل أنواع التواصل اللغوي غير اللفظي البصري، أي استخدام الصور والتخطيطات في التفاهم مع الطفل (الكتاب). وتتطلب الطريقة بالطبع توفير الأجواء المناسبة الممتدة بين تهيئة البيت بأكمله وغرفة الطفل، على وجه الخصوص، والعائلة والمربي.

يعمل لطيف ماجد الحبيب، وهو خريج كلية الآداب/ بغداد، في مدرسة «فالكنبيرغ» ببرلين منذ 1987. وهي واحدة من عدة مدارس لتأهيل المعوقين ببرلين يشكل التوحديون نسبة 53% من الأطفال فيها.

يقع الكتاب في 151 صفحة من القطع الكبير، وصدر عن الأكاديمية العربية للتربية الخاصة/ الرياض.

 

المصدر: شهادة خبير عراقي عمل 15 سنة في مدارس تأهيل المعوقين في ألمانيا التأهيل المدرسي للأطفال المعوقين ـ الطفل التوحدي نموذجا , ماجد الخطيب / الشرق الاوسط
  • Currently 33/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 833 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2011 بواسطة berlin

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

7,887