مع رواج استخدام التعليم بالشبكات الاجتماعية، واندماج تقنية التواصل التعليمى الاجتماعى فى الممارسة الاجتماعية عبر الويب، ظهر ما يعرف بالتعليم من خلال مجتمع الممارسة Communities of Practice.
والجدير بالذكر أن مفهوم مجتمع الممارسة ليس بالشئ الجديد لكنه موجوداً منذ وجود الإنسان على وجه الأرض، لكن مع زيادة استخدام نظم التعليم الاجتماعى الإلكترونى برزت أهمية العامل الإنسانى فى التعليم والتعلم والتحول من الفردية إلى التشاركية أثناء التعليم، ومن خلال نظرية مجتمع الممارسة ظهرت عدة مسميات منها شبكات التعليم Learning Networks ، والتعليم المجتمعى Community Learning ومجتمعات التعلم Learning Communities.
وتعرف مجتمعات الممارسة بأنها جماعات من البشر يشتركون فى غاية واحدة، ويقومون بتعميق معرفتهم وخبراتهم فى هذه الناحية عن طريق التفاعل بصورة مستمرة، ولقد أظهر تحليل تأثير تقنيات الاتصال على الحياة اليومية أن المجتمعات المحلية لا تتشكل فقط فى المساحات الجغرافية المحددة بل أيضاً فى الفضاء الإلكترونى، وتسمى المجتمعات الافتراضية Virtual communities.
ونظرية مجتمع الممارسة الاجتماعية بشبكات التواصل الاجتماعى تشجع التعاون والمشاركة والتكامل الاجتماعى على الإنترنت بين الطلاب، مع تعزيز الإحساس بالانتماء للمجتمع وخاصة فى بيئة التعليم بالإنترنت التقليدية؛ والتى لا يلتقى فيها الطلاب فى الغالب وجهاً لوجه مع زملائهم الآخرين أو المعلم أثناء تلقى التعليم من بعد بالإنترنت، فمن خلال مجتمع الممارسة يتم استخدام تقنيات الشبكات الاجتماعية فى خلق الألفة بين المتعلمين عبر الإنترنت، مع تحقيق التواصل وبناء مجتمع تعليمى فى شبكة اجتماعية تربوية
جوانب مفهوم التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية:
مجتمع الممارسة الافتراضية للتعليم من جانبين هما:
الجانب الاجتماعى الإنسانى: ويعرف من خلالها التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية بأنه مجموعة من الأفراد يجمعهم اهتمام مشترك حول مشكلة بعينها يتواصلون من خلال وسائل تقنيات الويب والتواصل الاجتماعى بالإنترنت، وذلك للتفاعل والتحاور حول المشكلة والتغلب عليها.
الجانب التكنولوجى: ويعرف من خلالها التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية بأنه تطبيق تفاعلى على شبكة الويب من خلال موقع للتواصل الاجتماعى يسمح لمجموعة من الأفراد بالتواصل والمشاركة والتفاعل وتبادل الملفات حول قضية مشتركة
فلسفة التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية:
وتقوم فلسفة التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية
على اجتماع لعددٍ من الأفراد بهدف التعليم، من خلال مجموعة تشارك بعضها بعضاً فى تحقيق العمل المشترك، فالتعليم بمجتمع الممارسة يركز فى المقام الأول على المجموعات كما يهتم بالأفراد والجماعات الداخلية على اعتبار أنهم جزءً من مجتمع الممارسة، كما يركز عادة على التعاون والمشاركة والتفاعل، مستخدماً فى جميع مراحله للتقنيات الاجتماعية ودعم الجماعات والمجتمعات من خلال الشبكات الاجتماعية.
هذا وقد أظهرت الدراسات والبحوث أن الوجود الاجتماعى يعد عنصراً أساسياً من عناصر التعليم والتعلم، ومجتمع الممارسة يساعد على تعلم الطلاب من خلال علاقة منفعة متبادلة قائمة على الوجود الاجتماعى والمشاركة والمناقشات عبر شبكات التواصل الاجتماعى، كما أن وجود المتعلم فى مجتمع الممارسة الاجتماعية يجعله أكثر انخراطاً وتشاركاً وتفاعلاً وتعاوناً فى التعليم مما يؤدى بالطبع لانخفاض مشاعر العزلة والانفصال التى تصيب معظم طلاب التعليم الإلكترونى التقليدى.
ملامح نظرية مجتمع الممارسة فى التعليم:
(1) البشر كائنات اجتماعية:
فالبشر كما يرى علماء النفس كائنات اجتماعية بطبعها، تسعى للتفاعل والانتماء، وهذا يعد الجزء الرئيسى لعملية التعلم، حيث يوضح أن الدافعية للتعلم تكمن فى عضوية المجتمع.
