لقد أجمع الكل من الخبراء والمتخصصين فى مجال البيئة على أن قضية التغير المناخى تأتى على رأس أولويات القضايا الهامة والمصيرية التى يتعلق بها مصير ومستقبل العالم وبقائه المادى كما أنها لم تعد شأن رجال البيئة وحدهم بل ورجال القانون والسياسة وحتى رجل الشارع العادي ولما لا وهى تتعلق بمصير الإنسان ووجوده لقد أثبتت القضايا البيئية فى عمومها وقضية التغير المناخى على نحو خاص على أن المفهوم الشمولى  HOLSTIC هو الأكثر ملائمة للتعامل مع قضايا البيئة التى تتحقق بصددها قضيه الاوآنى المستطرقة  وأيضا المفهوم الدائرى والاشتجارى المتداخل الذى يصعب معه الفصل ما بين قضية وأخرى وتحديد أيهما المتغير الأصيل الذى يتسبب فيها وأيهما التابع اى المتأثرة بهذه التغيرات وهو ما قد يزيد الأمر صعوبة ولكنه فى ذات الوقت يوضح لنا مدى قوة هذه الإشكالية من جهة وصعوبة حلها وفى ذات الوقت وكيفية مواجهتها التى تصير على نفس الدرجة من الصعوبة والتى تصل إلى حد المستحيل والتى قد تصل بنا إلى ضرورة حد التسليم ولا نقول الاستسلام لها وذلك من خلال طرق مجال الإجراءات والمناهج والمقتربات الوقائيه والحمائية  protective إلى مجال التأقلم معها adaption  أياً كان ذلك الواقع الذى تفرضه وأياً كانت الصعوبة التي ينطوي عليها والتي يرى العلماء والمتخصصين أنها تصل إلى درجه غاية من الصعوبة واستحالة تقبلها والعيش معها وان الحياة فى ظل ما هو متوقع قد يصبح الموت دونها هوان.. تلك هى الحقيقة التى لا مفر منها والتي بات علينا مواجهتها لأن الوقت قد أصبح منذ الآن قصير جداً .. وكما أسلفنا من قبل فان الإشكالية عالمية أى أن تأثيراتها يجب أن تشمل العالم أجمع لذلك علينا أن نواجهها على نفس مستواها فالمسئولية  لابد وان تكون على نفس المستوى .. زمنياً ومكانياً .. علينا أن ندرك أن زرع الإخطار قد يكون فرديا أي مستوى الدول منفردة أو على المستوى المحلى local  والذي يعنى أن الممارسات والتصرفات التي تتم على المستوى المحلى هي السبب الرئيسي وراء حدوث تلك الإشكالية أي أن ماقد يأتيه أحد الأفراد في أقصى أطراف الأرض من فعل ما كأن يقوم بحرق قش الأرز فإن ذلك يصب فى النهاية فى التأثير على ظاهرة التغير المناخى ذات الأبعاد العالمية وتلك هي العلاقة التي صاغها  البعض في ذلك المفهوم وهى فكر عالميا وأعمل محليا لأن الأسباب قد تكون محلية والنتائج عالمية .. وهنا يصبح على الدولة العالمية التى تقع على رأس العلاقات الدولية أن تحمل تبعتها في هذه الإشكالية التي عليها من منطلق موقعها كدولة عظمى تعمل على حفظ الا من والاستقرار لذلك العالم كما أن مصلحتها وأمنها القومي بفعل كونها دولة عالمية لا يتحقق أمنها إلا من خلال أمن واستقرار بقية وحدات النظام الدولي وليس ذلك فقط بل والعمل على تحقيق تنميتها الاقتصادية " وقد سبق لمستشار الأمن القومي الامريكى السابق روبرت ماكنمارا  في مؤلفه جوهر الأمن Essence of security أن تتطرق لهذه النقطة وهى تلك العلاقة الإرتباطية الوطيدة ما بين تحقيق الأمن القومي الامريكى وتحقيق التنمية في دول العالم  الثالث .. لذلك فان الولايات المتحدة وموقعها كدولة عظمى أو كما تسعى إن تكون حتى وإن جانبها الصواب فى تحقيق ذلك الهدف من مهمات اتباع النهاية أو الأسلوب الذى يرتكن على القوة فى تحقيق مأربها وأهدافها فى أن تصبح كدولة عالمية Global security  أو على حد تعبيره  كدولةuniversal  .. فالقوة لم تأتى بهذه الأهداف وتحقيقها بل على العكس قد زادت من تعقيد الوضع ومن ثم مأزومية  الامن القومى الامريكى .. ومفهوم القوة الذى أتبعته الإدارة الأمريكية ارتباط  ببعد ومفهوم أخر وهو محدودية الرؤية وضيق الأفق أو بتعبير أخر أن الرؤية المحلية local vision  هى التى سادت وغلبت على الرؤية العالمية التى يجب أن تسود لوضعها وقد كان ذلك واضحا بالنسبة لإشكالية التغير المناخى وموقف الادارة الأمريكية السابقة منها والذى كان محل انتقاد

