موقع طلبة الفنون لجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم

يشرف على الموقع الطالب قانيت محمد أمين

الفنان الشاب حسن الساري يروي حكايته مع التشكيل والخط:
النقد الفني بحاجة إلى الجرأة.. فمن يجرؤ عندنا على الصراحة التامة؟- عباس يوسف
وكأن الأيام تعيد نفسها بصورة وأخرى في المشهد الفني التشكيلي المحلي، حيث الكثير من الفنانين الشباب ممن رقعوا أسماءهم على سجلات الساحة التشكيلية ''شباب التسعينات'' عبر حضورهم اللافت في المعارض الجماعية والنشاطات الفنية الداخلية منها والخارجية أيضاً.
هؤلاء يذكرون ربما بماضي الكثير من الفنانين الرواد ممن لم يتلقوا درسهم الفني في أكاديميات أو معاهد الفنون، إنما مواهبهم وحبهم وشغفهم وجنونهم بالرسم هو ما ساقهم للبحث والاطلاع والتدريب المستمر وصقل ذواتهم الفنية، تدريباً وقراءة، - في هذا الشأن يتشابه نفر من الفنانين الرواد والشباب - رهط من الفنانين الشباب ممن تعب على حاله وراح يبحث عن ذاته جاداً مجتهداً متأثراً وباحثاً عن موطئ قدم يستقر به في ربوع الساحة التشكيلية المحلية، من هؤلاء الفنانين الشباب حسن الساري.. وهنا نستكمل الحديث معه في الوقفة الثالثة والأخيرة، بعد حلقتين سابقتين كان محورهما روافد تجربة الساري الشخصية وسيرته الفنية. هنا الوقفة مع بعض ما يدور في الساحة التشكيلية المحلية.

* جيل الشباب إلى أي مدى يتعاطى ويستفيد من صالات العرض الفنية الخاصة؟ وهل من بديل مناسب عنها؟
- في نهاية القرن الماضي كان لظهور صالتي العرض البارح للفنون التشكيلية والرواق للفنون التشكيلية توجه خاص في إقامة المعارض الفنية. فكانت الأضواء في السنوات الماضية تتجه نحو الصالتين، خصوصاً في ظل الركود العام للحركة التشكيلية. وكان عموم الفنانين يتجهون للصالات الخاصة، لأنها تقوم بالتجهيزات الكاملة في إدارة المعرض، وهذا يخدم الفنان ليقوم بالتركيز في عمله بدلا من تعدد الانشغالات وتبعثرها.
ونظراً لكون الزوار يتوافدون على الصالات بشكل أكثر، فإن هذا تحفيز للفنان فيجعل عمله أمام مرأى عدد أكبر من الزوار. فالفنانون الشباب ولكون عددهم محدوداً في الساحة الفنية في السنوات الأخيرة خصوصاً فهم لا يستسيغون أن يطرحوا معارضهم في الأمكنة الأخرى في ظل وجود الصالات الخاصة. وبالمناسبة حتى الفنانون غير الشباب ونقصد هنا بالفنانين الذين كان لهم دور كبير في الحركة التشكيلية لسنوات ولهم بصماتهم، يحرصون على العرض في هاتين الصالتين. وحسب اعتقادي أن لصالات العرض جماهيرها الخاصة أي المقتنين والمتذوقين للأعمال الفنية، وهؤلاء لا يمكن أن يتواجدوا في الصالات العامة.
وبناء عليه نجد الفنانين الشباب أكثر ميلا للتعاطي مع الصالات الخاصة في ظل غياب المميزات والحوافز في الصالات، العامة وإن كان للصالات العامة إيجابيات أخرى أيضاً لا يمكن إغفال ما تقدمه للفنان كالمطبوعات والمكان وغيرها.

* ما سبب غياب أو شحة المعارض الجماعية بتقديرك؟
- إن ركود الحركة التشكيلية وندرة اقتناء الأعمال الفنية جعل من التوجه لإقامة المعارض في سكون لا يرقى إلى أن تكون غير معارض يتيمة تنظم من حين لآخر يقوم بها من يتحدى الواقع الراكد. وفي تكرار الروتين في المعارض وبقاء وجوه وأساليب متكررة جعل هناك نفوراً من المشاهدين. أيضاً هناك خمول مشترك لدى فئة الفنانين وهذا يسهم في خلق الاتكالية والحكي غير المردوف بفعل، ولا يتجاوز الشفتين في العمل على إقامة المعارض. فهناك من يسعى إلى أن يقدم فناً راقيا يتعاطى مع العمل على أنه جزء من شخصية الفنان، وهناك من يتعاطى مع العمل بسطحية جافة لا تتجاوز نظرة العين المجردة.

