قصة واقعية تقشعر لها الابدان:
بعد 17 عاما من "وفاة" الام!! الابناء يلتقون بها حية ترزق
تدور احداث المسلسل الذي لا يصدق وقوعة، بين قضاء رام الله في الضفة الغربية، وقضاء بئر السبع في الداخل، الاحداث حقيقية، لكنها لا تكاد تصدق، كون الشر البشري اضفى عليها نوعا من الغرابة، ويمتزج في هذا المسلسل الكذب من الاب على الابناء، واقناع الاب للجيران، واهل الام، وابنائه، واهل البلد، بأن ام اطفاله ماتت اثناء كونها في منطقة بئر السبع، وقد صدق الجميع رواية الاب ( الكاذبة)، وهذه البداية ذكرتها كي أدخل القارىء في عمق الحدث، الا ان هذه الكذبه عاشها 7 من الابناء ذكورا واناثا واقعا، على ان الام قد توفيت، الا ان مسلسلنا هذا ينطبق عليه القول الجاري " حبل الكذب قصير" وهذا كناية على كذبة الاب، والمثل القائل " من جد وجد ومن زرع حصد" في كناية لتعنت الابناء ومواجهة المخاطر اثناء البحث عن الام، وقوله صلى الله عليه وسلم " ان كان الكذب ينجي فالصدق انجا...".
الا ان هذا المسلسل والذي ينتابني ارتباك كبير اثناء سرد احداثة، كونه مزيج من الكذب، والحقد، والخيانة، والظلم باعلى درجاته، والمزيج الاخر، اللهفة الى لقاء الام، والحنان الى الابناء من قبل الام، والاسرار على البحث عن الحقيقة من قبل الابناء، وقبل ان اتطرق الى الاحداث منذ البداية انوه ، الى انني لن اذكر الاسماء الا برموز، لطلب عائلة زوج الام حاليا ، ومطلب الابناء، فتقديرا للوضع، وللموقف ارتأيت ان أذكر الاسماء برموز، الا ان الاسماء محفوظة لدينا، والرواية اذخت من الابناء شخصيا خلال عملية البحث، وبعد الالتقاء بالام، كي لا نقع في مغالطات.
حياة العذاب للام والهروب
عاشت الام مع زوجها الاول في احدى قرى قضاء رام الله، وقد تزوجت هذا الاب اللئيم عام 1977، وعاشت حياة مشاكل ومشاكسات، الا انها بقيت في بيتها، وانجبت 7 اطفال 4 اولاد و3 بنات، بكرهم بنت، والثاني (ق) والثالث (ص)، وهم ابطال مسلسلنا، فقد عاشت الام رغم ظلم الاب والاسلاف، والسلفات، الا ان الخلافات كانت تتفاقم يوما بعد يوم، الا ان الام نجحت في بناء بيت لها ولاولادها، وقد سجل هذا البيت باسمها، الامر الذي لم يطب للاب وللكثيرين من اقاربه ، ويظهران التعذيب والظلم للام اخذ يأخذ منحنا اخر جراء البيت وتسجيله، ووصل الحد الى ان توضع الواح الصبر على جسدها، الى ان انهارت الام، وقررت مغادرة المنطقة اطلاقا، وخلفها الابناء، كان عمر (ق) في ذاك الوقت حوالي 7 سنوات، خرجت من البيت حافية القدمين، حيث اغلق الاب الابواب على الابناء، كي لا يتبعوا امهم، الا ان الام لم يطب لها ان تترك الابناء بدون بيت، واعطت ابنها (ق) سند البيت قبل خروجها منه، واخفاه الصغير، ولم يظهره الا عندما دخل المدرسة، حيث سلمه لمعلمه وقال له المعلم:" ان هذا سند يثبت ان البيت الذي تعيشون فيه، ملك لامك"، ورجع (ق) الى البيت، وسلمه الى شخصية، لا يريد ان يذكرها.
خرجت الام وكان هذا عام 1988 تقريبا، الى جهة غير معلومة.
