كثر الكلام مؤخرا علي ضرورة تحصيل رسوم عبور السفن عبر قناة السويس من الدولار الامريكي ليكون بالجنيه المصري .بل وكانت هناك مطالبات بذلك قبل قيام الثورة أيضا وذلك بغرض رفع قيمة الجنيه المصري ...... وسوف أعرض هنا بعض المباديء التي يجب القياس عليها قبل اتخاذ هذا القرار  ومدي صحته في الوقت الحالي .....والسؤال المبدئي الذي يطرح نفسه هو ..هل تحتاج مصر فعلا لرفع قيمة الجنيه أمام العملات الاجنبية في الوقت الحالي؟واجابة هذا السؤال يكمن في ما تفعله الدول المتقدمة حاليا في أسعار عملاتها فهناك علي سبيل المثال شبه معركة حالية بين الولايات المتحدة والصين حول سعر صرف لعملاتهما فكلاهما يريد تخفيض سعر صرف عملته أما العملة الاخري ....والسبب في هذا هو قاعدة اقتصادية معروفة بأنه في حالة انخفاض سعر صرف عملة "س" لدولة "س" امام عملة "ص"لدولة  "ص" يكون لدولة "س" ميزة تنافسية في زيادة التصدير لدولة "ص"  ...... وبالقياس علي مصر انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار يزيد من امكانية التصدير للخارج بما يقوي من الميزان التجاري .... ولكن قد يجيب أحد القرآء بأن مصر دولة مستوردة أكثر منها مصدرة ؟
وهنا سوف أطرح بعض الاسباب التي أراها من وجهة نظري والمدعمة بالنظريات الاقتصادية التي لا تؤيد فرض رسوم القناة بالجنيه المصري؟؟؟
1- عندما تفرض الجنيه المصري كعملة تحصيل الرسوم في قناة السويس والتي يمر منها دول وجنسيات مختلفة مثل الصين واليابان والهند وروسيا واستراليا وغيرها من الدول .لابد أن تتوقع المعاملة بالمثل .بمعني عند استيرادك من أحد تلك الدول قد يطلب من مصر الشراء بعملات تلك الدول فبدلا من أنك كنت تعمل علي تكوين وتدبير احتياطي لعملة الدولار سوف تحتاج الي تكوين محفظة من العملات التي ستستخدمها في تمويل عمليات الاستيراد من الخارج وبالتالي سيضيع فرق ارتفاع سعر الجنيه عند تحويله الي عملة أخري بل وعلي العكس قد يهبط الجنيه أكثر أمام تلك العملات نظرا لارتفاع قيمة الواردات المصرية  وما يزيد من هذا الاحتمال هو أن الجنيه المصري لا يعتبر عملة دولية وصعب الحصول عليه فكما ستعقد علي شركات الملاحة توفير الجنيه بالتأكيد سيعاملون مصر بالمثل

2- ان دخل قناة السويس ليس بالقدر الكبير الذي يتوقعه البعض حتي أن بعض الناس يتمادون بالقول بأن ايرادات قتاة السويس وحدها تكفي لجعل الشعب المصري من الأثرياء اذا ما تم توزيعه علي الافراد ....وهذا بالتأكيد كلام مرسل عاري من الصحة ....فعلي حسب تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2010/2011  ايرادات قناة السويس عام 2010/2011 كانت متوقعة ب 5.4 مليار دولار- - ايرادات السياحة لنفس العام كان مقدر لها أن تكون 14.2 مليار دولارلنفس العام- اجمالي صادرات مصر المتوقعة لنفس اللعام كانت ستصبح 29 مليار دولاراجمالي الناتج المحلي من السلع والخدمات المتوقع 250 مليار دولار اجمالي الواردات المصرية لنفس العام حوالي 60 مليار دولارأي أن نسبة ايرادات قناة السويس بالنسبة للناتج القومي نسبة بسيطة للغاية
3- مصر في حاجة أساسية للدولار فقيمة الصادرات المصرية  29 مليار دولار وقيمة الواردات 60 مليار دولار  أي أن هناك فجوة ونقص في العملة الاجنبية يقدر بنحو 30 مليار دولار يتم سد هذا العجز باستخدام ايرادات قطاع السياحة البالغ 14.2 مليار دولار بالاضافة الي استخدام تحويلات المصريين بالخارج والتي تقدر بنحو 8 مليار دولار ... ويتبقي هناك عجز بنحو 5.5 مليار دولارفاذا ما فرضنا أننا سنحول عملة الرسوم من الدولار الي الجنيه فان هذا العجز سيرتفع الي الضعف وبالتالي سنحتاج الي الاقتراض الخارجي لسد هذا العجز بما سيعمل علي ذيادة أكبر في الطلب علي الدولار وبالتالي ستنخفض قيمة الجنيه أمام الدولار وهي النتيجة الحتمية وعكس المطلوب 
4- لذلك قبل أن نقرر استبدال الدولار بالجنيه يجب علاج العجز التجاري والنقدي علي السواء وذلك بزيادة الانتاج الحقيقي وبالتالي زيادة الصادرات حتي تفوق الواردات عندها فقط يمكننا من تغيير عملة قناة السويس الي الجنيه المصري وحينها فقط سيكون هناك طلب حقيقي للجنيه المصرياحمد توفيق
المصدر: المدونة الاقتصادية http://tawfik-business.blogspot.com/2011/03/25-2.html
  • Currently 74/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 700 مشاهدة
نشرت فى 7 مارس 2011 بواسطة belvedere

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

188,736