اسوان غدا

يهتم الموقع ببحث واقتراح المشروعات القابلة للتنفيذ باسوان

إقراض النساء.. إنقاذ أم إغراق؟

ولاء حنفي

الفتاة الهندية جهانسي

لم تجد الفتاة الهندية جهانسي راجا طريقا لمواجهة الفقر المخيم على أسرتها سوى أن تشحذ همم صديقاتها في القرية ليشكلن مجموعة نسائية تحصل كل واحدة منهن على قرض متناهي الصغر بضمان المجموعة من منظمة شاري الأهلية (share)، وذلك لبدء مشروع صغير.

ورغم أن هذه الفتاة الهندية مصابة بشلل أطفال منذ أن كان عمرها سنتين فإن ذلك زاد من تصميمها على نجاح هذا العمل التجاري المتناهي الصغر الذي هو محل صغير لبيع المواد الغذائية.

بعد عام واحد اقترضت جهانسي مرة أخرى من المنظمة نفسها حوالي 80 دولارا لتقوم بتوسيع المحل ليشمل أيضا بيع الخضراوات، ثم تطور الأمر حتى نجحت هذه الفتاة التي تمارس حياتها من على كرسي بثلاث عجلات في تحقيق أرباح تساعد أسرتها على استزراع أرض تركت بسبب عدم توفر سيولة مالية، كما قامت أيضا بشراء جاموسة وبيع لبنها بالمحل.

ولا تختلف قصة نجاح هذه الفتاة المنشورة عن قصص أخريات تمتليء بهن مواقع المنظمات الممولة للقروض الصغيرة التي تركز على قطاع النساء بشكل خاص في عمليات التمويل. (انظر: قصص نساء أخريات على موقع الحملة الدولية للإقراض متناهي الصغر)

ووفقا لإحصاءات دولية عام 2004 فقد بلغ عدد الأشخاص الأشد فقرا الحاصلين على قروض متناهية الصغر حول العالم حوالي 54.7 مليون فرد بينهم 45.2 مليون سيدة، أي أن القطاع النسائي يشكل ما نسبته 82.5% من هذه القروض.

وتبدو أهمية تركيز القروض على القطاع النسائي من خلال المؤتمرات الدولية حول التمويل الصغير، ففي عام 1997 استضافت واشنطن مؤتمرا للتمويل متناهي الصغر خرج بعدد من التوصيات أبرزها: الوصول إلى 100 ألف أسرة فقيرة في العالم بحلول عام 2005، مع التركيز على المرأة، كما أوصى المؤتمر آنذاك بإعطاء مميزات خاصة للنساء في عمليات الإقراض.

والمنطق الدولي في إيلاء أهمية للنساء في القروض الصغيرة يرجع إلى اعتبار أن المرأة تلعب دورا أكبر في إعالة الأسرة في المجتمعات الفقيرة وتوفير أمان اجتماعي لهم، كما أنها تقوم بإنفاق أرباح المشروع على أسرتها بعكس الرجال في هذه المجتمعات.

في هذا الصدد يقول جون سومافيا المدير العام لمنظمة العمل الدولية على موقع المنظمة: القروض متناهية الصغر وغيرها من الأدوات المالية الصغيرة تمثل شبكة أمان اجتماعي، حيث تساعد على خلق فرص للادخار وتأمين الحياة، وبهذا يجد فقراء الناس قاعدة يستندوا إليها وقت الأزمات.

الشريحة الأكثر فقرا

بدوره يفسر د. محمد شريف بشير أستاذ الاقتصاد بماليزيا لـ إسلام أون لاين.نت تركيز منظمات الإقراض على النساء قائلا: "إنهن يمثلن شريحة كبيرة من المجتمعات الفقيرة، ويقمن بإعالة أسرهن لظروف مختلفة منها غياب رب الأسرة والعائل الوحيد لها، أو عدم قدرته على العمل نتيجة الشيخوخة أو البطالة وغيرها. هذه الأسباب مجتمعة تدفع الكثير من المؤسسات المانحة للقروض الصغيرة لأن توجه اهتمامها وتركيزها للمرأة".

