قراءةٌ في رُقُمٍ طيني
......................................................
أَيها القادمُ من أعماقِ البَحر
تَحمِلُ عَبَقَ الطين
لَونَ الطين
لُغَةَ الطين
تَتَمَطى كَجنيٍّ فَرَّ مِن بُرجِ بابل
يَفرُكُ عَينيه وَيَضحكُ من سذاجةِ الحَرَس
كَوَمضةِ ضوءٍ خافت
تَقتُلُها الظهيرة الًصيفية ..
فَتَضيع مُنتَشيَة في اللامبالاة
مرَّت ولَمْ يَعلَم أحَد
أو كَقطارٍ طَلَّقَ السِكَةَ
وأَدمَنَ الطُرق الزراعية
لا نُضار ولا مَحَطات سوى ..
دَهشَةَ مُزارعينَ سُذَج مثلي
سُبحانَ الله ..
قادِرٌ على ..
أفواهٌ فاغرَةٌ وعيونٌ مُبَحلقة
نزفُ حكايات ساذِجَة ..
عَنْ انتصارِ الخيرِ
عن اندحار الشَر
افتَح البَابَ ..
كي يَمُرَّ الخّروف الصغير
منتَشياً بالنَصر ..
فَقدْ فَتَكَ بِقَطيعِ الذئاب
نشوةُ الرأس الذي ..
مَزَّقَ الرَصاصات الحاقِدة
افتَح الباب
لِرقبتي التي تَضحكُ من منظرِ ..
الخَشَبَةَ التي تَدَلَت منها مُعَلَقَة بحبل
أو الرقبة نفسها
رَقَبَتي مَزهوة إذْ تَقطَع المقصَلة
افتَح الباب للسجان الذي يتوَسَلني ..
أن أُطلقه
أن أَفتَح الأقفال كَي أُعتِقَه
يَحلُمُ أن أخرُجَ من سَجني ..!
ليَنعَمَ بيومِ اجازة
لجلدي الذي مَزَّقَ السوط
جَلَدَهُ حتى أدماه
افتح البَاب ..
لصَرخَتي ,,
التي دَوَّتْ
شَقَت هدأة السُكون
مَزَّقَت كل حُجُب الصًمت
صَعِدَت ..
حتى عنان السَماء
صَرخَتي التي لَمْ يَسمَعها أحَد
افتَح الباب لجمجمتي التي ..
خَرَجَت تواً من المَقبَرَةَ الجَماعية
جُمجمتي التي تُحاولُ أّنْ تَتَعَرَفَ على
أَشلائي
يَديَّ .. قَدَميَّ .. أضلُعي
بَقاياي
ولو على رِباطِ حذائي
تتكئ على بَقايا الذكرَيات
تُحاوَلُ كما ..
ماضي الزِمان
أَن تَهرُشَ شَعراً كان
تُعطي الأمرَ لليَد
في أقصى المَقبَرَة انتَصَبَت يَد ..
و اصبع يحًكُ في الهواء
يَدي اليُسرى في أَقصى المَقبَرَة
مَعَ أشلائي يَدان يسراوان
تتهَكَمُ عليَّ جُمجُمَتي
_ أعدَموكَ لأنَكَ يَساري
يدان يمناوان مع جثة جاري
_ أعدّموهُ لأَنَهُ يَميني
و ذاك الذي دونَ يَد
تنسابُ دمعة على بَقايا خَدِ جمجمتي
تُجيبُني على نَفس النَمَط
_ أَعدَموهُ لأَنَهُ من تيار الوَسَط
وَتِلكِ التي دونَ ..
عُذراٌ لِطولِ حَديث جمجمتي
فالوَقت طويلٌ ومُملٌ ..
حتى قيام الساعة
محمد الانصاري
ميرسين 1991