التعلـيم من بـعـد
Distance Training
نظراً للتطور السريع فى المجالات المختلفة، فإن مسايرة هذا التطور يتطلب تعليما مستمراً؛ باستخدام أساليب تساعد على توصيل محتوى التعليم إلى المتعلم بمكان تواجده، مع التجديد والتحديث المستمرين لبرامج التعليم وفق ما يستجد من تطور على المهارات، أو تحديث الوظائف والمهن، وما يرتبط من حاجة للتعليم على الأدوار الجديدة.
فالتقدم السريع فى المعارف والمهارات، وما واكبه من تطور نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أثر على أساليب تصميم وإعداد برامج التعليم، وجعل من التعليم من بعد متطلبا أساسيا فى جميع المجالات. ( Pitman, Gospor, 1999, 167 ).
ويرى ( Paul, Blayney & Mark, F, 2004, 209 ) أن الاهتمام المتزايد فى العقد الماضى بمحاولة توظيف التكنولوجيا لتسهيل التعليم والتعليم أثر على نظم وأساليب التعليم والتعليم؛ لتكون متوافقة مع التطور والتجديد التربوى المستمر.
وعلى ذلك وفى ظل تجدد المعلومات والمهارات، والتطور التقنى والتربوى، وظهور أساليب اتصال ومستحدثات علمية عالية الكفاءة والسرعة، أصبح التعليم من بعد أمراً واقعياً، بل قد يكون فى الوقت القريب تعليماً تقليديا، وأصبحت دول العالم المتقدم منها والنامى تستطيع توظيف تكنولوجيا العصر فى خدمة التعليم والتعليم لمواكبة ركب التقدم.
أولاً- مفهوم التعليم من بعد Distance Training: فى ظل التحديات التى تواجهها المؤسسات التعليمية أثناء محاولة مواكبة التقدم العلمى وتطور المهارات والمعلومات، ومع تطور معظم أنظمة التعليم والتعليم فى العالم؛ وبخاصةً مع التزايد السكانى الكبير؛ فقد لجأت العديد من دول العالم إلى محاولة البحث عن بدائل غير تقليدية؛ بدائل تمكنها من مواجهة التزايد الكبير فى الطلب على التعليم المستمر وتجديد المهارات ومواكبة التطورات، ومن أهم بدائل حل هذه المشكلة؛ اتباع نظم التعليم من بعد.
ويعرف ( أحمد منصور، 2001، 255 ) التعليم من بعد بأنه: أسلوب تعليمى يعتمد على توظيف تكنولوجيا الاتصال فى نقل المعرفة من مصادرها إلى المتعلم فى مكان تواجده، ووفق احتياجاته التعليمية.
فالتعليم من بعد يعبر عن التطور الطبيعى لنظم التعليم؛ فهو عبارة عن تعلم ذاتى مع الإرشاد والتوجيه والتقييم، مع التوظيف الأمثل لوسائل الاتصال؛ لنقل المعلومات التى تطورت والتعليم على المهارات.( ناجح حسن، حسين نور، 2002، 179 ).
وتعرف ( فاطمة بهنسى، 2003، 251) التعليم من بعد بأنه: نظام مخطط يتيح فرصاً للتعليم تقدم فى الوقت والمكان المناسبين لظروف المتعلمين، مع توظيف استخدام تقنيات خاصة للاتصال بواسطة وسائط تكنولوجيا متعددة وإجراءات تنظيميه خاصة.
ويعرف (12 Salih, Usun, 2003,) التعليم من بعد بأنه توظيف لتكنولوجيا الاتصال وتقنيات التعليم، لتحقيق التفاعل بين المعلم والمتعلمين، والمتعلمين بعضهم بعضاً.
وعليه فان التعليم من بعد هو استخدام لوسائل الاتصال والمستحدثات التكنولوجية المعاصرة؛ من أجل تحقيق التواصل والتفاعل بين المعلم والمتعلمين، وبين المتعلمين بعضهم بعضاً، بما يحقق أهداف عملية التعليم بأقل كلفة وأكبر عائد.
ويرى ( أونكر سينغ ديوال، 1997، 29 ) أن التعليم من بعد عبارة عن نظام تربوى مرن يسعى إلى إعادة توزيع التعليم فى الزمان والمكان، مع تشجيع التعليم الذاتى المعاون، ومساعدة الفرد على اجتياز طريقه فى التعلم بحرية أكبر فى إطار أكثر مرونة.
ويعرفه ( Muench, Stephen, 2004, 4 ) بأنه تعليم بديل موجه ذاتياً، حيث يجعل المتعلم مسئولاً عن تعليمه ونموه العلمى أثناء الخدمة.
فالتعليم من بعد هو نظام تعليمى يساعد المتعلمين على السير فى برامج التعليم بحرية وذاتيه، مما يحقق أكبر قدر من المرونة فى عملية التعليم.
ويشير ( بيبر ليفى، 1997 ،285) إلى أن التعليم من بعد وما يتضمنه من استخدام الوسائط الفائقة يسير جنباً إلى جنب مع التغير العام فى النظم التعليمية والتعليمية القائمة، استجابةً للتغيرات العديدة فى الطلب المستمر على التعليم والتعليم.
ويرى ( صلاح خضر، 2001 ،114 ) أن التعليم المستمر هو إحدى السمات الأساسية للتربية فى عصر المعلومات والتعليم على ما يستجد من مهارات.
وعليه فإن التعليم من بعد يسير وفقاً للتغيرات المتجددة؛ بهدف تقديم المعارف والمهارات للمتعلمين، فهو وسيلة من وسائل التعليم المعاصرة التى تهدف إلى إحداث تجديد وتحديث مستمرين، فهو من أنسب البدائل المعاصرة لما يتسم به من خصائص تجعله مدخلاً ديناميكياً لتحقيق فلسفة التعلم المستمر والتعليم مدى الحياة.
ويرى ( محمد حسن، 1996، 16 ) أن التعليم من بعد هو: أسلوب تعليمى يستخدم فى الدول ذات المساحات الكبيرة؛ مع انتشار المتعلمين بأعداد كبيرة؛ أو بأعداد قليلة فى مساحات متباعدة، بحيث يصعب استدعاؤهم لمراكز التعليم التقليدية.
ويعرف (Van, Ert, H, 1996, 25) التعليم من بعد بأنه: استراتيجية تعليمية لتطوير أداء الموظفين فى مجال التعليم بصورة فعالة ومؤثرة من دون تفرقة بين العاملين فى الريف والحضر بهدف تنمية القدرات والمواهب بصورة مستمرة.
ويعرف (Rost, Robert, 1997, 543 ) التعليم من بعد بأنه: أسلوب تعليمى يجدد المهارات والمعلومات، ويوصلها للمتعلمين فى مواقعهم؛ دون تحملهم عناء التنقل والسفر والإقامة، متغلباً على مشكلة تزايد أعداد المتعلمين، وقلة عدد المعلمين وإمكانيات التعليم.
فالتعليم من بعد: محاولة فعالة لتوصيل الخدمات التعليمية إلى الفئات التى لا تستطيع الوصول إلى مؤسسات ومراكز التعليم. (علاء قنديل، 2001، 103 ).
فالتعليم من بعد أسلوب للتعليم يستخدم لتحقيق التفاعل والتواصل بين المتعلمين ومعلميهم من مسافات بعيدة، عبر قنوات اتصال تتناسب وكل فترة زمنية؛ وما بها من تكنولوجيا الاتصالات، مع جدوى هذا النوع من التعليم عندما تتباعد المسافات بين عناصر عملية التعليم، متخطياً الحواجز الزمانية والمكانية، مقدماً تعليماً مستمراً؛ لتطوير الأداءات وتحديث المعلومات الخاصة بالعاملين فى مواقعهم.
وقد عرف (Melinda, M, 2000 , 112) التعليم من بعد بأنه: وسيلة لاكتساب مهارات مستحدثة ذات أهمية وذات تطور مستمر، وتنمية مهارات تخصصية سابقة لتطويرها وإثقالها ومواكبة التغيرات السريعة فى عالم المعلوماتية والتخصصات.
ومن خلال النظر إلى التعريفات السابقة نجد أنها جميعاً تشترك فى نظرتها الشمولية لمفهوم التعليم من بعد بأنه توظيف تكنولوجيا الاتصال والمستحدثات التكنولوجية المعاصرة، لتقديم التعليم المستمر والمتجدد للمتعلمين للتغلب على التباعد الزمانى والمكانى بين المتعلمين والمعلم، مع توظيف أنماط التفاعل والتواصل؛ لتحقيق أهداف العملية التعليمية.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن تعريف التعليم من بعد بأنه:
" أسلوب مخطط ومنظم يستهدف تنمية مهارات المتعلمين من بعد، باستخدام تكنولوجيا الاتصال العصرية، لتقريب المسافات المكانية والزمانية بين المتعلمين ومعلميهم وتحقيق التفاعل بينهم؛ وصولاً إلى إتقان المهارات وتوجيه الاتجاهات وفق ما يستجد من احتياجات.
ثانياً- خصائص التعليم من بعد:
يتصف أسلوب التعليم من بعد بمجموعة من الخصائص جعلته منفرداً بها، والتى يتضح من خلالها، وهى تحدد لمصمم هذه النوعية من البرامج الوقوف على ما يمكن توفيره من إمكانات، ومن هذه الخصائص:
1- الفصل الظاهرى بين المعلم والمتعلم:
يعتمد أسلوب التعليم من بعد على الفصل الظاهرى بين المعلم والمتعلم، فهو يحقق عملية الاتصال دون المواجهة بين المعلم والمتعلم، مستخدماً فى ذلك وسائل الاتصال الحديثة الملائمة لعناصر عملية الاتصال، موفراً بذلك الوقت والجهد والمال؛ من مشقة وعناء السفر إلى المعلم.( أحمد منصور،2001، 197 )، ( علاء العمرى،2002 ، 254 )، (فاطمة بهنسى، 2003، 251 ).
2- استيعاب أعداد كبيرة من المتعلمين:
تستوعب برامج التعليم من بعد أكبر عدد من المتعلمين فى وقت واحد فى مواقع تعليمية مختلفة ودون تمييز بين المناطق النائية، أو الريفية، وبين المدن، وبذلك يحقق استيعاباً أكبر للمتعلمين، مع قلة التكاليف.( علاء قنديل، 2001، 114 ).
3- الإعداد المسبق لمحتوى برامج التعليم:
يعتمد أسلوب التعليم من بعد على الإنتاج المسبق للبرامج التعليمية وتجهيزها مسبقاً فى الصورة الملائمة المتناسبة مع وسيلة الاتصال المستخدمة؛ وهذا الإعداد يدعم العملية التعليمية، ويوفر الوقت الخاص بالتعليم للتفاعل بين محتوى البرنامج والمعلم.
4- الاعتماد على وسائل الاتصال من بعد فى تقديم التعليم:
يستخدم أسلوب التعليم من بعد وسائل الاتصال الجماهيرية المتعددة الاتجاهات الحديثة المتاحة والملائمة للمدرب والمتعلم والمحتوى، من أجل توصيل برامج التعليم والربط بين طرفى عملية الاتصال، وينوع من وسائله: ( مرئية - مسموعة - مطبوعة - حاسوب - إنترنت )، ويدعم عملية التواصل الثنائى والحوار عبر هذه الوسائل، وتتيح للدارسين التعامل مع البرنامج التعليمى وفق احتياجاتهم وإمكاناتهم. ( ناجح حسن، حسين نور، 2002، 185 ).
كما يتصف أسلوب التعليم من بعد بقابليته لاستيعاب وتوظيف التطورات التكنولوجية وخاصةً فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لتدعيم وصقل برامج التعليم من بعد، فبعد إدخال الوسائل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة وتوظيف وسائل الاتصال متعددة الاتجاهات؛ بعد أن كان الاتصال فردياً فى التعليم بالمراسلة والتعليم بالتلفاز والتعليم بالمذياع، فقد أصبح بإمكان المتعلم أن يتحاور مع المعلم ويناقشه وهو فى مكانه ويتلقى الرد الفورى المباشر فى اللحظة نفسها وتحقيق التحاور والمشاركة بين المتعلمين من بعد، وكل ذلك مرتبط بدرجة استيعاب هذا الأسلوب للتطورات التكنولوجية المتجددة فى مجال شبكات المعلومات والأقمار الصناعية.( علاء قنديل، 2001، 113 ).
5- يحتاج إلى عدد قليل من المعلمين:
يستعين أسلوب التعليم من بعد بأقل عدد ممكن من المعلمين لتقديم التعليم لأكبر عدد ممكن من المتعلمين، فقد يكون هناك معلم واحد لتعليم مجموعات كبيرة من المتعلمين المنتشرين فى جميع أنحاء البلاد وفى وقت واحد، وذلك باستخدام أساليب التعليم من بعد واسعة الانتشار مثل ( الإنترنت - شبكة المؤتمرات المرئية - الأقمار الصناعية ).
6- يحقق مبدأ التعليم الذاتى:
يهتم أسلوب التعليم من بعد بنشاط المتعلم وتفاعله مع برامج التعليم ويعطيه حرية التعليم وذاتيته؛ حيث يختار المتعلم وقت التعليم المناسب له ( ليلاً - نهاراً )، والمحتوى التعليمى الذى يلبى احتياجاته، ويتفاعل مع البرنامج التعليم ذاتياً، مع مرونة التعليم واستقلالية المتعلم وعدم تقيده، فهو نموذج للتعليم يجعل المتعلم مسؤلاً عن تعليمه ذاتيا. (5 Muench, Stephen, 2004,).
7- التعليم أثناء أوقات العمل:
أسلوب التعليم من بعد يوفر بيئة تعليمية ملائمة للعاملين، ويوصل عملية التعليم فى أماكنهم وأثناء أدائهم لأعمالهم المعتادة، فهو يوفر أوقاتهم وجهدهم، ويمكنهم من الوفاء بأدوارهم دون تقصير.
يتضح مما سبق أن أسلوب التعليم من بعد له من الخصائص التى تجعله منفرداً متميزاً عن أساليب التعليم التقليدية، وهو ما ينعكس على عملية إعداد برامج التعليم من بعد، وقد تم إعداد برنامج البحث الحالى فى ضوء هذه الخصائص لتعليم أخصائيى تكنولوجيا التعليم أثناء الخدمة المتباعدين عن بعضهم بعضا وعن مدربهم، باستخدام أقل عدد من المعلمين، لتعليم أكبر عدد من المتعلمين، باستخدام تكنولوجيا الاتصالات المتاحة ( الإنترنت )، للتعليم على مهارات استخدام برامج الكمبيوتر.
ثالثاً- الأهداف العامة للتعليم من بعد:
يستند أسلوب التعليم من بعد بصفة عامة إلى مجموعة من الأهداف المحددة، وهى:
1- تحسين المناخ العام للعمل بصورة مستمرة.
2- تزويد المتعلمين بالخبرات المختلفة.
3- تمكين المتعلمين من الإلمام بكل ما هو جديد؛ فى ظل التقدم التكنولوجى السريع.
4- إتاحة فرصة تعميق التخصص وتعديل المهن وفق التغير والتعديل الحادث فى المجتمع.
5- توفير فرص التعليم المستمر، ورفع مستواهم العلمى والمهنى.
6- تحقيق الرضا الوظيفى للمتعلمين. ( فاطمة بهنسى، 2003، 254 ).
7- إعادة تشكيل التعليم والتربية الخاصة بالمعلمين.
8- توظيف تكنولوجيا التعليم وتقنيات التعليم فى مجال تعليم المعلمين. (Anderson, Daniel, 1996,75)
9- تغيير وتعديل دور المعلم والمتعلم؛ فالمتعلم أصبح إيجابياً متفاعلاً، والمعلم أصبح مرشداً موجهاً. (Mingus, Michual, 1999, 225 ).
ويرى (محمد جابر، 2006) أن أهم أهداف التعليم من بعد هى:
1- تطوير وتنمية المهارات وتعديل الاتجاهات بصفة مستمرة ، بما يعود بالنفع على الفرد والمؤسسة التى يعمل بها.
2- توفير فرص التعليم لأكبر عدد من المتعلمين؛ خاصة الفئات البعيدة المحرومة التى يصعب عليها الانتقال لتلقى التعليم التقليدى.
3- تخفيف الضغط على المؤسسات التعليمية؛ خاصة فى ظل التزايد الواضح فى أعداد المتعلمين.
4- تمكين المتعلمين من معرفة كل ما هو جديد فى مجال تخصصهم؛ فى ظل التقدم السريع فى جميع المجالات وخاصة فى مجال تكنولوجيا التعليم.
5- تزويد المتعلمين بالخبرات التى تساعدهم على تكوين اتجاهات إيجابية نحو أعمالهم ورضاهم عن أنفسهم.
6- توفير فرص التعليم المستمر من بعد؛ لتمكين المتعلمين من تلقى التعليم فى المكان المناسب والوقت الملائم؛ بما يمكنهم من تحديث مهاراتهم ورفع مستواهم العلمى والمهنى.
7- توظيف إمكانات تكنولوجيا الاتصالات فى خدمة عمليات التعليم التربوى؛ وذلك بتوظيف تكنولوجيا التعليم ومستحدثاتها فى تقديم برامج التعليم من بعد أثناء الخدمة.
نستنتج من العرض السابق أن التعليم من بعد يشتق أهدافه من خصائصه وفوائده، فهو أسلوب تعليمى متجدد، يوظف إمكاناته لتوفير أفضل فرص للتعليم، يتغلب على معظم معوقات برامج التعليم التقليدية، وكل ذلك يدعو إلى البحث عن فلسفة التعليم من بعد.
رابعاً- فلسفة التعليم من بعد:
يقوم التعليم من بعد على أساس فلسفة راسخة للتعليم والتعليم المستمرين؛ فهو يؤكد على مبدأ التعليم المستمر مدى الحياة؛ منطلقاً من أسس هادفة مستمدة من البحوث والدراسات والتحليلات الاجتماعية والرؤى الفلسفية.
ويرى ( أحمد منصور، 2001، 201 ) أن الفلسفة الأساسية لأسلوب التعليم من بعد تقوم على أساس تقديم التعليم الدائم والمستمر للمتعلمين؛ لتمكينهم من كل ما هو جديد فى مجال عملهم؛ مستخدماً الذاتية الفردية فى الحصول على هذا التعليم؛ بحيث يتحكم كل متعلم فى عملية تعليمه وفق قدراته ومهاراته، والسير فى التعليم وفق سرعته واستيعابه.
ويقوم أسلوب التعليم من بعد على فلسفة عامة أوردها كل من : ( علاء قنديل، 2001 ، 121-122 )، ( Muench, Stephent, 2004, 1 )؛ ويمكن عرضها فيما يلى:
1- التعليم المستمر:
يقوم التعليم من بعد على الاستمرار دون انقطاع؛ من أجل تحقيق آمال المتعلم وتنمية قدراته، وتلبية احتياجاته المتجددة، وتمكينه من مواجهة مطالب التغيير، مع إتاحة الفرص الدائمة للاستزادة من التعليم المتاح باستمرار؛ دون التقيد بمكان أو زمان.
2- التعليم الذاتى:
تقوم فلسفة التعليم من بعد على مسلمة مؤداها أنه إذا كان كل إنسان مطالباً بأن يتحكم فى ظروف حياته؛ وأن يطور من ذاته لتحقيق متطلباته الشخصية، وأن يكون قادراً على التعليم الذاتى بنفسه فى عصر تتجدد فيه المعرفة والثقافة باستمرار، لذا فقد وضع العلم وتطبيقاته التكنولوجية فى متناول الإنسان وسائط للاتصال يستطيع بواسطتها تنمية قدراته وتثقيف ذاته ومواكبة المتغيرات المجتمعية السريعة.
3- تفريد التعليم:
ويقوم هذا الاتجاه على أساس إتاحة الفرصة لكل متعلم بمفرده والتعلم من خلال البرنامج بسرعته الخاصة؛ بحيث يتلقى المساعدة التى يحتاج إليها لتنمية قدراته، وتلعب التقنيات التعليمية دوراً أساسياً فى نجاح هذا الاتجاه.
4- الخطو الذاتى:
يعتمد أسلوب التعليم من بعد على الخطو الذاتى للمتعلم؛ بأن يكون تعليماً موجهاً توجبهاً ذاتياً، مع استقلالية التعليم ومراعاة الفروق الفردية.
نستنتج مما سبق أن الفلسفة الأساسية لأسلوب التعليم من بعد تقوم على تعليم دائم ومستمر للمتعلمين، لتمكينهم من كل جديد فى مجالهم، بتحقيق الذاتية فى الحصول على محتوى التعليم؛ بحيث يتحكم كل متعلم فى عملية تعليمه وفق قدراته ومهاراته، والسير فى التعليم وفق سرعته واستيعابه.
ويرى ( محمد جابر ، 2006) أن فلسفة التعليم من بعد هى:
أسلوب يقوم على تقديم فكر تعليميى جديد؛ فكر مغاير للأفكار التقليدية، فيعتمد على التعليم المستمر؛ غير المنقطع، المتصل باحتياجات المتعلمين المتجددة، المتغيرة بتغير المهارات والمعارف، معتمداً على ذاتية التعليم؛ وما تفرضه من مسؤولية المتعلم شبه الكاملة عن عملية تعليمه، فهو تعليم متمركز حول المتعلم، مع تفريد التعليم وترك حرية سير تعلم المتعلم وفق سرعته ومهاراته، لتحقيق الأهداف المرجوة، مع توظيف تكنولوجيا التعليم والاتصال فى هذا المجال، مع وضوح أهداف التعليم وواقعيته، بتوفير المرونة والتغيير المرتبط بتغيير المهارات، فهو أسلوب ديمقراطى يحقق التنمية القومية المنشودة، ويوفر التعليم فى مواقع العمل.
كما أن فلسفة أسلوب التعليم من بعد توضح شكل وهيكل هذا الأسلوب التعليمى ومنطلقاته، وتكون تدعيماً للتخطيط لبرنامج تعليم أخصائيى تكنولوجيا التعليم فى هذه البحث، وهى مقدمة للتعرف على مميزات التعليم من بعد.
خامساً- مميزات التعليم من بعد:
عملية توظيف استخدام أسلوب التعليم من بعد فى التعليم أثناء الخدمة تحقق فوائد مميزات كبيرة ومتنوعة.
ويمكن صياغة مميزات التعليم من بعد فى العرض التالى:
1- المشاركة فى التعليم:
حيث يمكن التعليم من بعد المتعلمين فى شتى أنحاء العالم من المشاركة فى التعليم بالمعلومات والأفكار دون التمييز بين متعلم وآخر، كما يرتبط مبدأ المشاركة بتفاعل المتعلم خلال تصميم التعليم وتقدير الاحتياجات.
2- التواصل والتحديث:
فالتعليم من بعد يوفر عنصر الاتصال بين المتعلمين فى مناطق متباعدة ودول مختلفة للتعرف على أحدث الاتجاهات العلمية فى المجال.
3- تكوين الجماعات وتوفير الاجتماع من بعد:
فيؤدى التعليم من بعد إلى تكوين جماعات تعليمية وتعليمية ذات اهتمام مشترك، بتبادل الرسائل وعقد المؤتمرات من بعد. (فهد سليمان، 1999، 79 ).
4- التنمية والتطوير:
يؤكد (Box, Katherine, 1999, 2 ) على أهمية التعليم من بعد فى تطوير عملية التعليم ويحقق التفاعل بين المتعلمين وبين معلميهم؛ لجعل التعليم أكثر فاعلية ومتعة.
5- التغلب على مشكلات التعليم التقليدى:
يساهم التعليم من بعد فى التغلب على مشكلات التعليم التقليدى، ومنها:
أ- نقص الإمكانات المادية؛ من: ( قاعات التعليم - المعامل - الأدوات - المواد - الخامات - الأجهزة الآلات ).
ب- نقص الإمكانات البشرية والمتمثلة فى: ( قلة المعلمين المتخصصين، والفنيين المساعدين ).
جـ- التباعد الجغرافى والمتمثل فى بعد المسافات بين المتعلمين ومدربهم.
6- السيطرة على التعليم:
حيث يتيح هذا الأسلوب التعليمى للمتعلم القدرة الكبيرة للتحكم والسيطرة على عملية التعليم ويتعلم وفق قدراته، ويحرر المتعلمين من القيود، حيث يوفر الحرية الكافية لاتخاذ القرار الخاص بتعليمه: ( بماذا يتعلم - كيف يتعلم - أين يتعلم - متى يتعلم).
7- اعتماده على التعليم للإتقان:
من مميزات التعليم من بعد أنه يعتمد على التعليم للإتقان؛ حيث يتيح فرصاً كبيرة للنجاح فى التعليم، كما يقدم فرصاً عادلة لذلك النجاح؛ فالمتعلم بهذا الأسلوب يتعلم بمفرده معتمداً على الذات؛ مستعيناً بمصادر التعلم المتنوعة، وإمكانية تكرار عملية التعليم حتى تحقيق التمكن.( أحمد منصور،2001، 172-197 ).
8- يلبى احتياجات ورغبات الجميع:
يلبى التعليم من بعد احتياجات جميع المتعلمين؛ فلا يتقيد بتحديد سن محدد، أو جنس معين، أو مستوى اجتماعى أو اقتصادى، بل هو أسلوب يلبى رغبات الجميع، ويتيح المزيد من التكيف لحاجات المتعلم الاجتماعية والوظيفية والمهنية. ( علاء قنديل،2001، 115 ).
9- يحقق مناخاً تعليمياً ملائماً للمتعلمين والمعلم.
10- يجعل برامج التعليم أكثر تأثيراً وفائدة وفاعلية، ويحقق أفضل أداء.
11- يقلل من الكلفة والإنفاق على التعليم:
حيث يقلل التعليم من بعد من كلفة التعليم وخاصةً عند استخدام وسائل تكنولوجية واسعة الانتشار، أكثر تغطية، مثل: ( التلفاز - الفيديو - الإنترنت ).
12- يقابل احتياجات كل متعلم:
حيث يقوم التعليم من بعد على احتياجات المتعلم وميوله واهتماماته ومستوى أدائه، وكذلك احتياجات المجتمع والوظيفة، وذلك من خلال إكساب وتنمية مهارات عملية وعقلية ومعرفية باستخدام وسائل التعليم من بعد المتنوعة.( فاطمة بهنسى،2003، 252- 253 ).
ويوضح العرض السابق مميزات أسلوب التعليم من بعد لتحقيق أعظم الفوائد الممكنة التى يتيحها من مرونة وملاءمة وقلة الكلفة؛ فهو يستوعب أعداداً كبيرة من المتعلمين، كما يتميز هذا الأسلوب بتنويع وسائل وأدوات التعليم وفق الظروف والمواقف، ويقدم أيضاً حلولاً واقعيةً لكل معوقات التعليم التقليدى؛ من نقص الموارد البشرية والمادية والبعد المكانى والبعد الزمانى، بالإضافة إلى ذلك قدراته العالية فى تنمية وتطوير المهارات وإثرائها، وتوفير أكبر قدر من التفاعل بين عناصر عملية التعليمية.
ويرى ( محمد جابر، 2006) أن مميزات التعليم من بعد، وهى:
1- يحقق تعليماً ملائماً للمتعلمين، بأكبر قدر من الفاعلية فى أداء المهارات وتحصيل المعلومات؛ بتوظيف إمكانات التعليم من بعد.
2- يوظف أساليب الاتصال من بعد الأكثر انتشاراً لتقديم برامج التعليم، مثل الإنترنت؛ لتحقيق تعليم أكبر عدد ممكن من المتعلمين وبأقل كلفة، مع اختصار وقت التعليم.
3- يقدم تعليماً متنوع الوسائل والأساليب؛ ليناسب اهتمامات ورغبات جميع المتعلمين؛ مختلفى الأفكار والعادات، والمنتشرين فى أماكن وبيئات متنوعة، فالتعليم من بعد يخاطب المتعلمين فى بيئاتهم المختلفة (الريف - الحضر)، واختلاف المرحلة السنية، ومختلفى الجنس (ذكور - إناث)، فهو قائم على التنوع والمرونة عند تقديم برامج التعليم من بعد.
4- يساعد على تطوير وتنمية وإكساب المتعلمين المهارات والمعلومات، لمسايرة التغيير والتطور فى مجالات التعليم.
5- يوفر المشاركة والتواصل بين جمهور المتعلمين من بعد، بتوظيف أدوات التواصل الحديثة للمشاركة فى الأفكار والمعارف حول محتوى برامج التعليم، بتحقيق عالمية التعليم
6- يحقق مبدأ المساواة وديمقراطية التعليم أثناء الخدمة؛ دون تفرقة بين المتعلمين ترجع إلى مستوى اقتصادى، أو اجتماعى، أو دينى ( تحقيق التعليم للجميع ).
7- يعدل ويوجه اتجاهات المتعلمين نحو تخصصهم ونحو أسلوب تعليمهم باستخدام التعليم من بعد؛ وقدرته على توجيه الاتجاهات ونمو الرضا النفسى عن العمل بما يحقق الكفاءة المهنية.
8- يربط محتوى التعليم على المهارات والمعلومات باحتياجات سوق العمل ومتطلبات المجتمع؛ من كوادر بشرية مدربة فى جميع المجالات.
9- يساعد على تعديل محتوى برامج التعليم؛ مرتبطا بالتغيرات الطارئة على احتياجات ومتطلبات المتعلمين؛ نظراً للتطورات المتسارعة فى مجالات التعليم.
10- يراعى الفروق الفردية بين المتعلمين، بتوفير حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بعملية تعليمهم؛ بتحديد الاحتياجات التعليمية، ومكان التعليم وقت التعليم المناسب لكل متعلم.
ومن خلال استعراض فوائد ومميزات التعليم من بعد أثناء الخدمة وإمكانية توظيف ذلك؛ يستلزم ذلك عرض متطلبات التعليم من بعد.
سادساً- متطلبات التعليم من بعد:
يستلزم تطبيق أسلوب التعليم من بعد فى برامج التعليم أثناء الخدمة عدداً من المتطلبات الأساسية، وبعد الإطلاع على كتابات وآراء: ( كولن باور، 1997 ، 218 )، (تيسير الكيلانى، 2002، 244)، ( سهم أبو عطية، 2002، 24 )، (يعقوب نشوان، 2002، 242 -243)، )،( فاطمة بهنسى، 2003، 260 )، ( محمد سرحان، 2003، 32 -33 )، ( ياسين المقطرى، 2003، 33- 34 )، ( يحيى الصايدى، 2003، 27 ) يمكن تقديم قائمة بمتطلبات التعليم من بعد فيما يلى:
1- توافر البنية الأساسية اللازمة والمتطلبات التكنولوجية الميسرة لنظام التعليم من بعد.
2- الموافقة الإدارية لإنشاء وتطوير أنظمة التعليم والتعليم من بعد.
3- إدارة وتمويل مؤسسات التعليم والتعليم من بعد؛ والتى تتناول تحديد الأسلوب الإدارى المناسب من القوى البشرية وكوادر مؤهلة، وتوفير نفقات إعداد برامج التعليم.
4- تقديم الدعم اللازم لنظام التعليم من بعد؛ بتوفير مناخ تعليمى - تعليمى مناسب، من منطلق أن الإبداع والابتكار مطلب أساسى لتحقيق التقدم واكتساب المعرفة.
5- تبنى مؤسسات التعليم مبدأ تطوير كوادرها البشرية بصورة مستمرة.
6- قيام مراكز التعليم من بعد بتوسيع قاعدة التعريف بأنشطتها وبرامجها لمختلف المجالات.
7- الإشراف الأكاديمى فى مجال التعليم من بعد؛ بتوفير كادر إشرافى ثابت لمؤسسات التعليم والتعليم من بعد؛ قادراً على التعليم والتعليم المستمر.
8- تعليم العاملين فى مؤسسات التعليم والتعليم من بعد على استخدام وتشغيل التقنيات الحديثة، وبخاصة شبكات المعلومات.
9- التحديث المستمر لبرامج التعليم؛ لمجاراة التطور السريع فى مجال التقنيات التعليمية الحديثة، وما يستجد من أمور فيما يتعلق باستخدامها فى التعليم والتعليم.
10- تكوين منهجية التعليم من بعد؛ وخاصةً فى مجال إنتاج البرامج والمواد التعليمية.
11- تطبيق معايير الجودة النوعية فى التعليم من بعد؛ مثل تحديد خصائص المتعلمين واحتياجاتهم التعليمية، وتحديد الجودة النوعية فى إعداد المحتوى العلمى المقدم لهم.
12- البدء بتعليم طلاب الجامعات على هذا النوع من التعليم.
13- مشاركة كليات التربية فى نشر ثقافة التعليم من بعد، وإعداد الكوادر البشرية المعلمة، وإجراء الأبحاث والدراسات، وعقد الندوات والمؤتمرات فى مجال التعليم من بعد.
وعلى ما سبق فإن التعليم من بعد يعتمد على مجموعة من المتطلبات الأساسية واللازمة لجميع أساليبه، وقد تكون هناك متطلبات أخرى تختلف باختلاف أسلوب التعليم المستخدم، فاستخدام التعليم بالتلفاز يختلف عن التعليم بالمذياع، وكذلك استخدام الفيديو كاسيت، أو التعليم بالإنترنت، أو باستخدام شبكة المؤتمرات المرئية، فلكل أسلوب متطلبات خاصة به تميزه عن غيره، على الرغم من اتفاق نظم التعليم من بعد عامة فى المتطلبات الأساسية سابقة الذكر، والتى لا تفرق بين أسلوب وآخر.
ويعرض ( محمد جابر، 2006) متطلبات التعليم من بعد فيما يلى:
1- متطلبات مادية:
يتطلب أسلوب التعليم من بعد متطلبات مادية، وهى تتمثل فى:
أ- توفير البنية الأساسية اللازمة لإيصال التعليم، وعليه ففى حال التعليم بالإنترنت يتطلب توفير: ( خطوط اتصال بالإنترنت - أجهزة حاسوب وملحقاتها التفاعلية - برامج تصفح الإنترنت ).
ب- برمجة محتوى البرنامج التعليمى باستخدام برامج تتناسب مع طبيعة شبكة الإنترنت.
جـ- توفير التمويل المادى اللازم للإنفاق على هذا النوع من التعليم: ( إنتاج برمجيات - اشتراك فى خدمات الشبكات - تجهيز المعامل ).
د- تجهيز مكان مناسب لاستقبال التعليم: (المؤسسة التعليمية– المنزل – مقهى انترنت).
2- متطلبات بشرية:
يتطلب أسلوب التعليم من بعد متطلبات بشرية، وهى تتمثل فى:
أ- إعداد المعلمين المؤهلين لتقديم هذه المهارات باستخدام التعليم من بعد.
ب- إعداد وتأهيل المتعلمين أثناء فترة إعدادهم بالمراحل التعليمية المختلفة قبل الخدمة.
ساحة النقاش