الآن ·
((الوطن ــ بين الدين والطائفية ))
( عـبـد الـحـلـيم الـشـنودى)
القول بأن (الدين لله والوطن للجميع ) قول صحيح لا يعترض عليه إلا من كان له فى الدين غرض أو فى الوطن مأرب محتجا بأن(كل ما فى الكون لله) وهى حجة تصلح فى نسبة الملكية ولا تصلح فى إسناد المنفعة ــ فالدين للـه ابتداء وانتهاءـ منبعا ومصباـ ملكية وإسنادا شرعه وكلَّف به وعليه يُحاسب ـ سواء منه مارتبط بعلة أوما تعلق بغيب ـ ماتجلى لنا سره وما غابت عنا علته فهكذاشرعه الله وهكذاأمربه(الا لهُ الخَُْلقُ والأمُْر)فاللام فى قولنا ـ الدين (للـه)تثبت الملكية الخالصة له(دين رب ودينونة عبد)(ألا للهِ الِّدينُ الخالِص)(حتَّى لا تَكونَ
فِتْنَةٌ ويَكونَ الدينُ كُلُّه لله)لأن الدين لمن آمن بالله وابتغى رضاه ورضوانه ـــ أماالوطن فهو وإن كان لله خلقاوملكا وتصريفافهو مسند إلى أهله استخلافا وتعميرا ــ فاللام فى قولنا:ـ الوطن(للجميع)إنما تثبت الإسناد والإتاحة اللازمين لحفظ الدين والنفس والنسل والعرض والمال ولا تثبت الملكية الأصيلة (وَهُوَ الَّذى جَعَلَكُم خَلائِفَ الأرضِ وَرَفَعَ بَعضَكُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبلُوَكُم فيما آتاكُم) (هُوَأنشَأكُم مِنَ الأرضِ واستَعمَرَكُم فيها)والاستخلاف يقتضى الرعاية والحفظ والتأمين والقيام بكل ما من شأنه حماية المُستَخلَف فيه وعليه ــ والاستعمار يقتضى النظروالبحث والتنقيب طلبا للرزق المكفول من الله لكل ساع إليه (فامشوا فى َمَناكِبِها وكُلُوا ِمن ِّرزقِهِ)(وفى السَّمَاءِ رِزقُـكُم وَمَا تُوعَدُونَ) ـــ والطائفية التى بدأت فكرة بشرية وانتهت إلى رؤية دينية ـ تؤصل للبشرى بالإلهى ـ حتى تدخل الدين فى حيزالتحكم وتخضعه للحماية والحراسة ــ مع أنه لا تفويض من الله لأى من عباده فى الاستقلال بالحماية والحراسة فالحامى لدين الله هو ذات الدين بأركانه وحدوده والحارس للعقيدة هو كتاب الله وسنة نبيه والقلب المؤمن الموصول بالله ـ وما مقولة (ياحماة الدين ويا حراس العقيدة) إلاحق يراد به الباطل حتى يتم للطائفة المعنية القيام دون غيرها بتحديدنقاط الحماية وأوجه الحراسة ــ وبين هؤلاء وهؤلاء يضيع الوطن حتى يصبح مجرد حفنات من التراب لاتستحق ماتستحق مما سبق ــ صحيح أنها حفنات من تراب ولكنها ليست مشاعا لكل من ملأ بها كفيه فالوطن مسند إلى أهله محمى بهم ولا يحيا دين فى غير وطن ولايحيا وطن بغير انتماء ــ فيا أصحاب الوطن انصروا الوطن بالدين ويا أهل الدين أعزواالدين بالوطن وإلافلا وطن لنا ولادين
( عبد الحليم الشنودى)
نشرت فى 19 سبتمبر 2016
بواسطة azzah1234
عدد زيارات الموقع
160,855