طرق العناية بأسنان طفلك منذ الولادة وحتى البلوغ
المحافظة على صحة الفم لدى الأطفال له دور مهم في المحافظة على صحة أبدانهم ككل، ومن المعروف أن الغذاء السليم و الصحي من أساسيات المحافظة على النمو السليم و الصحي لدى الطفل، ولا يكتمل إلا بأسنان صحية حتى تساعده على تناول الغذاء بصورة طبيعية.
كيف يحصل طفلي على أسنان صحية وجميلة وكيف يمكنني مساعدته في المحافظة عليها وما هي الخطوات الصحيحة للعناية بأسنان طفلي حتى الكبر؟ سنتعرض للإجابة على كل هذه الأسئلة التي ربما تدور في ذهنك من خلال استعراض مختلف مراحل النمو للطفل و ما يجب عمله في كل مرحلة.
1- مرحلة الحمل
صحة الجنين من صحة الأم، اذ أن التزام الأم بالتعليمات الغذائية مهم جدا لأسنان الطفل كأي جزء آخر من جسمه.
ويجب على الأم الحامل المحافظة على الغذاء الصحي والمتوازن و الغني بالفيتامينات والمعادن سواء عن طريق الأطعمة أو المكملات، ومن المعروف أن احتواء الغذاء على مادة الكالسيوم مهم جدا لنمو العظام و لتكوبن الأسنان، لذا على الأم المحافظة على شرب الحليب و مشتقاته طوال فترة الحمل.
وما يجب الإشارة إليه هنا أن تناول نوع من الأدوية مثل المضاد الحيوي تتراسايكلين (Tetracycline) خلال فترة الحمل يؤثر على تكوين الأسنان في شكلها ولونها وخصوصا عندما يتم تناولها في مرحلة تكلس أسنان الجنين.
ومن آثار تناول التتراسايكلين هو بزوغ أسنان الطفل بلون مختلف عن لون الأسنان الطبيعية حيث تميل إلى اللون الرمادي أو الأزرق.
2- مرحلة ما بعد الولادة
تبدأ العناية بصحة فم الطفل منذ الولادة، فيجب مسح لثة الطفل بعد الرضاعة بواسطة قطعة من الشاش أو القماش الناعم وذلك لإزالة الجير أو أي ترسبات ناتجة عن التغذية، ويساعد ذلك على تهيئة فم صحي ونظيف لطفلك ولمنع تكون الالتهابات الفطرية في الفم نتيجة لتخمر الحليب.
تبدأ أسنان الطفل اللبنية في البزوغ من خلال اللثة، وأول الأسنان اللبنية تبزغ في عمر 6 إلى 9 شهور وتختلف من طفل لآخر وتلعب الوراثة دورا كبيرا في تحديد عمر السن الأول، حيث يجب على الوالدين البدء في تفريش الأسنان في هذه المرحلة وذلك باستخدام فرشاة أسنان صغيرة وناعمة مع الماء فقط ومن دون معجون الأسنان حتى سن الثانية، حيث يبدأ باستعمال كمية من المعجون بحجم حبة البازلاء.
ومن العادات الخاطئة التي يقوم بها الكثير من الأمهات هي ترك حليب الرضاعة الصناعية في فم الطفل أثناء نومه.
والمشكلة تكمن في أن الحليب الصناعي يحتوي على مقدار كبير من السكريات وتركه في فم الطفل أثناء الليل يساعد في تجميع السكريات حول الأسنان وبالتالي تكون مرتعا مناسبا للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان.
وهذا ما يسبب نوع من تسوس الأسنان لدى الأطفال ويسمى تسوس الرضاعة (nursing caries) ويعرف بتسويس في كامل الأسنان اللبنية في الفك العلوي للطفل وهو المكان الذي يتركز فيه الحليب أو العصير المتناول بواسطة الرضاعة الصناعية.
والسؤال هنا كيف يتم تجنب هذا النوع من التسويس خصوصا إذا كان الطفل متعودا على النوم بالرضاعة الصناعية؟
والجواب هو: يجب عدم ترك الرضاعة طوال الليل في فم الطفل، وبمجرد نومه يتم إزالتها من فمه ومن ثم مسح الأسنان واللثة المحيطة بقطعة قماش مبللة بالماء أو تفريشها إن أمكن، والأفضل العمل على ايقاف هذه العادة أو استبدال الحليب الصناعي بالماء أثناء النوم. كما أنه من الخطأ تناول الطفل للعصائر المصنعة والأفضل استبدالها بعصائر طبيعية.