الابناء وحياة العذاب، والهروب طلبا للنجاة
خرجت الام ولم تعد الى البيت، وعندما كان يسأل الابناء عن الام، كان يقول لهم الاب انها خرجت الى بئر السبع، وماتت هناك، وهذا ما يتحدث به الناس في القرية حتى اليوم، وكذلك اقتنع اخوالي بما يقوله والدي وغيره، واخذوا يردون مثل قوله، يقول (ص):" اننا عشنا طوال الوقت، الى ما قبل اسبوع، ونحن نعرف ان امنا ماتت في بئر السبع، الا انه يظهر ان هذه المقولة جاءت كون بئر السبع بعيدة عن رام الله، وليس بامكان احد منا ان يصل اليها، مثل قولك ان فلان في الصين، دلالة عاى بعد المكان، كما نشر اعلان في احد الصحف الفلسطينية بوفاة امنا ".
كان الاب بين الفينة والاخرى يطرد الابناء، لتخوفه من تملكهم المنزل والارض التي بني عليها، علما ان ام هؤلاء الشباب، هي الثانية من حيث عدد النساء للاب، فالاولى طلقها.
وادخل الاب الاولاد في مدرسة "جيل الامل للايتام" في العيزارية، وبقوا في المدرسة باعتبارهم ايتاما، وكانت الام تحضر للمدرسة بدون علم الابناء، وتطلب رؤيتهم، الا ان المدرسة تمنعها من ذلك على اعتبار انها متوفاة، ولا يمكن ان تكون ام الاطفال التي تطلب رؤيتهم، ويظهر ان المنع بطلب من الاب.
وعندما وصلوا الى الصف العاشر، وكبر (ق) و (ص)، اسر اليهم احد الجيران ان امهم كانت تعذب اشد العذب من قبل الاب، واخوته، والنساء في العائلة، الا انها ذهبت الى بئر السبع وماتت هناك، وهذا ما سمعه من الناس، وبقي لغز الموت قائم، الا ان (ق) قرر قرارا صعبا، هو ترك بلد والده، والعيش مع اخوانه واخواته، بالاضافة الى اخت لهم من زوجة ابيه الاولى التي طلقت، فاستأجروا بيتا في رام الله، بيت ضيق، كان الاخوة يعملون ويسددون اجرة البيت، وهكذا استمرت حياتهم، مشردين بدون اب ولا ام، كان طعامهم من المعلبات، ونظرات الناس تضربهم كالسهام، اين الاب؟ واين الام؟ واين الاقارب؟ الا ان ابطال مسلسلنا فضلوا العيش في هذا الحال، والابتعاد عن الظلم والظالمين.
اذا عاشوا ايتاما، في مدرسة الايتام، وتزوج البا الثالثة والرابعة، الا ان جميع اولاد الرابعة، معاقين، ورحل الاب من بلده الى بلد اخرى، واستولى احد الاعمام على البيت، وبقي ابطال مسلسلنا يعملون في كل عمل من اجل لقمة العيش، بعيدين عن الحاجة للناس، وزوّج (ق) اخواته، ويقول (ق):" كنت اسأل عن من يأتي لخطبة اخواتي فترة طويلة حتى اتأكد من صدقه، وحالته، كوني لا اريد لاخواتي، الذل والظلم مثلما حدث لامي".
وعندما اقبل (ق) على الزواج واراد الخطوبة، لم يوافق احد على تزويجه الا اذا احضر الاب او الام، وادخل ذلك الابناء في ضغط محير، علما انهم حتى هذه اللحظة يقولون ان امنا ماتت في بئر السبع، لذا لم يقبلوا على البحث عنها.
باب الفرج يفتح
بدأت اشعاعات النور تطل على ابطال مسلسلنا، يوم الخميس الاسبق (2005-03-03) عندما التقى (ق) (عمره اليوم 24 عاما، وقد فقد امه منذ جيل 7 سنوات تقريبا) عمه الذي استولى على المنزل، وقال له العم:" ان امك حضرت امس الى الداخلية في رام الله لاستصدار جواز سفر، وهي حية ترزق"، ويقول (ق):" ان قول عمي هذا الكلام، لم يأت من نية حسنة، انما كعلاقات عامة، من اجل المنزل الذي يسكنه، علما انه باسم امي".
