ومضات تنموية
الحزن
د. عبداللطيف العزعزي
الحزن من الانفعالات المزعجة للإنسان بسببه تظهر بعض الأمراض الصحية، وبه تضيق الدنيا على الإنسان فلا يرى منها إلا السواد والظلمة، فالحكمة البولندية تقول: (القلب المملوءُ حزناً، كالكأسِ الطافحةِ، يصعبُ حملهُ)، وهذه حقيقة يعرفها كل إنسان مهما حاول نكرانها. الحياة مملوءة بالمواقف والأحداث الجميلة والسيئة. مملوءة بالمفاجآت السارة والسعيدة، والمخيبة للأمل والمحبطة للنفس. ومهما عملنا أو فعلنا أو قلنا فلا بد لنا من ملاقاة ما لا يسعد وما لا يبهج، لماذا يا ترى؟ لأننا بشر وهذه سنة الحياة، بشر خاضع لسنن الكون وقوانينه
عندما ندرك هذه المعلومة تخف علينا وقعة الصدمات وأثرها على النفس لأننا لسنا الوحيدين، فنسعى للتعامل معها بما يناسب كل موقف، وأقلها (مع أنها الأصعب) تعاملنا في حالة فقدان عزيز، والمقولة الإكوادورية تقول: (كثراً ما تكونُ حقائقُ الحياة مزيجاُ من الدموعِ والبسمات). إن الابتلاء سنة من سنن الكون تجرى على البشر، فقد قال تعالى في محكم تنزيله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(البقرة:155). ومفتاح هذه الابتلاءات ليس الإدمان والمخدرات والمشروبات الكحولية وغيرها كما يفعل بعض الضعفاء هروباً مما أصيبوا به من ابتلاءات، وإنما المفتاح يكمن في الصبر
نتعلم مهارات كثيرة في إدارة أمور العمل والحياة والأسرة والأزمات، ولكن كثير منا لا يتعلم مهارة الصبر التي تبدو للغالبية أنها مسألة مفهومة وواضحة لا تحتاج للتعليم، ولكنها لا توجد في كثير من المواقف عند من لا يعرفونها. يقول (بلوطس) في الصبر: الصبرُ أفضلُ علاج للحزن
طالما أن الإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي، فلابد له من الاحتكاك بالبشر، ولا بد له من الحصول على مؤثرات متنوعة منها الإيجابية ومنها السلبية. فقد يمتدحك شخص فتعيش بكلماته أجمل لحظات تصل بها إلى عنان السماء، وقد لا تنام ليلتها فرحاً بما قيل لك
وقد يذمك آخر فيكدر عليك صفو حياتك فتحبط وتشعر بالألم، وتسود الدنيا أمام عينيك، ويلازمك الحزن والأرق ويخف نومك ويجهد جسدك، فقد يكون السبب أننا نتوقع من الناس أن يكونوا في قمة الأخلاق واللباقة والاحترام والتقدير والتواضع والتفهم وحسن الظن وغيرها من الصفات الجميلة، ولكن هذا من المستحيلات، فنحن أنفسنا لا نملك كل تلك الصفات في كل المواقف، وإن ملكناها اليوم، قد لا تكون لدينا بعد فترة، فالإنسان يتأثر بالإيجاب والسلب بالمؤثرات الداخلية (تفكير، مشاعر، ذكريات، ...) والخارجية (أحداث، مواقف، كلمات، ناس ..).
عزيزي القارئ، هناك فئة من البشر كأنهم وجدوا للتنغيص على الآخرين، يبحثون عن كل ما يمكنه أن يكسر قلب الفرحان، ويغم نفسية المتفائل.. فلا عليك منهم، وانظر إلى ما تسعى لتحقيقه في حياتك بعزم وإرادة، ففرحة الإنسان طاقة يستمدها من أعماق نفسيته، فكن أنت من يولد سعادته، ومن يكون له الأثر الكبير في إسعاد من حوله، فأن تكون لبنة بناء خير لك من أن تكون سبباً في إتعاس الآخرين