( وكأن القمر كان بصحبتي ليلة أمس )
الشاعر عاطف عمر
القناطر الخيريه
خُيل لي ان القمر كان يمشي بجانبي ليلة أمس ، وانا أري بعيونه محاور دربي ، حيثُ بريق عيناه .
كأن الدنيا تنير ، تلون باللون الوردى وحمرةُ خدودهُ ، وكرزية شفاه .
ابتسامته تشرق كشمس الصباح بخيوطها الذهبيةُ ، تنير لنا ، تدفئنا ، تشعرنا بصفاء السماء ، لا أشعر بحجم الناس بجانبه ، فالشمس كوكباً ، والقمر كوكباً ، والنجوم تلمع و تتناثر من حوله ،
وأنا أهواه ، نعم أهواه ،
فهو بحر حنان ، يتدفق شوقاً لا مثيل له ، اغوص بداخله فيحتونى برفق ولهفة عاشق قد وصف له العشق دواء ،
الناس من حولي تتعجب ، تنظر لي وأنا بجانبه ، اري سؤال يحيرهم ، كيف لهذا الكائن الجميل المنظر ، الممسك الرائحه ، البهي ، البشوش ، المتناسق الممشوق ، ان يتواضع ويسعد ويبعث السرور بداخل الفقير المتيم بجماله واناقته وهندمتهُ ، وأنا لا ابرر لهم ، لاني لا اعرف متي وأين قد حلق القمر سمائي ، ودنا مني بأنفاسهُ حتى اتنفس منها وعليها ، وألتقط منها ما يروي قلبي ، وأهيم به وهو يثني علي ، ويمطرني بأعذب الكلمات ،
اشار لي بأصبعه ، وكأنه يعطينى ضوء اخضر لكى اعشقه ،
وكأنه يقول كنت انتظرك منذ زمن بعيد ، وكأني كنت بغيبوبة ، وتوقف الزمن بي كي ألتقي به بعد سنوات الحرمان التى كادت مرارتها تعبر من القدم حتى الحلق ،
بالأمس ، ادركت ان الدنيا قد تعطي الهناء متأخراً ، حتي يظل ولا يرحل ، ادركت اننا ...يمكننا ان نسعد انفسناً ولو بحلم بعيد المنال ، ولو بأنفاس عطريه غير التي ادمناها ، وبلسم شفاه غير الذي تعودنا عليه ،
أصغيت للقمر وهو يحاورني ويحدثني ، وأمطرني بعذب الحديث وأصغي لي القمر وأنا اناجيه ، كأننا طفلين ولدنا سويا ، نلعب ونلهو دون خجل ، كل منا فكر للحظات ، كيف ؟ .... لو كنا تقابلنا من زمن ،
كيف ؟.....لو كنا ازواج ، كيف ؟....لو خلت الدنيا بنا فقط ،
فات الساعات ونحن لا نحس بالوقت ، تمنينا ان نجلس حتى يأتى الصباح الجديد ، ولكن لن يحالفنا الحظ ، وقلق القمر وقرر الرجوع الى مكانه وموطنه ، وكل منا سلك طريق ، نفكر هل سيتكرر ويمنحني القمر نوره مره اخري ،
تحياتي وقبلاتي تصاحبك السلامه يا قمر ،