لم يظهر (ق) اي تفاعل، كون عمه يعمل في الداخلية في رام الله، وفورا ذهب و ( ص) الى الداخلية، وسألوا عن امهم، وقيل لهم انها اتت يوم امس، وكانت تبكي وتسأل عنهم، وقد بكت موظفة كانت هناك كونها رأت الام وهي تبكي، وكيفية تعامل العم الموظف في الداخلية معها، ويقول (ق):" طلبنا من المدير ان كشف طلبات الجوازات من يوم الاربعاء، ورفض وفي النهاية اقنعناه، وقال لنا:" انا سأريكم صور، واذا ما عرفتم امكم من خلالها سنفتح طلبها، وعندما رأيت قلت :" هذه امي، انا متأكد"، علما انني الاكبر سنا في اخوتي، واتذكر صورة امي في مخيلت، وفتح الملف ووجد الاسم الا ان اسم العائلة تغير، دليلا على انها متزوجة".
الحياة تدب في قلوب الابناء من جديد، ومشوار البحث
يقول (ص):" لقد شعرنا اننا ولدنا من جديد، فطرنا من الفرح، واخذنا الاسم، ورقم الهوية، الا انه للاسف، بدون عنوان".
الا ان (ق) و(ص) عرفوا من خلال الداخلية ان عدم وجود العنوان يدل على انها تسكن داخل الخط الاخضر، كما علموا ان امهم اتت للحصول على الجواز من اجل الحصول على الجنسية الاسرائيلية، وقد اتت برفقة رجل.
اخذ (ق) و (ص) رقم الهوية وتوجهوا الى حاجز حرس الحدود في "الضاحية" في رام الله، وطلبو من احد الجنود مساعدتم، بفحص رقم الهوية، واخبروه، وبعد الفحص قال لهم المجند، اسم امهم وعدد اسماء الابناء، وقال لهم انها تسكن قضاء بئر السبع، واعطاهم عنوانا، وكونهم لا يجيدون اللغة العبرية فهموا فقد بئر السبع، وبعض التمتمات التي لا توحي الى مكان، الا انها تقارب الى كلمة "كرنب" فسألوا احد الاساتذة الذين درسوا في النقب، وقال انها موجودة شرقي ديمونا في قضاء بئر السبع، خرج (ق) و (ص) في مسار البحث، في منطقة صحراوية واسعه، قضاء بئر السبع، وعبر الطرق الالتفافية وصلوا الى بئر السبع، وساعدهم كل من وجدهم وعلم بقصتهم، وقد دلهم احد الاشخاص على مركز الشرطة في بئر السبع، لفحص رقم هوية الوالدة، ودخلوا المركز وطلبوا الضابط، الا انهم وجدوا ما لم يفكروا به، ابواب السجن مفتوحة، حيث قالت لهم شرطيه:" لقد اتيتم وحدكم بدون ان نبحث عنكم، كيف دخلتم الى اسرائيل بدون تصاريح؟"، واخبروها بالقصة، وقالت:" لا دخل لنا!"، وقال ( ص):" ولكن مكتوب في المدخل -الشرطة في خدمة الشعب-"، قالت الشرطية:" الشعب ليس انت، وانما شعب اسرائيل". وقد وقعوا على كفالة ان لا يدخلوا اسرائيل مرة اخرى، وابعدوا الى ما بعد حاجز الظاهرية من قبل الشرطة ، ورجعوا في الليل الى قلنديا وامنوا نقود كونهم انقطعوا من النقود، ورجعوا ادراجهم لاكمال مسيرة البحث، حيث لم يذهبوا الى منزلهم في رام الله، وبات (ق) و (ص) ليلة في العراء في الجبال بين الظاهرية وبئر السبع، ويقول (ص):" وفي اليوم التالي بحثنا في قرية شقيب السلام وسألنا الناس، ومنهم من لم يصدقنا، كون قصتنا غريبة، ومنهم من ساعدنا، وتأثر لقصتنا، ووجدنا ابن حلال بحث معنا بسيارته الخاصة عدة ساعات، واتى