الإسلام هو دين الله ليس له دين سواه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة الصادرة بتاريخ 10/ ربيع الآخر/ 1403 هـ وعدد (5785) من الأجوبة الصادرة من بعض الكتاب عن أسئلة مجلة (لوفيفا رومافزين) فوجدت فيها ما نصه بعد كلام سبق: (الصراع بين المسيحية والإسلام والذي أندد به شخصياً وتمكّنت من ملاحظته أن بعض المبشرين المسيحيين الذين يلقون خطاباتهم في العالم الثالث يوزعون مناشير تنتقد الإسلام، كذلك فإني أعرف أن بعض الوعاظ المسلمين يطبعون ويوزعون كتابات تنتقد المسيحية وهذا مما يؤسف له غاية الأسف، فالإسلام والمسيحية ديانتان منزلتان، ونحن نعتقد في إله واحد وبالتالي يجب علينا أن نتفادى كل تصادم بين دينينا، والعمل من أجل تفاهم بين المسلمين والمسيحيين في خدمة الإنسان) انتهى.

ونظراً إلى ما في هذا الكلام من الغلط الواضح والإجمال وجب علي وأمثالي التنبيه على ما وقع في هذا الكلام من الأخطاء المخالفة للشرع المطهر فأقول: إن الصراع بين الإسلام وبين الأديان الباطلة كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها لم يزل قائماً من حين بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فالإسلام يذم اليهود والنصارى ويعيبهم بأعمالهم القبيحة ويصرح بكفرهم تحذيراً للمسلمين منهم، كما قال سبحانه: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا[1] الآية. وقوله عز وجل: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ[2] الآية، والآيات بعدها، وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[3]، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ[4].

والآيات في ذم اليهود والنصارى والتحذير مما هم عليه من الباطل كثيرة. وقال في حق المشركين كالبوذيين وغيرهم: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[5]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ[6]، وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[7]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق عليه، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها إن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: ((أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

