الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام
بقلم عصام قابيل
الحلقة الثامنة
************
غارت سارة من هاجر عليهما السلام ، ولم تطق أن ترى
ولداً لها من إبراهيم ، ولم لا وهذه هي طبيعة المرأة التي جُبلت عليها ، فطلبت من إبراهيم عليه السلام أن يبتعد رحمةً بها ،وسبحان الذي يدبر الأمر في السماء والأرض ، أمر إبراهيم عليه السلام أن يأخذ هاجر وولدها إسماعيل عليهما السلام إلي هناك حيث بيته المحرم ، ذلك المكان الذي سُجد فيه لله أول مرة ؛ عند نزول آدم عليه السلام إلي الأرض ، حيث لازرع ولاماء ولا حياة ، ولكن سبحان الذي يدبر الأمر في الخفاء .
رحل إبراهيم إلي حيث أمره الله ونزل عند قواعد البيت الحرام .
وترك هاجر ومعها إسماعيل عليهما السلام ، وقام راجعاً بعد أن ترك لها جرابا من تمر وسقاء ماء صغير ، فنادت
عليه هاجر عليها السلام ؛ وهي تستوحش المكان وتستغرب تصرف إبراهيم عليه السلام .
قالت ياإبراهيم : هل تتركنا هنا وحدنا ولا زرع ولا ماء ؟
، سبحانك يا الله إنها ملحمة التوكل والتوحيد والتضحية ،
فالله أمر إبراهيم عليه السلام ألا يلتفت إليهما ولا يرد عليهما ، كررت هاجر عليها السلام النداء: ياابراهيم
هل تتركنا هاهنا وحدنا ؟ فلم يرد إبراهيم ، وهو يتمزق قلبه عطفاً عليهما ، ولكنه أمر الله جل في علاه .
وسعت هاجر عليها السلام الخطي تطلب إبراهيم حثيثا ، ونادت عليه لثالث مرة ؛ أتتركنا هنا ياإبراهيم وحدنا ؟
ولكن سبحان من صبَّر قلب إبراهيم عليه السلام علي هذه الملحمة الأسرية ، فلم يرد ، وانطلق ينفذ أمر الله .
وهنا أيقنت هاجر عليها السلام ـــ وهي من تربَّت في تلك الفترة السابقة تربية النبوة ، وهي تعرف خُلُق إبراهيم عليه السلام وكرمه وشهامته ورقة قلبه ــ أن هناك أمر يفوق قدرة إبراهيم عليه السلام ، فقالت بذكاء المرأة المؤمنة :
آلله أمرك بهذا ياإبراهيم ؟
وانشرح صدر إبراهيم لهذا السؤال الذي يرفع عن كاهله شدة الموقف أمام هاجر عليها السلام ،
ولكن في تضحية وبطولة لم يسبق لهما نظير طأطأ برأسه بالايجاب ، ولكن لم يلتفت كما أمره الله ، وإنما أمره الله ألا يلتفت ؛ حتي لايتأثر قلبه عليه السلام بامراته وولده عليهما السلام ؛ فتضيع المهمة العظيمة التي من أجلها أرسل الله إبراهيم عليه السلام إلي هناك .
سألته هاجر بذكاء المرأة المسلمة : آالله أمرك بهذا ؟ لم يستطع إبراهيم عليه السلام أن يخالف أمر ربه ، نعم إن الموقف صعب ، والمشهد غاية في التأثر والقلوب تجأر إلي الله ، ولكنه أمر الله الذي ينبغي أن يطاع مهما كانت الأحوال ، أومأ إبراهيم عليه السلام برأسه بالإيجاب ، ولم يلتفت ، ظل في طريقه ، وهنا كانت المفاجأة المدوية ؛ هنا كانت الملحمة العقائدية المروعة ،تعودنا نحن بمكوناتنا الدنيوية القابعة في الطين أن نثور وأن نغضب وأن نعلن إعتراضنا وتأففنا ، ولم لا والموقف ينظر إليه من لايفهم ؛ أنه موقف ظلم وإفتراء ، وإذا شهد الناس جميعهم إلا من عصم ربي لشهد بهذا الظلم الموهوم ، ولكنها مدرسة النبوة ، تجلت فيها هاجر عليها السلام وردت علي إبراهيم أروع ردٍ يقال في مثل هذه الظروف
قالت هاجر بقلب المرأة المؤمنة : إذاً لن يضيعنا ربنا
#عصام_قابيل

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 51 مشاهدة
نشرت فى 6 سبتمبر 2016 بواسطة azzah1234

عدد زيارات الموقع

160,486