تتم حالياً دراسة جادة لتطبيق مقررات التعليم العام في معاهد وبرامج الأمل لتحل محل المقررات الخاصة التي تدرس حالياً ..
هذا هو توجه المسؤولين في وزارة المعارف ويبررون لذلك بمايلي :
1 – أن القدرات العقلية للطلاب الصم لا تختلف عن القدرات العقليه لأقرانهم العاديين .
2 - أن تطبيق مقررات العاديين هو الوضع الصحيح و المفترض و الذي من شأنه إتاحة الفرصة للطلاب للالتحاق بتخصصات مختلفة ويفتح أمامهم مجالاً أوسع في حياتهم العملية .
3 - أن هذا هو التوجه القائم في الدول المتقدمة في تعليم الصم وأثبت نجاحه .
_______________________________________
ويعارض هذا التوجه بشكل مطلق معلمي الصم و أولياء أمروهم ؟؟ من باب مايلي :
- أن المقررات الخاصة الحالية ( وهي في الأصل مقررات من التعليم العام تم تخفيفها وتعديلها ) بالكاد يمكن تحقيق أهداف ما تحتويه من دروس في الوقت الراهن ، لصعوبة بعض المواضيع المدرجه في بعض المقررات .
- أن تطبيق مقررات التعليم العام في الوقت الحالي و في ظل عدم توفر الإمكانات من وسائل تعليمية وخلافه سيحقق فشلاً ذريعا .
- أن ما ينجح في الدول المتقدمة ليس من المسلم به نجاحه لدينا .. في ظل أن هذه الدول سبقتنا بمراحل في هذا المجال ، ومجتمعها أكثر وعياً و إدراكاً ونضجاً فيما يتعلق بتربية وتعليم الطلاب الصم .
وعليه نجد أن هناك حلقه ضائعة بين الفريقين .. بين الذين يطالبون بتطبيق مقررات التعليم العام والمعارضين لهذا الإجراء .
________________________________________
وأنا فيما يلي أسجل انطباعي حول هذا الموضوع و آمل من المتخصصين و الطلاب الصم إبداء رأيهم حول ذلك لأهمية الموضوع ..
أنا من أكثر المتحمسين لتطبيق مقررات التعليم العام في معاهد وبرامج الامل ... ولكن إذا ما توفرت العوامل التي تضمن نجاح ذلك
فلا يمكن أن تكون مسألة" أن القدرات العقلية للطلاب الصم هي بمستوى القدرات العقليه لأقرانهم العاديي"ن هي العامل الوحيد والمطلق لنجاح تطبيق مقررات التعليم العام ، كلنا يعلم أن مسألة التواصل مسألة أساسيه لا ينبغي إغفالها في هكذا إجراء . فالطلاب العاديين بينهم وبين بعضهم البعض بينهم وبين معلميهم ، بينهم وبين اسرهم ، بينهم وبين مجتمعهم .. لديهم لغة غنيه و ثريه تمكنهم من التواصل الفعال .
والواقع الذي يفرض نفسه وحجر الزاوية في هذه النقطة هي أنه إذا كانت القدرات العقليه للصم بمستوى القدرات العقليه لأقرانهم العاديين فلا بد لضمان نجاح تطبيق مقررات العاديين أن تكون لدى الصم لغة تواصل بقوة و غنى وثراء لغة العاديين أو قريبه منها أو تؤدي الغرض على أقل تقدير . وكذلك معلميهم و اسرهم .
فهل لدى الصم في مجتمعنا لغة إشارة قويه تسعف الطالب و المعلم و الأسره في هذا الإجراء
الحقيقه ....لا
- في أمريكا وهي ما يستدل بها دوماً في نجاح هذا الإجراء ، توجد لغة إشارة قوية تمكن المعلم و الطالب و الأسرة في التواصل بينهم بشكل بناء ووظيفي . تم وضع إشارات للمصطلحات العلمية وتم الاتفاق عليها منذ سنين . قواميس لغة الإشارة متوفرة في كل مكتبه وبها لا يقل عن 7000 إشارة ، دورات لغة الإشارة لمن أراد أيضاً متوفرة .
