*المسيخ الدجال واعظا*

علي غير عادة القرية الهادئه المحاذية لساحل البحر أصبح هناك حالة غريبة من الهرج والمرج والمشاحنات والاختلافات.فما الذي حدث وغير من طباع القرية ؟
ماذا جري للناس الذين كانوا حتي الامس كالجسد الواحد .نسيج واحد قلب واحد وحلم واحد.؟
كانوا مثار حسد وغيرة الاخرين.
.أخذ عبد الرحمن يفكر في هذا الامر وأصبح شغله الشاغل وقضيتة الاهم كيف لا وهوشاعر القرية الاول والمعبر عن أمالها وألآمها تطلعاتها وطموحها.وكانوا يطلقون عليه الفيلسوف الفصيح. لأنه قاريء جيد للأدب والتاريخ .
كان من عادة عبد الرحمن أن يعود دائما للتاريخ محاولا الربط بين الماضي والحاضر
وبينما كان يقرأ بنهم في أحد الكتب التراثية القديمة حتي صاح صارخا كمن مسة طيف من الجن
(انه هو انه هو
مالك يا عبد الرحمن يا ابني صوتك جاب اخر الشارع. هو مين ده؟)
سلامتك يا ام عبد الرحمن؛ انا بس اندمجت شويه في الكتاب اللي بقرا فيه
يا ابني ارحم نفسك شوية الكتب القديمه دي هاتجننك؛ حاضر يا اما حاضر؛
انا ها اروح اقعد مع حسن صاحبي شويه
ماشي يا ابني ربنا يسترها معاك ويحرسك قالتها ام عبد الرحمن بحزن وكان القلق باد بشدة علي وجهها
خرج عبد الرحمن من المنزل مسرعا نحو بيت صديقه حسن هذا الفتي الجامعي المتدين الذي يكرة الفلسفة كرها شديدا ويراها نوعا من الهرطقة ؛ ما إن وصل لدار صديقه حتي طرق الباب طرقات شديدة.
حاضر حاضر سافتح حالا هي الناس جري لها أيه مافيش صبر تمتم حسن وهو متجه لباب الدار كي يفتح .
ما إن راه عبد الرحمن يفتح حتي صرخ هو يا حسن هو .
هو مين يا عبد الرحمن يا اخويا؟اقعد بس استريح من الطريق واحكي لي
جلس عبد الرحمن مضطربا زائغ بصره كمن جن ؛ صارخا صدقني يا حسن هو بكل صفاته وملامحه بجنته بناره
استغفر الله العظيم هو مين دا يا عبد الرحمن ؟
يا حسن انا ليا اسبوع ما نمتش بفكر
؛ لا حول ولا قوة الا بالله؛ اهدي بس واحكي لي؛ انا مش فاهم منك حاجه
بص يا حسن فاكر الراجل اللي جه المدينه من فترة وادعي الالوهية
طبعا ودا حد ينساه؛ بقي مين يصدق ان الراجل اللي كنا بنسخر من كلامه ونقول عليه مجنون فيه ناس تصدقه بالشكل ده
انا فاكر كويس.اول ما جه القرية ودعا اهلها الي الايمان بالوهيتة كانوا بيبصوا له بسخرية ويتندرون علية ويتركونه وحيدا
فعلا
لكن انا بقي يا حسن حسيت بخطره جدا الرجل كان مستمر في طريقه مش مهتم بالناس لا يمل ولا يكل من عرض نفسه عليهم ؛ بدا الرجل يجد من يصدقه؛يا للهول اهناك من يصدق هذا الدجل ؟؟
فعلا يا عبد الرحمن رغم اننا شرحنا لهم خطورة الراجل ده وشرة المستطير؛ ورغم كده الرجل كل يوم يجذب ناس جديدة ومن كل الطبقات ويغدق عليهم بالاموال والعطايا؛
انا بقي يا سيدي درست الراجل كويس واتوصلت لحقيقة الرجل،
