د. هايدي العسكري لـ«الشرق الأوسط»: لاحظت أنهم يستوعبون حوالي 30% فقط مما يقدم لهم
كشف اختصاصيو ذوي الإعاقة السمعية أن شريحة كبيرة من الصم في السعودية لا يستفيدون مما يقدمه لهم مترجمو لغة الإشارة عبر البرامج التلفزيونية بشكل كامل، مرجعين ذلك لتأخر الجهود المحلية في توحيد لغة الإشارة، ومحدودية الكلمات التي يضمها القاموس العربي الموحد للإشارة. وقالت الدكتورة هايدي العسكري، نائب المدير التنفيذي للأبحاث في مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال اجتماعها ببعض المدرسات والقائمات على الصم، لمست أن نسبة كبيرة من هذه الفئة لا يستفيدون بشكل كامل مما يقدمه مترجمو لغة الإشارة في البرامج التلفزيونية، حيث لاحظت أنهم لا يفهمون من تعابير المترجم الحركية إلا حوالي 30 في المائة فقط، فيما يستخدمون باقي تفاصيل الصورة لاستيعاب ما يعرض بشكل عام. من جانبها، أوضحت فائزة نتو، رئيسة مجلس إدارة نادي الصم للنساء بجدة وعضو الاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية الصم، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشكلة عدم الفهم التي يواجهها الكثير من الصم حين متابعة مترجمي الإشارة عبر البرامج التلفزيونية تعود لكون هؤلاء الصم لم يتعلموا أساساً لغة الإشارة الموحدة التي يعتمد عليها مترجمو الإشارة في القنوات العربية، وأضافت بأنه من الصعوبة على المختص أن يترجم كل ما يقال لقلة عدد الكلمات المتوفرة قياساً بما تضمه اللغة العربية، إلى جانب كونه مطالبا بسرعة الحركة، وهذا ما يجعله لا يعطي الأصم جملاً كاملة وواضحة في الكثير من الأحيان. وأوضحت نتو أن محاولات توحيد لغة الإشارة العربية أحرزت تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مستشهدة بما أحرزته ورشة العمل التي أقيمت في الدوحة قبل سنتين، بمشاركة 120 خبيراً في مجال الصم، التي تم خلالها إنجاز الجزء الثاني من القاموس الإشاري العربي الموحد للصم، وإضافة 1509 كلمات إلى الجزء الأول. فيما ترى الدكتورة العسكري أن القاموس الموحد للغة الإشارة ما زال لا يلبي احتياجات فئة الصم في التخاطب، كونه يضم عددا محدودا من الكلمات، وأضافت بأن الأشخاص الذين يودون تعلم أي لغة بالعالم لن يمكنهم الاكتفاء بهذه الكلمات البسيطة، التي أوضحت أنها لا تساعد في التعبير عن المشاعر ولا تراعي الاختلافات العمرية بين المستخدمين من فئة الصم، مما جعلها تقترح تغيير اسم «القاموس الموحد للغة الإشارة» إلى «قاموس مفردات الإشارة». وأفصحت الدكتورة العسكري عن وجود نقص كبير في الدراسات المتعلقة بلغة الإشارة، فيما لفتت إلى أن مثل هذه الدراسات تحتاج إلى اختصاصيين في ثقافة الصم، واختصاصيين في التعليم الخاص، إلى جانب الاختصاصيين في علم الانثروبولوجي (علم الأجناس)، وبينت أن للصم ثقافة وبروتوكلات خاصة يجب مراعاتها، تتمثل في بحثهم عن التفاصيل وتتبع كل ما حولهم من مستجدات. وتتفق معها نتو، التي أوضحت بأن فئة كبيرة من الصم يمتازون بأن ثقافتهم اللغوية محدودة جداً، وقدرتهم على تركيب الجمل الصحيحة ضعيفة، مما يجعلهم يعتمدون على الكلمات غير المترابطة التي يستطيعون فك شيفراتها في ما بينهم. وأضافت نتو بأن العديد من الصم يقومون بابتكار مصطلحات جديدة وإضافتها للغتهم المستخدمة ما بين فترة وأخرى. وفي ذات السياق، ينتظر جمع كبير من الصم انطلاقة أول قناة فضائية متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، التي ستدشن بعد أسبوعين من الآن، فيما تشدد الدكتورة لينا بن صديق، أستاذة التربية الخاصة بكلية دار الحكمة بجدة، لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة إيجاد برامج تقتصر على ذوي الاحتياجات الخاصة، يديرونها بأنفسهم، ويشاركون في إعداد برامجها وعرضها، بعيداً عن الاكتفاء بإحضارهم كمجرد ضيوف مشاركين في المواد الإعلامية المطروحة. تجدر الإشارة إلى أن عدد الصم في العالم العربي يبلغ سبعة عشر مليون أصم، في حين كشفت آخر الإحصاءات أن عدد الصم في السعودية وحدها يقدر بنحو 88 ألف أصم. |
ساحة النقاش