* هل الموضوع ضرورة في العمل الفني؟
- إن المضمون في حيز العمل أو جعل العمل يميل إلى الرمزية تجعل منه متفاعلاً باستمرار مع الفنان في إنجازه أو بعد ذلك إلى أن يقع تحت رحمة النقاد لاحقاً. فإذا كان العمل خاوياً فهو لا يتعدى أن ينتهي عند عتبات بداياته. فكثير من الأعمال حالياً تتجه إلى طرح الفكرة، والجيل الجديد في مصر - على سبيل المثال - هو جيل يعتمد على طرح الفكرة بعيداً عن التقنية المعقدة. وكذلك الفن التركيبي أو التجميعي فهو يعتمد على خلق صورة معينة ذات فكرة وربما لا تتجاوز المكان لينتهي العمل كمادة وليبقي الفنان ما أراد توصيله للمشاهد. فهنا أريد أن أبين أن الفكرة جزء من العمل، وإن كان يفتقد للمضمون وإن كان جميلا فهو لا يتعدى الجمال.

* ظنك هل يتداخل الفن مع السياسة؟
- إن البيئة هي الأثر الموجه للفنان عادة في بلورة أعماله الفنية. فالفن يتفاعل ويعمل في كل الاتجاهات والتوجهات. والعديد من الفنانين لهم بصماتهم في موضوعات مهمة تستهويهم سوى السياسية أو الاجتماعية وغيرها. ومنهم، بالمقابل، من اغتيل على إثر عمله السياسي كرسام الكاريكاتير ''ناجي العلي''، الذي اغتيل في لندن في نهاية الثمانينات. وكذلك ''إسماعيل شموط'' وزوجته تمام الأكحل'' اللذين انشغلا بطرح واقعهما السياسي في ظل القضية الفلسطينية منذ أن مسَّهم الاجتياح الإسرائيلي العام ,1948 وحتى وقت متأخر قد طرحا معرضا في الأردن في نهاية القرن الماضي بعنوان ''السيرة والمسيرة'' يحاكي الواقع السياسي للحق الفلسطيني المسلوب. وتتواجد مثل هذه الأمور بين مجتمع وآخر إلا أنها تكون بنسب متفاوتة، فكثير من الفعاليات الفنية تأخذ هذا التوجه وإن كانت لا ترقى إلى أن يكون لها صدى أحياناً.

* وماذا عن غياب الكتابة في مجال الفنون التشكيلية؟
- إذا أخذنا في الاعتبار أسباب هذا الغياب فهي لا تنحصر في زاوية معينة، وإنما ترجع إلى عدة أسباب. فإذا طرحنا السؤال من يكتب؟ فهنا تترتب على الإجابة عدة نقاط لابد في توافرها في الكاتب نفسه. فالكاتب في هذا المجال لا ينبغي أن يكون من الملمين بالمعلومات العامة للفن التشكيلي فقط، بل لا بد وأن يكون على دراية أكثر بخواصها. والكتابة على إثر المعلومات العامة تكون بشكل سطحي لا يسمن ولا يغني من جوع. فإذا قلنا أهل مكة أدرى بشعابها فهنا نشير إلى أنه لابد من فنان متخصص يعرف ماهيات وخصوصيات العمل الفني وطريقة قراءته وتحليله والتقنيات المستخدمة في إنجازه، وأحياناً تاريخ الفنان وغيرها من الأمور المتعلقة بالعمل الفني. وإلا فإن كل ما يكتب خارج هذه الإطار هو خاوٍ لا يتجاوز قول (وفسر الماء بعد الجهد بالماء).

* قبل سنتين قرأت بين سطور أحد التعليقات لأحد الكتاب من الوسط الفني والمنشورة في إحدى الصحف المحلية يجول ويصول في مقالته، ولكن ماذا أراد أن يقول؟ لا أدري ولم يفقه الآخرون ماذا يريد بعد أن سلمتهم زمام التفسير لفك الطلاسم، أو أنه في مقال آخر يثني على تجربة الشباب ويجمع بين أصحاب العقد الثاني والعقد الخامس، فأي تقارب بين جيلين وفوارق السن شاسعة؟
- لأن النقد الفني أو الكتابة في مجال الفن بحاجة إلى الجرأة، فمن يجرأ أن يحاكي الواقع بما هو عليه وأن ينتقده بصراحة تامة؟ وإن كانت هناك طفرات يقوم بها الصحافيون من حين لآخر بطرح مقابلات ومقارنات تحفز الوسط الفني وتعمل على خلق التصادمات فيه. ففي العدد (6607) لسنة 2007 في صحيفة الأيام البحرينية نموذج لهذه الظاهرة عندما سعى بعض الصحافيين للمقارنة بين الأساليب والتقليد لتشتعل نار الفتنة، أي تحريك الجو العام بهذا الاتجاه بين الفنانين، لكن هذه الظاهرة لا تستمر طويلا فسرعان، ما تعود المياه لمجاريها بعد رد واحد بالكثير.
المصدر: الفنان الشاب حسن الساري يروي حكايته مع التشكيل والخط
artplastique

جميع الحقوق محفوظة لجميع الطلبة - أمين -

  • Currently 97/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
32 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 22 يناير 2010 بواسطة artplastique

قانيت محمد أمين

artplastique
قانيت محمد أمين أستاذ و باحث في مجال الفنون المرئية يرحب بجميع الأساتذة و طلبة الفنون »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

106,300

بسم الله الرحمان الرحيم

سألني أحدهم ... كاش جديد ....
فقلت له الجديد أننا  ...
على قيد الحياة