أراك للاعلام والتنمية

اثراء المحتوى العربي الهادف هدفنا،المعرفة ضرورة للتنمية ،لغتنا كنز حضاري علينا الحفاظ عليه وتنميته

عشقتها.. لا أدري متى ولد عشقي هذا، لكنني رأيته، شعرت به، يتسلل كنسمة صيف، كلمسة حريرية، تأخذ بيدي إلى مؤشر المذياع، وتديره باحثة عن صوت تداعبه "همسة حائرة"، أو حبيبة مشتاقة، في أمل ورجاء تسأل: "أغدا ألقاك"؟ أو عاشق يرسل عن حاله تقريرا لحبيب بعيد، فيقول: "أضنيتني بالهجر، ما أظلمك"! أو كسيرة الروح، تدلي لقلب أمها باعتراف: "أنا ما زلت أهواه، وفي قلبي ذكراه وتهفو دائما، عيناي، يا أمي لمرآه، فمن أقصاه عن دربي، ومن يا ربي أغواه"؟ جذبتني دوامات بحورها، وفي سنوات الشباب الأولي، وبداية المرحلة الثانوية، حيث العز والمجد اللغوي، ومبدعي الشعر والأدب الجاهلي، وحسام عنترة ورماح منه تنهل، فيود تقبيلها، حيث رأى في بريقها، ثغر عبلته، إمرؤ القيس، الباكي على أطلال وذكرى حبيب ومنزل، زهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني وطرفة قتيل الهجاء، وغيرهم الكثير والجميل. ويأتي عام دراسي جديد، حامل لوجداني الجمال الأندلسي، ببديع موشحاته، بل ويحمل لقلبي الصغير _ حينها_ حكاية عشق، ذبنا في تفاصيلها وشاركنا أبطالها، "إبن زيدون وولادة بنت المستكفي"، نبضات القلوب، مد الحب وجزره، القرب والفراق، السعادة والوجع.. وتكتمل سنوات المرحلة الثانوية، بأطلال ناجي، ومحمود حسن اسماعيل ونهره الخالد، بحافظ وشوقي، وعبد الصبور. كان مدرس اللغة العربية، هو الأهم في حياتي الدراسية، والأحب.. ذهبت إلى أستاذي، أحمل في قلبي وذاكرتي ولساني، همسة عزيز أباظة الحائرة، "ونحسب الكون، عش اثنين يجمعنا، والماء صهباء والأنسام ألحانا".. ما معنى "صهباء" يا أستاذي؟ كنت في الصف الأول، بمدرسة المنصورة الثانوية، أيام التهجير، ولم تبرح ذاكرتي، صورة وجهك أستاذي، وكم كنت مستاء من تلميذتك التي تتعجل سنواتها وتستمع من الأغنيات ما لا يناسبها، سألتني لماذا أستمع لتلك الأغنية، لما أحفظ كلماتها وأبحث في معانيها، قلت لي: "يا ابنتي، الشعر من الشعور، وما اهتمامك بهذه الكلمات، إلا لما حركته بك من مشاعر، إنصرفي لدراسة المنهج، واتركي ما لا يعنيك"! فماذا لو كنت علمت وقتها، أستاذي الحبيب، أن تلميذتك تسبح كل مساء، مع الهادي آدم حين يقبل الليل، بل ومع جورج جرداق، ومعجزته مرددة: "الهوى أنت كله والآماني، فاملأ الكأس بالغرام وهات"! خجلك وما تزينت به من حياء، منعك أستاذي، من أن تخبرني بأن الصهباء هي الخمر، لكنني اجتهدت وعرفتها، وفهمت القصيدة وحفظتها وعشقتها وأعشقها، ولم أنساك يوما. كبرت وكبر حبها في قلبي وكل كياني، هي لغة السحر، الحب، البلاغة، الإبداع، الإحساس.. ومن قبل ومن بعد، هي لغة القرآن، وما أعظمه من تشريف! لغتي العربية، معشوقتي، حبيبتي، لساني.... أحبك. #اليوم_العالمي_للغة_العربية #الثامن_عشر_من_ديسمبر #أكتب_صح #نحو_وصرف #العشق

المصدر: عزة البرقي
arakmedia

شاركونا الحلم .. زورونا في موقعنا وواقعنا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 204 مشاهدة
نشرت فى 20 ديسمبر 2016 بواسطة arakmedia

ساحة النقاش

مركز أراك للاعلام والتنمية

arakmedia
-مركز يسعى الى تحقيق التنمية الإنسانية برفع مستوى اداء الفرد و مهاراته باستخدام تقنيات حديثه للتواصل المباشر او للتواصل عن بعد واطلاق مشروع تنموي متكامل على الانترنت ، للتواصل مع المجتمع بكل فئاته خاصة الشباب والفتيات و الطلائع والمرأة لتطوير وتنمية المجتمع ، واثراء المحتوى العربي على الانترنت ، يوضع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

55,939