عرفت البشرية البيوت مع بداية العصور الحديثة لا سيما بعد استئناس الحيوانات من قبل الإنسان فأستغل خاماتها في صناعة البيوت وقد تطورت في الألف الثالثة قبل الميلاد وذلك عندما ظهرت الأنوال عن طريق التجار الفينيقيين وهم أول من أستخرج الأصباغ.
وتنقسم البيوت في ليبيا إلى نوعين وهما بيت الشعر ويسمى أحياناً بيت الربيع والنوع الثاني بيت الصيف.
وتختلف البيوت الليبية من منطقة إلى أخرى فبيوت المنطقة الغربية تمتاز بلونها البني المائل إلى السواد وهي تشابه بأشكالها البيوت الشامية نوعاً ما لكونها تنصب على عمود واحد.
أما بيوت المنطقة الشرقية فتمتاز بلونها الأبيض وبكونها تنصب على عمودين أثنين..ويتكون البيت بشكل عام من أربعة عشر مسدة قابلة للزيادة وكل سبعة منها في نصف، وتسمى هذه المسادي بأسماء مختلفة باختلاف ترتيبها. ولنبدأ من المسدة الأول في مقدمة البيت إلى أخر مسدة في قمته تكون على النحو التالي:-
· الرِّجْـل ثم الملطة: وتتكون من ثلاثة مسادي أو أربعة – البدن – لكحال ويميزه لونه الأسود.
· الخياطة / وسميت كذلك لأنها تقترن بالخياطة الأخرى في النصف الآخر من البيت وعند الرحيل يسحب الخيط الذي يربط بين الخياطتين فينشطر البيت إلى نصفين وبالتالي يسهل حمله على الدواب.
أما عن أجزاء البيت أو ملحقاته فهو يتكون من أربعة عشر رمة ( حبل ) وفي مقدمة كل رمة توجد عصا مقوسة تسمى ( الجازل ) وفي مؤخرة الأرمام توجد الأوتاد التي تدق في الأرض وتسمى ( المثابت ) وأسفل كل جازل توجد خماسة وتساعد الخماميس على رفع البيت من الأطراف وهي أعمدة قصيرة ومتساوية في الطول باستثناء المقاديم في مقدمة البيت فهي أطول من الخماميس بقليل... ويوجد جزأين بارزين من يمين البيت ويساره وهي لكمام والكِم على شكل مثلث قاعدته ملاصقة للبيت هذا فيما يخص البيت من الخارج.
أما من داخله فينصب البيت على عمودين كل منهما يسمى ( الجابر ) وله رأس مدببة تدخل في خشبة مقمورة تسمى ( لكربا ) وبجوابر البيت زائدة طبيعية تركت عنية لتعليق الأغراض تسمى ( الحجنة ).
ومن المقاديم الأمامية بمقدمة البيت مروراً بالكرب إلى مؤخرة البيت توضع الطرائق، والطريقة مسداً لا يتجاوز عرضه الشبر يساعد على حمل البيت، ويقطع الطرايق سداً آخر يسمى الحمال الذي يربط لكمام ويحظى الحمال بنوع من الزخرفة عكس الطرايق كما توضع أكرب للخماميس الملاصقة لإكمام البيت وهي أصغر حجماً من تلك التي بجوابر البيت.
ويصنع بيت الشعر ( بيت الربيع ) عادةً من شعر الماعز وصوف الضأن فتعزل هذه الخامات بأداة تسمى المغزل ثم يتم برم الخيوط بالمبرم وبعد ذلك يتم تكوير الخيوط فيم يعرف بالكلايف لتكون جاهزة للنسيج عن طريق المسدة الذي تدخل في صنعه عدة أدوات لسنا في بصدد الحديث عنها.. وما يهمنا منها سوى المذرى التي يحاك بها فهي تشبه المِخْرَز (المشفا) عند صانع الأحذية مع انحناء في رأسها وأحياناً يستعمل قرن الغزال بدلاً عنها.
وفي ذلك الزمن الذي نحن بصدد الحديث عنه كان من تزوج بفتاة تجيد عمل المسادي وحياكتها قد ضمن بيتاً مستقلاً عن أهله.. فمن تصنع البيت قادرة أن تصنع محتوياته من الأغطية والسجاد والمفروشات وغير ذلك بالإضافة إلى الأعمال المنزلية الأخرى والتي لا يتسع المقام لذكرها..
أما بيت الصيف فهو يصنع من أكياس الغلال ( الشوالات ) مكسوة من الخارج بقماش أبيض ومن الداخل تكسوها طبقة الرقيع: وهو عبارة عن قطع من القماش تأخذ أشكالاً هندسية مختلفة الألوان فالمربعات منها تسمى رقيع أمركز أما المثلثات تسمى أسنون الرونج وبنفس الكيفية التي يصنع بها بيت الصيف تصنع الأروقة الأربعة وتمتاز برقيعها هي الأخرى وتستعمل مع النوعين من البيوت. وتشبك هذه الأروقة في البيت بمشابك تسمى الخلّة مصنوعة من أعواد الأشجار بعد صقلها وهي ذات رؤوس مدببة تشبه أقلام الرصاص، إلى حد ما وأحياناً يصنع لخلال من أسلاك الحديد أو النحاس اللين.
والمِخْيَط أداة مهمة جداً في صنع البيوت وهي التي تربط بين المسادي ليكون البيت، وقبل ظهور المخيط كانت تستعمل شوكة حيوان صيد الليل في الخياطة ثم ظهر المخيط المعدني وأخذ مكانها.. وينصب بيت الشعر عادة في فصل الشتاء لأنه يقاوم الأمطار فبعد رخات المطر الأولى يرتوي البيت وبالتالي لن تتخلله مياه الأمطار مرة أخرى. أما بيت الصيف فيستعمل في الفصول الأخرى وخصوصاً فصل الصيف. وعند الشعور بالحرارة تنزع مجموعة من الخلة فينفصل جزء من الرواق عن البيت مكوناً فتحه تنفذ منها الرياح تسمى " الفاهق " وكثيراً ما ورد اسم الفاهق في القصائد والأغاني الشعبية. وعند غياب شخص ما بأي سبب من الأسباب يقولون فلان أطلق فاهق أي أصبح مكانه شاغراً وهي مشتقة من فاهق البيت ومن أمثلة ذلك:
عليك أطلقوا ياعين الفاهق اللي مـــاله ذرا
أفدا عزيز موميجود كبير جا علينا فاهقـــه
كبير فاهقه ياعيـن عليك ما إخلال إيلايمـه
وعندما يحل ضيف على البيت توضع عباءة أو رداء لتفصل البيت من الداخل وتكون ساتراً بين الرجال والنساء ويسمى هذا الستار أطقاق. فيكون النصف الأيمن من البيت بمثابة حجرة الاستقبال في المساكن الحالية.
وكثيراً ما تغنى الشعراء الشعبيين عن البيت وهذا أحدهم يتحدث عن بنت البادية المقيمة في البيت والتي لم تدخل المدارس وكذلك لم تلبس لباس الموظة مستعملاً لا النافية في جميع القوافي .
نشرت فى 20 يناير 2010
بواسطة amtala
عدد زيارات الموقع
20,701
ساحة النقاش