(2) المعرفة ليست جامدة:
المعرفة ليست جامدة وغير محددة بوضع معين، وبالتالى فالمعرفة موزعة بين البشر؛ تكون عناصرها موزعة بين الأفراد، ومن خلال الممارسة الاجتماعية تتجمع المعرفة فى مكان واحد.
(3) التعلم قائم على المشاركة المتبادلة:
فالتعلم ينظر إليه على أنه عملية مشاركة متبادلة فى السعى لتحقيق الأعمال بفاعلية، أى يأتى من المشاركة النشطة فى التجارب الهامة، أو من خلال الانخراط الفعال فى العالم المحيط، وهذا يعتبر نموذجاً حيوياً للتعليم، يشمل التفاعل والعلاقات بين الأفراد والمنظمات، والمشاركات بالأفكار، والصور، والفيديو، والأصوات، فى إطار ثقافة تشاركية اجتماعية للتعلم وتوليد المحتوى.
(4) المعنى هو ناتج التعلم:
والمعنى يتمثل فى القدرة على فهم العالم والمشاركة فيه، وهو الناتج الحقيقى لعملية التعلم، وهو يعنى أن الفهم والتجريب والخبرة فى تفاعلاً مستمراً، ويتداخل الأشخاص والأحداث والإجراءات والأدوات والعالم مع الفكر والمعرفة والتعلم.
(5) التعلم مرتبط بالعمل الجماعى:
تقوم هذه النظرية على ربط كفاءة مجتمع الممارسة بالتعلم الجماعى كوسيلة لمشاركة المعلومات، والتعلم بالممارسة يجعل المشاركين فيه مدركين أنهم يتعلمون من عملهم الجماعى، كما أن الممارسة فى حد ذاتها عملية جماعية اجتماعية مستمرة وتفاعلية، حيث يتفاعل الأعضاء ويقومون بأعمال مشتركة ويتناقشون للتوصل لفهم جديد، ويتعلمون من خلال تفاعلاتهم المستمرة حول قضية التعلم.
سمات التعليم بمجتمع الممارسة الافتراضية:
السمات التى يتصف بها التعليم من خلال مجتمع الممارسة الافتراضية كما يوضحها العرض التالى:
(1) المرونة الاجتماعية:
ويقصد بالمرونة الاجتماعية انتهاء فكرة الجماعة المرجعية بمعناها التقليدى، فالمجتمع الافتراضى لا يتحدد بالجغرافيا، بل يتحدد بالاهتمامات المشتركة التى تجمع مجموعة من المتعلمين المتقابلين إلكترونياً.
(2) الاجتماع الحر غير المقيد بزمن:
ويقصد به عدم التقييد بزمن معين لتشكيل المجتمعات الافتراضيّة، فهى مجتمعات يستطيع المرء أن يجد من يتواصل معه فى المجتمعات الافتراضيّة على مدار الساعة.
(3) القضاء على العزلة التعليمية:
ويعنى ذلك أن يكون التعليم مقدماً بطريقة إلكترونية اجتماعية، فيكتسب صفة الذاتية والفردية فى التعامل مع أجهزة التواصل بالإنترنت، والدخول على مواقع التعليم دون الإحساس بالعزلة التى كانت جانباً من جوانب النقد الموجه للتعليم الإلكترونى التقليدى، فاكتسب التعليم الصفة الاجتماعية بالإضافة للتعليم الإلكترونى أو الافتراضى عبر الويب.
(4) ديمقراطية التعليم:
لا تقوم مجتمعات التعليم بالممارسة الافتراضيّة على الجبر أو الإلزام، بل تقوم فى مجملها على الاختيار الحر وديمقراطية التعبير والحوار والتفاعل والمناقشات.
(5) تقوم على تبادل المعلومات بين المجتمع:
تعتمد مجتمعات الممارسة الافتراضية على تبادل المعلومات بين عناصر عملية التعليم، وتدعيم وتعزيز الحضور الاجتماعى من خلال الممارسة، مع توظيف شبكات التواصل الاجتماعى على الإنترنت لتمكين المتعلمين من التواصل والتعاون دون قيود، ويتم الاجتماع والتعاون والتواصل والمشاركة من خلال خدمات شبكات التواصل الاجتماعى لمساعدة المتعلمين على الفهم المشترك والمشاركة فى المناقشات والتعاون، وتقاسم الموارد المشتركة.
(6) تقاسم المعرفة:
نظرية مجتمع الممارسة الاجتماعية تساعد على تقاسم المعرفة؛ من خلال التعليم الاجتماعى بشبكات التواصل الاجتماعى، والذى يحقق الدعم الاجتماعى والتفاعل بين فريق التعليم، كما يؤدى إلى مشاركة المتعلمين فى بناء المعرفة للتشجيع على تبادل المعرفة من خلال إنشاء شبكة اجتماعية داعمة للمعلم.
ساحة النقاش