جريمة شروع في الأمل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الثالثة
************
أما هو , فقد كان متوترًا , وغير مستريح . أحس بأنها عصبية , ومشدودة , غضبى , ومحاطة بأسلاك شائكة غير مرئية . لكن ما أدهشه أكثر كان هو سماع صوتها: أجش ، عميقًا ، حسيًّا على نحو لا يقاوم . . أنصت إليها بقداسة ، كما لو كانت هي الموسيقى الوحيدة القادرة على أن تهدئه . . على أن تصالحه مع ذاته ، إلى حد أنه كان يفتقد معظم خيوط المحادثة . وعمومًا ، فإنه كان دائمًا لا يهتم بجلسائه الذين يخونون - بطريقة حديثهم ، ولهجتهم ، وحركات جسدهم - شخصياتهم الحقيقية !
تغديا معًا في مطعم جاد . وقد طلبت هي مشروبًا ساخنًا ، لاحظها وهي تشربه . كاد يجرؤ أن ينظر إليها . كان يشعر معها بشعور من الخجل الذي كان يحدث بين تلميذ وتلميذة في مدرسة واحدة . لكنه بدأ يشعر بإحساس من الفرح لأنها نسيت ماضيها . ومع ذلك ، فكلما مضى الوقت ، راحت علاقتهما تصبح أكثر طبيعية ، وتقريبًا متواطئة . وتبادلا بعض الاعترافات الذاتية . حدثته هي عن محاولاتها الثلاث في الانتحار ، وعن وحدتها ، وعن شعورها بأنها لا تجد في أي موضع المكان الذي يناسبها . أما هو فقد حاول أن يستعيد بعض المشاهد التي عاشاها معًا ، بعض الأفلام التي أحباها ، وخاصة (حبيبتي لمحمود ياسين وفاتن حمامة ) . لكنها أخبرته بأن ذاكرتها ضعيفة ، وأنها تتذكربصعوبة حبهما القديم . ثم بعد ذلك ، أخذت عليه أنه يعيش أكثر مما ينبغي في الماضي . وبسرعة أجاب: "لكنني أجد فيه سعادتي الوحيدة".
كان منتشيًا من وجوده هنا ، وببساطة معها . سعد كثيرًا من رؤيتها أكثر عفوية ، وأكثر بساطة . ولم يندهش قط عندما اقترحت عليه أن يتنزها في اي حديقة عامة . وهناك تحدثا عن (بروست) ونظريته في الحب ، وعن (سيوران) وانحطاط الغرب . بروست الذي قرأه لها بصوت عال خلال أمسيات كاملة ، وسيوران الذي جعله يكتشف الحاضر والماضي . وفي تلك اللحظة ، اعترف كل منهما للآخر بحبه
#عصام_قابيل