إسلامنا فى القرآن والسنه

مبادئ معرفيه عن دين الإسلام من الكتاب والسنه

ادم عليه السلام

يؤمن المسلمون أن آدم هو أول خلق الله من البشر وأول إنسان على سطح المعمورة خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له( سجود تحية وتقدير، لا سجود عبادة ) فسجدوا جميعا إلا ابليس لم يسجد وقال لربه أسجد لمن خلقت طينا انا خيرا منه خلقتني من نار وخلقته من طين فغضب الله عليه وقفل في وجهه باب التوبة والرحمة ولعنه فقال إبليس لربه انظرني الي يوم يبعثون قال إنك من المنظرين الي اليوم الموعود هو القيامة ولأملأن جهنم ممن اتبعك منهم اجمعين عندما سكن ادم وزوجه الجنه حاول إبليس التسلل لهما فأغواهما ووسوس لهما وجعلهما يأكلان من الشجرة التي نهاهما الله عنها فعصى أدم ربه فغوى وتسبب في طردهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض. ومن أبنائه هابيل وقابيل وشيث. وعاش حوالي - 947 - سنه، ولايوجد دليل ثابت على مكان دفنة أو مماته.

خلق أدم

ذكر القرآن : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} (سورة البقرة : من الآية 30 إلى الآية 39). خلق الله آدم جميل الشكلِ والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال : "ما بعثَ الله نبيًّا إلا حسنَ الوجهِ حسن الصوتِ وإنَّ نبيَّكم احسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا".

ولقد كان طول آدم ستين ذراعًا، وكان وافر الشعر شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السَّحُوق، فلما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك (نفر من الملائكة جلوس) فاستمع ما يُحَيُّونَك فإنها تحيّتك وتحية ذريّتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ادم في الطول فقد ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي أن أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ادم ستين ذراعًا في عرض سبعة أذراع. ولقد تحدث القرآن الكريم عن خلقه في مواضع كثيرة ولمناسبات متعددة، والمتأمل في تلك الآيات الكريمة التي ورد الحديث فيها عن خلق آدم، يجدها تتناول تلك المراحل والأطوار التي مر بها خلقه. ذكر القرآن في سورة آل عمران: (إن مثل عيسى عند الله كمثلِ آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) فإذا كان خلق عيسى ـ من غير أب ـ آية عجيبة فإن خلق آدم من تراب آية اعجب، فعيسى خلق من غير أب وآدم خلق من غير اب ولا ام. وقال عز وجل في سورة (ص): (إذ قال ربك للملائكة إِني خالق بشراً من طين) وذكر القرآن في سورة الصافات: (فاستفتهِم أَهم أَشد خلقاً أَم من خلقنا إِنا خلقناهم من طين لاَّزِب) أي من طين لزج متماسك. قال الإمام الطبرسي: [طين لازب أي لاصق وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب لأنه تراب مخلوط بماء، والتراب إذا إختلط بماء صار طيناً لازباً]. وذكر القرآن في سورة الحجر: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأ مَّسْنُونٍ) وذكر القرآن في سورة الرحمن: (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) والصلصال هو الطين اليابس الذي يصلصل، وإذا أدخل النار أو تعرض مدة للشمس صار فخاراً، أما الحمأ فهو الطين الذي اسود وتغير من طول ملازمته الماء، والمسنون المصور، وقيل المصبوب المفرغ، أي أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في قوالبها، وقيل: المسنون هو المتغير الرائحة ومنه قول القرآن (فَانظُرْ إلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) أي لم يتغير مع مضي مائة عام عليه.

قضية شرك آدم والرد عليها

ثانياً: وفي سورة الأعراف يقول : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ أَتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ). ولقد اختلف المفسرون في المراد بالنفس الواحدة هنا، كما اختلفوا في المراد بـ (زَوْجَهَا)، فقال كثير من المفسرين: النفس الواحدة هي نفس آدم و(زَوْجَهَا) هي حواء ولكنهم اختلفوا في توجيه الآيات:ـ

  • فقال بعضهم: إن الكلام منقطع عند قوله : (لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، وتتمة الكلام ليس مقصوداً به آدم وحواء وإنما المقصود المشركون من ذريتهما ففي الكلام التفات من الحديث عن آدم وحواء إلى الحديث عن المشركين من ذريتهما.

