#لن_تقتليني
مرحبا، كيف حالك اليوم، أو غدا أو البارحة، كوني بخير، ليس من أجلي، بل من أجل رسائلي السابقة، الرسائل التي لم ولن تقرأيها، هذه ربما ستكون آخر رسالة أرسلها للريح، رسالة تختفي في الهواء كدخان سيجارة بيد رجل قتل للتو، لم تخرج رائحة جثتي بعد، ما زلت أقاوم الفناء، سأتوقف عن كتابة الرسائل إليك لأنني فقدت الأمل والمعنى،لا جدوى من كتابة الرسائل، لأنني ابدو كجندي يكتب رسائلا لزوجته التي لا يعلم بأنها ميتة، إنك ميتة بالفعل، ميتة من الداخل، منطفئة كعود ثقاب، ولا تزالين جميلة، ولكن ما فائدة الجمال إذا كان نابعا من لوحة لا تحزن، لا تفرح، لا تصرخ، إنك ميتة الآن، أيتها المرأة الجثة، وموتك هذا يحاول قتلي، يطاردني بمنشار، وإنني ورغم كآبتي أحب حياتي. أحب معركتي هذه، ولن أموت، ولن تقتليني، إنك بخير بالنسبة للجميع لكنك بالنسبة لي لم تعودي إلا فزاعة تخشاها كل الغربان إلا أنا، الغراب الوحيد الذي اكتشف اللعبة،وعرف بأنك مجرد خشب وقش، أنا آسف،آسف على كل شيء باستثناء ما دفعني لكتابة هذه الرسالة، إنه الانعتاق، التحرر، أبدو كسجين اكتشف أن أغلاله من خشب فكسرها وهرب،ها أنا اهرب، ها أنا أهرب، محملا بأوجاع وسكين مسمومة في خاصرتي، أهرب منك، مني عندما كنت أحبك، أهرب من وجهي الذي يذكرني بقبلاتك، من ذقني الذي يذكرني بيدك، أهرب من الموسيقى التي تزفك في رأسي راقصة كأفعى تفح، أهرب من هذه المدينة التي مشطنا أرصفتها سوية، أهرب من آثارك فيا، لمسة الشحوب، وحزن صوتي، أهرب من ذاكرتي، أشعر بأنني محاصر بك، يخرج وجهك من كل الأماكن، من النافذة، من علبة السجائر، من المكتبة، من بؤبؤ عيني. يلاحقني كمجنون مسلح، الآن سأقتلع تلك الشجرة الملعونة التي زرعناها معا، وسأحرقها، وأدفئ بها ما تبقى فيا من عظام وبشرية وحلم وطفولة، من الآن لن أتكبد عناء التسلق، والركض خلفك، من الآن، سأكتفي بالهرب، والاختباء في وعيي، في قمقمي، اختبئ كمارد لن يخرج أبدا، لأن سندباد مات.
نشرت فى 11 مايو 2016
بواسطة azzah1234
عدد زيارات الموقع
160,768