مصرنا الحبيبة

الماضي والحاضر والمستقبل

العلماء يحذرون‏:‏

عطاء الأمهات والآباء بلاحدود‏..‏ مرفوض أحيانا

كتبت سعدية شعيب 


يقولون إن عطاء الأمهات للأبناء ينبغي أن يكون بلاحدود‏..‏ وأن عليهن أن يغدقن عليهم بكل مايملكن من مال وحنان حتي يستحققن لقب أمهات صالحات‏..‏ ولكن العلماء يؤكدون أن عطاء الأمهات المفرط في الحنان قد يكون أمر جائز ومقبول‏

 ولكن منحهن كل مايملكن من مال للأبناء للدرجة اللاتي يصبحن بها في عوز وفقر وحاجة أمر مرفوض وغير مقبول, وعلي كل نساء العالم وعلي نساء مصر بالذات التفكير ألف مرة قبل اتخاذ مثل هذا القرار الخطير!.. فمن الملفت للنظر الآن أن الأبناء بحصولهم علي معظم أموال أمهاتهم وآبائهم قد أصبحوا- مؤخرا- ينعمون بالراحة والرفاهية في الحياة في الوقت الذي يحرم فيه الآباء والأمهات من الرعاية والعلاج, ولم يعد لديهم مايكفيهم من غدر الزمان وأصبحوا يعيشون بأقل القليل أو بالكاد! ولأن الدراسات قد أكدت أن النساء في مرحلة الشيخوخة أقل تحملا للفقر والعوز وأكثر حاجة للرعاية- مقارنة بالرجال الذين في الغالب لايفصحون عن حاجتهم- لذا كان هذا السؤال: ماهو العطاء؟ وكيف ينبغي أن يكون من الآباء للابناء؟
د. أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس يؤكد أن معني العطاء يتلخص في أن هناك من يفضل دائما الغير علي ذاته ويقدم له  باستمرار, والعطاء يختلف من كل شخص لآخر
  فهناك من يعطي للآخرين نسبة قليلة ممايملك, وهناك من يتنازل لهم عن كل مايملك, خاصة لذوي الرحم من الأخوات والأبناء وغيرهم ويحرم نفسه منه حتي لو كان في أشد الحاجة إليه, والأمهات والآباء بالغريزة يعطون الحب ويغدقون الحنان علي الأبناء ولاينتظرون أي مقابل, ويمتد هذا العطاء إلي المال فنجد بعض الآباء يعطون المال لأبنائهم برضاء تام وبلاحدود ويتجاهلون احتياجات أنفسهم الأساسية ولايتركون ما يعينهم علي صعوبات الحياة.
فقد أكدت أحدث الدراسات أن العلاقات بين البشر عموما- والأبناء بخاصة - تقوم علي المصلحة بمعني كم ستعطي مقابل كم ستأخذ؟! والآباء والأمهات الذين يتنازلون عن كل مالديهم من مال لأبنائهم يقومون بمخاطرة لايعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالي, فالأبناء كثيرا مايتجاهلون ويتناسون هذا العطاء ويعتبرونه حقا لهم, ويكون المقابل عدم التقدير أو التجاهل أو عقوق الوالدين في بعض الأحيان, وكثيرا مانسمع عن أبناء لايصلون أرحام آبائهم ولايودونهم حتي في المناسبات في الوقت الذي يكون هؤلاء الآباء في أشد الحاجة للمساندة والمال, فمن المعروف أن المال هو السند الحقيقي للآباء والأمهات في مرحلة الشيخوخة وهو الذي قد يعينهم-بعد الله- عند تعرضهم لأزمات صحية أو أمراض- كمتابعة الأطباء وشراء الأدوية ويعينهم علي وحدتهم التي قد تفرضها ظروف انشغال الأولاد عنهم, وبالتالي لابد أن يكون لهم رصيد آمن من الأموال لضمان تقديم مختلف أنواع الرعاية, ومن الغريب أن الأبناء غالبا مايلتفون حول الأمهات والآباء الأغنياء رغم بخلهم, في حين ينفضون عن الأمهات والآباء الذين يقدمون كل مالديهم من مال بعد أن نضب العطاء ولم يعد هناك مبرر لمزيد من الزيارات!! ولذلك فالوسطية في علاقة الأخذ والعطاء بين الآباء والأبناء هي رمانة الميزان لتحقيق العدل الذي يرضي جميع الأطراف.