واليهود كانوا على شريعة التوراة، وبعد ما توفي موسى عليه الصلاة والسلام غيروا وبدلوا وحرفوا وانقسموا على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام. ولما بعث الله عيسى عليه الصلاة والسلام بشريعة التوراة وأنزل الله عليه الإنجيل وأحل الله لهم بعض ما حرم عليهم وبين لهم بعض ما اختلفوا فيه كفر به اليهود وكذبوه، وقالوا: إنه ولد بغي، فكذبهم الله بذلك وكفرهم وأنزل فيهم قوله سبحانه: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ[8] إلى أن قال سبحانه: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ[9] الآية، وهكذا النصارى بعد ما رفع عيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء اختلفوا في ذلك على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي آمنت بموسى وعيسى وبجميع الأنبياء والرسل الماضين، ولما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم كفر به اليهود والنصارى جميعاً وكذبوه إلا قليلاً منهم فصاروا بذلك كفاراً لتكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم وإنكارهم رسالته، وذمهم الله وعابهم على ذلك وتوعدهم سبحانه بالعذاب والنار، وكفر سبحانه اليهود أيضاً لقولهم: العزير ابن الله، كما كفر النصارى لقولهم: إن الله هو المسيح ابن مريم، وبقولهم: إن الله ثالث ثلاثة، وبقولهم: المسيح ابن الله. فوجب على أهل الإسلام أن يكفروا من كفرهم الله ورسوله، وأن يبينوا باطلهم، وأن يحذروا المسلمين من مكائدهم؛ لأن دين اليهودية ودين النصرانية أصبحا دينين باطلين لا يجوز التمسك بهما، ولا البقاء عليهما؛ لأن الله نسخهما ببعث محمد صلى الله عليه وسلم وإيجابه على جميع الثقلين إتباعه والتمسك بشريعته كما في قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[10]، فخرج بهذه الآية من الإسلام ومن أسباب الفلاح اليهود والنصارى والبوذيون وجميع المشركين؛ لأنهم لم يتصفوا بهذه الأوصاف التي وصف الله بها المفلحين، بل كلهم عاداه ولم ينصره ولم يتبع النور الذي أنزل معه إلا من هداه الله منهم فهو مع المسلمين الناجين. ثم قال سبحانه بعد هذه الآية: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[11] ، فأوضح سبحانه في هذه الآية أنه بعث رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً من عرب وعجم ورجال ونساء وجن وإنس وأغنياء وفقراء وحكام ومحكومين، وبيّن سبحانه أنه لا هداية إلا لمن آمن به واتبعه فدل ذلك على أن جميع الطوائف التي لم تؤمن به ولم تتبعه كافرة ضالة. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)) متفق على صحته، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كانوا من أهل النار))، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وما كان في شريعة التوراة والإنجيل من حق فقد جاءت به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو بما هو أفضل منه وأكمل، كما قال عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا[12]، فالإسلام هو دين الرسل جميعاً كما قال الله سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ[13]، وقال عز وجل: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[14]، فالإسلام في عهد نوح عليه الصلاة والسلام هو الإيمان بالله وتوحيده وإخلاص العبادة له، وتصديق نوح عليه الصلاة والسلام، وإتباع ما جاء به، وهكذا في عهد هود وصالح وإبراهيم الخليل ومن جاء بعدهم من الرسل هو توحيد الله والإخلاص له مع إيمان الأمة برسولها الذي أرسله إليها وإتباع ما جاء به، وهكذا في عهد موسى ومن جاء بعده إلى عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم صار الإسلام الذي يرضاه الله هو ما بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم من الإيمان به وتوحيده وإخلاص العبادة له والإيمان برسوله محمد وما أنزل عليه من الكتاب والسنة، والإيمان بمن قبله من الأنبياء والرسل، فكل من اتبعه وصدق ما جاء به فهو من المسلمين ومن حاد عن ذلك بعد ما بلغته الدعوة فهو من الكافرين، ويجب على أهل الإسلام أن يدعوا إلى الحق، وأن يشرحوا الإسلام ومحاسنه ويبيـّنوا حقيقته لجميع الأمم باللغات التي يفهمونها، حتى يبلغوا عن الله وعن رسوله دينه، كما يجب عليهم أن يكشفوا الشبه التي يشبه بها أعداء الإسلام، وأن يردوا الطعون التي يطعن بها أعداء الإسلام في الإسلام وبينوا بطلانها بالأدلة النقلية والعقلية؛ لأن الله أوجب عليهم أن ينصروا دينه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم سبحانه أنه لا نجاة ولا فلاح إلا لمن نصر الحق واتبعه، وبهذا يعلم أن انتقاد النصرانية المسماة بالمسيحية وبيان بطلانها وأنها دين قد غير وبدل ثم نسخه الله ببعث محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته أمر واجب على المسلمين؛ لأن النصرانية لم تبقِ ديناً صالحاً لا لنا ولا لغيرنا، بل الدين الصحيح للمسلمين ولغيرهم هو الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم.

والمسلمون مأمورون بالدعوة إلى دينهم والذب عنه، ومعذورون في بيان بطلان جميع الأديان من يهوديةٍ ونصرانيةٍ وغيرهما ما عدا الإسلام؛ لأنهم بذلك يدعون إلى الحق والجنة وغيرهم من الناس يدعون إلى النار، كما قال الله سبحانه لما نهى عن نكاح المشركات وعن تزويج المشركين للمسلمات قال: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ والمغفرة بإذنه[15]، فالله سبحانه يدعو إلى الجنة والمغفرة وإلى أعمالها، وهكذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا المسلمون العارفون بدينه والداعون إليه على بصيرة، أما غيرهم من الكفار فإنهم يدعون إلى النار في كتبهم ونشراتهم ووسائل إعلامهم. وبهذا يعلم أنه لا يجوز إطلاق القول بأن الإسلام والمسيحية ديانتان منزلتان؛ لأن المسيحية لم تبق ديانة منزلة بل قد غيرت وحرفت ثم نسخ ما بقي فيها من حق بما بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق.