قول يا اخويا طلع مين ؟
المسيخ الدجال، ذلك المسخ الذي يخرج اخر الزمان.
ما إن سمع حسن اسم المسيخ الدجال حتى هب واقفا غاضبا مستنكرا ، انت بتقول ايه يا عبد الرحمن؟ استغفر الله!
المسيخ دا له مواصفات وظروف لا تنطبق هنا
والله كتب الفلسفة الملعونة دي ها تجننك
ياحسن اسمعني
،لا اسمعك ولا تسمعني،كفاية كده انا دماغي ها تنفجر مش كفاية اهل المدينة وافعالهم، هو انا ناقص يا عبد الرحمن فلسفة فارغة،
يا حسن اهدي واسمعني
، بعدين يا عبد الرحمن انا خلاص فصلت ، ترك عبد الرحمن صديقه وقفل عائدا الي منزله وفي طريقه وجد جلبة وصرخات وجمع من أهل القرية أستفسر من احدهم عن الامر فقال ان الذئاب هجمت علي أغنام احدهم واكلتها جميعا، وان القطط السمينة هاجمت طيور اخرا بضراوة غير معهودة واجهزت عليها بوحشية في مشهد غريب جدا علي أهل القرية ، وبدأ الفلاحون يشعرون بالقلق علي مواشيهم وطيورهم .
عاد عبد الرحمن الي المنزل وحاول النوم لكنه لم يستطيع.
فكان يفكر في ما رأه اليوم ويلح عليه السؤال ما علاقة الذئاب والقطط السمينة بظهور المسيخ الدجال؟
لم يرد ذكرها ابدا في الكتب القديمة.
ربما ذكرت في قصة اخري وكانت تحرس الغنم،
لكنها اليوم تأتي علي الحرث والنسل،
صرخ عبد الرحمن لكنها لا تحرس الغنم يا عمر!
جاءت امه مهرولة علي صوت صراخه العالي "مالك يا ابني بتصرخ ليه ومين عمر ده"
لكن عبد الرحمن كان غارقا في تفكيره عن الذئاب والاغنام والعدالة الاجتماعية.
واخذ يفكر دون الوصول لشيء حتي غلبه النعاس
ولعل القصة صاحبته في منامة كما في صحوه تماما.
في تطور غريب أمن بعض الكهان من اهل الدين بالرجل واخذوا يسبحونه ليلا ونهارا ويدعون الناس للايمان بة؛
واستمال الية بعض السحرة وبعض اهل القانون؛
فأصبح يملك الشرع عن يمينه والقانون عن يساره والسحرة من خلفه
ثالوث خطير ؛ واصبح يتحرش بالكافرين به وأصبح الحاكم الفعلي للقرية فازداد قوة وباسا واكتملت له أركان الحكم
؛كان يملك ذهب المعز وسيفه ويزداد انصاره قوة وعددا بينما القرية تزداد شرا وبؤسا؛
تساءل عبد الرحمن عن علاقة الاستبداد بالبؤس؟
كانت ثمة علاقة قوية بينهما علي مدار التاريخ هكذا اخبرته الكتب ولعلها لم تكذبه ابدااا.
فكر عبد الرحمن أن يلتقي سرا ببعض الناس الذين لم تلوثهم افكار الرجل كانوا خليطا من كل الوان واطياف القرية علي اختلاف مشاربهم
لا يجمعهم الا حب القرية فقط
ارادوا أن يخلصوا القرية من شروره
اجتمعوا في دار بعيده اطلقوا عليها دار الارقم بن ابي الارقم
وكأن التاريخ يعيد نفسه
اجتمع الفتية في كهفهم
وأخذوا يفكرون في الطريقة المثلى لمقاومة الرجل
لكنهم اختلفوا اختلافا كبيرا
بعضهم يرى أن تتم مقاومتة بالسلاح ولكن معنى ذلك ان يقاتلوا اهاليهم لانهم امنوا به