وقيل الكلام على حذف مضاف والتقدير: (فَلَمَّآ أَتَاهُمَا) ولداً (صَالِحَاً) جعل أولادهما شركاء فيما آتي أولادهما، ولذلك قال عز وجل: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، ولم يقل عما يشركان. وقيل يجوز أن يكون الضمير في (جَعَلاَ) لآدم وحواء كما هو الظاهر والكلام خارج مخرج الاستفهام الإنكاري، والكناية في (فَتَعَالَى...) إلخ وذلك أنهم كانوا يقولون: إن آدم كان يعبد الأصنام ويشرك كما يشركون فرد عليهم بذلك، ونظير هذا أن ينعم رجل على آخره بوجوه كثيرة من الإنعام ثم يقال لذلك المنعم: إن الذي أنعمت عليه قصد إيذاءك وإيصال الشر إليك، فيقول: فعلت في حقه كذا وكذا وأحسنت إليه بكذا وكذا، ثم إنه يقابلني بالشر والإساءة؟!! ومراده أنه بريء من ذلك ومنفي عنه، ذكر هذا الوجه الإمام الألوسي في تفسيره. ـ وقيل: الكلام على ظاهره، وآدم وحواء قد وقع منهما الشرك، واستدل القائلون على هذا بحديث رواه الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا عبد الصمد حدثنا عمر بن إبراهيم حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي قال: "لما ولدت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سمه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره". ورواه الترمذي في تفسير هذه الآية عن محمد بن المثني عن عبد الصمد به وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه، ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عبد الصمد مرفوعاً ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. يقول الإمام ابن كثير معلقاً على هذا الحديث: [وهذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه: أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري وقد وثقه ابن معين ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسين عن سمرة مرفوعاً والله أعلم. والثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه ليس مرفوعاً، كما قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلي حدثنا المعتمر عن أبيه بكر بن عبد الله عن سليمان التيمي عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب قال: سمى آدم ابنه عبد الحارث. الثالث: أن الحسن البصري نفسه فسر الآية بغير هذا فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل عنه، قال ابن جرير، حدثنا ابن وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن (جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ أَتَاهُمَا) قال: كان هذا في بعض الملل ولم يكن بآدم، وحدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال: قال الحسن عَنَى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده. وحدثنا بشر حدثنا سعيد عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولاداً فهوَّدوا ونصَّروا.

  • وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن أنه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه لله وورعه فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه عن أهل الكتاب ـ من آمن منهم ـ مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه، وغيرهما.