وأما قول الكاتب: (ونحن نعتقد في إله واحد) فهذا يخص المسلمين الذين يعتقدون في إله واحد ويعبدونه وحده، وينقادون لشرعه وهو الله عز وجل خالق السماوات والأرض، وخالق كل شيء، ورب كل شيء، القائل في كتابه المبين: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[16]، والقائل سبحانه في كتابه العزيز: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[17] ، وهو القائل سبحانه: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[18]، وهو القائل عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدْ[19].

وأما اليهود والنصارى فيعبدون مع الله غيره ولا يعبدون إلهاً واحداً كما قال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ[20] الآية، وقال سبحانه: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ[21] ، فأبان سبحانه في هذه الآيات أن اليهود والنصارى عبدوا آلهةً كثيرة من الأحبار والرهبان، كما عبد اليهود عزيراً وزعموا أنه ابن الله، وعبد النصارى المسيح ابن مريم وزعموا أنه ابن الله، وأنهم جميعاً لم يؤمروا إلا بأن يعبدوا إلهاً واحداً وهو الله سبحانه خالق الأشياء كلها ورب الجميع سبحانه عما يشركون. وبما تقدم يعلم أيضاً أنه لا يجوز أن يقال عن الإسلام والنصرانية ما أطلقه الكاتب بقوله: (وبالتالي يجب علينا أن نتفادى كل تصادم بين دينينا الكبيرين)؛ لأن النصرانية ليست ديناً لنا وإنما ديننا الإسلام فقط، وأما النصرانية فقد سبق أنها دين باطل، وما فيها من حق فقد جاءت به شريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم أو بما هو أكمل منه. فالمسلمون يأخذون به لكونه من الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم لا لأنه جاء في التوراة أو الإنجيل، بل لأن شرعنا الإسلامي جاء به ودعا إليه. وهذه كلمة موجزة أردت بها التنبيه على ما وقع في كلام هذا الكاتب من الغلط خشية أن يغتر به بعض الناس، وذلك من النصح الذي أوجبه الله على المسلمين وعلى أهل العلم بوجه أخص في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) خرجه مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي قال: (بايعت النبي على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) وخروجاً من إثم الكتمان الذي توعد الله عليه بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[22].

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا والكاتب وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والنصح له ولعباده، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن القول عليه أو على رسوله بغير علم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


[1] سورة المائدة الآية 64.

[2] سورة آل عمران الآية 181.

[3] سورة المائدة الآية 17.

[4] سورة المائدة الآية 73.

[5] سورة البقرة الآية 221.

[6] سورة البينة الآية 6.

[7] سورة آل عمران الآية 85.

[8] سورة النساء الآية 155.

[9] سورة النساء الآيتان 156-157.

[10] سورة الأعراف الآيتان 156 – 157.

[11] سورة الأعراف الآية 158.

[12] سورة المائدة الآية 3.

[13] سورة آل عمران الآية 19.

[14] سورة آل عمران الآية 85.

[15] سورة البقرة الآية 221.

[16] سورة البقرة الآية 163.

[17] سورة الأعراف الآية 54.

[18] سورة البقرة الآية 255.

[19] سورة الإخلاص كاملة.

[20] سورة المائدة الآية 73.

[21] سورة التوبة الآيتان 30، 31.

[22] سورة البقرة الآيتان 159، 160.

ayman1770

AYMAN

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2011 بواسطة ayman1770
ayman1770
Ayman from Egypt working in the field of customer service since 14 years of experience my work place its United Arab Emirates Dubai »

ِAymaN MohammeD

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

430,657

مرحباً بك عزيزى الزائر

مرحباً بك عزيزى الزائر فى موقعنا نرجو أن يحوز الموقع على إعجابك ونتمنى لك قضاء وقت ممتع داخل أقسام الموقع المختلفة عزيزى الزائر رأيك يهمنا فلا تنسى ان تشارك برأيك بالتعليق على المقالات ولا تنسى قبل ان تغادر أن تضيف الموقع إلى مفضلتك وشكراً على تشريفنا بالزيارة مع تحياتى.... AYMAN NASHAT