"" ما بين حب وحرب "" قصة ....
فتح الحب عينيه بوهجه الباهر ، ومسح قلبه لأول مرة بأنامله الحريرية عندما كانت السماء تمطر قنابل الحرب على القرية وكانا يساعدان الأطفال والعجائز على الاحتماء من غضب هذه الحرب
كانت مريم هي المرأة الأولى التي شقت كلماتها بذور الحياة في روحه فاهتزت وربت وعرًشت أوراق العشق في دهاليز روحه بعد سنين عجاف .
تردد كثيراً في أن يبوح لها بالياسمين الذي يفترش صدره عندما تطأ نظراتها ذلك القلب الصريع ، لفرط حبه لها كان يخاف أن تفرقهما يد الحرب فبقي صامتاً كي لا يقتلها مرتين , مرةً حباً والأخرى فراق
قد كان ثمة هدنةً أبرمها مع الحب خرقتها عيون مريم كالرصاص وجعلتها هباءً منثورا ، وبددت خوفه حين أقبلت مرتدية ً حلة الربيع وفي ثنايا صوتها هديل الحمام
ارتبك الفؤاد الذي عشقها حد الثمالة
- مريم ... أحبك
تسمرت في مكانها مشدوهةً والدمع يستدر من عينيها الدمع
- نعم أحبك منذ زمن وما عادت روحي قادرةً على سماع صليل سيوف مشاعري وأزيز الرصاص يفتت قلبي
- ولكن ....
قاطعها وقبل أن تكمل قال:
لأنّي أحبك داريتُ حبَّكِ
لأنّي أُحبك واريتُ حبك
خبّأتُهُ في قلبي وأوراقي
وبينَ أدمعي وأحداقي
وخانني القلب
وباحَ بِحُبُّكِ للغيوم
والبحرِ وأزهار الحقول
والماء .. والسماء
ألم تقرأيه ؟؟
أصبحَ روايةً تتناقلها الفصول
وتحكيها بنات ُ الليل
في الحدائقِ
للمقاعدِ ..
للجبال ِ وللسهول
ألم تلمسيه ؟؟
من رعشة يدي على الورق
من نشوتي
من لهفتي
و الأرق
ألم تلمحيه على قطرات المطر؟؟
وحبات الندى
على رمال الشواطي
وأوراق الزهر
حبيبتي لا تعجبي
فليس حبك الذي يتسع له مجرد قلب
ولا تعتبي ..
فإنني من فرط حبي لك متعب
ولا تسألي
فضلتُ حبَكِ في الخفاء لأنني
أخاف عليك من الضياع
أخاف من يوم الوداع
أخاف من بعد نعيم وصلك
أن أُكوى بنار الجفاء
لأنك امرأة نمت في دهاليز نفسي المظلمة
قررت حبك في الظلام
لأنك زهرة ٌ نبتت في صحراء روحي القاحلة
عودت نفسي على الصيام
وصيت قلبي كتم الهوى
وعلمته ستر الجوى
لأن الصمت في هواك
أسمى أشكال الهيام
والصلاة في محراب حبك
لا تحتاج إلى الكلام
وإني أحبك .............
- كفكفت دموعها
تنهدت
وزفرت كأنها زفرة الموت
واحتضر الصدى في شفتيها
وقالت :
لأني أحبك
تهت كفراشة بين الحقول
صرت كوردة تهوى الذبول
كمركب يأبى الوصول
وأنت البعيد القريب
وأنت في قلبي الحبيب
وأنت شمس العمر
تشرق في روحي ولا تغيب
حبيبي ...
أراك صامتاً وأنت تأنّ
تقتلني الدقائق
وتجلدني الثواني
على جدار الزمن
فمتى أنت علي تحن ؟؟
تعال حبيبي وخذني اليك
من فجر أيامي أنادي عليك
أشعر بالبرد
غطيني بمقلتيك
أشعر باليتم
فاحضني بين ذراعيك
داعب خصلات شعري
وكفكف دموعي براحتيك
امسح عن قلبي غبار السنين
وحطم في روحي جدار الأنين
وقل لي أحبك
واصرخ ما استطعت من الصراخ
وقل لي احبك
ويكفيني من العمر ما حييت
وإني أحبك ............
صفعته الحياة مرة أخرى وأيقظته من أحلامه وهو يرى بقايا حب متناثر على شفاه الموت
رجموه بقنابلهم قبل أن يهدموا بيتها وهي نائمة
فأصبح مهمشاً منشقاً عن أحلام حب شهيد
زرع عند قبرها قبلة ووردة
وكتب على شاهدته
شهيدة حب عاش بين رصاصتين ....
محمد فاخر دحو
أعجبني