وتناول الإمام ابن كثير بعد ذلك الأقوال المروية، التي ورد فيها نسبة الشرك إلى آدم وحواء عن بعض السلف وذكر أنها منقولة عن أهل الكتاب وفي ذلك يقول: [وهذه الآثار يظهر عليها أنها من آثار أهل الكتاب وقد صح الحديث عن رسول الله أنه قال: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم". ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله ، ومنها ما علمنا كذبه بما دل عليه خلافه من الكتاب والسنة أيضاً، ومنها ما هو مسكوت عنه فهو المأذون في روايته بقوله : "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". وهو الذي لا يصدق ولا يكذب لقوله : "فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" وهذا الأثر هو من القسم الثاني أو الثالث. وفيه نظر فأما من حدث به من صحابي أو تابعي فإنه يراه من القسم الثالث ثم يوضح الإمام ابن كثير رأيه في هذه المسألة فيقول: وأما نحن فعلى مذهب الإمام الحسن البصري في هذا وأنه ليس المراد من السياق آدم وحواء وإنما المراد المشركون من ذريته ولهذا ذكر القرآن: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فذكر آدم وحواء أولاً كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى ذكر الجنس كقول القرآن: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً للِّشَّيَاطِينِ). ومعلوم أن المصابيح التي زينت لها السماء ليست هي التي يرمي بها وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها (وهي الشهب) ولهذا نظائر في القرآن والله أعلم]. واختلف القائلون في وقوع الشرك من آدم وحواء في حقيقة هذا الشرك: وفي ذلك يقول الإمام القرطبي [... قال المفسرون: كان شركاً في التسمية والصفة، لا في العبودية والربوبية، وقال أهل المعاني: إنهما لم يذهبا إلى أن الحارث ربهما بتسميتهما ولدهما عبد الحارث لكنهما قصدا إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد فسمياه به كما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه على جهة الخضوع له لا على أن الضيف ربه كما قال حاتم الطائي: وإني لعبدُ الضيفِ ما دام ثاويَا وما فَّي إلا تيك من شيمةِ العبدِ أقول: وكيف خفي على آدم وقد علمه ربه الأسماء كلها؟ وكيف كان الحارث سبباً لنجاة الولد والأقدار كلها بأمر الله؟!!. وقيل: (جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ) في طاعته ولم يكن في عبادته. يقول الإمام النيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان: [إن الضمير في (جَعَلاَ) وفي (أَتَاهُمَا) لآدم وحواء إلا أنهما كانا عزما أن يجعلاه وقفاً على خدمة الله وطاعته، ثم بدا لهما فكانا ينتفعان به في مصالح الدنيا فأريد بالشرك هذا القدر وعلى هذا فإنما ذكر القرآن: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) من باب "حسنات الأبرار سيئات المقربين".وهذا التأويل غير مقبول وليس له دليل، والشرك المراد هنا على ظاهره بدليل قول القرآن: (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ). وذهب صاحب فتح البيان إلى أن الشرك لم يقع من آدم لأن الأنبياء معصومون، وإنما وقع الشرك من حواء واستدل على ذلك بظاهر الحديث المروي عن سمرة، والذي تقدم ذكره، حيث أورده وعلق عليه بقوله: [وفيه دليل على أن الجاعل شركاء فيما آتاهما هو حواء دون آدم، وقوله (جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ) بصيغة التثنية لا ينافي ذلك لأنه قد يسند فعل الواحد إلى الاثنين بل إلى جماعة وهو شائع في كلام العرب، وفي الكتاب العزيز من ذلك كثير. ذكر القرآن: (فَتَلقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ) ثم قال في هذه السورة: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) فالمقصود هنا هو آدم وذكر القرآن: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) والمراد به الزوج فقط. قال الفراء: وإنما ذكرهما جميعاً لاقترانهما، وذكر القرآن: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنهمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا) والناسي هو يوشع بن نون وليس موسى وذكر القرآن: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) والخطاب لواحد دون إثنين. وقال امرؤ القيس: قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومَنزلِ والمخاطب واحد وقد أكثر الشعراء من قولهم خليليّ، والمراد بهما واحد دون الاثنين، وعلى هذا بمعنى الآية الكريمة: جعل أحدهما له شركاء، وهي حواء. أما عن نوعٍ الشرك فقد قال عنه صاحب فتح البيان: [وكان هذا شركاً في التسمية ولم يكن شركاً في العبادة، وقيل: والشرك في التسمية أهون].

وهل كان آدم على علم بما فعلته حواء؟ يجيب عن ذلك صاحب فتح البيان فيقول: [ولعلها سمته بغير إذن منه، ثم تابت بعد ذلك]. أقول: لم يقع شرك من حواء. وكيف يقع منها؟ وكيف تستجيب لنداء إبليس ووسوسته لها بأن تشرك بالله؟! كيف تستجيب له وهو الذي أخرجها هي وآدم من الجنة بوسوسته وإغوائه؟ وأين كان آدم حينما سمت حواء ولدها بهذا الاسم؟ وكيف تصنع حواء شيئاً من هذا دون أن تستشير نبي الله آدم الذي علمه الله الأسماء كلها؟!.

  • وذهب بعض المفسرين إلى أن قول القرآن: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا...) عام في جنس الذكر والأنثى وليس في آدم وحواء على وجه الخصوص.

يقول صاحب الانتصاف على الكشاف: [والأسلم والأقرب أن يكون المراد والله أعلم: جنس الذكر والأنثى. لا يقصد فيه إلى معين وكأن المعني خلقكم جنساً واحداً وجعل أزواجكم منكم أيضاً لتسكنوا إليهن، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر الجنس الذي هو أنثى جرى من هذين الجنسين كيت وكيت، وإنما نسب هذه المقالة إلى الجنس وإن كان فيهم الموحدون لأن المشركين منهم فجاز أن يضاف الكلام إلى الجنس على طريقة "قتل بنو تميم فلاناً" والقاتل واحد منهم وليس كلهم].

