نافذة
على الشعراء العرب
اذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز 
...
اذا ما رايـــــــة رفعت لمجد ... تلقــــــــاها عرابــــة باليميـن
الشماخ الذبياني
هو الشماخ بن ضراربن حرملة بن سنان بن أمية ، شاعر مخضرم ممن أدرك الجاهلية و الاسلام ، و الشماخ لقب و اسمه معقل و قيل الهيثم ، و الصحيح معقل كما ورد في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني . و أم الشماخ أنمارية ، من بنات الخرشب ، و اسمها معاذة بنت بجير بن خالد بن اياس . و أنمار بن بغيض قوم الشماخ . 
يعتبر الشماخ من طبقة لبيد بن ربيعة و النابغة ، كان شديد متون الشعر ، و كان أرجز الناس على البديهة ، جمع بعض شعره في ديوان ، شهد القادسية ، توفي سنة 22 هجرية الموافق 642 للميلاد .
اعتبره الحطيئة اشعر العرب لقوله واصفا القوس :
أذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنـــــــائز
و كان الشماخ خرج يريد المدينة فصحب عرابة بن أوس الأنصاري ، فسأله عرابة عما يريده في المدينة ، فقال أريد أن أمتار لأهلي ، و كان معه بعيران ، فأنزله و أكرمه ، و أوقر بعيريه تمرا و برا ، فقال الشماخ في أبيات يمدحه :
اذا ما الصبح شق الليل عنـــه ... أشق كمفرق الرأس الــــدهين 
رأيت عرابــة الأوسي يسمـو ... الى الخيرات منقطع القريــن
اذا بلغتني و حمـــلت رحــلي ... عرابة فاشرقي بـــــدم الوتين
اذا ما رايـــــــة رفعت لمجد ... تلقــــــــاها عرابــــة باليميـن
و مثل سراة قومك لم يجاروا ... الى رُبُع الرهــان و لا الثمين 
رمــاح ردينــة و بحـــار لـجٍّ ... غــــــــواربها تقاذف بالسفين
فدى لعطائك الجـزل المرجى ... رجاء المخلفـــات من الظنون 
غداة وجدت بحرك غير نَزر ... مشارعُهُ و لا كدر العيــــون
و يقال ان معاوية سأل عرابة بن أوس : 
بأي شيء استحققت أن يقول فيك الشماخ :
رأيت عرابــة الأوسي يسمـو ... الى الخيرات منقطع القريــن
اذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
فقال عرابة : سماع هذا من غيري أولى مني و منك يا أمير المؤمنين .
فقال معاوية : عزمت عليك لتخبرني . فقال عرابة : باكرامي جليسي ، و محاماتي عن صديقي .
فقال معاوية : لقد استحققت .
و قال الشماخ في قصيدة له يرثي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
جزى الله خيرا من أمير و باركت ... يدُ الله في ذاك الأديم الممزق 
فمن يسعَ أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدّمتَ بالأمس ، يُسبَقِ
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائج في أكمامها لم تفتّق
أبعد قتيل بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتز العضاه بأسؤُق
تظل الحَصانُ البكرُ يلقي جنينَها ... نثا خبر فوق المطيِّ معلق
و ما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفي سبنّى أزرق العين مطرق
و من أجمل قصائد الشماخ قصيدته التي يتحدث فيها عن قوسه و كيف قام بتحضيرها و تصنيعها و تخير أصولها و ما لاقاه من عناء و بما تمثله للأعرابي ، من قيمة في الدفاع بها عن نفسه و أنها تمثل ثروة بالنسبة له فليس له من مال غيرها و من الصعب عليه فراقها .. لما تمثله له في مجال الصيد وهو يعيش في صحراء موحشة ، مطلعها :
عفا بطن قوٍّ من سليمى فعالزُ ... فذاتُ الغضا ، فالمشرفاتُ النواشزُ
الى أن يقول :
قليلُ التلاد غير قوس و أسهم ... كأن الذي يرمي من الوحش تارز
تخيّرها القواس من فرع ضالة ... لها شَذَبٌ من دونها و حواجز
نمت في مكان كنّها و استوت به ... فما دونها من غِيلها متلاحز
فما زال ينجو كل رطب و يابس ... و ينغلُّ حتى نالها و هو بارز
فأنحى اليها ذات حدًّ غرابها ... عدٌّ لأوساط العضاه مشارز 
فلما اطمأنت في يديه رأى غنى ... أحاط به و ازورّ عمن يحاوز
فمعّظها عامين ماء لحائها ... و ينظرمنها أيها هو غامز 
أقام الثقاف و الطريدة درأها ... كما قوّمت ضغن الشموس المهامز
فوافى بها أهل المواسم فانبرى ... لها بيِّع يغلي بها السَّومَ رائز
فقال له : هل تشتريها فانها ... تباع بما بيع التلاد الحرائز
فقال : ازار شرعبيٌ و أربع ... من السِيّراء أو أواق نواجز 
و بردان من خال و تسعون درهما ... و مع ذاك مقروظ من الجلد ماعز
فظلَّ يناجي نفسه و أميرها ... أيأتي الذي يُعطى بها أو يجاوز 
فقالوا له : بايع أخاك و لا يكن ... لك اليوم عن ربح من البيع لاهز
فلما شراها فاضت العين عبرة ... و في الصدر حُزّازمن الوجد حامز
و ذاق فأعطته من اللين جانبا ... كفى ولَهاً أن يغرق السهمَ حاجز
اذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز 
قَذوفٌ اذا ما خالط الظبي سهمها ... و ان زيغ عنها أسلمته النواقز
كأن عليها زعفرانا تميرُهُ ... خوازن عطار ، يمان كوانز
اذا سقط الأنداء صينت و أُكرمت ... حبيرا و لم تدرج عليها المعاوز
........
خالد خبازة