- في أمريكا يشترط على من يود الاتحاق بتخصص تعليم الصم دراسة أكثر من فصل دراسي في لغة الإشارة ليتم قبوله في التخصص
وتمتد مقررات لغة الإشارة و تدرج حتى في برامج الماجستير و الدكتوراه . بمعنى أخر أن المعلم يخرج من الجامعة متقن للغة الإشارة .
- أهتمام ووعي الأسره في أمريكا بالأًصم يختلف من وجهة نظري عما لدينا . فدائماً نجد ان التوجهات الحديثه في تعليم الصم تطبق بإيعاز و مطالبه من أسر الصم ومعلميهم أبتداءً بالدمج مروراً بإلغاء حتى التسهيلات المالية الممميزة للمعوقين عن أقرانهم العاديين .
وبما أن للأسره دور هام في مسألة تربية وتعليم الطالب الاصم ، فلا بد أن تكون على اقتناع و دراية ووعي بمستوى ما يتطلبه مثل هذا الإجراء . وهذا ما لا يتوفر لدينا .
إن من دلائل أثر الأسره في تعليم الصم في أمريكا ووعيها المختلف ودليل على أن ليس هناك نموذجاً مطلقاً أو خدمه مطلقه يمكن إلزام كافة الصم بها ..هو تنوع الخدمات التي تقدم لهم فهناك مدارس شفهية لا تستخدم فيها لغة الإشارة وهناك مدارس تستخدم لغة الإشارة و التواصل الكلي . هناك دمج كامل وهناك مدراس خاصة ، جامعات و كليات للصم وجامعات وكليات تضم الصم و السامعين .
الأسرة هناك وصلت من الوعي لدرجه منحها تحديد الاختيار الأمثل لتعليم ابنها الأصم .
فإذا لم تمنح الحرية لدينا للأسره من واقع أن الأسرة في مجتمعنا لم تصل لمرحلة تؤهلها لتحديد مسار ابنها الأصم أو اخذ رأيها فيما سيتم تقديمه له من خدمات تعليمية ، فلا تتوقع من الأسره مساهمة فاعله في عملية تطبيق مناهج العاديين في معاهد الأمل . لافتقادها القدرة على ذلك . وهذا سيؤثر بشكل كبير على نجاح مثل هذا الإجراء
- نظام التعليم لدينا ليس بذلك النظام المرن الذي يسمح للمعلم بحرية الحركة ، فغير صحيح أن المعلمين لدينا غير قادرين على السير دون منهج محدد ودون أن نبرمج لهم عملهم . فالمعلمين لم تمنح لهم الثقة بإعطائهم خطوط عامة للمنهج بحيث تترك للمعلم الحرية في تحديد محتوى وطريقة تحقيق الأهداف المحددة للمنهج . ووفقاً لقدرات كل طالب . وبذلك يمكن أن نقدم لبعض الطلاب محتوى كمحتوى مقررات لطلاب العاديين و طالب آخر محتوى مخفف و هكذا .
- توفر الوسائل التعليمية المعينة في مدارس الدول المتقدمة التي تساعد في إيصال المعلومة . فبالإضافة إلى توفر لغة إشارة قويه لديهم هناك وسائل تعليمية متنوعة متاحة للمعلم بصرية وسمعيه . وهذا ما نفتقده في مدارسنا .
_______________________________
خلاصة الموضوع أن تطبيق مقررات التعليم العام في معاهد وبرامج الأمل في ظل الوضع الراهن من وجهة نظر شخصية لن يحقق النجاح المأمول ..
ورغم الإيمان بأن تطبيق مقررات التعليم العام ، خيار لابد من توفيره فلابد من التأكيد على استحضار العوامل التي تحقق نجاح مثل ذلك سواء فيما يتعلق بوجود لغة إشارة قويه تمكن المعلم و الطالب من التفاعل المحقق للهدف واتقان كلا الطرفين لها ، أو من وعي الأسرة بدورها في تعليم ابنها الأصم وإتقانها للغة تواصله ، أو من ناحية توفير الوسائل التعليمية البصرية و السمعية المعينة المطلوبة لنجاح هذا الإجراء .
ساحة النقاش