  • وما ذكره صاحب الانتصاف لا يخلو من التعسف والتكلف في فهم النص القرآني، إذ يلزم منه إجراء اللفظ على غير ظاهره وحمله على أوجه بعيدة، وجمهور المفسرين يرون أن النفس الواحدة هي آدم وزوجها حواء.
  • وذهب بعض المفسرين إلى أن النفس الواحدة هي نفس قصي وكانت له زوجة عربية قرشية وطلب من الله الولد فرزقهما أربعة بنين فسميا أولادهما: عبد مناف وعبد شمس وعبد العزى وعبد الدار.
  • وهذا القول ذكره بعض المفسرين دون تعليق عليه كالإمام النسفي والإمام النيسابوري والإمام أبي حيان الأندلسي ومنهم من قواه وحسنه كالزمخشري والرازي ومنهم من ضعفه كالإمام الألوسي الذي أورد عليه ثلاثة اعتراضات هي:

[أن المخاطبين لم يخلقوا من نفس قصي لا كلهم ولا معظمهم ـ وأن زوجة قصي ليست قرشية، وإنما كانت بنت سيد مكة من خزاعة وقريش إذ ذاك متفرقون ليسوا في مكة، وأيضاً من أين العلم أنهما وعدا عند الحمل أن يكونا شاكرين لله رب العالمين، ولا كفران أشد من الكفر الذي كانا عليه؟ وما مثل من فسر بذلك إلا كمن عَمَّرَ قَصْرا فهدم مِصْرا]. والرأي الذي أختاره في هذا الموضوع: أن ذكر آدم وحواء من قبيل التوطئة للحديث عن المشركين من ذريتهما، واستهل الحديث بخلق آدم وحواء لبيان نعمة الله عز وجل على البشرية بخلقهم ومع ذلك فإن المشركين من ذرية آدم قد تجاهلوا الحقيقة، وكفروا بهذه النعمة وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. يقول الإمام الطبرسي في مجمع البيان: [وقال أبو مسلم: تقدير الآية هو الذي خلقكم، والخطاب لجميع الخلق من نفس واحدة يعني آدم وحواء وجعل من تلك النفس زوجها وهي حواء، ثم انقضى الحديث عن آدم وحواء وخص بالذكر المشركين من أولاد آدم الذين سألوا ما سألوا وجعلوا له شركاء فيما آتاهم، وقال: ويجوز أن يذكر العموم ثم يخص البعض بالذكر، ومثله كثير في الكلام، ذكر القرآن: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) فخاطب الجماعة بالتسيير ثم خص راكب البحر بالذكر وكذلك هذه الآية أخبرت عن جملة البشر بأنهم مخلوقون من آدم وحواء ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله ما سأل فلما أعطاه الله إياه جعل له شركاء في عطيته].

ثالثاً:

  • وفي سورة الزمر يقول عز وجل في سياق الحديث عن دلائل قدرته ومظاهر حكمته وعزته: (خَلقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مَّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ لاَ إلهَ إلاَّ هُوْ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).

وهذه الآية معطوفة على سابقتها التي تحدثت عن خلق السموات والأرض وتكوير الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر. وجاء العطف بغير الواو لما بين الآيتين من كمال الاتصال فالآية الثانية تتمة للآية الأولى؛ وهي بيان لآيات الرحمن في خلق الإنسان وفي خلق الأنعام بعد الحديث عن آيات الله في خلق السموات والأرض، ويمكن أن تكون الآية الثانية جواباً عن سؤال يفهم من الآية الأولى فكأن سائلاً يسأل بعد أن استمع إلى الآية الأولى التي تناولت خلق السموات والأرض ـ فيقول فماذا عن خلق الإنسان وخلق الأنعام؟ وعلى هذا فبين الآيتين شبه كمال اتصال وقول القرآن: (خَلقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) أي نفس آدم : (ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) حواء خلقها الله من آدم، فالبشر جميعاً خلقوا من أصل واحد، وقول القرآن: (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانيَةَ أَزْوَاجٍ). انتقال من خلق الإنسان إلى خلق الأنعام وكما أن خلق الإنسان آية عجيبة ونعمة عظيمة فكذلك خلق الأنعام آية باهرة ونعمة ظاهرة.