ومن هنا ينصح د. أحمد خيري كبار السن ألا يعطوا أبناءهم كل مايملكون من أموال وأن يحتفظوا لأنفسهم بقدر كاف يضمن لهم حياة كريمة حتي تصبح حياتهم أيسر, فالمال قد يوفر لكبار السن خدمة نفسية وصحية, وقد يوفر لهم مكانا آمنا ورعاية تحميهم من أمراض الشيخوخة.
ولأن العلاقات بين أفراد الأسر المصرية بشكل خاص - وفي العالم عامة - قد أصبحت تتسم بالسطحية ولم تعد تعرف الحميمية التي كانت تعيشها في عصور سابقة, يجب أن ينتبه الكبار إلي أن قواعد اللعبة قد تغيرت وأن عليهم أن يفصلوا بين العطاء في الحب والعطاء في الأموال.ويؤكد د. أحمد خيري أن السلوك السوي والمشبع نفسيا للآباء والأمهات يتلخص في أن العطاء في الحب أولي من العطاء المادي, لذلك أحبوا أولادكم كي يحبوكم. كما أن العطاء لابد أن يكون متبادلا, فإن كان الآباء قادرون علي العطاء المادي فعلي الأبناء أن يقدموا مقابل هذا العطاء بتقديم الحب والاهتمام والرعاية, فلاقيمة لعطاء مادي لايقابله عطاء من المشاعر والعواطف والمساندة وتقديم المساندة.
ولجميع الآباء والأمهات نصيحة العمر أن يضعوا في إعتبارهم مسؤليات واحتياجات الشيخوخة التي تتركز في صحة قد تتدهور عاما بعد عام, وأمراض قد تتراكم بفعل السنين من ضعف وأمراض مزمنة, لذلك يجب أن يكون هناك رصيد من من الأموال والمدخرات- ومنذ مرحلة الشباب- للتعامل مع المستقبل ومفاجآته الصحية القادمة. وبعد هذه الترتيبات من الواجب أن يقدم الآباء للأبناء المال بالقدر الذي ييسر عليهم ويساعدهم في أن يحيوا حياة كريمة ويقدم لهم المساندة بالقدر الذي لايؤثر علي ما ادخروه لأنفسهم.
وأخيرا هناك رسالة للأبناء تقول: لاتستغلوا آباءكم ماديا أو عاطفيا, ولاتحسبوا أن الأخذ منهم بلاحساب دليل علي ذكاء وشطارة بل هو إثم عظيم, وقدموا لهم المساندة والمساعدة, فكما تدين تدان وهو ماأثبتته التجارب والأيام, وهمسة في آذان الآباء: لاتنسوا أنفسكم في أحضان أبنائكم, فسيجدون يوما ما حضنا آخر يشغلهم عنكم.. وهذه هي سنة الحياة.

 

المصدر: جريدة الأهرام
belovedegypt

مصرنا الحبيبة @AmanySh_M

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

637,445

عن الموقع

الموقع ملتقى ثقافي يهتم بالثقافة والمعرفة في كافة مجالات التنمية المجتمعية ويهتم بأن تظل مصرنا الحبيبة بلدآ يحتذى به في القوة والصمود وأن تشرق عليها دائمآ شمس الثقافة والمعرفة والتقدم والرقي

وليعلو صوتها قوياّ ليسمعه القاصي والداني قائلة

إنما أنا مصر باقية

مصرالحضارة والعراقة

مصرالكنانة  

 مصر كنانة الله في أرضه