3- مرحلة 2-5 سنوات
في هذه المرحلة تستمر الأسنان اللبنية في البزوغ وتكتمل في عمر 3-4 سنوات تقريبا وعدد الأسنان اللبنية 20 سنا، وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- من الملاحظ عند اكتمال بزوغ الأسنان اللبنية هو وجود فراغات بين الأسنان الأمامية وهذا طبيعي جدا لأنه يعطي مكانا ملائما لبزوغ الأسنان الدائمة الأكبر حجما، أما إذا كانت الأسنان اللبنية متراصة ومن غير فراغات (Hollywood smile) فهذا قد يؤثر لاحقا في ترتيب الأسنان الدائمة مسببا تزاحما وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى ضمور بعض الأسنان الدائمة.
- لذا فإنه من المهم الزيارة الدورية لطبيب الأسنان منذ بزوغ الأسنان الأولى و التعود على ذلك كل ستة أشهر حتى يتم تدارك المشاكل المتعلقة بصحة الفم منذ البداية وله الأثر الكبير أيضا في إزالة الرهبة والخوف من طبيب الأسنان.
- يجب أن يتم تعويد الطفل في هذه المرحلة على تفريش الأسنان بواسطة الفرشاة و المعجون، و تبدأ بتعليمه من قبل الوالدين و تشجيعه من خلال مراقبته لهم وهم يفرشون أسنانهم أو مراقبة إخوانه الأكبر سنا.
- الأستمرار في تفريش الأسنان بواسطة الوالدين و التأكد من عدم بلع المعجون، وذلك بتعليم الطفل المضمضة و بصق المعجون المتبقي في فمه.
- تحتوي الأسواق على العديد من أشكال الفرش والمعاجين المخصصة للأطفال والمحتوية على رسومات وشخصيات يحبذونها وذلك له أثر كبير في تشجيعهم، ومن المهم أن تكون الفرشاة ناعمة حتى لا تؤذي اللثة وصغيرة مناسبة لحجم الفم والأسنان.
- من المهم جدا التأكد من احتواء المعجون على نسبة مخففة من مادة الفلوريد، لان الطفل معرض لابتلاع المعجون أثناء التفريش، حيث من المهم تجنب التعرض لكمية كبيرة من الفلوريد في هذه المرحلة لما قد يسببه من تبقع في الأسنان الدائمة كما ان تناول كميات كبيرة من مادة الفلوريد قد يؤدي إلى التسمم.
والتبقع الفلوري مرض في الأسنان ناتج عن التعرض لكمية كبيرة من الفلوريد في الصغر و ذلك من خلال شرب مياه الآبار و المياه المحتوية على كميات كبيرة من مادة الفلوريد، ويتأثر تكوين الأسنان الدائمة لأنها تتشكل وتتكلس منذ الولادة وحتى سن 7-8 سنوات تقريبا، ويؤثر الفلوريد الزائد على الخلايا المكونة للأسنان مما يؤدي إلى تغيير في سطح الأسنان المتأثرة، وتتراوح شدة الحالة من بسيطة إلى تبقع شديد و نخر حسب كمية الفلوريد المستهلكة.
- من الاعتقاد الخاطئ لدى الكثير بأن الأسنان اللبنية ليست مهمة لأنه سيتم تبديلها في الآخر. و الصحيح هو العكس تماما لأنه عندما يتم تعويد الطفل منذ البداية على الإهمال وعدم المحافظة على أسنانه سيستمر على ذلك حتى الكبر، كما و أن الأسنان اللبنية تؤثر على الأسنان الدائمة، حيث أن تسوسها و فقدانها المبكر يؤثر في بزوغ الأسنان الدائمة وفي كثير من الحالات يفقد الفراغ المهيأ للسن الدائم ويسبب ضموره في عظم الفك.
4- مرحلة 6 سنوات فما فوق
- تبدأ في هذه المرحلة عملية تبديل الأسنان اللبنية بأسنان دائمة. كما سبق وذكرنا تتفاوت مرحلة التبديل من طفل إلى آخر.
