{همس الطيور}
شعر/مصطفى بن طاهر المعراوي
.................
تَرَقْرَقَ طَيْفٌ فِي فُؤَادِي وَخَاطِرِي
فَأَيْقَظَ وَجْدِي وَاسْتَثَارَ مَشَاعِرِي
وَذَكَّرَنِي عِشْقِي لِذَاتِ لَوَاحِظٍ
سَكِرْتُ بِهَا لَمَّا رَمَتْنِي بِعَابِرِ
وَشَهْدُ شِفَاهٍ أَذْهَلَتْنِي عُطُوْرُهَا
وَخَمْرُ عُيُوْنٍ قَدْ سَرَى بِخَوَاطِرِي
وَكَانَتْ وَكُنَّا كَالطَّيُورِ نَقَاوَةً
نُحَلِّقُ بِالأَحْلامِ فَوْقَ الأَزَاهِرِ
نُدَاعِبُ وَرْداً فِي عُيُونِ حَدِيْقَةٍ
وَنَهْمُسُ وَجْداً لِلنُّجُومِ السَّوَاهِرِ
غَفَوْنَا وَهَمْسُ الحُبِّ جَارٍ بَيْنَنَا
بِأَجْفَانِ بَدْرٍ نَاعِسِ الطَّرْفِ زَاهِرِ
صَحَوْنَا وَشَلاّلُ الضِّيَاءِ يَؤُمُّنَا
وَزَفَّةُ أَطْيَارٍ وَنَجْوَى الضَّمَائِرِ
وَيَحْضُنَنَا فَجْرٌ تَسَارَعَ زَحْفُهُ
تَوَارَى بِبَدْرٍ لِلْمَسَاءِ المُسَافِرِ
وَقَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْ سِوَى شَدْوَ بُلْبُلٍ
وَتَغْرِيْدَ عُصْفُورٍ وَنَزْفَ مَشَاعِرِ
أَتَرْنُو إِلَىْ الأَقْمَارِ وَسِحْرِ ضِِيَائِهَا؟
فَقُلْتُ: وَمَنْ إِلاَّكِ بِدْرِي وَسَاحِرِي
فَأَلْقَتْ عَلَى الأَلْبَابِ طَرْفَ لَوَاحِظٍ
فَأَمْسَت بِهَا تَهْتَاجُ كَالْبَحْرِ مَائِرِ
تُنَاجِي فُؤَادِي عَيْنُهَا وَشِفَاهٌهَا
وَتَسْكُبُ عطْراً فِي مِدَادِ مَحَابِرِي
تُسَافِرُ فِي عَقْلِي وَتَغْدُو عَلَى النُّهَى
وتَحْضُنُ قَلْبِي فِي عَبِيْرِ الضَّفَائِرِ
فَأَشْدُو وَأَسْرَابُ الغَرَامِ نَوَاهِلٌ
بِكَأْسِ العُيُونِ السَّاحِرَاتِ الذَّخَائِر
فَعَانَقْتُهَا بَالْعَيْنِ طَارَتْ تَدَلُّلاً
تُرَفْرِفُ تِيْهاً بِابْتِسَامَةِ طَائِرِ
وَقَالَتْ: حَبِيْبَ القَلْبِ جَائِعَةٌ أَنَا
فَقُلْتُ: كُلِي نِصْفَ الفُؤَادِ وَبَادِرِي
فَقَالَتْ: وَحُزْنٌ لاحَ فِي نَظَرَاتِهَا
لِمَنْ نِصْفَهُ الثَّانِي؟ أَجِبْنِي وَحَاذِرِ
فَقُلْتُ: لَعَلِّي قَدْ تَرَكْتُهُ قَاصِداً
إِذَا جُعْتِ يَوْماً يَا حَبِيْبَةَ سَائِرِي
فَطَارَتْ وَهَامَتْ كِبْرِيَاءً وَرَوْعَةً
تَفُوْحُ ضِيَاءً بِالشِّفَاهِ السَّوَاحِرِ
وَتُشْرِقُ فِي مِيْنَاءِ ثَغْرٍ قَدْ شَذَا
سَوَاسِنُ عِطْرٍ وَابْتِسَامُةِ نَادِرِ
وَتَشْدُو طُيُورِ الحُبِّ فِي حَدَقَاتِهَا
وَيَزْهُر وَرْدُ فِي الخُدُودِ النَّوَاضِرِ
فَتَبْدُو كَأَنَّ الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُوْرُهَا
عَلَى مُقْلَتَيْهَا النَّاعِسَاتِ العُبَاهَرِ
وَأَلْقَتْ بِعَيْنَيْهَا رَسُولَ مَحَبَّةٍ
وَقَالَتْ وَدَاعاً يَا حَبِيْبِي وَشَاعِرِي
فَسَافَرْتُ فِي شُرْيَانِهَا مُتَوَلِّهاً
وَبُتُّ غريقاَ في ضياء َالمَحَاجِرِ
وَيَرْمُضُ شوْقٌ فِي الفُؤَادِ مُنَضَّدٌ
كَأَنِّي عَلَى جَمْرِ الغَضَى أَوْ بِسَاجِرِ
كلمات/مصطفى بن طاهر المعراوي... الخل الوفي
...........................................
زاهِرٌ : حَسَنٌ ، جَميلٌ : مُشْرِقٌ ، صافٍ
مائر: مَارَ البَحْرُ : مَاجَ وَاضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ
العباهر: العَبْهَرُ : العُباهِرُ العَبْهَرُ : الياسَمِينُ العَبْهَرُ : النَّرجِسُ
المحاجر: مَحجِر: ( اسم ) االجمع : مَحاجِرُ .مَحْجِر العَيْن : ما أحاط بها
ساجر: السَّاجِرُ : السيلُ . سجر التنُّورَ : ملأه وقودًا وأحماه.
جمر الغضى: نار الغَضَى : نار مضيئة لا تنطفئ ؛ لأن خشب الغضا من أصلب الخشب ، ينتظر على أحرّ من جَمْر الغَضَى : ينتظر بصَبْر نافِذ ، بلهفة
يرمض: أرمض الشَّيءُ فُلانًا : أوجعه . أرمضه خبرٌ: أفجعه.. أرمضَ الحرُّ فلانًا : أحرقه ، اشتدّ عليه فآذاه
الذخائر: الذَخيرة: واحدة الذَخائر عُدَّة الحرب من رصاص وقذائف (القاتلة)
نقاوة: نَقَاوَةُ قَلْبٍ : صَفَاؤُهُ .. نقاوة الشّيء : خياره وخلاصته