حدائق الإيمان
على ربوة خضراء ، زينتها أزهار الذاكرين ،جملتّها زهّرات التائبين ، ليلا تسمع شذا القرآن من جنباتها ، وعند الإشراق قطرات العابدين تعلو أوراقها .
عند طرفها دوحة كبيرة ، كثيرة الأغصان ،كثيفة الأوراق ، بَنَت الطيور بين الأغصان عشّها ، وجعلت من الأوراق حدائقاً لها .
نقشت قول الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً} [النساء: 81].
وقوله تعالى : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
وقوله تعالى : {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِه } [ الفرقان : 58]
على قلبها، فكان التوكل على الله لها شعاراً ، لها منهاجاً
عرفت حقيقة التوكل على الله فشُرفت بين العوالم بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا- رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي فصار تفاخر من العبّاد بهذا الحديث، وجعلت منه تاجا لها فوق رؤوسها
عند كل اشراق ،تغدوا لأجل رزقها ،فتسمع كلمات، تأسر قلبها ،وتسكن لها روحها فتدنوا إلى الربى ،وتقترب الزهر .
لتسمع قول ابن عباس (التوكل جماع الإيمان)
لتأنس بقول سعيد ابن جبير(التوكل على الله نصف الإيمان )
ولتسعد بقول أبو محمد ابن سهل( ليس في المقامات أعز من التوكل )
وكان سكون قلبها في قول الجنيد بن محمد ( التوحيد قول القلب، والتوكل عمل القلب ) فترتفع الطيور إلى السماء ؛وقد سمت روحها ،وعطرت أسماعها ، وتغدوا على أرزاقها
وعند الليل تمر بين الروابي ،و تقرب من الجداول فتسمع هدير الماء يتغنى بقول الشافعي
وكلت في رزقي على الله خـالقي وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ولو، لم يكن من اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق