الموقع الرسمى الخاص بالاستاذ الدكتور محمد جابر خلف الله

موقع: بحثى - تربوى - تعليمى

المستحدثات التكنولوجية Technological Inventions:

   "شهدت السنوات الماضية طفرة هائلة فى المستحدثات التكنولوجية المرتبطة بمجال التعليم، وقد تأثرت عناصر منظومة التعليم على اختلاف مستوياتها فى العديد من الدول بهذه المستحدثات، فتغير دور المعلم بصورة واضحة وأصبحت كلمة معلم / مدرس Teacher غير مناسبة للتعبير عن مهامه الجديدة، وظهرت فى الأدبيات الحديثة كلمة مسهل Facilitator لوصف مهام المعلم على أساس أنه الذى يسهل عملية التعلم لطلابه، فهو يصمم بيئة التعلم Learning Environment ويشخص مستويات طلابه ويصف لهم ما يناسبهم من المواد التعليمية، ويتابع تقدمهم ويرشدهم ويوجههم حتى تتحقق الأهداف المنشودة.

كما تغير دور المتعلم نتيجة لظهور المستحدثات التكنولوجية وتوظيفها فى مجال التعليم، فلم يعد متلقيا سلبيا حيث ألقيت على عاتقه مسئولية التعلم وقد استلزم ذلك أن يكون نشطا أثناء موقف التعلم، يبحث وينقب ويتعامل بنفسه مع المود التعليمية المطبوعة وغير المطبوعة ويتفاعل معها، ولقد تأثرت المناهج الدراسية أيضاً بظهور المستحدثات التكنولوجية، وشمل التأثير أهداف هذه المناهج ومحتواها وأنشطتها وطرق عرضها وتقديمها وأساليب تقويمها، ولقد أصبح إكساب الطلاب مهارات التعلم الذاتى وغرس حب المعرفة وتحصيلها فى عصر الانفجار المعرفى من الأهداف الرئيسية للمنهج الدراسى، وتمركزت الممارسات التعليمية حول فردية المواقف التعليمية، وزادت درجة الحرية المعطاة للطلاب فى مواقف التعلم مع زيادة الخيارات والبدائل التعليمية المتاحة أمامهم, 

      وبالإضافة إلى ما تقدم فلقد أدى ظهور المستحدثات التكنولوجية إلى ظهور مفاهيم جديدة فى ميدان التعليم ارتبطت بالمستوى الإجرائي التنفيذي للممارسات التعليمية بصفة خاصة فبدأنا نسمع عن التعليم المفرد Individualized Instruction، والتعليم بمساعدة الحاسوب  Computer Assisted Instruction وتكنولوجيا الوسائط المتعددة Multimedia Technology، ومراكز مصادر التعلم Learning Resources Centers، والمكتبة الإلكترونية Electronic Library، والجامعة الكونية Global University، والجامعة المفتوحة Open University، كما بدأنا نسمع عن مفاهيم التعلم عن بعد Learning at Distance والتدريب عن بعد Training at Distance ، والمؤتمرات بالفيديو Video Conferencing، والمؤتمرات بالحاسوب Computer Conferencing، وغيرها. ( على عبد المنعم، عرفة نعيم، 2000، 2-3).  

 وتؤكد دراسة (حمادة مسعود، 2002، 37) على أن التعاون بين التكنولوجيا والتعليم تعاون وثيق؛ حيث اعتمد التعليم باستمرار على استخدام الوسائل والتقنيات التعليمية مثل الكتب والصور والأشرطة السينمائية والتسجيلية وغيرها، وهذه الوسائل التي ما فتئت تشهد تطوراً ملحوظاً وتزداد انتشارا وتتعزز فى وقتنا الراهن بالتليفزيون والفيديو والكمبيوتر والإنترنت وغيرها من المستحدثات التكنولوجية فى مجال الإعلام والاتصال، وأصبحنا نلاحظ أنه كلما حدث تطور فى إحدى هذه التكنولوجيات يقابله تطور لإحدى المجالات التربوية، وتجديد فى قطاع من القطاعات التعليمية.

أولاً-  ماهية المستحدثات التكنولوجية:

      تعد المستحدثات التكنولوجية فكراً متطوراً ومنتجاً متقدماً، وهى توظيف للأفكار والمخترعات فى خدمة مجالات الحياة المختلفة ومنها مجال التعليم، فالمستحدثات التكنولوجية فى مجال التعليم تشمل كل ما هو جديد ومستحدث من وسائل وأجهزة وأدوات يمكن توظيفها فى العملية التعليمية. 

      وقد عرف ( محمـد نصر، 2000 ، 503) المستحدثات التكنولوجية بأنها " الاكتشافات والاختراعات التكنولوجية بما تتضمن من أجهزة تكنولوجيا التعليم والمواد التعليمية المرتبطة بها  والبرامج التعليمية والوسائل التكنولوجية والتى يمكن توظيفها بالتعليم لمواكبة التغييرات المتلاحقة.

      ويرى ( ممدوح عبد الحميد، 2000، 309) أن المستحدثات التكنولوجية هى " كل ماهو جديد وحديث فى مجال توظيف التكنولوجيا فى العملية التعليمية، من أجهزة وآلات حديثة وأساليب تدريسية بهدف زيادة قدرة المعلم والمتعلم على التعامل مع العملية التعليمية.

     وعليه يمكن تعريف المستحدثات التكنولوجية إجرائيا بأنها: " كل الوسائل والمعينات والأجهزة الحديثة وأساليب تقديمها، والتى يتم توظيفها فى التعليم لتحقيق أهدافه ومواكبة التغيرات العصرية المتلاحقة ( محمد جابر، 2008).

ثانياً-  تطور المستحدثات التكنولوجية:

هناك أسباب كثيرة عجلت بظهور المستحدثات التكنولوجية وتطورها المستمر، وذلك يرجع لطبيعة العصر الذي نعيش فيه والذي يتسم بالتغير المستمر والذي ارتبط بالتقدم الحادث فى مجالات عديدة منها مجالات الاتصالات وتكنولوجيا البرمجيات المرتبطة بها؛ مما أدى إلى ظهور ما يسمى بثورة الاتصالات، وظهور الجانب المادي من المستحدثات التكنولوجية والمتمثل فى الأجهزة الحديثة والمواد التعليمية والوسائل والأدوات، كما أن أسباباً أخرى أدت إلى ظهور الجانب الفكرى للمستحدثات وما ارتبط بها من مواد تعليمية وبرمجيات، ويتصل بتلك الثورة الانفجار المعرفي الحادث فى مجال التربية؛ لمحاولة الإفادة منها فى التعليم (على عبد المنعم، 1996، 220-222).

      وتؤكد دراسة (حمادة مسعود، 2002، 39). على أن ظهور هذه المستحدثات فى مجال التعليم ليس الغاية المقصودة فى حد ذاتها، لكن الأهم هو كيفية توظيفها لتحقيق الأهداف المرجوة. وذلك من خلال متابعة وتوظيف كل ما هو جديد بالمجال. 

      وعليه فإن المستحدثات التكنولوجية تعد جزءاً من منتجات التطور الحادث فى مجال المعلوماتية؛ كما أنها نتاج لتطور المعلومات، وأصبحت المعلومات تتقدم من خلال توظيف المستحدثات ذاتها، وبذلك فهى عبارة عن دائرة متصلة تكمل بعضها بعضاً، كما أصبحت المستحدثات التكنولوجية وسيلة وغاية تعليمية فى الوقت نفسه، وذلك أظهر مدى أهمية توظيف المستحدثات التكنولوجية فى مجال التعليم وما ارتبط به من بحوث ودراسات التربويين؛ والتى أكدت على أن هناك مطلبا ملحاً فى سبيل تطوير التعليم بتوظيف هذه المستحدثات فى العملية التعليمية ( محمد جابر، 2008).

ثالثا- خصائص المستحدثات التكنولوجية:

      وبعد الإطلاع على كتابات (علي عبد المنعم، 1997)، ودراسة كل من: (هاشم سعيد، 2000)، و(أسامة هنداوى، 2003)، و(حمادة مسعود، 2002)، ( محمد جابر، 2008) أمكن وضع مجموعة من الخصائص:

 1- التفاعلــية:

      وتعنى قدرة المستحدثات التكنولوجية على إضافة عامل التفاعلية؛ الفعل ورد الفعل عند تعامل المتعلم معها؛ عن طريق اختيار المتعلم لأسلوب السير والانتقال ونمط التفاعل والتدريب والتواصل والتغذية المرتجعة، واستقبال المعلومات والتفاعل معها من خلال (الكمبيوتر- الانترنت - الفيديو التفاعلى- التليفزيون المباشر – الراديو المباشر – شبكة المؤتمرات المرئية).

2-الفرديـــة:

       ويقصد بالفردية أن المستحدثات التكنولوجية تتيح للمتعلم إمكانية التعلم من خلال تفريد المواقف التعليمية، وذلك حتى يتم مراعاة الجوانب والحاجات المختلفة لدى المتعلمين، ومع أهمية مراعاة هذه الفروق؛ فإن هناك ضرورة لتفريد المواقف التعليمية للوصول بهم جميعا إلى المستوى المطلوب وفقا لقدرات واستعدادات كل منهم واختلاف خبراتهم السابقة، ومن المستحدثات التى توفر الفردية فى مواقف التعليم: (البرامج المسموعة بنظم التوجيه السمعي – برامج الكمبيوتر المعتمدة على التوجيه الكمبيوترى – برامج الفيديو المعتمدة على التوجية المرئى ونظام الفيديو التفاعلى).

3- التنوع:           

      وتتصف المستحدثات التكنولوجية بالتنوع من حيث توفير بيئات تعلم متنوعة يجد فيها كل متعلم ما يناسبه ويتحقق ذلك إجرائيا بتوفير مجموعة من الخيارات والبدائل التعليمية أمام المتعلم وتتمثل هذه الخيارات في تقديم المحتوى التعليمي فى أشكال متنوعة (مسموعة – مرئية – فيلمية – كمبيوترية – صفحات انترنت- .. وغيرها من الأشكال)، ومن فوائد خاصية التنوع أنها تثري العرض بعناصرها المختلفة التي تركز علي إثارة القدرات العقلية للمتعلمين.

4- الكونية:

       تتيح بعض المستحدثات المتوفرة الآن أمام مستخدميها فرص الانفتاح علي مصادر المعلومات في جميع أنحاء العالم ويمكن للمستخدم أن يتصل بالشبكة العالمية (الإنترنت) Internet للحصول علي ما يحتاجه من معلومات في كافة مجالات العلوم، كما أصبح من الممكن بالنسبة للجامعات والمدارس والهيئات والأفراد الاشتراك في هذه الشبكة والحصول علي جميع الخدمات التعليمية والإدارية من خلال الانترنت، ويؤكد (الغريب زاهر، 1999، 170) على أن شبكة الانترنت كأهم المستحدثات التكنولوجية قد تسهم فى جعل الرؤية المحلية للبرامج التعليمية أكثر قوة بإبرازها على العالم وتداولها ومناقشتها مما يساعد على نموها وتطورها، وفى هذا الصدد يذكر ( 2 , 1998 , Andrew  , Doherty) أنه على التربويين أن يستثمروا إمكانيات ومميزات الإنترنت فى التعليم وجعل المدارس كونية عالمية فى مناهجها وطلابها.

5 - التكاملية:

إن عرض مجموعة الوسائط يتكامل على شاشة جهاز الحاسوب لخدمة الفكرة أو المبدأ المراد توصيله، ولايعنى ذلك عرض هذه الوسائط واحدة بعد الأخرى من خلال شاشات منفصلة، ولكن العبرة أن تخدم هذه العناصر الفكرة المراد توصيلها على شاشة واحدة المهم هنا هو اختيار الوسائط المناسبة من صوت ، وصورة ثابتة، وصور ورسوم متحركة، ورسوم متحركة، ورسومات خطية، وموسيقى ، ومؤثرات صوتية، ويظهر ذلك على هيئة خليط أو مزيج متكامل متجانس يرتبط بتحقيق مجموعة من الأهداف التعليمية المحددة. ( على عبد المنعم، عرفة نعيم، 2000، 9).

وللمستحدثات التكنولوجية دوراً مهماً في جعل الخبرات التعليمية أكثر واقعية وقبولا للتطبيق، كما أنها تسهم في تحسين التعليم بكافة مراحله. (فتح الباب سيد،،1997 ، 22)

  لذلك يؤكد (محمد نصر، 2000، ص 516) على أهمية توظف المستحدثات التكنولوجية للوفاء بمتطلبات التربية العلمية في عصر المعلوماتية، وأن تنعكس إيجابيتها علي كل من فلسفة التربية العلمية وأهدافها ومعلم العلوم ومتعلم العلوم والمدرسة والمجتمع.

كما أوصي المكتب الفيدرالي للتكنولوجيا بأمريكا The Federal Office of Technology Assessment,1995)بأن تخصص المدارس أكثر من 30% من ميزانية التكنولوجيا لتدريب المعلمين علي استخدام المستحدثات كما أوردت تقارير جمعية الأعمال الأمريكية بأن الضغوط المعاصرة وإمكانات العولمة تتطلب قوى عاملة قادرة على مواكبة التغيرات السريعة وذلك من خلال تطوير مهارات العمل، ووضعت هيئة الاعتراف الأكاديمي لإعداد المعلم وتدريبه(NCATE)(The National Council for Accreditation of Education)  عدة معايير لإعداد المعلم في ضوء المستحدثات التكنولوجية منها:    

1- استخدام الكمبيوتر والمستحدثات التكنولوجية لتسهيل العملية التعليمية .

2- استخدام الوسائل المتعددة والفائقة والاتصالات من بعد لتعزيز عملية التعليم.

3- استخدام مصادر التكنولوجيا لتنمية مهارات التفكير التي تتضمن حل المشكلات والتفكير التقدي، وصناعة القرار، وبناء المعرفة الإبتكارية.

4- استخدام أدوات التكنولوجيا ومصادر المعلومات لزيادة الكفاءة وإظهار الابتكارية وتسهيل التعلم الأكاديمي.

.2001p1685)  Wagner، Loneragn, 2001,p14)  ، وبناء علي ما تقدم فإن استمرارية إعداد المعلم وتزويده بالجديد من المعلومات والمهارات والبرامج التدريبية الجديدة تبدو ذات أهمية، مع متابعة تدريبه أثناء الخدمة في جميع المراحل التعليمية، حيث إن المعلم يتأثر بالتغيرات والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية التي تسود المجتمع، وقد تنال المقررات الدراسية التي تمارس داخل المدارس قسطا من هذا التأثير، مما يتطلب معلما مدربا ومعدا بصفة مستمرة لضمان تنفيذ تلك المقررات بصورة مأمولة، ولكي يتم ذلك يلزم تدريب المعلمين علي المهارات الجديدة في مجال المستحدثات التكنولوجية. 

المصدر: د محمد جابر خلف الله
azhar-gaper

أ. د/ مـحمـد جـابـر خـلف الله

  • Currently 176/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
57 تصويتات / 9428 مشاهدة
نشرت فى 17 يوليو 2010 بواسطة azhar-gaper

ساحة النقاش

دمحمد جابر خلف الله

azhar-gaper
دمحمد جابر خلف الله- أستاذ تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة الأزهر »

البحث داخل الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,089,275