وتتميز بما يلي:
- عدد الأسنان الدائمة 32 سنا، تبدأ ببزوغ السن الطاحن الأول الدائم ويأتي خلف الطواحن اللبنية أي انه لا يتم تبديله بسن لبني.
- يجب تعويد الطفل في هذه المرحلة على الاعتماد على نفسه في استخدام الفرشاة و المعجون بالإضافة إلى الخيط السني وتشجيعه على ذلك.
- استمرار الزيارة الدورية لطبيب الأسنان حيث يتم فحص الأسنان ومراقبة تبديل الأسنان اللبنية وتنظيفها، وقد يتم وضع طبقة واقية على سطوح الأسنان الدائمة (fissure sealant) وهي قد تساعد على الحد من انتشار التسوس على سطح الأسنان العضي، وتشمل أيضا وضع طبقة الفلوريد حتى تساعد على تقوية الأسنان.
- ولطبيب الأسنان دور مهم في مراقبة نمو الفكين والأسنان، وتراص الأسنان مع بعضها البعض وكذلك الكشف عن وجود بعض العادات السيئة لدى الطفل والتي قد تؤثر على نمو الفكين وقد تسبب سوء في إطباق الأسنان مع بعضها البعض.
- قد يلاحظ الأبوان وجود فراغات بين الأسنان العلوية الأمامية لدى أطفالهم بالإضافة إلى عدم تراصها مع بعضها البعض مما يستدعي الكثير إلى عرض الطفل على أخصائي تقويم الأسنان لتصحيحها، ولذا من المهم معرفة أن الطفل يمر في مرحلة تغيير طبيعية تسمى (ugly duckling stage) وتكون في عمر 8-9 سنوات وينصح في كثير من الأحيان بالانتظار لحين بزوغ الأنياب الدائمة، حيث تبدأ بسد الفراغات بين الأسنان الأمامية.
- ومن التغيرات أيضا والتي قد يلاحظها البعض هي تزاحم في الأسنان الأمامية السفلية لدى الطفل، وهي تدل أيضا على مرحلة طبيعية وقد تزول مع نمو الفك وعند تبديل الطواحن اللبنية إلى دائمة، وقد يكون من المستحسن استشارة أخصائي تقويم الأسنان في الحالات الشديدة لأنها قد تستدعي تدخلا مبكرا من قبله.
- وهناك عادات سيئة تجدر الإشارة إليها هنا و منتشرة بكثرة هي عادة مص الإصبع. حيث أنها لا تؤثر على الفكين والأسنان إذا تم إيقافها في سن مبكرة كسن 4 سنوات، أما إذا استمرت إلى سن متأخرة وإلى بعد بزوغ الأسنان الدائمة فهي بالتأكيد ستؤثر على نمو الفكين و بالأخص الفك العلوي و يحتاج الطفل إلى تدخل سريع من قبل أخصائي الأسنان لإيقاف هذه العادة وعلاج تشوهات الفكين و الأسنان الناجمة عن ذلك.
- إن الخلل في إحدى الوظائف الحيوية لدى الطفل قد يكون له تأثير كبير على نمو الفك و وضعية الأسنان مع بعضها البعض، ومثال على ذلك هو الخلل في وظيفة التنفس بسبب وجود اللحمية أو حساسية الأنف مما يضطر الطفل إلى التنفس عن طريق الفم (mouth breathing) وبذلك يكون الفم مفتوحا في معظم الوقت مما يؤثر في نمو الفكين و يؤدي إلى تكوين العضة المفتوحة (open bite) وضيق في حجم الفك العلوي أي حدوث تشوهات في عظم الفك والأسنان.
ويبدأ علاج هذه الحالات بعرض المريض أولا على أخصائي الأنف والأذن والحنجرة لمعرفة سبب الخلل ومن ثم علاجه و بالتالي الوصول إلى نتيجة طبيعية في التنفس، ومن ثم يبدأ أخصائي التقويم في علاج التشوهات في الفك والأسنان بواسطة أجهزة تقويم الأسنان.
وأخيرا أعيد التأكيد على دور الوالدين في تحفيز الطفل على العناية بصحة فمه، وتعليمه الطريقة الصحيحة لتفريش الأسنان وطرق الوقاية من التسوسات وأمراض اللثة عن طريق الزيارة الدورية لطبيب الأسنان، حتى تصبح عادة تنمو معه حتى الكبر.
ساحة النقاش