  • وأخبر عن الأنعام بالنزول لأنها تعيش على الماء، والماء ينزل من السماء فصار التقدير كأنه أنزلها، فهو مجاز مرسل علاقته السببية، وقيل: إن الخلق يكون بأمر إلهي. والأمر الإلهي ينزل من السماء لذلك كان التعبير عن خلق الأنعام بالإنزال لأن خلق الأنعام صدر بأمر ألهي، وقيل: إن الأنعام خلقت في الجنة ثم أنزلها الله إلى الأرض وهذا الرأي لا دليل عليه.
  • وقال الإمام النيسابوري: وفي هذه العبارة (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ) نوع تفخيم وتعظيم يفيد الرفعة والاستعلاء ولهذا يقال: رفع الأمر إلى الأمير وإن كان الأمير في سرب.
  • وقال شارح العقيدة الطحاوية في سر التعبير بالإنزال [والأنعام تخلق بالتوالد المستلزم إنزال الذكور من أصلابها إلى الأرحام للإناث ولهذا يقال: أنزل، ثم الأجنة تنزل من بطون الأمهات إلى وجه الأرض، ومن المعلوم أن الأنعام تعلو فحولها إناثها عند الوطء وينزل ماء الفحل من علو إلى رحم الأنثى ويلقى ولدها عند الولادة من علو إلى سفل].

وقول القرآن: (ثَمَانيَةَ أَزْوَاجٍ): من الضأن اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن المعز اثنين.

  • إن خلق حواء من أحد أضلاع آدم دليل على تبعيتها لآدم، وتفرعها منه، فآدم هو الأصل وحواء فرع منه وفي خلق حواء من جنس آدم حكمة بالغة، فالجنس إلى الجنس أميل وكل منهما لا يستغني عن صاحبه، والصلة التي ينبغي أن تجمعهما هي صلة المحبة ورباط المودة والوئام والانسجام.
  • أما عن كيفية خلق حواء من أحد أضلاع آدم. فهذه حقيقة غيبية، يعلمها الخالق عز وجل، ولا علم لنا بها، وصدق الله عز وجل إذ يقول: (مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).
  • والذين ذهبوا إلى تحديد الضلع الذي خلقت منه حواء لا دليل لهم على ما ذهبوا إليه حيث لم يرد في القرآن ولا في السنة أي تحديد للضلع الذي خلقت منه، والله أعلم.

== مقدار طول آدم == (و جبل الرب الاله ادم ترابا من الأرض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية)(تك2:7)

لقد اختلف الناس في طول آدم وحواء من الافرنج فذهبو مذاهب شتى، فقال المستشرق المسيو ((هانريون)) العضو في المجمع العلمي الفرنساوي، ان طول آدم كان((123)) قدما وتسع بوصات اي (37 مترا تقريبا)، وان طول حواء كان(118) قدما وثلاثة ارباع البوصة (انظر مادة آدم في معجم لاروس الكبير) هذا ما هو مذكور في كتاب ((الرحلة الحجازية)) فهؤلاء المستشرقون اخذوا استنتاجهم من المومياوات والهياكل التي يعثرون عليها في بطون الأرض. .

وأيضا في الحديث النبوي الشريف ((خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على اولئك النفر وهم الملائكة جلوس فاسمع ما يحيونك فانها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال السلام عليكم، فقالو : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم في طول ستين ذراعا، فلم تزل الخلق تنقض بعده حتى الآن.)) قال العزيزي علي الجامع الصغير عند هذا الحديث وعند أحمد عن ابي هريرة مرفوعا، كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة اذرع عرضا وما ذكره ابن بطوطة في رحلته من أن طول قدم آدم الموجودة على الصخرة بجبل سرنديب أحد عشر شبرا معقولة بالنسبة لطوله المذكور هنا في الحديث

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2012 بواسطة aslamna-h

ساحة النقاش

إسلامنا فى القرآن والسنه

aslamna-h
الإسلام ومقوماته »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

54,640