بنا الى قرية عرعرة النقب الى امرأة، من البلدة التي نسكن فيها الا انها لا تعرفنا، وحاولت مساعدتنا، ووجهتنا الى شخص في القرية، وصلنا اليه بين صلاة المغرب والعشاء من يوم الاثنين، وبعد ان استمع لقصتنا الغريبة، اجرى اتصالاته مع معارفه، وبعد ان رأى الاسم الذي اخذناه من الداخلية، وجد شخص من نفس العائلة المقرونه باسم امي وتجاوب معه، واخذ يبحث عن الاسم في الليل، ووجد اسم مشابه، وبعد الاتصال معنا، تبين انها ليست امنا، بتنا في عرعرة النقب عند نفس الشخص، وفي الصباح يوم الثلاثاء الابيض ثلاثاء الحياة بالنسبة لنا، غادر صاحبنا الى العمل وكان يتصل اثناء عمله بمعارفه للمساعدة في البحث، وابقى عندنا اخوته، وكانوا يتصلون لاصدقائهم للمساهمة في البحث، وبعد الظهر طلبنا منهم ان يوصلونا الى المنطقة التي وجد فيها الاسم المشابه لاسم امنا، من الليلة الماضية، ففعلوا، واتصلوا بالشخص الذي تحدثنا الية في الليل، وابدى استعداده لاستقبالنا، واتفقنا معه هاتفيا ان ننتظره في مكان محدد في المنطقة، ووصلنا الى المكان الا اننا لم نتمالك انفسنا، ولم ننتظر، وقررنا ان نبحث عن امنا..".
الهواجس والصدف
ويكمل ( ص) قائلا:" قلت لاخي ان امي قد تكون في ذاك البيت، وقال لا ، واسريت على ان اذهب الى بيت قريب، فذهبت الى البيت الا ان الخجل انتابني ورجعت، ومن ثم عدت الى البيت، واذا بولد في الثانية عشرة من عمره يخرج من البيت، وقلت له، هل تعرف صاحبة هذه الصورة، فقال هذه فلانه، اي اسم امي، واذا بامرأة تخرج ويقول لها هل تعرفي صاحبة هذه الصورة! فقالت هذه صورة فلانه، وانت ابنها، كونها حدثتنا عن قصتها، فقلت اين هي فقالت، هناك في بيت يبعد حوالي كيلومترونصف، واخذت انا واخي نركض باتجاه البيت مثل المجانين، في بلاد لا نعرفها من قبل، ورأنا رجل وقلنا له ان معنا امانة نريد ان نوصلها لفلان، وكان هذا الرجل بالصدفة شقيق الرجل الذي لم ننتظره، وابرزنا له الصورة وقال هذه فلانه، وذهب برفقتنا الى ديوان العائلة، وعندما ارسلوا لامي، جاءت الام، وكانت المفاجأة الكبر والعظمى....،
اللقاء مع فلذات الكبد بعد 17 عاما
نظرت الام عند دخولها الديوان الينا، ووضعت يدها على قلبها، وقالت انت (ص) وانت (ق)، اعطني هويتك، فلما قرأت الام الاسم، وقعت على الارض، واغمي عليها، وبدأ البكاء، بكاء الشوق، واشفاء غليل الغياب، وقام (ق) و (ص) بالبكاء، وعمت المكان حالة من الارتباك الشديد، من الجميع، حيث بدأ الحضور من الجيران وغيرهم بالبكاء، هذا هو موقف اللقاء بعد 17 عاما من الوفاة المزورة، والكذب المبرمج، بعد 17 عاما من صنع قلوب حاقدة لا تعرف حنان الام، هدفها نفسها فقط.
هذا مسلسل من يراه يقول انه من نسيج الخيال، الا انه واقعا، لمسته بيدي، بعد ان كنت اراقبه عن كثب.
فقد تكون في عالمنا الكثير من الاكاذيب التي تدمرعائلات، وتقتل امالا، او تشوه الحقائق، فمن جد وجد ومن زرع حصد.
ساحة النقاش