عمر بن الخطاب الحاكم العادل

العالم الآن كله في أشد الاحتياج أن يري بعينه حاكم عادل مثل عمر بن الخطاب الذي طبق العدل و المساواة على نفسه قبل أن يطبقه على غيره فجعل العالم كله يري العدل يتجسد على ارض الواقع ، وقد شهد له بعدله أعدائه قبل أحبائه .

كان الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين و في عهده امتدت الفتوحات الإسلامية إلى بلاد الفرس و الروم و تم فتح مصر في عهده .

و رغم هذا كان يغمز العيش في الزيت خوفا أن يكون هناك واحد من رعيته ينام من غير أن يأكل ، و كان يلبس ثوب به أربعون رقعة و ينام على الأرض .

و كان لا ينام الليل و يتفقد أحوال رعيته و ذات ليلة وهو يمر أكتشف أسرة فقير فذهب أمير المؤمنين بنفسه و حمل على كتفه الغلال و الطعام إلى بيت هذه الأسرة .

و هذه رواية تترجم لنا عدل عمر بن الخطاب
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال : عذت بمعاذ ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربني بالسوط ويقول : أنا ابن الأكرمين ، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويَقْدم بابنه معه ، فقدم ، فقال عمر : أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ، ويقول عمر : اضرب ابن الألْيَمَيْن ، قال أنس : فضرب ، فو الله لقد ضربه ونحن نحب ضربه ، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصري : ضع على صلعة عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني ، وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو : مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ .

ويبقى عمر رمز الأمانة شاهدوا هذه القصة حيث أرسل ملكُ الفُرس رسولاً إلى عمرَ بنِ الخطّاب ((رضي الله عنه)) فلما دخلَ المدينةَ سأل أهلَها أين ملكُكم ؟ .. فأجابوهُ : ليسَ لَدينا ملكٌ بل لنا أمير ! وقد ذهب إلى ظاهر المدينة .. فذهبَ الرّسولُ في طلب عمرَ ((رضي الله عنه)) فرآه نائمًا في الشّمس على الأرض فوق الرّمل وقد وضع عصاه كالوِسادة ، والعرقُ يتصبَّبُ من جبينه .. فلمّا رآه على هذه الحالة وقع الخشوعُ في قلبه وقال : رجل تهابه جميعُ الملوك وتكون هذه حالته، ولكنّك (( عَدَلت فأمِنْت فنِمْتَ يا عمر )) ..وقد أسلم رسول ملك الفرس بعد ذلك ، و قد صور الشاعر حافظ إبراهيم هذا الموقف بهذه الأبيات الشعرية الرّائعة :ــ
وَرَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَراً
بَيْنَ الرَّعِيَّـةِ عُطْـلاً وَهْـوَ رَاعِيهَا
وَعَـهْدُهُ بِمُلُـوكِ الفُرْسِ أَنَّ لَهَـا
سُوْراً مِنْ الجُنْدِ وَالحُرَّاسِ يَحْمِيْـهَا
رَآهُ مُسْتَغْـرِقـاً فِي نَـوْمِهِ فَـرَأَى
فِيْـهِ الجَلاَلَةَ فِـي أَسْمَى مَعَانِيْـهَا
فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً
بِبُرْدَةٍ كَـادَ طُـوْلِ العَـهْدِ يُبْلِيْهَا
فَهَـانَ فِـي عَيْنِهِ مَا كَانَ يُكْبِـرُهُ
مِـنَ الأَكَاسِرَ وَالدُّنْيَـا بِأيْدِيْـهَا
وَقَـالَ قَـوْلَةَ حَـقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً
وَأَصْبَحَ الجِيْلُ بَعْدَ الجِيْلِ يَرْوِيْـهَا
أَمِنْتَ لَمَّا أَقَمْــتَ العَـدْلَ بَيْنَهُمُ
فَنِمْتَ نَوْمَ قَرِيْرِ العَيْـنِ هَانِيْـهَا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 20 سبتمبر 2016 بواسطة azzah1234

عدد زيارات الموقع

160,855