أنا المُشرّدُ يا ربّاهُ في الطرقِ // لا شمسَ فوقَ الثّرى لا ضوءَ في الأفقِ
لقد توارتْ عيونُ النّاس عن ألميْ // وقد مَنحتُ لهم عُمريْ على طبقِ
أنا الشآميُّ قد أنشدتُ أغْنيتيْ // وَصِرتُ في الأرض لا أقوىْ على النُطُق
انا الذي قد جَعلتُ الليلَ مُشتعلاً // فكيفَ أثوتْ ليالي العُمرِ في الحَدقِ
لقد عَبرتُ بُحورَ الأرضِ قاطبة ً// وفي المَدى ما نَجَا عُمري من الغَرقِ
نُفيتُ يا ايُّها الاشْرافُ مِنْ وَطني // والطرفُ ما جَفَّ في المَنفىْ مِنَ الرَّمق
تنهَّدَ القلبُ والأعصابُ ناضِبة ٌ // حتَّى انبرى الحزنُ في قلبي من القلق
تشرّدَ الأهلُ والأجواءُ معتمة ٌ // قد ضاقَ ليلُ الورى لا نورَ فيْ الطرق
كنَّا نسوراً وكلّ الناس تَعرفُنا // صِرنا خرافاً وَقُسِّمنا إلى فرق
نحن الذين سَقينا الأرضَ مِنْ دَمنا // هَذيْ الدِّماءُ جَرتْ في الأرض كالودقِ
كلّ السنينِ مَضتْ حُزناً على وطنيْ // ما جَاءَ صُبحٌ وسيفُ الليلِ في العنق ِ
فالليلُ أمضى بحضنِ الفجرِ مُنهمكاً // فضاقَ صَدرُ الرّؤى مِنْ شدّة الغَسق ِ
قدْ أبطأ الطرفُ لا يَقوى على نَظرٍ // والحزنُ في القلبِ والدّمعاتُ في الحدق