لكن د. بشير لا يستعبد أن يكون التركيز على المرأة له مآرب أخرى ومنها أن تستغل بعض المنظمات التنموية والإغاثية هذه الوسائل والمشكلات لخدمة أغراض أخرى ليست بالضرورة من أجل زيادة دخول النساء لإعالة أسرهن والوفاء بالتزاماتها الضرورية.

ويتابع د. بشير قائلا: "الأغراض الخفية تبرز بوضوح في المناطق التي تواجه نزاعات وحروبا وكوارث طبيعية في كل من أفريقيا وآسيا؛ وتنشط فيها المنظمات الكنسية والبعثات التنصيرية والمراكز والجمعيات المحلية المدعومة من الخارج تحت شعارات محاربة الفقر والإغاثة وتنمية الريف ومساعدة المرأة والأطفال".

ورغم أن القروض تساعد على تمكين المرأة في الحياة الاقتصادية وهو أمر لا ضير فيه، فإن د. بشير يخشى التبعات الاجتماعية السلبية التي تترتب على تركيز هذه القروض على المرأة ككيان منفرد، ومنها: "وقوع مشكلات بين الزوجين، وخاصة إذا كان دخل المرأة كبيرا مقارنة بدخل زوجها، ويطمع الزوج فيما لديها من مال، ويركن إلى الاعتماد عليها في تحمل مصروفات الأسرة دون رضاها؛ ويتخلى هو تدريجيا عن مسئولياته وواجباته الأساسية".

مشاكل المقترضات

ويؤيد وجهة النظر تلك الدكتور أحمد طوسون الخبير في القروض المتناهية الصغر، مدير مكتب الإغاثة الإسلامية في بنجلاديش، ويضيف أن إحدى سلبيات القروض الصغيرة هي استيلاء الرجل على القرض عن طريق المرأة.

ووفقا لطوسون فإن فرص نجاح المشروعات التجارية التي تديرها المرأة تبدو ضئيلة رغم كل الترويج الجاري لها، فعلى سبيل المثال في بتسوانا تشغل المرأة 75% من إجمالي عدد المندمجين في المشروعات التجارية الصغيرة، غير أن هذه المشروعات لا تنمو لأسباب مختلفة منها: ضعف القدرة التعليمية للمرأة.

وبحسب الخبير في عمليات الإقراض فإن وجود فوائد على القرض يعتبر من المشكلات الرئيسية لبرامج القروض الصغيرة؛ حيث إن حساب فائدة أو ربح أو رسوم خدمة عالية تماثل الفائدة على القرض، ينطوي على صعوبات متعددة للمشاركين في برنامج القروض. فيجب على المقترض ليس فقط أن يتحمل قسط الدين بل أيضا الفائدة المفروضة عليه، كما أن عليه أن يستثمر جزءا من وقته في أنشطة المجموعة كشرط أساسي للحصول على قرض.

إضافة إلى ذلك فإن المرأة في كثير من الأحوال عليها أن تتحمل تسلط مشرف المجموعة (ممثل المنظمة) وهو ليس فردا من العائلة، وأن تشارك في أنشطة المجموعة خارج المنزل.

ويقول طوسون: في بعض الحالات لا يعود استثمار الفقير للقرض بأي أرباح، وفي هذه الحالة فإن المال المطلوب لسداد القرض لا بد أن يأتي من مصادر أخرى للشخص المقترض، وفي غالب الأحوال يكون على حساب الاستهلاك داخل المنزل (التقليل من الإنفاق على المأكل والملبس والرعاية الصحية والتعليم)، أو من الاقتراض من الآخرين.

  • Currently 69/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 167 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2010 بواسطة aswantomorw

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,965