جريمة شروع في الأمل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الثانية
************
بعد أن استراح قليلاً ، بدأ يجري مكالمات من هاتفه إلى بعض الأصدقاء .ولكن لم يجرؤ أن يُهاتفها هي . كان يخشى ألا تكون موجودة ، أو أن ترفض الرد عليه أومقابلته . كان يشعر بأنه يمكن أن يمنح عدة سنوات من عمره لقاء سهرة واحدة يقضيها .
إلا أنه لم يستطيع تقمص هذا الدور بلا إرادة...إنها إرادة الحب ...عندما كلمها ، سمعها تتحدث عن أنها كانت مشغولة جدًّا . وأخبرته أنه يوجد في القاهرة ، على أية حال ، وهناك أشياء أخرى أكثر إثارة من رؤيتها ولها أولويات... . ومجروحًا ، تردد في أن يرد بنفس اللهجة . بل إنه خشي أن تضع السماعة ، لكنه استمر . . هو الذي كان يرى أن كلاًّ من التواضع والإلحاح ضربً من الحماقة . وأخيرًا سمعها تلقي إليه بهذه الكلمات كصدقة: "هاتفني يوم السبت بعد الظهر: ربما تمكنت من أن أتغدى معك".
قبل أن ينام ، كتب في مذكراته: "هل حقيقة أن (حنان) هي التي تشغلني ؟ ألا يمكن أن يكون ذلك الجزء من ذاتي الذي لم ينجح في أن يتخلص منها ؟ تلك هي مأساة الحب الذي يحرمنا أحيانًا بصورة نهائية من آلاف الأشياء التي نمتلكها , ثم أضاف أنه سيكون مخطئًا لو لام (حنان) على أي شيء . لأن كل ما حدث هو خطأي . عندما قطعت علاقتي بها , تصرفت نحوها مثل وغد . إنها لم تغفر لي قط . ولم تسامحني قط . يبدو أنها ستظل تكن لي الكراهية . وأنا أشعر على فقدانها بالندم . وهكذا نصبح متعادلين .
في اليوم التالي - الجمعة - ذاب في أحشاء تلك المدينة الضخمة والهائلة التي أحبها من قبل . وقد فكر أنه إذا اضطر يومًا لمغادرة سوريا , فإنه سيجعل من القاهرة ملجأه . ولأنه شاهدها مئات المرات في السينما والتليفزيون في تلك السنوات العجاف من الرغبة والحنين في غربته, لم يشعر فيها بأية غرابة . إلا أنه , مع ذلك , شغف بملاحظة مدى فقر أحاسيسنا وخطأها .فحبها كحب الأم فنحن نحب الأم ليس لأنها أجمل ماتكون ولا لأنها الأحسن في كل شئ ولكن نحبها لأنها أمنا وهكذا لم يندهش لرؤية التاكسيات تحمل اللون الأبيض، كما لم يفاجأ بكم المارة على الأرض بكثافة مذهلة
جاء السبت , وعند الظهر تمامًا , بعد أن تنزه في حي الحسين , دق بهاتفه على (حنان) . أعطته موعدًا في مطعم جاد بوسط البلد يقع في شارع عبد الخالق ثروت . كما كان متوقعًا , وصل هو أولًا , وجاءت هي متأخرة .
#عصام_قابيل