 حتى من جانب حلفائها من الدول الاوربية وقد كان ذلك من خلال تفضيل الادارة الامريكية  من الالتزام بمعاهدة كيوتو للحد من الانبعاثات  بدعوى ان ذلك يعرض المصالح الامريكية الاقتصادية  للخطر وكيف ان الولايات المتحدة التى كانت تسهم بحوالى 20 % من اجمالى الانبعاثات قد رفضت ان تخفض من مقدار هذه الانبعاثات ورأت ان لذلك مضار إقتصادية وقد تجاهلت بذلك دورها العالمى  وموقعها على رأس النظام الدولى .. لذلك فان التساؤل  الدائر الان ماذا عن موقف الادارة الامريكية الجديدة وماذا عن الرئيس أوباما الذى اعلن انه قد جاء وهو يحمل بين طيات جناحيه رياح التغيير للافضل وذلك ماتوقعته منه الدول  وما يتوقعه ايضا رجال وخبراء البيئة وهل يعدل عما اتبعه  ما هو مقدار ذلك التغيير الذي يمكن ان يأتى به بالنسبة للبيئة بصفة عامة وهذه الإشكالية على نحو خاص أى التغير المناخى الذى عليه أن ينظر اليها من منظور " الأمن القومى الامريكى الذي  تربطه علاقة بلازمية بالأمن العالمي Global security  بل فى هذه الحالة يعد مفهوم الامن العالمى هو السائد وهو الذى يجب مفهوم الامن القومى الامريكى .. فما هى الخطوة أو الخطوات التالية التى يتوقعها منه البعض " وقد تمسك البعض بذلك الاعلان والتصريح الذي أدلى به أوباما بشأن قضية التغير المناخى وهو المصادقة والتوقيع على مطلب كاليفورنيا الذى تحدد في تنظيم غازات الصوبة وهو ذلك المطلب الذى سبق وان إفتقدتة الاداره الامريكية السابقه لذلك  فان الخطوة التالية التى يجب ان تلى ذلك هى ان يقوم الرئيس الامريكىبالتركيز على قرار المحكمة العليا لعام 2007 الذى يطلب من وكالة حماية البيئة دراسته وهى تاثيرأت غازات الصوبة والحد منها و اذا ما كان الامركذلك .. حيث قد طالبت المحكمة فى اول الامر واخطرت الوكالة بما اذا كان التلوث الناجم عن الاحتباس الحرارى  Worming pollution      يهدد الصحة العامة والرفاهية والتي قدمت عليها بعض النتائج الخطرة endangerment  finding وفقاً لمعاهدة الهواء النظيف إذا كان الأمر كذلك فما هى مستويات الانبعاثات  المسموح بها الصادرة عن السيارات .. ويقال ان ذلك المطلب قد واجه بالاعتراض من جانب بعض اعضاء الكونجرس ورجال الأعمال الذين يخشون من ان يؤدى الحد من عوادم السيارات الى قيود اقتصادية واسعة المدى فيما يتعلق بغازات الصوبة والتي يمكن ان تمتد الى  كافة المجالات وبالقطع الصناعة .. ويقال ان ستيفن جونسن رئيس وكالة حماية البيئة فى عهد إدارة بوش قد حاولت ان تفعل الشى الصحيح بأن قامت بإرسال رسالة على الايميل e-mail  بنتائج هذه المخاطر التى تنطوي عليها غازات الصوبة وعلى الرغم من انهم لم يرفضوا الرسالة التى تتضمن الحد من الانبعاثات غازات الصوبة وتجاهلها ولكنهم قد رفضوا فتح هذه الحزمة من المعلومات .. ذلك ما على اوباما  ان يواجهه فى المرحلة القادمة وان يغلب الرؤية العالمية على تلك المحلية الضيقة فهل ينجح ذلك ما ستفصح عنه الأيام بل والسنوات القادمة .

 

المصدر: د. عماد الدين عدلي / المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 242 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2010 بواسطة aoye

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

150,760