بينما راى أخرون أن يتركوا القرية ومن فيها لانها أصبحت قرية ظالم اهلها كافرة بربها
لكن الراي ايضا قوبل بالرفض من الكثير منهم
لانهم يعشقون هذا البلد الذي تربوا علي ترابه ونموا مما جادت به ارضه
كانوا رغم كل شيء يبكون حزنا علي ما الت له اوضاع القرية
اقترح بعضهم الثورة السلمية ؛والعصيان المدني
ولم يلقي الاقتراح قبولا ايضا فما جدواه امام قوة غاشمة وبطش وجمهور عريض من العامة والدهماء؟
انفض الاجتماع دون التوصل لحل يوافق الاطراف جميعهم.
تفرق الجمع واتخذ كل فريق ما يراه من حل سبيلا للكفاح ضد الراجل؛
كان الرجل يزداد قوة بينما بدأت الذئاب والقطط السمينة تهاجم الاطفال
وكلما ازداذ الرجل قوة تزداد الذئاب شراسة والقطط السمينة نهما وقسوة!!
وبدأ الناس يشعرون بالخوف ومع كل قلق وخوف جديد يندفعون نحو الرجل رافعين رايه الايمان به
للرجل الكثير من بطانته ينصحونه ويشيرون عليه كيف يطوع الجميع تحت قبضته وكيف يجعلهم فرقا وشيعا وكلما عرف أنهم سيجتمعون للبحث عن طريق لازاحته يبعث بعض الموالين له سرا ليندسوا بينهم ويوقعوا بينهم
؛فلا يتفقون ابدا علي راي واحد بل ويلقون بالاتهامات فيما بينهم ويضحك الشيطان ساخرا واعوانه؛
بدأ يبني سجن جديد ويلقي فيه بالمعارضين له الرافضون لالوهيته؛ وبدل القوانين بقوانين جديدة وصدق عليها كبار اهل القانون؛ ثم دلف الي الدين يبدل فيه ويغير والكهنه يقنعون الناس بالاله الجديد الوحيد الذي يقول لا اريكم الا ما أرى ولا اهديكم الا سبيل الرشاد؛
انتشر الفساد في ربوع القرية
"ثمة رابط بين الفساد والاستبداد".
صرخ عبد الرحمن
هاجمت الذئاب والقطط السمينة الناس في الطرقات ليلا ونهارا فزداد الخوف وازداد اتباع الرجل
مرت سنتان والقرية من سيء الي أسوء
بدا بعض الاتباع يفكرون قليلا وبدأ بعضهم يري الرجل علي حقيقته،
فهموا اخيرا ان الذئاب والقطط السمينة كانت من جنود الرجل وتأتمر بأمره
كان دورها أن تنشر الخوف بين الناس كما فعل السحرة والكهان ونشروا الدجل بين الناس ايضا كانت مؤامرة كبيرة
، بدأ الناس ينفضون من حول الرجل ويعصون اوامره لكنهم تاخروا كثيرا
فالرجل أعد ناره وجنته وحكم القرية بالحديد
عم الصمت القرية وعلا فيها صوت واحد وحيد
"ثمة علاقة تربط بين الصمت والاستبداد"
هكذا راى الناس في القرية
كممت الافواه وأصبح في السكوت السلامة.
انزوى عبد الرحمن في كهفه البعيد وفي كل ليلة يخرج صارخا انه هو هو العدو العدو الشجر الشجر عرفنا الآن يا زرقاء اليمامة.. فيجيبه صدى الصوت ويتهمه الناس بالجنون. لكنه لا ييأس ابدأ ويقبع منتظرا خروج المسيح

قصة قصيرة للكاتب/ناصر توفيق


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2016 بواسطة azzah1234

عدد زيارات الموقع

160,429